الثلاثاء، 3 ديسمبر 2019

ما المقصود بالعتاقة الصغرى والعتاقة الكبرى؟ وهل تنفع الميت وتعتق رقبته من النار ؟


ما المقصود بالعتاقة الصغرى والعتاقة الكبرى؟ وهل تنفع الميت وتعتق رقبته من النار ؟
الجواب: العتق الأكبر تعبير متعارف عليه يقوم على قراءة سورة الإخلاص {قل هو اللّه أحد } مئة ألف مرة ، رجاء أن يعتق اللَّه تعالى بها من النار من قرئت له من الأموات . وهي بهذه الصورة لم يرد بها حديث صحيح بل ضعيف، روى البزار بسند ضعيف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من قرأ قل هو اللَّه أحد مئة ألف مرة فقد اشترى نفسه من اللَّه تعالى، ونادى منادٍ من قبل اللَّه تعالى في سماواته وأرضه: ألا إن فلاناً عتيق اللّه " قال الصاوي في حاشيته على الجلالين: هي عتاقة من النار بشرط ألا يكون عليه حقوق العباد أصلاً، أو عليه وهو عاجز عن أدائها، أما من قدر عليها فهو كالمستهزئ بربه .ونقل الشيخ الحِفْني عن الشيخ العياشي أنَّ مَن قرأها مائة ألف مرة كُفِّرت صغائره وكبائره ” ـ مصباح الظلام ج 2 ص 161″، وهو كلام لا يصمد أمام القول بأن الكبائر لا تكفِّرها إلا التوبة النصوح ومنها دفع
وبناء على هذا الحديث الذي يعمل به في فضائل الأعمال نص جماعة من متأخري المالكية على استحباب عتاقة الصمدية، ذكر ذلك المحدث عبد اللَّه الصديق الغماري في كتابه " فضائل القرآن " .
وإذا كان هذا الشخص نفسه يقرؤها، فهل تكون للميت الذي تقرأ له ؟ الجواب نعم: لأن الجمهور ذهبوا إلى انتفاع الميت بقراءة القرآن عليه، بأجر أو بغير أجر، وهذه المغفرة إما تفضُّل ومنحة من اللّه تعالى دون مقابل،وإما بمقابل من عمل صالح، فالأمر للّه تعالى وحده .
وأما العتق الأصغر فهو: ذكر لا إله إلا الله (سبعين ألفاً) ولم أجد دليلاً على ذلك إلا ما ذكره الإمام الصاوي في حاشيته على الشرح الصغير(11/336) قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ قَالَ : لا إلَهَ إلا اللَّهُ، كَانَتْ لَهُ كَفَّارَةً لِكُلِّ ذَنْبٍ". قَوْلُهُ ‘:" كَانَتْ لَهُ كَفَّارَةً لِكُلِّ ذَنْبٍ" : ظَاهِرُهُ حَتَّى لِلْكَبَائِرِ وَلِذَلِكَ اتَّخَذَهَا الْعَارِفُونَ عَتَاقَةً وَاخْتَارُوا أَنْ تَكُونَ سَبْعِينَ أَلْفًا؛ لأَنَّهُ وَرَدَ بِهَا أَثَرٌ كَمَا نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ السُّنُوسِيِّ .
وفي منح الجليل شرح مختصر خليل(16/173): وَكَذَا
التَّهْلِيلُ الَّذِي اعْتَادَ النَّاسُ يَنْبَغِي عَمَلُهُ وَالاعْتِمَادُ عَلَى فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى، قال ابْنُ الْعَرَبِيِّ: أُوصِيك بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى شِرَاءِ نَفْسِك مِنْ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنْ تَقُولَ لا إلَهَ إلا اللَّهُ سَبْعِينَ أَلْفًا، فَإِنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَعْتِقُك وَيَعْتِقُ مَنْ تَقُولُهَا عَنْهُ مِنْ النَّارِ وَرَدَ بِهِ
خَبَرٌ نَبَوِيٌّ) .
وجاء في الضوء اللامع للسخاوي(1/176) في ترجمة أحمد ابن حسن أبو العباس الشافعي النعماني:(وأوصى أن يقال حين دفنه سبعين ألفاً لا إله إلا الله فنفذت وصيته رحمه الله وإيانا). وجاء في خلاصة الأثر للمحبي(1/46):(وحكي أن حافظ المغرب العبدوسي قرأ البخاري بلفظه أيام الاستسقاء في يوم واحد، قال: وكان الوالد يجمع جماعة يسبحون ألف تسبيحة يهديها لبعض الأموات ويهللون سبعين ألف تهليلة يهديها لبعضهم، وكان أهل تريم يعتنون بهذا ويوصي بعضهم بمال لذلك، وكان هو المتصدي لذلك والقائم به، وهذا المذكور تداوله الصوفية قديماً وحديثاً وأوصى بعضهم بالمحافظة عليه وذكروا أن الله تعالى يعتق به رقبة من أهدي له، وأنه ورد في الحديث، وذكر الإمام الرافعي: أن شاباً كان من أهل الكشف ماتت أمه فبكى وصاح فسئل عن ذلك فقال: أن أمي ذهبوا بها إلى النار، وكان بعض الإخوان حاضراً فقال: اللهم إني قد هللت سبعين ألف تهليلة وإني أشهدك أني قد أهديتها لأم هذا الشاب، فقال الشاب في الحال: أَخْرَجُوا أمي من النار الآن وأدخلوها الجنة، قال المهدي المذكور فحصل لي صدق الخبر، وصدق كشف الشاب، قال الحافظ النجم الغيطي: ينبغي للشخص أن يفعل ذلك اقتداء بالسادة الصوفية وامتثالاً لأقوال من أوصى به وتبر كاً بأفعالهم، وقد ذكره الولي العارف بالله تعالى سيدي محمد بن عراق في بعض رسائله، قال وكان شيخه يأمر به، وأن بعض إخوانه يهلل السبعين ألف ما بين الفجر وطلوع الشمس، قال: وهذه كرامة من الله تعالى).
وقد يراد بالعتق ما يعرف بإسقاط الصلاة عن الميت الذي كان بعض الجهلة يفعلونه ويعتقدون أنه يغني عن صلاته وصومه وزكاته، وهو باطل ولا أصل له وإن ذكره بعضهم، ولكن قال العلماء إن الميت إذا كان عليه صوم أو زكاة أو حج أو دين للعباد وجب أداء ذلك عنه من تركته، سواء أذن في ذلك أم لم يأذن، على ما هو المختار من أقوالهم، أما الصلاة فلم يقل أحد بقضائها عنه أو إسقاطها بأي وجه من الوجوه الثابتة الصحيحة، إلا إن أراد أن يصلي أحد عن ميِّته كما فعل ذلك الإمام السبكي عن بعض أقاربه، كما في إعانة الطالبين.