المقامات والأحوال عند الصوفية
|
المقام والحال: اصطلاحان يستخدمهما الصوفيون للتدليل على تدرج السالك للطريق الصوفي من مكانة الى أخرى,ولما يتعرض له في تدرجه هذا في المقامات من أحوال تأتيه من نسمات الرحمة الإلهية. المقامات هي مكاسب تحصل للإنسان المؤمن ببذل المجهود,وهي مراحل يرتقي فيها المريد في طريقه الى التمكين والاطمئنان القلبي لتتحقق له مكانة بين الخاصة من المصطفين الأخيار.ويقول السراج الطوسي في "اللمع": "إن قيل مامعنى المقامات؟يقال:معناه مقام العبد بين يدي الله عز وجل,فيما يقام فيه من العبادات والمجاهدات والرياضيات والانقطاع الى الله عز وجل",وقال الله تعالى: (ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد ) ( سورة ابراهيم /14) وقال :( وما منا إلا له مقام معلوم ) ( الصافات / 164 ). منالمقامات عند الطوسي: التوبة – الورع – الزهد – الفقر – الصبر – الرضا – التوكل...الخ. |
أما الحال:فهي معنى يرد على القلب من غير تصنع ولا اكتساب,والأحوال هي المذاهب الفائضة على العبد من ربه,وهي تكون ميراثاً يلي العمل الصالح المقترن بصفاء القلب,أو امتناناً من الله تعالى على العبد,ولكنها لاتدوم وإذا دامت تحولت من حال الى مقام. وقد جاء في "اللمع":"وأما معنى الأحوال فهو مايحل بالقلوب أو تحل به القلوب من صفاء الأذكار,وقد حكي عن الجنيد رحمه الله أنه قال:الحال نازلة تنزل بالقلوب فلاتدوم...وليس الحال من طريق المجاهدات والعبادات والرياضيات كالمقامات". من الأحوال :المراقبة – القرب – المحبة – الخوف – الرجاء – الشوق – الأنس – الطمأنينة – المشاهدة – اليقين...الخ. ( المقام إذن هو مقام الإنسان بظاهره وباطنه في حقائق الطاعات,وأما الحال فهي مايتعرض له القلب من نسمات الرحمة الإلهية والصدر من الشرح ولايدوم). |
أما في "الرسالة القشيرية" فلقد جاء :أن المقام "مايتحقق به العبد بمنازلته من الآداب,مما يتوصل اليه بنوع تصرف,ويتحقق به بضرب تطلب,ومقاساة تكلف.فمقام كل أحد:موضع إقامته عند ذلك,وما هو مشتغل بالرياضة له. وشرطه أن لايرتقي من مقام الى مقام آخر ما لم يستوف أحكام ذلك المقام...ولايصح لأحد منازلة مقام إلا بشهود إقامة الله تعالى إياه بذلك المقام,ليصح بناء أمره على قاعدة صحيحة". أما الحال عند الصوفية فهي "معنى يرد على القلب,من غير تعمد منهم,ولا اجتلاب,ولااكتساب لهم...فالأحوال :مواهب.والمقامات :مكاسب. وقالوا :الأحوال كإسمها ,يعني أنها كما تحل بالقلب تزول في الوقت". وجاء في تعريف للدكتور قاسم غني:"مقامات التصوف إنما هي من الأمور الاكتسابية والاجتهادية,ومن جملة الأعمال التي هي باختيار السالك وإرادته,بينما الأحوال من مقولة الإحساسات والانفعالات الروحية,ومن الحالات والكيفيات النفسية الخاصة مما ليس باختيار الإنسان بل هو من جملة المواهب والأفضال النازلة على قلب السالك من لدن الله من غير أن يكون للسالك أدنى تأثير في نزوله على قلبه أو محوه عن خاطره". |
قال الكلاباذي في "التعرف" : التواجد ظهور مايجده في باطنه على ظاهره ، ومن قوي تمكن فسكن . قال الله تعالى : (تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ، ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله) (1) [الزمر : 23].
فالتصوف حال أكثر منه قالا ، وإن من سلك سبيل القوم بصدق ذاق ما ذاقوه ، إن شاء الله تعالى له ذالك .ولايظهر أصحاب الأحوال أحوالهم ،إلا عند الاضطرار الشديد ، الذي يفقد معه التماسك والتثبت ، على أن الإكثار من الصلاة والسلام على حضرة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم له أثره في تهدئة الحال.
هذا ولابد من التنبيه إلى أن بعض المتصوفة قد تغلبهم أحوالهم ، ويصدر عنهم أثناء ذلك ما يخالف الشرع ، فلا يجوز تقليدهم في هذا الذي يصدر عنهم في حالة الغلبة ، كما نبه على هذا كبار العلماء رحمهم الله تعالى .
قال الإمام الرباني السرهندي - رحمه الله تعالى - : "علامة الوصول إلى حقيقة اليقين ، مطابقه علومه ومعارفه لعلوم الشريعة ومعارفها ، ومادامت المخالفة موجودة ، ولو بأدنى شعرة ؛ فذلك دليل عدم الوصول ، وكل خلاف واقع من كافة مشايخ الطرق للشريعة ، فهو مبني على سكر الوقت ، وهو لايكون إلا في أثناء الطريق ، والمنتهون إلى النهاية كلهم في الصحو ، والوقت مغلوب لهم ، والحال والمقام تابع لكمالهم ، فتحقق أن مخالفة الشريعة علامة على عدم الوصول إلى الحقيقة ... ))
ولايظن إنسان أن الأحوال الطيبة ثمرة الذكر فقط ، بل لابد من الأعمال التي أمر بها الشرع وتعبدنا الله بها ، قال الكلاباذي - رحمه الله تعالى - : "اعلم أن علوم الصوفية علوم أحوال، والأحوال مواريث الأعمال ، ولا يرث الأحوال إلا من صحح الأعمال ، وأول تصحيح الأعمال معرفة علومها ؛ وهي علوم الأحكام الشرعية …" فالوجد الشرعي ثمرة الإتباع للكتاب والسنة.
وقال الحسن البصري - رحمه الله تعالى - : "لايغرنك قول من يقول : المرء مع من أحب ، فإنك : لن تلحق الأبرار إلا بأعمالهم ، فإن اليهود والنصارى يحبون أنبياءهم وليسوا معهم"
جزاكم الله كل خير نتمنى لكم التفوفيق والاكثار من مثل هذه الاعمال
ردحذفكلام طيب جميل كالماء البارد الرقراق بنبض بالصدق دقاق اه لو المريد منه ذاق
ردحذفتطيبت مدونتى بطيب شذاك
حذفواستنارت بنور محياك
رزقنا الله وإياك أحوال الصالحين وقولب الصديقين
ومشاهدات النبيين وجلوات الموقنين
وجعلنا من خاصة أهل معية خير النبيين وإمام المرسلين
شكرا لمرورك الطيب ، طبت وطاب ممشاك
ردحذفلا تحرمنا من مرورك ومن تعليقاتك وملاحظاتك
تحياتى
اعجبني الموضوع بشدة
ردحذفواعجبني الموقع ايضا بكامله
فهو يشبه مدونة المديح النبوي
http://www.almdeh.blogspot.com/