الاثنين، 22 أبريل 2013

أحاديث عصمة الأمة من الشرك وعودتها إليه تعارض فى الظاهر وتوافق فى الحقيقة


الحديث الصحيح الأول الذي يفيد أنّ الأمة معصومة من الشرك:
أخرج البخاري ومسلم  عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ:صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ بَعْدَ ثَمَانِي سِنِينَ كَالْمُوَدِّعِ لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ ثُمَّ طَلَعَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ إِنِّي بَيْنَ أَيْدِيكُمْ فَرَطٌ وَأَنَا عَلَيْكُمْ شَهِيدٌ وَإِنَّ مَوْعِدَكُمْ الْحَوْضُ وَإِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَيْهِ مِنْ مَقَامِي هَذَا وَإِنِّي لَسْتُ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمْ الدُّنْيَا أَنْ تَنَافَسُوهَا قَالَ فَكَانَتْ آخِرَ نَظْرَةٍ نَظَرْتُهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
*الحديث الصحيح الثاني يفيد بأنّ الأمة ستعود إلى الشرك:
أخرجه ابن حبان في صحيحه وأبو داود الطيالسي عَنْ أَبِي هُرَيْرَة مرفوعا " لَا تَقُوم السَّاعَة حَتَّى يَرْجِع نَاس مِنْ أُمَّتِي إِلَى الْأَوْثَان يَعْبُدُونَهَا مِنْ دُونِ اللَّه.
*السيد عائشة رضي الله عنها تستشكل هذا التعارض ورسول الله صلى الله عليه وسلم يجيبها ويوفق بين أحاديثه ويخبرها أن الرجوع إلى الشرك إنما يكون في آخر الزمان بعد فناء كل المسلمين،وذلك بعد سيدنا عيسى عليه السلام:
أخرج مسلم في صحيحه  عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لَا يَذْهَبُ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ حَتَّى تُعْبَدَ اللَّاتُ وَالْعُزَّى فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ:{ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ }،أَنَّ ذَلِكَ تَامًّا قَالَ: إِنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً فَتَوَفَّى كُلَّ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَيَبْقَى مَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ فَيَرْجِعُونَ إِلَى دِينِ آبَائِهِمْ.
أحاديث أخرى صحيحة تثبت أن الرجوع إلى الشرك إنما هو من أشراط الساعة الكبرى في آخر الزمان:
أخرج البخاري و مسلم في صحيحه  عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَضْطَرِبَ أَلَيَاتُ نِسَاءِ دَوْسٍ حَوْلَ ذِي الْخَلَصَةِ وَكَانَتْ صَنَمًا تَعْبُدُهَا دَوْسٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِتَبَالَةَ.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: وَفِي حَدِيث حُذَيْفَة بْن أَسِيدٍ شَاهِده وَفِيهِ أَنَّ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْت عِيسَى بْن مَرْيَم "
وقال أيضا: كما في فتح الباري شرح البخاري وَهِيَ الَّتِي تَضَمَّنَهَا حَدِيث حُذَيْفَة بْن أَسِيدٍ عِنْدَ مُسْلِم وَهِيَ الدَّجَّال وَالدَّابَّة وَطُلُوع الشَّمْس مِنْ مَغْرِبهَا كَالْحَامِلِ الْمُتِمّ وَنُزُول عِيسَى بْن مَرْيَم وَخُرُوج يَأْجُوج وَمَأْجُوج وَالرِّيح الَّتِي تَهُبّ بَعْدَ مَوْت عِيسَى فَتَقْبِض أَرْوَاح الْمُؤْمِنِينَ " وَقَدْ اِسْتَشْكَلُوا عَلَى ذَلِكَ حَدِيث " لَا تَزَال طَائِفَة مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقّ حَتَّى يَأْتِي أَمْر اللَّه " فَإِنَّ ظَاهِر الْأَوَّل أَنَّهُ لَا يَبْقَى أَحَد مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فَضْلًا عَنْ الْقَائِم بِالْحَقِّ ، وَظَاهِر الثَّانِي الْبَقَاء ، وَيُمْكِن أَنْ يَكُون الْمُرَاد بِقَوْلِهِ " أَمْر اللَّه " هُبُوب تِلْكَ الرِّيح فَيَكُون الظُّهُور قَبْلَ هُبُوبهَا ، فَبِهَذَا الْجَمْع يَزُول الْإِشْكَال بِتَوْفِيقِ اللَّه تَعَالَى ، فَأَمَّا بَعْدَ هُبُوبهَا فَلَا يَبْقَى إِلَّا الشِّرَار وَلَيْسَ فِيهِمْ مُؤْمِن فَعَلَيْهِمْ تَقُوم السَّاعَة ، وَعَلَى هَذَا فَآخِر الْآيَات الْمُؤْذِنَة بِقِيَامِ السَّاعَة هُبُوب تِلْكَ الرِّيح ، وَسَأَذْكُرُ فِي آخِر الْبَاب قَوْل عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام " إِنَّ السَّاعَة حِينَئِذٍ تَكُون كَالْحَامِلِ الْمُتِمّ لَا يَدْرِي أَهْلهَا مَتَى تَضَع "
وعليه فيجب على من يعترض على محاضرتنا أن يكون عنده استقراء تام لأحاديث السنة ليعلم التوفيق بينها وأنها لا تتعارض،وأن الأمة ستبقى معصومة من الشرك إلى زمان ما بعد سيدنا عيسى عليه السلام،ويكون حديث عصمة الأمة من الشرك محمول على ما قبل ذلك،وهذا كان مقصود محاضرتي وقد أجبت عن ذلك قبل عشر سنوات في كتابي فيض السديد على جوهرة التوحيد فراجعه ان شئت.

جمعية دار الحديث الزيتونية 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق