الأربعاء، 11 مايو 2022

القضية الحقيقة بين الوهابية والصوفية

 ما قضيتنا ؟!

لم تكن القضية لنا في يوم من الأيام مجرد خلاف بين السلفية والصوفية، أو توسل الناس بالصالحين وتبركهم أو عدمه، ما نظرنا أبدا في حياتنا للأمور بهذه النظرة الضيقة السطحية!
القضية منهج علمي تم تدميره تماماً أو كاد، ومفاهيم تم تفكيكها وإحلال أفكار أخرى محلها، وعقول تم تسطيحها وتجهيلها، وفوضى فكرية نالت من كل شيء وجرفت أمامها كل شيء، وقواعد ومبادئ علمية ومنهجية كانت سائدة وغالبة فتم خلخلتها حتى توارت وأضحت سرابا!!!.
وتعالوا احكي لكم ما قد كان!!
لقد نشأنا مذ نشأنا على أن هناك منهجاً للأمة توارثناه كابرا عن كابر، حافظ على هذا المنهج المدارس العلمية الكبرى وعلى رأسها الأزهر الشريف، وكان هذا المنهج مبنياً على ثلاثة أركان
الأول: في العقيدة متمثلا في العقيدة الاشعرية والماتريدية.
والثاني: في الشريعة متمثلاً في فقه المذاهب الأربعة السنية.
والثالث: في التزكية والتربية وهو المعبر عنه بالتصوف.
هذا المنهج تخرج عليه جماهير علماء الأمة سلفا وخلفا، وصار هو أداة الفهم للكتاب والسنة، وصار في داخله علوم وأدوات ومعارف وقواعد وضوابط، يتميز بها الحلال والحرام، والخطأ والصواب.
فلما كانت العقود الأخيرة خرجت علينا جماعات وفرق وتيارات حاولت نقض هذا المنهج ركنا ركنا وأصلا أصلاً
أما العقيدة فبدعوا وضللوا الاشاعرة والماتريدية وقالوا عنهم ليسوا من أهل السنة والجماعة، وخربوا عقول أجيال من وراء أجيال في الأزهر الشريف وغرسوا فيهم أن هذه العقيدة بدعية تؤخذ للتعليم فقط لا للاعتقاد.
وأما الشريعة فاعتدوا على فقه المذاهب الأربعة، وجرأوا العامة من الناس على أمثال ابي حنيفة والشافعي، وصوروا لهم أن هذه المذاهب في جانب والكتاب والسنة في جانب آخر، ودعوا الناس إلى ما سموه بفقه الدليل، وهونوا من شأن الأئمة الكبار في نفوس الأحداث والصغار، وصار كل فسل صغير، ونبت عليل، لا يدري أيبدأ في الطهارة بغسل قبله أم دبره، يتجرأ ويقول أخطأ ابو حنيفة وأخطأ الشافعي.
وأما التربية وهي التصوف، فصوروه للناس على أنه مجموعة من البدع والخرافات، وجعلوا ميزان التصوف هم العامة من المنتسبين إليه وفيهم جهال - لكنهم يحبون الله ورسوله - ورغم ذلك فالشريعة هي الحاكمة على الحقيقة والمقيدة لها، ولا يوجد شيء مطلقا ارتضاه أئمة التصوف واعتمدوه إلا وله اصل في الكتاب والسنة.
ثم انطلقوا في الناس بالتبديع والتضليل وأحيانا التكفير، في مسائل كلها خلافية تحتمل القول والقول الآخر، وتحتمل أن يسع بعضنا بعضاً فيها، ولك أن تفعلها ولا تكون مبتدعا وألا تفعلها ولا تكون قد أثمت أو خالفت أمرا، كالتوسل والتبرك بالصالحين والصلاة في مساجدهم والسبحة ووصول ثواب القرآن للميت والاذان الثاني الجمعة والاحتفال بالمولد الشريف، واخراج زكاة الفطر قوتا أو قيمة والمصافحة عقب الصلوات، وغير ذلك من المسائل التي يسعنا فيها الخلاف، لكنهم اعتمدوا فيها رأيا واحدا فقط وما سواه ضلال وابتداع، فمزقوا الأمة، ونشروا الفتنة، وشتتوا الشمل، واعتدوا على عقائد الموحدين، كل ذلك باسم الدين ونصر السنة وإقامة التوحيد.
والعجيب الغريب، والمضحك المبكي، أننا ونحن الذين نقول بأن هذه المسائل مسائل خلافية يسع المسلمين فيها الخلاف.. صرنا نحن الذين نثير الخلاف ونفرق كلمة المسلمين، فيا لله وللمسلمين!!.
كل ذلك قد حدث وقد كان ما كان، فماذا انتم فاعلون معشر الشباب؟
هل ستنفضون أيديكم من هذه التيارات، وتضعون وراء ظهركم تلك الخلافات، وتعودون إلى منهج جماهير علماء الأمة؟
نعم ستفعلون ذلك، وسنساعدكم على ذلك، والله عز وجل سيأخذ بأيدينا جميعاً إلى أفضل المسالك.
د/أحمد نبوي الأزهري
قد تكون صورة ‏‏شخص واحد‏ و‏وقوف‏‏
١