الثلاثاء، 29 أكتوبر 2013

قطرات من العلم اللدنى


                                               جـزاءُ الإحسان
**********
(هَلْ جَزَاء الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ)
[الآية 60 - الرحمن]

والإحسان هنا يعني مقام الإحسان !!!
لكن هل الإحسان ؛ يعني يوزع عليهم فلوس؟ أو أكل أوشرب؟
جزاء الإحسان يعني: نُزُل الإحسان، مشاهد الإحسان، مقامات الإحسان، أليس هذا جزاءاً؟ أم يكون جزاءاً حسياً؟ 
لا ينفع ، لقول الله تعالى:
(وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا) 
[الآية (86) النساء]
وهذا لنا نحن ، فما بالكم مع الله ، ماذا يكون؟!!!
فعندما أحسن عملي ؛ يكون جزائي مشاهد الإحسان، ومنازل الإحسان ، وخزن الإحسان .
وهذه خزن في القرآن، وفي سدرة النبي العدنان صلى الله عليه وسلم، لمن بلغوا مقام القرب والتدان
ولذلك لما ربنا يتكلم عن الجماعة الذين آمنوا :
(إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ – 
فى الدنيا – 
يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا) 
[107 سورة الاسراء]

لأنهم سمعوا قبل ذلك هناك، والذي لم يسمع هناك، من الذي يقدر أن يسمعه هنا؟!! لا أحد!!
لازم يكون سمع من هناك في عالم الأزل، وهذا هو سر سابقة الحسنى :
سبقت لهم الحسنى هناك فسمع ورأى، فلما يسمع هنا يكون تكراراً لما رآه وسمعه هناك .
ولذلك لما كلف حضرة النبي ماذا قال له؟
وذكَِّر...! يعني حاجة أخذوها قبل ذلك!! فذكِّر وراجع معهم أنت هنا، 

فالدروس أخذوها هناك، وأنت تراجع هذه الدروس..! ... أليس كذلك ؟
فإنها مراجعة فقط !! لكن الدروس قيلت قبل ذلك ، وأخذوها في عالم الأزل
لكن الذي لم يأخذ هذه الدروس .. هل يقدر أحد ، أن يراجعها معه هنا؟!! لا يهضمها..!!
( فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ )
[21-الغاشية]
تذكر بالذي كان هناك ..
( إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ
أوتوا ؛ يعني بالفضل ...وليس بالتعليم..
(مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ - 
هنا فى الدنيا -
يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا . وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً . وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا )
[107 : 109 - سورة الإسراء]
إذاً الخشوع موجود قبل ذلك ، لكن يَزيدُ الخشوع .

الذكرى تنفع المؤمنين
***************
وهكذا عطاءات الله ، وهذا هو حال المؤمنين!!
لكن هل هناك من أحد يستطيع أن يعلّم من البداية؟ ... من لا يوجد له التعليم من هناك ؟ لا..
لأنا في الدنيا ، نراجع مع بعض الدروس ، نذكِّر بعضاً ،
لأن الواحد فينا عندما ينزل إلى الدنيا ينسى ، أو تفتر عزيمته ، نتيجة الانشغال بالشهوات ، والحظوظ ، والأهواء ، والملذات .
لأننا كلنا كنا في جنة آدم ، لما آدم هبط إلى الأرض ماذا حدث ؟ لماذا نزل ؟
ذكر الله السبب وقال :
( فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ) 
[الآية (115) طه]
ما سبب نزوله؟
نسي الذي أخذه قبل ذلك .
ولماذا ضعفت عزيمته ؟
انشغل بمظاهر الجنة ، الثمار في الجنة ، والأطيار ، والملائكة ، وغير ذلك فانشغل .
وهي نفس الحكاية بالنسبة لك .. ولي!!
لقد كنا في الجنة العالية هناك ، جنة المعاني ، وجنة الحقائق ، وجنة الأرواح ، وجنة اللطائف .
عندما يأتي الواحـد إلى الدنيا ، إذا لم يكن يجالس المذكِّرين ؛ سينسى
إذا انشغل بالمظاهر ، والمطارف ، والشهوات ، والحظوظ ، والمباني ، والمغاني ، والمساكن!!!
كذلك سيضعف وينطبق عليه نفس الحكاية...!!
( فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا )
نفس المرض ، فالبعد ، أو الغفلة ، أو القسوة ! ما سبب هذا كله؟
(نسي ... ولم نجد له عزماً) ، أيُّ أسباب أخرى ....كلها تنطوي تحت هذه الأسباب .
ما علاج النسيان؟ فذكر!!
ولذلك كنز المذكرين هو صلى الله عليه وسلم ؛ مذكر ، وكذلك الورثة من بعده مذكرون .
هل أحد من الورثة معه حاجة جديدة؟ أبداً ، ولكنه يذكر
ولذلك عندما تسمع... يرتاح لهذا السماع قلبك ، ويحن له فؤادك .
وإذا واحد لم يسمع هذه الحقائق ؛ فلا يقبلها!!!
وعندما ترى واحداً كان معك هناك في الفصل ، ويمكن أن تكون تراه لأول مرة ، فتقول لنفسك ولمن حولك:
لقد رأيت هذا الرجل قبل ذلك ....ولكن لا أعرف أين ؟..ومتى...؟
على الرغم من أنه لم يحدث لقاء في الدنيا!!! ... إذاً أين كان اللقاء؟
كان اللقاء هناك ، ولكن ذكرت به هنا ، لأنك في حالة الصفاء ، وقد قال في ذلك سيدنا رسول الله :
(الأرواح جنود مجندة ، ما تعارف منها) 
(المستدرك على الصحيحين للحاكم عن سلمان الفارسي)
أين ؟ هناك ... (إئتلف) هنا ، ويريدون أن يكونوا مع بعض ولا يفارقون بعضهم ......توجد بينهم ألفة !!
ومن أين تأتي هذه الألفة؟
( وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ )
[آية (63) الأنفال]
من الله ؛ أي ليس من هنا ؛ ولكن من هناك .
*************

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق