إن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة ؛ليست من المسائل التشريعية التي يترتب عليها زيادة في الدين،
أو نقص فيه،هذه المسألة من المسائل التفضلية الوهبية
وهي مبنية على مسألة خرق العادة المكملة للمعجزة واستدل القوم بكثير من الأدلة النقلية منها ما ذكره سادتي الأفاضل الأكارم ومنها قصة الصحابي الذي كان ينظر النبي صلى الله عليه وآله وسلم في منتهى الجيش ومنها قول الإمام مالك رضي الله عنه وكثير في هذا الباب مما لا تحصر بل ما أعتقده أن كبار الأئمة أهل السنة أمثال البخاري ومسلم والنسائي وأحمد ومالك والشافعي وأبو حنيفة والكثير ممن تبعهم من المعروفين لهم ذوق مليح في هذا الباب نسأل الله التفضل علينا برؤيته صلى الله عليه وآله وسلم مناما ويقظة والمسألة تستدعي تفصيلا أكثر وبيانا لقصد أهل الله والله ورسوله أعلم
اتفق علماء أهل السنة ان كل معجزة لنبى يجوز أن تكون كرامة لولى. ثم الم يرى النبى صلى الله عليه وسلم الأنبياء ويصلى بهم يقظة لا مناما ألم يكلم موسى فى رحلة الاسراء والمعراج ويقابل عدد من الانبياء فلماذا لا تكون هذه الكرامة جائزة لولى من الأولياء.فهذه المسألة إذن جائزة شرعا بالأدلة النقلية فلماذا نحكم فيها العقل.ويبدا ان السلفيين انقلبوا على انفسهم فى هذه المسألة وناصروا المعتزلة فى تقديم العقل على النقل
قال الإمام السيوطى فى (تنوير الحلك فى إمكان رؤية النبى والملك) : فقد كثر السؤال عن رؤية أرباب الأحوال للنبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة وإن طائفة من أهل العصر ممن لا قدم لهم في العلم بالغوا في إنكار ذلك والتعجب منه وادعوا أنه مستحيل فألفت هذه الكراسة في ذلك وسميتها (تنوير الحلك في إمكان رؤية النبي والملك)
روى الامام البخاري في صحيحه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((من رآني في المنام فسيراني في اليقظة فإن الشيطان لا يتمثل بي)) كما روى هذا الحديث مسلم وأبو داود في صحيحيهما.
فهذا حديث صحيح صريح لا يقبل التأويل؛ فمعروف أن اليقظة هي الانتباه, والانتباه ضد النوم, قال العلامة ابن الأثير في كتابه (النهاية في غريب الحديث والأثر) : اليقظة قد تكرر في الحديث ذكر اليقظة والاستيقاظ وهو الانتباه من النوم.
وأخرج الطبراني مثله من حديث مالك بن عبد الله الخثعمي ومن حديث أبي بكرة ، وأخرج الدارمي مثله من حديث أبي قتادة . قال العلماء اختلفوا في معنى قوله ( فسيراني في اليقظة ) فقيل معناه فسيراني في القيامة وتعقب بأنه بلا فائدة في هذا التخصيص لأن كل أمته يرونه يوم القيامة من رآه منهم ومن لم يره ، وقيل المراد من آمن به في حياته ولم يره لكونه حينئذ غائبا عنه فيكون مبشرا له أنه لا بد أن يراه في اليقظة قبل موته، وقال قوم هو على ظاهره فمن رآه في النوم فلا بد أن يراه في اليقظة يعني بعيني رأسه وقيل بعين في قلبه حكاهما القاضي أبو بكر بن العربي، وقال الإمام أبو محمد بن أبي جمرة في تعليقه على الأحاديث التي انتقاها من البخاري : هذا الحديث يدل على أنه من رآه صلى الله عليه وسلم في النوم فسيراه في اليقظة وهل هذا على عمومه في حياته وبعد مماته أو هذا كان في حياته وهل ذلك لكل من رآه مطلقا أو خاص بمن فيه الأهلية والإتباع لسنته عليه السلام اللفظ يعطى العموم ومن يدعي الخصوص فيه بغير مخصص منه صلى الله عليه وسلم فمتعسف قال وقد وقع من بعض الناس عدم التصديق بعمومه وقال على ما أعطاه عقله وكيف يكون من قد مات يراه الحي في عالم الشاهد قال وفي قول هذا القول من المحذور وجهان خطران : أحدهما عدم التصديق لقول الصادق عليه السلام الذي لا ينطق عن الهوى والثاني الجهل بقدرة القادر وتعجيزها كأنه لم يسمع في سورة البقرة قصة البقرة وكيف قال الله تعالى : (( فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيى الله الموتى )) وقصة إبراهيم عليه السلام في الأربع من الطير وقصة عزير فالذي جعل ضرب الميت ببعض البقرة سببا لحياته وجعل دعاء إبراهيم سبباً لإحياء الطيور وجعل تعجب عزير سبباً لموته وموت حماره ثم لإحيائها بعد مئة سنة قادر أن يجعل رؤيته صلى الله عليه وسلم في النوم سببا لرؤيته في اليقظة وقد ذكر عن بعض الصحابة أظنه ابن عباس رضي الله عنهما أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فتذكر هذا الحديث وبقي يفكر فيه ثم دخل على بعض أزواج النبي أظنها ميمونة فقص عليها قصته فقامت وأخرجت له مرآته صلى الله عليه وسلم قال رضي الله عنه فنظرت في المرآة فرأيت صورة النبي صلى الله عليه وسلم ولم أر لنفسي صورة قال وقد ذكر عن بعض السلف والخلف وهلم جرا ممن كانوا رأوه صلى الله عليه وسلم في النوم وكانوا ممن يصدقون بهذا الحديث فرأوه بعد ذلك في اليقظة وسألوه عن أشياء كانوا منها متشوشين فأخبرهم بتفريجها ونص لهم على الوجوه التي منها يكون فرجها فجاء الأمر كذلك بلا زيادة ولا نقص قال والمنكر لهذا لا يخلو إما أن يصدق بكرامات الأولياء أو يكذب بها فإن كان ممن يكذب بها فقد سقط البحث معه فإنه يكذب ما أثبتته السنة بالدلائل الواضحة وإن كان مصدقا بها فهذه من ذلك القبيل لأن الأولياء يكشف لهم بخرق العادة عن أشياء في العالمين العلوي والسفلي عديدة فلا ينكر هذا مع التصديق بذلك انتهى كلام ابن أبي جمرة.
وقال الشيخ محمد بن علوى المالكى في كتابه (الذخائر) : (ص146) : إن رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم ممكن لعامة أهل الأرض في ليلة واحدة، وذلك لأن الأكوان مرايا، وهو صلى الله عليه وسلم كالشمس إذا أشرقت على جميع المرآيا ظهر في كل مرآة صورتها، بحسب كبرها وصغرها، وصفائها وكدرها، ولطافتها وكثافتها... الخ .
كالشمس فى كبد السماء وضوؤها يغشى البلاد مشارقا ومغاربا
وقال صاحب رسالة (الموقظة فى رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم فى اليقظة) : هل يمكن الاجتماع بالنبي والتلقي منه فى اليقظة ؟ نعم يمكن ذلك، فقد صرح بأن ذلك من كرامات الأولياء الغزالي والبارزي والتاج السبكي والعفيف اليافعي من الشافعية والقرطبي وابن أبي جمرة من المالكية.
قال ابن بطّال : قوله ( فسيراني في اليقظة ) يريد تصديـق تلك الرؤيا في اليقظة وصحتها وخروجها على الحق وليس المراد أنه يراه في الآخرة لأنه سيراه يوم القيامة في اليقظة فتراه جميع أمته من رآه في النوم ومن لم ير منهم
وقال ابن التين : المراد من آمن به في حياته ولم يره لكونه حينئذٍ غائباً عنه، فيكون بهذا مبشراً لكل من آمن به ولم يره أنه لابدّ أن يراه في اليقظة قبل موته.
وقال ابن الحاج المالكي في (المدخل) : وقلّ من يقع له ذلك الأمر، إلاّ من كان على صفة عزيز وجودها في هذا الزمان بل عدمت غالباً، مع أننا لا ننكر من يقع له هذا من الأكابر الذين حفظهم الله تعالى في ظواهرهم وبواطنهم.
وقال الخطيب القسطلاني : فلا يمتنع من الخواص أرباب القلوب القائمين بالمراقبة والتوجه على قدم الخوف بحيث لا يسكنون لشيء مما يقع لهم من الكرامات فضلاً عن التحدث بها لغير ضرورة مع السعي في التخلص من الكدورات والإعراض عن الدنيا وأهلها جملة، وكون الواحد منهم كالشيخ عبد القادر الكيلاني يود أن يخرج من أهله وماله وأنه يرى النبي .
وقال الإمام الغزالي : ومن أول الطريقة تبتدأ المكاشفات والمشاهدات حتى أنهم في يقظتهم (يعني أرباب القلوب) يشاهدون الملائكة وأرواح الأنبياء ويسمعون منهم ويقتبسون منهم فوائد، ثم يترقى الحال من مشاهدة الصور والأمثال إلى درجات يضيق عنها نطاق النطق.
لماذا لم تظهر هذه الرؤية في صدر الإسلام الأول؟
أجاب الإمام الآلوسي في (تفسيره) فقال : وكانت الخوارق في الصدر الأول ـ لقرب العهد بشمس الرسالة ـ قليلة جداً وأنّى يرى النجم تحت الشعاع أو يظهر كوكب وقد انتشر ضوء الشمس في البقاع! فيمكن أن يكون وقع ذلك لبعضهم على سبيل الندرة ولم تقتض المصلحة إفشاءه، ويمكن أن يقال : إنه لم يقع لحكمة الابتلاء أو لخوف الفتنة أو فيما يهمهم أو ليهرع الناس إلى كتاب الله وسنته صلى الله عليه وسلم لأن في القوم من هو كالمرآة له فيتسع باب الاجتهاد وتنتشر الشريعة وتعظم الحجة التي يمكن أن يعقلها كل أحد أو لنحو ذلك.
وأضاف رحمه الله فقال : وهذه الرؤية إنما تقع للكاملين الذين لم يخلّوا وبين أحد من الأمة باتباع الشريعة قدر شعيرة ومتى قويت المناسبة بين رسول الله قوى أمر رؤيته إياه عليه الصلاة والسلام، وقد تقع لبعض صلحاء الأمة عند الاحتضار لقوة الجمعية حينئذٍ.
أعلم أخي القارئ أن رؤيته صلى الله عليه وسلم من الممكنات وأنها جائزة شرعًا وعقلا ونقلا, فليس هنالك تكذيب بعد النص الصريح وأن رؤيته صلى الله عليه وسلم تحصل في الدنيا لا في الآخرة, لأنه صلى الله عليه وسلم قال "فسيراني في اليقظة" ولم يقل سوف يراني, ومن المعلوم أن كلمة سيراني تستخدم في اللغة للقريب عكس عبارة سوف , وأنه صلى الله عليه وسلم أدرى الناس بالعربية ولو أراد الآخرة لقال سوف يراني. والقول بتخصيص الرؤية في القيامة باطل, لأن كل الأمة تراه يوم القيامة فأين المزية لمن يراه في النوم؟؟
ولقد أجمع علماء الأصول أن المخصص إذا لم يوجد فاللفظ على عمومه وظاهره، فالتخصيصُ بغير مخصِصٍ باطل عند الجميع.
سئل الفقيه العلامة ابن حجر الهيتمي في كتابه (الفتاوي الحديثة) : سئل هل ممكن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة فأجاب: أنكر ذلك جماعة وجوزه آخرون وهو الحق وقد أخبربذلك جماعة من الصالحين واستدل بحديث البخاري (من رآني في المنام فسيراني في اليقظة) أي بعين رأسه. واحتمال إرادة القيامة بعيد من لفظ اليقظة، على أنه لا فائدة في التقييد حينئذ لأن أمته كلهم يرونه يوم القيامة من رآه في المنام ومن لم يره في المنام اه.
وفي شرح الحافظ ابن أبي جمرة للأحاديث التي انتقاها من البخاري قال: (ترجيح بقاء الحديث على عمومه في حياته ومماته لمن له أهلية الاتباع للسنة ولغيره, ومن يدعي الخصوص بغير تخصيص منه صلى الله عليه وسلم فقد تعسف ثم ألزم منكر ذلك بأنه غيرمصدق بقول الصادق وأنه جاهل بقدرة القادر وبأنه منكر لكرامات الأولياء مع ثبوتها بدلائل السنة الواضحة، ومراده بعموم ذلك وقوع رؤية اليقظة الموعود بها لمن رآه في النوم ولو مرة واحدة تحقيقا لوعده الشريف الذي لا يتخلف .وأكثر ذلك للعامة قبل الموت عند الاحتضار فلا تخرج روحه من جسده حتى يراه وفاء بوعده, أما غيرهم فيحصل قبل ذلك بقلة أو كثرة بحسب تأهلهم واتباعهم للسنة إذ الإخلال بها مانع كبير) انتهى كلام الحافظ .
ثم إن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة من الممكنات التي تدخل تحت القدرة الإلهية وليس من المستحيلات الذاتية, فإن رؤية مخلوق لمخلوق أمر ممكن سواء كان المخلوق المرئي في الدنيا أم في الآخرة, والعلماء مجمعون على أن الممكن الذي يدخل تحت القدرة الإلهية لا يجوز إخراجه إلا بنص صريح.
فأين النص الصريح هنا؟؟.
كما أجمع العلماء على أن العدل الضابط إذا أخبر بأمر ممكن فلا وجه لتكذيبه. وقد أخبر برؤيته صلى الله عليه وسلم عدد كبير من العلماء والصالحين الذين لا يشك في عدالتهم. إذا فالأمر ثابت من غير حديث البخاري ثم جاء حديث البخاري فازدادت المسألة ثباتـًا على ثبات.
الرد على المنكرين :
أنكر احد المعترضين رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة والف في ذلك كتابا وقال فيه . لايمكن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة وذلك لخمسة اسباب .
الاول : الخلاف بين المهاجرين والانصار في سقيفة بني ساعدة ولم يروا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقظة ويفصل النزاع الذي نشب بينهم .
الثاني : الخلاف بين أبي بكر الصديق والسيدة فاطمة رضي الله عنهما.
الثالث : الخلاف بين علي وأصحابه وبين طلحة والزبير والسيدة عائشة.
الرابع : الخلاف بين سيدنا علي كرم الله وجهه والخوارج.
الخامس : الخلاف بين سيدنا علي ومعاوية رضي الله عنهما .
الرد :
اولاً : ان هذه الاسباب والادلة التي سماها خمسة هي في الحقيقة شيئ واحد يتكرر في صور مختلفة , وهي كون الخلاف قد وقع بين الصحابة ولم يرو النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة ليحل لهم الاشكال وليفض بينهم النزاع .
ثانياً : لنسأل هذا المعترض سؤالا : الم تكن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في النوم جائزة عندكم وقد نصت عليها النصوص الصريحة الصحيحة ؟؟؟ سيجيب بقوله نعم جائزة .
نقول له اذاً لماذا لم يظهر النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة في المنام ويفض بينهم الخلاف ويحل لهم الاشكال ؟؟؟؟ وهل هذا يدل على عدم جواز رؤيته صلى الله عليه وسلم في النوم ايضاً ؟؟؟؟
فاذا بطلت رؤيته صلى الله عليه وسلم في اليقظة لهذه الاسباب اذا بطلت رؤيته في المنام لهذه الاسباب ايضاً ..
ثالثاً : قد أجمعت الامة والعلماء على أن الالهام هوحق يكرم الله به أولياءه .
فلماذا لم يلهم الله الصحابة رضوان الله عليهم الحق ويدلهم عليه ويفض بينهم النزاع ؟؟؟ اليس الصحابة أهل للاهام واحق به من غيرهم ؟؟؟ وهل هذا يدل على عدم وجود الالهام الصادق من الله تعالى للاولياء ؟؟ اذن عدم وقوعها لا يعني عدمها بالكلية .
رابعاً : لنا أن نقول في رد الادلة الخمس : أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر بهذه الفتن وعين أهل الحق فيها من غيرهم وذلك في حياته صلى الله عليه وسلم , فلا معنى حينئذ للقول لم لم يروه يقظة بعد وفاته ليخبرهم بما اخبرهم به في حياته .
ففي حديث الزهري عن ابي إدريس الخولاني سمعت حذيفة بن اليمان يقول (والله إني لاعلم الناس بكل فتنة هي كائنة فيما بيني وبين الساعة وماذاك أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثني من ذلك شيئاً أسره إلي لم يكن حدث به غيري ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو يحدث مجلساً انا فيه سئل عن الفتن وهو فيهن ثلاث لاتذوق شيئاً منهن كرياح الصيف منها صغار ومنها كبار قال حذيفة فذهب أولئك الرهط كلهم غيري). رواه مسلم . والامام احمد .
عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال (قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً فما ترك شيئاً يكون في مقامه ذلك الي قيام الساعة الا حدثه حفظه منا من حفظه ونسيه من نسيه قد علمه اصحابه هؤلاء وإنه ليكون منه الشيئ فاذكره كما يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه ثم إذا راه عرفه) رواه البخاري ومسلم .
اذن لم يترك النبي صلى الله عليه وسلم فتنة من الفتن الي قيام الساعة الا وتحدث عنها و بينها وهذا واضح في الاحاديث . وعلى الناس فقط الرجوع الي السنة, وهو القائل تركتكم على المحجة البيضاء .
فكيف يطلب المعترض مجيئه صلى الله عليه وسلم في اليقظة ليكرر مافعله مرة اخرى , وهل كان مجيئه صلى الله عليه وسلم واجب ؟؟؟ ومن الذي أوجب عليه ذلك ؟؟؟ وأين هو النص في ذلك ؟؟؟ .
قال المنكر: إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يُرى في الدنيا لماذا لم يره الصحابة ورآه شيوخكم؟.
فأقول له هل المزية تقتضي الأفضلية؟؟؟
أي هل كل مزية عند المفضول يجب أن تكون عند الفاضل؟ فإن قال "لا" انفضّ النزاع, وإن قال "نعم" فاسأله أيهما أفضل أبو بكر أم عمر؟؟؟ فسيقول أبو بكر.. فاقول له هل عندكم أي دليل على أنه إذا سلك أبو بكر فجًا سلك الشيطان فجًا غيره؟؟؟ ومعلوم أن أبا بكر أفضل من عمر!!! بل إن الذي هو أفضل منهما وهو النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أن الشيطان ساوره في صلاته قال فخنقته حتى اندلق لسانه على يدي, فهذه مزية لعمر دون غيره. وكذلك قصة الخضر مع سيدنا موسى؟؟؟ وكذلك كانت الملائكة تستحي من سيدنا عثمان ولا تستحي من ابي بكر وعمر، والشواهد في ذلك كثيرة لا نريد أن نطيل بها.
وهل أنت تعلم كل الذي حصل للصحابة من خصوصيات ؟؟؟؟ فمن المحتمل أن يكون حدث ذلك لهم وقاموا بإخفائه, ولقد كان الصحابة رضوان الله عليهم لا يصرحون بمزاياهم ويؤثرون عدم إظهارها , مثل عمران بن حصين رضي الله عنهما كان يرى الملائكة يقظة وكانت تسلم عليه ولم يخبر بذلك إلا عند وفاته, وقصته رواها مسلم في صحيحه.
كما ان رؤيته صلى الله عليه وسلم في اليقظة حصلت لضمرة ابن ثعلبة وهو من الصحابة في الحديث المشهور وهو (أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أدع الله لي بالشهادة فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم حرم دم ابن ثعلبة على المشركين والكفار قال فكنت أحمل في عرض القوم فيتراءى لي النبي صلى الله عليه وسلم خلفهم فقيل ياابن ثعلبة إنك لتغرر تحمل على القوم فقال إن النبي صلى الله عليه وسلم يتراءى لي خلفهم فأحمل عليهم حتى أقف عنده ثم يتراءى لي أصحابي فأحمل حتى أكون مع اصحابي قال فعمر زماناً طويلاً من دهره).
[قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد رواه الطبراني واسناده حسن].
اعتراضات أخر ى:
1 / أن فيها مخالفة لنص القرآن ، بغير حجة شرعية ، حيث قال تعالى ، لنبيه صلى الله عليه وسلم {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ}. الزمر /30/ ، {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ}. آل عمران / 144/ {قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا} الإسراء /93/ {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} الكهف /110/.
الرد : هذه المخالفة إنّما تحصُل لو قُلنَا أنّ الجَسَد الشّريف الَّذِي بالمدينة المُنَوَّرَة يخرج إلى حيث يَرَاهُ الولي ، بحيث يكون القبر الشّريف خاليًا ، فتكون رؤية الولي له صلى الله عليه وسلم رؤية حقيقيّة أي في عالم المُلك ، وهُنَا ستستوي رؤية الولي له صلى الله عليه وسلم ورؤية سائر النّاس ..
أمَّا والكلام عَن رُؤيَة النبي صلى الله عليه وسلم في عالم المَلَكُوت ، بحيث يراه الولي أو الأولياء في المكان الَّذِي قد يكون فيه ناس ولا يرونه صلى الله عليه وسلم ، فَهُنَا خَرَجَت الرُّؤيَة عن عالم المُلك والحس والمادّة ، إلى ما وراء ذلك ..
وهذه النُّقطَة لا يليق بالمعترضين إغفالهم إيَّاها .. فهل هُم يُؤمنون بأنّ سيّدنا موسى عليه السَّلام ما زال حيًّا أم أنّه قد توفّاه الله ؟
فهم قائلون وبلا شك أنّه عليه السّلام قد توفَّاه الله ، فبعد هذا بماذا سيفسِّرون أنّ سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم رآه يُصَلِّي في قبره أثناء الإسراء والمعراج ، ثُمَّ يراهُ في السَّماء السّادسة ! ، ثم الصّلاة في بيت المقدس !!
فإن نظرنا إلى (العلّة) في إرادتهم الاستدلال على عدم جواز رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة وهي أنّه قد توفَّاه الله ، فالعلّة قد حصلت هُنَا أعني في قصّة الإسراء والمعراج ، فإنّ سيّدنا موسى أيضًا قد توفَّاه الله .
2 / أنه ينبني على القول بحضور النبي صلى الله عليه وسلم ، يقظة ، القول بالرجعة بعد الموت ، كما تزعم بعض الفرق الضالة.
الرد : هذا يتّضح جوابه في قراءة الكلام السّابق ، فقول هؤلاء (الفرق الضّالّة) بالرّجعة ، إنّما هُوَ في عالم المُلكُ والحسّ والمشاهدة ، بحيث يراهم جميع النّاس سواسية ، ويعودوا إلى حاجتهم للأكل والشَّرب وتجري عليهم ما يجري من قوانين الطبيعة .. وهل كل هذا ينطبق على الرؤية في عالم المَلَكُوت ؟ حاشا وكلاّ .
3 / نقول لمن يقول بحضوره يقظة: لو كان لديكم أدنى معرفة في علوم الحديث لعرفتم مدى سخف كلامكم ، لأن مضمونه بإجماع العلماء الذين عرّفوا الصحابي أن مشايخكم الذين تدعون أنهم التقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم يقظةً قد أصبحوا صحابة ، وبناء على ذلك فإن الصحبة لن تنقطع إلى يوم القيامة!!
الرد : هذا أجاب عنه الإمام ابن حجر الهيتمي بما قد وضّحناه سابقًا ، وهو أنّ شرط الصُّحبَة الرُّؤيَة في عالم المُلك .. وهنا تجدهم اختلفوا فيمن يرى النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته وقبل دفن جسده الشَّريف صلاة الله عليه وسلامه .
أمّا لو كانوا يُسَوُّون بين الرُّؤية في عالم الملك وعالم الملكوت ، فيلزمهم أن ينفوا جواز رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ، لأنّها ستلزم عدم انقطاع الصُّحبَة أيضًا !! وهم لا يقولون بهذا .
من العرض السابق نرى أن رؤية الصالحين للنبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة قد تحدث، ولا يوجد مانع عقلي أو شرعي يمنعها، ولكن هذا باب عزيز ليس مفتوحًا لكل أحد، وينبغي على من رآه أن لا يحدث من لا طاقة له بهذا حتى لا يكذب فمخاطبة الناس بما يعقلون أولى، والله تعالى أعلى وأعلم.
وقد يقول احدهم رؤيته يقظة تعني دخوله في الصحابة . فنقول :
1- لم يدعي الصحبة عاقل بل لم ينقل عن احد من السادات الكرام .
2- ان القول ان اليقظة هي يوم القيامة كلام لايستقيم من جهة اللغة ونحن عرب ، فقوله صلى الله عليه وسلم (من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ...) ، فنحن نعلم ان اليقظة و المنام لاتكون الا في الدنيا ، ويعلم هذا الصغار فما بالنا بغيرهم !!!! .
3- ثم انه ليس من اسماء يوم القيامة ( اليقظة ) التي ذكرت في الكتاب والسنة ، فكيف يأول الحديث بها !!!!!! .
4- واذا سلمنا لمعترضين انه يوم القيامة ، فاي خصوصية ترجى لمن رآه ، اذ ان الناس كلهم يرونه حتى الكفار ، وحديث الشفاعة يختصر علينا الموضوع ، ويجعل اقوالهم هباءا منثورا .
5- ومن جهة اخرى ، فهذا الحديث لايعرف قيمته الا من راى ، فكيف يخوض فيه من ام يرى ؟!!!!!!! .
وقد يقول المعترضون إن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة لم تنقل عن أحد من الصحابة , وهذه شهادة على النفي وهي مردودة عند الفقهاء فإنه لاحجة في عدم النقل بعدم الجواز .
و هذا الزعم مردود أيضاً بما نقل عن الصحابي ضمرة ابن ثعلبة رضي الله عنه (أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أدع الله لي بالشهادة فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم حرم دم ابن ثعلبة على المشركين والكفار قال فكنت أحمل في عرض القوم فيتراءى لي النبي صلى الله عليه وسلم خلفهم فقيل ياابن ثعلبة إنك لتغرره تحمل على القوم فقال إن النبي صلى الله عليه وسلم يتراءى لي خلفهم فأحمل عليهم حتى أقف عنده ثم يتراءى لي أصحابي فأحمل حتى أكون مع اصحابي قال فعمر زماناً طويلاً من دهره).[قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد رواه الطبراني واسناده حسن].
ولو أننا أوردنا لك القصص والشواهد من السلف والخلف في مثل هذا الشأن لطال بنا المقال, ولكننا نكتفي بالنصوص وأقوال العلماء.
من المعلوم شرعًا والثابت نصًا ثبوت رؤية هلال شهر رمضان تكون بثلاثة أشياء. أولها رؤية الجماعة المستفيضة للهلال, أو رؤية عدلين أو إكمال العدة بثلاثين يومًا, وقال الفقهاء في البلد الذي لا يتهم أهله برؤية الهلال يجب الصوم برؤية العدل الواحد. فإذا كان صوم المسلمين الذي هو ركن من أركان الدين الإسلامي يعتمد في ثبوته برؤية عدلين من المسلمين, وبرؤيتهما يجب الصوم على المسلمين إلزامًا. ومن لا يصوم برؤيتهما يكون آثمًا وعليه القضاء والكفارة
إذا كان هذا في أهم وأساسيات العبادة التي يتأثرون بها تأثير مباشرًا فكيف يكون الحال في المناقب والكرامات ..
أخيرًا أذكر بعض أسماء العلماء الذين أقروا برؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة ووقفنا على أقوالهم.
"يقول الآلوسي رحمه الله تعالى في: "روح المعاني"(22/36) : " قد وقعت رؤيته صلى الله تعالى عليه وسلم بعد وفاته لغير واحد من الكاملين من هذه الأمة والأخذ منه يقظة "أ.هـ"
قال الإمام الشعراني رحمه الله تعالى في الطبقات الصغري في ترجمة الشيخ شهاب الدين البلقيني :
وكذلك بلغنا أنه كان يجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم يقظة ويحادثه ، أي بجتمع به في حالة بين النائم واليقظان كما هو مقرر في تأويل كلام القوم اهـ صـ 61 ط. مكتبة الثقافة الدينية
يقول ابن حجر الهيتمي : « أنكر ذلك جماعة وجوزه آخرون وهو الحق، فقد أخبر بذلك من لا يتهم من الصالحين، بل استدل بحديث البخاري (من رآني في المنام فسيراني في اليقظة) أي بعيني رأسه، وقيل بعين قلبه.
1. الحافظ جلال الدين السيوطي
2. الحافظ ابن حجر الهيتمي
3. الحافظ عبد الله بن أبي جمرة
4. الحافظ القسطلاني
5. الحافظ السبكي
6. الحافظ البيهقي
7. حجة الاسلام ابو حامد الغزالي
8. الإمام المفسر القرطبي
9. الإمام العز ابن عبد السلام
10. الإمام البارازي
11. الإمام ابن الحاج المالكي
12. الإمام الحافظ اليافعي
13. الإمام أبو بكر بن العربي المالكي
فهل كذب كل اولئك العلماء في دعواهم ؟؟؟ وهل كذب سادتنا الاولياء الصوفية في قولهم برؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة ؟؟؟ ام صار الامام البخاري يكذب على النبي صلى الله عليه وسلم ؟؟؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق