هناك ثلاثة أقوال في هذه المسالة اليكموها بأدلة كل قول ونذكر الراجح منها إن شاء الله :
قولان لأهل العلم ، والذي عليه الأكثر من علمائنا المعاصرين أن هذه الحضارة التي نراها الآن وما فيها من آلات وأسلحة ستزول كلها ، وأن الحروب ستعود على الخيول وأن الأسلحة التي ستستعمل فيها هي الرماح والسيوف ، وأن ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم هو على ظاهره وحقيقته
أن القتال في آخر الزمان سيكون بالسلاح الأبيض السيوف والرماح ووغيرها التي كان يستخدمها الأسلاف قبل الثورة الصناعية وان هذه الحضارة التي نعيشها سوف تنتهي ولن يكتب لها البقاء واستدلوا على ذالك بظاهر النصوص التي تتكلم عن القتال في آخر الزمان ومن هذه النصوص :
اخرج مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال( لا تقوم الساعة حتى تنزل الروم بالأعماق ، أو بدابق ، فيخرج إليهم جيش من المدينة ، من خيار أهل الأرض يومئذ ، فإذا تصافوا قالت الروم : خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم ، فيقول المسلمون : لا والله ! لا نخلي بينكم وبين إخواننا ، فيقاتلونهم ، فينهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبدا ، ويقتل ثلثهم ، أفضل الشهداء عند الله ، ويفتتح الثلث ، لا يفتنون أبدا : فيفتتحون قسطنطينية ، فبينما هم يقتسمون الغنيمة ، قد علقوا سيوفهم بالزيتون ، إذ صاح فيهم الشيطان : إن المسيح قد خلفكم في أهليكم ، فيخرجون ، وذلك باطل ، فإذا جاؤوا الشام خرج ، فبينما هم يعدون للقتال ، يسوون الصفوف ، إذ أقيمت الصلاة ، فينزل عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم ، فأمهم ، فإذا رآه عدو الله ، ذاب كما يذوب الملح في الماء ، فلو تركه لانذاب حتى يهلك ، ولكن يقتله الله بيده ، فيريهم دمه في حربته ) .
وهذا الحديث دلالته واضحة في أن القتال في آخر الزمان سوف يكون بالسيوف والحراب وهذا يدل على زوال هذه الحضارة التي نعيشها اليوم والشاهد قوله صلى الله عليه وسلم علقوا سيوفهم بالزيتون وقوله فيريهم دمه في حربته .
وعنده أيضا في الطليعة الذين يرسلهم المهدي بعد سماع الصريخ بخروج الدجال فقال صلى الله عليه وسلم ( إني لأعرف أسماءهم وألوان خيولهم , هم خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ , أو من خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ(
وهذا الحديث أيضا الدلالة واضحة فيه والشاهد قوله صلى الله عليه وسلم وألوان خيولهم , فهذا يدل على أنهم يستخدمون الخيول في قتالهم , فلا سيارات ولا دبابات ولا غير ذالك مما يدل على فناء الحضارة وتبدل الحال الذي نعيشه .
وعنده كذالك عن رسول الله صلى الله عليه و سلم : (سيوقد المسلمون من قسي يأجوج و مأجوج و نشابهم و أترستهم سبع سنين) .
ونشابهم أي سهامهم , وهذا أيضا دلالته واضحة والشاهد قوله صلى الله عليه وسلم نشابهم واترستهم . .
إذن أصحاب هذا القول يستدلون بظاهر النصوص التي تدل بكل وضوح أن الأسلحة المستخدمة في القتال هي الأسلحة التقليدية من سيوف وحراب واسهم وغير ذالك من الأسلحة المعروفة وأدلتهم صحيحة كما رأيتم وغيرها كثير.
ومن هنا فلابد أن الحضارة التي نعيشها اليوم أنها ستزول ولن يكون لها وجود .
وعندهم عدة نظريات في كيفية زوال هذه الحضارة ومن أهمها استدلالهم بسورة الطارق والكوكب ذو الذنب وانه بسبب مرور هذا الكوكب بالأرض فانه سيحدث تغييرات جذرية وسيعود الناس إلى ما كانوا عليه وسوف تتعطل هذه الحضارة وهو من أقوى الأدلة .
وكذالك بعضهم يقول بان حدوث حرب عالمية ثالثة نووية فإنها كفيلة أن ترجع الناس إلى نقطة الصفر التي بدؤوا منها وكفيلة بإنهاء هذه الحضارة وتوقفها إلى الأبد .
القول الثاني في المسالة :
وهو أن القتال في آخر الزمان سوف يكون بالأسلحة الحديثة التي نستعملها اليوم وان هذه الحضارة ستستمر ولن تنتهي واستدلوا على ذالك بأدلة صحيحة وأجابوا عن شبه أصحاب القول الأول .
وفيما يلي ذكر لأدلتهم وإجاباتهم عن شبه أصحاب القول الأول :
أولا قال أصحاب هذا القول أن التعبير في القران والسنة مجازيا وليس حقيقيا وذالك حتى يناسب عقول أهل ذالك الزمان فلو ذكر لهم النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة السيارات والطائرات وغير ذالك من التكنولوجيا في عصرنا فان ذالك سوف يكون فتنة لكثير منهم فيعرضهم ذالك للهلاك .
ولذالك جاء عن علي رضي الله عنه خاطبوا الناس بما يعرفون أتريدون أن يكذب الله ورسوله ؟!
والنبي صلى الله عليه وسلم كان يراعي عقول ونفسيات الصحابة فيما هو اقل من هذا كما تعرفون كما ثبت عنه انه قال لعائشة ( لولا أن قومك حديثو عهد بإسلام لهدمت الكعبة وبنيتها على قواعد إبراهيم ) .
فانظر إلى مراعاته عليه الصلاة والسلام لنفسياتهم في هذا الأمر البسيط الواضح فكيف لو اخبرهم بالتكنولوجيا اليوم .
وهنا قد يقول قائل أن النبي صلى الله عليه وسلم اخبر الصحابة بما هو أعظم من الحضارة اليوم ألا وهي رحلة الإسراء والمعراج فكيف يخبرهم بالإسراء والمعراج ولا يخبرهم بالحضارة اليوم ؟
فنقول نعم هذا صحيح ولكن هذا الأخبار منه عليه الصلاة والسلام إنما أراد الله أن يجعله فتنة للناس ولذالك ارتد بعض المسلمين ضعيفي الإيمان ومنهم من تلكأ في التصديق إلا أبو بكر رضي الله عنه ولذالك يقول الله سبحانه وتعالى ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القران ) .
فالإسراء والمعراج وكذالك ذكر شجرة الزقوم إنما هو فتنة للناس أرادها الله سبحانه في ذالك الوقت لحكمة يريدها وهو الحكيم في أفعاله ( لا يسال عما يفعل وهم يسالون ) .
وعلى كل حال فان الله سبحانه ذكر هذه الحضارة في كتابه بصورة تشير إليها فيعرف الصحابة معناها أما حقيقتها فلا يعرفها إلا نحن .
قال الله تعالى ( والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون ) ففي قوله تعالى ( ويخلق ما لا تعلمون ) تدخل كل وسائل النقل الأخرى كالسيارات والقطارات والطائرات وغير ذالك مما هو مشاهد اليوم وهذا من الإعجاز في القران الكريم .
وكذالك قوله تعالى (وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون وخلقنا لهم من مثله ما يركبون ) فقوله تعالى (وخلقنا لهم من مثله ما يركبون ) تدخل فيه كل وسائل النقل الحديثة في البحار اليوم من سفن ومراكب وحاملات طائرات وغير ذالك مما هو معلوم لديكم .
أما هذا الأسلوب في السنة النبوية فواضح أيضا فعند احمد وغيره ( يكون في آخر أمتي رجال يركبون على السروج كأشباه الرحال فينزلون على أبواب المساجد نساؤهم كاسيات عاريات ) والحديث صحيح .
فانظر هنا إلى تشبيه النبي صلى الله عليه وسلم السيارات بالسروج التي توضع على الإبل فالصحابة ومن بعدهم دوننا عندما يقرؤون الحديث سيفهمون معناه اللغوي تماما ولكن لا يعرف حقيقته إلا نحن وهذا أيضا من الإعجاز في السنة النبوية .
وهكذا فان الأحاديث التي تتكلم في آخر الزمان فيها من الإعجاز العلمي ما هو ظاهر لنا اليوم فالله سبحانه في القران الكريم والنبي صلى الله عليه وسلم في السنة يذكرون لنا أمورا يعرف الصاحبة ومن بعدهم دوننا معناها اللغوي أما حقيقة هذه الأشياء فلا يعرفها إلا من شاهدها وعندما نشاهدها فيكون هذا هو المقصود بالإعجاز وصدق الله ( سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم انه الحق أولم يكف بربك انه على كل شيء شهيد) .
ثانيا هناك أدلة من السنة صريحة في هذا الباب , وهناك شواهد من كتب أهل الكتاب ومنها :
الدليل الأول :
اخرج احمد في مسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم في حمار الدجال (وله حمار يركبه عرض ما بين أذنيه أربعون ذراعا ) وفي رواية (يضع خطوه عند منتهى طرفه ) .
فأي حمار بالله عليكم هذا الذي مابين أذنيه أربعون ذراعا ؟! وأي حمار هذا الذي خطوه عند منتهى طرفه ؟ ! فهذا من باب التشبيه والتقريب والله اعلم .
ومن جاءنا بحمار الآن هذه صفاته فنحن مستعدون لتقديم التنازل عن هذا الدليل .
وهذا يدل على مدى الحضارة والتطور التكنولوجي أيام الدجال , نحن الآن بإمكاننا فهم حقيقة هذا الأمر لما نرى من الطائرات بأنواعها وسرعتها الفائقة , فيمكن أن تكون هذه طائرة بالفعل أو شيء آخر لم نصل إليه بعد ولكن عندما يخرج الدجال ونرى مركبه سوف نقول صدق الرسول صلى الله عليه وسلم .
الدليل الثاني :
ما أخرجه مسلم في صحيحه في قصة الدجال : قلنا يا رسول الله وما إسراعه في الأرض ( قال كالغيث استدبرته الريح ) .
فهل هذه سرعة خيل أو ابل أو غير ذالك من وسائل النقل القديمة ؟! لا شك أن هذا مركوب غير مألوف ولكنه سريع جدا فهو كالغيث استدبرته الريح وهذه سرعة كبيرة بلا شك .
ونحن الآن يمكننا فهم هذا الأمر على وجهه لما عندنا من وسائل النقل الحديثة من طائرات بأنواعها وغير ذالك , وهذه الأحاديث كلها تدل على بقاء الحضارة والتكنولوجيا بل تطورها عما نحن عليه الآن إلى زمن الدجال والله اعلم .
الدليل الثالث :
اخرج مسلم عن يسير بن جابر قال هاجت ريح حمراء بالكوفة ، فجاء رجل ليس له هجيري إلا : يا عبد الله بن مسعود ! جاءت الساعة ، قال : فقعد وكان متكئا ، فقال : إن الساعة لا تقوم ، حتى لايقسم ميراث ، ولا يفرح بغنيمة ، ثم قال : بيده هكذا ونحاها نحو الشام فقال : عدو يجمعون لأهل الإسلام ، ويجمع لهم أهل الإسلام ، قلت : الروم تعني ؟ قال : نعم . وتكون عند ذاكم القتال ردة شديدة ، فيشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة ، فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل فيفيء هؤلاء وهؤلاء ، كل غير غالب ، وتفنى الشرطة ، ثم يشترط المسلمون شرطة للموت ، لا ترجع إلا غالبة ، فيقتتلون ، حتى يحجز بينهم الليل ، فيفيء هؤلاء وهؤلاء ، كل غير غالب ، وتفنى الشرطة ، ثم يشترط المسلمون شرطة للموت ، لا ترجع إلا غالبة ، فيقتتلون حتى يمسوا ، فيفيء هؤلاء وهؤلاء ، كل غير غالب ، وتفنى الشرطة ، فإذا كان اليوم الرابع ، نهد إليهم بقية أهل الإسلام ، فيجعل الله الدبرة عليهم ، فيقتلون مقتلة ، إما قال لا يرى مثلها ، وإما قال لم ير مثلها ، حتى إن الطائر ليمر بجنباتهم ، فما يخلفهم حتى يخر ميتا ، فيتعاد بنو الأب ، كانوا مائة ، فلا يجدونه بقي منهم إلا الرجل الواحد ، فبأي غنيمة يفرح ؟ أو أي ميراث يقسم ؟ فبينما هم كذلك إذ سمعوا ببأس ، هو أكبر من ذلك . فجاءهم الصريخ ، إن الدجال قد خلفهم في ذراريهم ، فيرفضون ما في أيديهم ، ويقبلون ، فيبعثون عشرة فوارس طليعة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : : إني لأعرف أسماءهم ، وأسماء آبائهم ، وألوان خيولهم ، هم خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ ، أو من خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ .
هذا الحديث يحمل الكثير من الشواهد لا صحاب هذا القول .
الشاهد الأول :
في اشتراطهم شرط للموت فإذا كان القتال بالأسلحة التقليدية كما يقول أصحاب القول الأول فلماذا يشترط المسلمون شرط للموت ؟!
ونحن كما نعلم أن المعارك التقليدية لا يحتاج فيها إلى مثل هذا حيث يتواجه الجيشان ويقتتلون بشكل مباشر حتى يحكم الله بينهم ولا شك أن اجتماع جميع الجيش في المعركة التقليدية هو الأفضل والاحسم للمعركة والأقوى للناس .
وعلى سبيل المثال معركة مؤتة كان عدد المسلمين لا يتجاوز الثلاثة آلاف بينما عدد الروم تجاوز المائتين وخمسين ألف مقاتل وهذا فرق شاسع جدا في العدد ولا يوجد أي تكافؤ بين الجيشين لا في العدد ولا في العدة , ومع ذالك لجا القادة إلى الالتحام المباشر مع جيش الروم حتى انحاز بهم خالد رضي الله عنهم جميعا .
أما الملحمة الكبرى فجيش المسلمين الذين مع المهدي بداية المعركة فهو مائتين وعشرة الاف من المسلمين , بينما عدد الروم لايصل المليون مقاتل , وهذا فارق معقول بين الجيشين بخلاف معركة مؤتة ومع ذالك لجا المهدي إلى هذا التكتيك ؟ّّ!
فلذالك أظن والله اعلم أن هذا التكتيك بمنطق الحروب التقليدية هو منطق غير مفهوم , ولكنه الآن بلغة الحروب لدينا فهو منطق مفهوم وهو ما يعرف بحرب العصابات والذي يظهر والله اعلم أن المهدي لجا إلى هذا الأسلوب حتى يؤخر تقدم الروم إلى ديار المسلمين حتى ينهد إليه بقية المسلمين كما في إشارة الحديث , وهذا يؤكد أنها ليست حرب تقليدية .
والشاهد الثاني :
هو قوله صلى الله عليه وسلم فيقتتلون مقتلة لم ير مثلها قط , فهذا الوصف يدل على هول المعركة وأنها من طراز غير مألوف فهي ليست القادسية ولا اليرموك ولا حطين ولا الزلاقة ولا فتح القسطنطينية ولا غير ذالك من معارك الإسلام المشهودة وهذا يؤكد أنها ليست معركة تقليدية .
والشاهد الثالث :
هو قوله صلى الله عليه وسلم حتى إن الطائر ليمر بجنباتهم فلا يجوزهم حتى يخر ميتا !!
فبالله عليكم ماذنب الطائر في السماء لو كانت معركة تقليدية ؟! المعارك التقليدية يستخدم فيها السهام والمنجنيق وغير ذالك مما هو معروف وأقوى رام بالسهام والحراب لن تصل رميته الى بضع مئات من الأمتار ثم إن توجيهها في المعركة لا يكون للسماء فما بال الطائر إذن يمر من جنابتهم فلا يجوزهم حتى يخر صريعا ؟!!
هذا غير مفهوم في لغة الحروب التقليدية ولكنه في لغة حروب هذا العصر أمر بديهي لوجود الأسلحة المختلفة والتي يصل مداها مئات الكيلومترات من مدافع وصواريخ وهاونات وغير ذالك فهذه تطيش وتذهب إلى السماء وتمر في الجنبات فمن الطبيعي إن يمر الطائر بجنباتهم فيلقى حتفه .
والشاهد الرابع :
قوله فيتعاد بنو الأب كانوا مائة فلا يبقى منهم إلا واحد فأي قتل ذريع هذا في أربعة أيام ؟!!
هذا ايضا ليس مفهوما في لغة الحروب التقليدية إذ لو كان القتل بالسيوف والرماح لأخذت هذه المعركة أشهرا طويلة حتى يحدث هذا القتل الذريع , ولكن بلغة الحروب في هذا الزمان فهو أمر بديهي وعلى سبيل المثال انظر ما حدث في غزة كيف إن عوائل كاملة بالعشرات قد لا يتبقى منهم احد , موتى بالعشرات في لحظات والسبب واضح ومفهوم , وكذالك الملحمة الكبرى والله اعلم .
والشاهد الخامس :
قوله فتحصل عند ذالكم القتال ردة شديدة فيرتد ثلث لا يغفر الله لهم أبدا , فلماذا تحصل الردة ولما تحسم المعركة بعد ؟!!
في لغة الحروب التقليدية هذا أيضا غير مفهوم والله اعلم وعلى سبيل المثال غزوة الأحزاب كانت المدينة بها مجموعة المنافقين الذين قال الله فيهم (ولو دخلت عليهم من أقطارها ثم سئلوا الفتنة لآتوها ) , هؤلاء المنافقين ثبتوا مع الناس حتى انزل الله نصره ولكنهم لم يظهروا الردة مباشرة ولم ينسحبوا علانية من المعركة , فلماذا يرتد هؤلاء في الملحمة الكبرى ويتركوا المسلمين علانية هذا لا يحدث إلا إذا كان الهول لا يوصف والكرب عظيم وهذا لا يمكن أن يكون في معركة تقليدية والله اعلم .
والشاهد الأخير :
تسميتها في بعض الروايات بالملحمة الكبرى , وهنا إما أن تقولوا أنها معركة تقليدية فنقول لكم إذن هناك ما هو اكبر منها وأفظع في الحروب الحديثة , أو تقولوا هي معركة ليست تقليدية وهنا تخصمون ولله الحمد .
الدليل الرابع :
ما جاء في سفر الرؤيا (وهكذا رأيت الخيل في الرؤيا والجالسين عليها لهم دروع نارية وأسماء نجومية وكبريتية ورؤوس الخيل كرؤوس الأسود ومن أفواهها يخرج نار ودخان وكبريت من هذه الثلاثة قتل ثلث الناس من النار والدخان والكبريت الخارجة من أفواهها فان سلطانها في أفواهها ) .
وهذا النص والله اعلم يتكلم عن الملحمة الكبرى فقد وصفها النبي صلى الله عليه وسلم بأنه يموت فيها ثلث هم أفضل الشهداء أو من أفضل الشهداء عند الله .
فيصف المدافع والدبابات وما شابهها من أسلحة الحرب ولا يريد حقيقة الخيول والله اعلم .
وعن الأسلحة النووية المستخدمة في هذه المعركة يقول السفر (لحمهم يذوب وهم واقفون على إقدامهم وعيونهم تذوب في اوقابها وألسنتهم تذوب في أفواههم ) .
فما هي هذه الأسلحة التي تصنع هذا الأمر في الناس غير الأسلحة النووية والكيمياية التي نعرفها اليوم ؟
وقال أيضا عن الأسلحة التقليدية ( وكذا تكون ضربة الخيل والبغال والجمال والحمير وكل البهائم التي تكون في هذه المحال كهذه الضربة ) .
وهذا يدل على شدة التطور في ذالك الوقت فشبه الآلات المستخدمة في القتال بالبهائم .
الدليل الخامس :
ما جاء في فتح القسطيطينية أن المسلمون يفتحونها بالتكبير والتهليل كما عند مسلم (فبينما هم يقتسمون الغنيمة قد علقوا سيوفهم بالزيتون ) وفي رواية (قد علقوا أسلحتهم بالزيتون ) .
فبأي الروايتين نأخذ ؟ ففي الرواية الأولى والله اعلم هناك تدخل من الراوي في المتن ففهم أن المراد بالأسلحة السيوف لأنه هذا الذي يعرفه .
ولكن هناك فرق فالسيف سلاح والرشاش أيضا سلاح , فهناك تدخل من الراوي بلا شك في الرواية الأولى .
ولذالك هذا الحديث من عمدة الأحاديث التي يستدل بها أصحاب القول الأول وقد اجبنا عليهم .
وكذالك قد يستدل أصحاب القول الأول بالأحاديث التي ذكر فيها الخيل فهذا يجاب عليه من وجهين الوجه الأول أنها ذكرت مجازا ولا يراد حقيقتها .
والوجه الثاني أن نقول لا منافاة بين استخدام الأسلحة الحديثة في القتال وبين استخدام الخيل فما زال المجاهدون في زماننا هذا يستخدمون الخيل والحمير وغيرها في القتال مع الأسلحة الحديثة وبهذا يزول الإشكال والله اعلم .
القول الثالث في المسالة :
وهو قول وسط بين القولين وهو القول الراجح والله اعلم وهو أن هذه الحضارة سوف تزول جزئيا ولكنها سوف تعود أقوى من حضارتنا الحالية التي نعيشها اليوم .
والدليل على هذا ما ذكره أصحاب القول الثاني من حضارة ذكرت في أدلتهم أكثر تطورا من حضارتنا .
فالحضارة اليوم تعتمد على النفط بشكل أساس والدول الكبرى لا سيما أمريكا محكمة سيطرتها على العالم عن طريق النفط ولذالك يرفضون أي أبحاث بديلة للنفط ويئدون أي محاولة قد تؤدي إلى الاستغناء عن النفط وتساعدهم في ذالك كبريات الدول المصدرة للنفط لأنه لو وجد بديل للنفط فستنهار دولهم واقتصاداتهم لأنها قائمة على النفط .
واعتقد أن هذا لن يتم إلا بعد زوال عقدة القطب الواحد والدول الكبرى التي تتطلب مصالحها الاعتماد على النفط .
وأبحاث الطاقة البديلة اليوم كما تعلمون قد أوجدت بدائل فعالة وصديقة للبيئة وبديلة للنفط , فلا تستبعد في المستقبل أن ترى سيارة تعمل بالبرسيم بدل البنزين ؟ ! قد تقول هذا مستحيل ولكن في المستقبل قد يكون أمرا ممكنا , ولكن للأسف كما ذكرت فكل بحث في هذا الاتجاه يوأد في مهده والله المستعان .
والى هنا أظن أن الإشكال قد زال في هذه المسالة واتضحت الأمور فيها بحمد الله, والله اعلم.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين أما بعد :
فأواصل معكم أيها الإخوة الجزء الثاني من مسالة القتال والحضارة في آخر الزمان , وهو يتعلق بالفترة ما بعد الدجال ونزول عيسى عليه السلام فهناك أحاديث صريحة تدل على أن الناس يعودون لاستخدام السلاح الأبيض وبعضها شديد الوضوح , ففي هذا الجزء إن شاء الله اذكر هذه الأحاديث وسأتناول وإياكم بعض المسائل التي يمكن استخراجها في هذا الباب من هذه الأحاديث , والله المستعان .
الحديث الأول :
ففي صحيح مسلم قصة الدجال ونزول عيسى عليه السلام فقال النبي صلى الله عليه وسلم (فينزل عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم ، فأمهم ، فإذا رآه عدو الله ، ذاب كما يذوب الملح في الماء ، فلو تركه لانذاب حتى يهلك ، ولكن يقتله الله بيده ، فيريهم دمه في حربته ) .
والشاهد هنا هو قول النبي صلى الله عليه وسلم فيريهم دمه في حربته فهذه حربة حقيقية ولا يمكن القول أن هذا تعبير مجازي فهذه حجة واضحة لأصحاب القول الأول.
فأقول والله المستعان لا منافاة بين استخدام الأسلحة التقليدية مع الأسلحة الحديثة ولا يلزم من وجود الأسلحة التقليدية عدم وجود الأسلحة الحديثة .
والآن الواقع يشهد على ذالك فالمجاهدون الآن لا يستغنون عن الأسلحة التقليدية مهما توفر لديهم من أسلحة حديثة كما هو مشاهد فقد يضطرون إلى استخدام الأسلحة التقليدية إذا نفذت الذخيرة ويستخدمون كذالك الخيول والحمير وغير ذالك مما هو مشاهد فلا منافاة بين الاثنين .
والأمر الآخر في هذا الحديث هو لجوء عيسى عليه السلام إلى استخدام الحربة أوضح في الحجة على الناس وأشفى للصدور من مجرد القتل بالرصاص فهذا الذي ادعى الربوبية قد اهريق دمه ومات كما يموت الناس فتقوم الحجة بعد ذالك على جميع من فتن به والله اعلم .
هناك رواية أخرى عند عبد الرزاق عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لقيت ليلة أسري بي إبراهيم و موسى و عيسى قال : فتذاكروا أمر الساعة فردوا أمرهم إلى إبراهيم فقال : لا علم لي بها فردوا الأمر إلى موسى فقال : لا علم لي بها فردوا الأمر إلى عيسى فقال : أما وجبتها فلا يعلمها أحد إلا الله ، ذلك و فيما عهد إلي ربي عز وجل أن الدجال خارج ، قال : ومعي قضيبان فإذا رآني ذاب كما يذوب الرصاص ) .
والشاهد من الحديث هو قول المسيح عليه السلام فاخرج ومعي قضيبان فما هما هذان القضيبان الذان معه ؟ وما معنى القضيب ؟
في مختار الصحاح : القضيب الغصن وجمعه قضبان .
وفي القاموس المحيط : القضيب : الغصن جمع قضبان , واللطيف من السيوف , والقوس عملت من قضيب أو من غصن غير مشقوق والسيف القاطع .
هنا لنا أن نتساءل ما هما هذان القضيبان أهما سيفان أم قوسان أم أن هذا من باب المجاز فقط فهما أمران آخران من الأسلحة الحديثة التي نستعملها اليوم فهذا هو الأظهر خاصة وان الدجال يكون معه من التكنولوجيا والوسائل الحديثة الشئ المذهل كما بينت ذالك في الجزء الأول من هذا البحث , ومن المناسب أن يكون مع عيسى من المعجزات مما هو أعظم من الذي مع الدجال ليغلب مسيح الهدى مسيح الضلالة والله اعلم وعندما ينزل عيسى عليه السلام ستتبين كل هذه الأمور بإذن الله .
الحديث الثاني :
روى مسلم عن رسول الله صلى الله عليه و سلم : (سيوقد المسلمون من قسي يأجوج و مأجوج و نشابهم و أترستهم سبع سنين( .
ففي هذا الحديث دلالة واضحة لأصحاب القول الأول وهو أن هذه السهام التي يستخدمونها سيوقد المسلمون منها سبع سنين وهذا يدل على أنها فعلا أسلحة تقليدية مصنوعة من الخشب وإلا كيف سيوقدون منها النار سبع سنين ؟
وللإجابة على هذا السؤال لابد أن نقرر من هم يأجوج ومأجوج أولا ثم نحكم على المسالة .
هناك قولان لأهل العلم في هذه المسالة اذكرهما باختصار :
القول الأول :
وهو القول الأشهر الذي عليه الجمهور وهو أنهم عالم غير ظاهر للناس وان ذو القرنين بنى عليهم سدا فهم يحفرونه كل يوم حتى إذا أوشكوا أن يخرقوه يقولون سنعود غدا ولا يستثنون فيعيده الله كما كان حتى إذا أراد الله أن يأذن في خروجهم قالوا غدا نرجع إليه إن شاء الله فيجدونه كما كان فيخرقونه ويخرجون على الناس وهم من كل حدب ينسلون فيظهرون على الناس إلا على عيسى عليه السلام وأصحابه .
وعلى هذا القول فان يأجوج ومأجوج امة متأخرة ولا يعرفون عن حضارتنا شيئا فمن الطبيعي استخدامهم للقسي والتروس وما إلى ذالك من آلات الحرب التقليدية .
وهنا سوف يقول أصحاب القول الأول إذا كان عيسى عليه السلام يستخدم الأسلحة الحديثة فلماذا يحرز المؤمنين إلى الطور ولا يقاتلهم ؟
فإذا كان يستخدم هو ومن معه الأسلحة الحديثة فبإمكانه القضاء عليهم بكل سهولة وهذا سوف نأتي إليه إن شاء الله .
القول الثاني :
أن يأجوج ومأجوج أمم من الترك موجودة الآن في العالم ظاهرين للناس ومنهم المغول الذين اجتاحوا العالم الإسلامي أيام الدولة العباسية وقضوا عليها سنة 56 6 ه ومن هؤلاء سيد قطب رحمه الله ذكر ذالك في الظلال .
وكذالك ممن ذكر أن يأجوج ومأجوج هي أمم ظاهرة للناس اليوم الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله .
وآخر هذه الابحاث يقول أن يأجوج ومأجوج كلمتان صينيتان تنطق كما ننطقها في اللغة الصينية ومعناهما شعوب قارة آسيا وشعوب ارض الخيل .
وهذه الشعوب هم الدول المجاورة للصين واشتهرت بالإفساد في الأرض وبعضها اشتهر بركوب الخيل وشدة البأس في القتال والحروب وكان منهم المغول المشهورين بركوب الخيل وشدة البأس في القتال واستطاعوا إسقاط الدولة العباسية وكان شرهم مستطيرا أشبه بالخيال كما روى ذالك أهل التاريخ .
وأجاب أصحاب هذا لقول عن الأدلة التي ذكرها أصحاب القول الأول فالحديث الذي يذكر أنهم يحفرون السد كل يوم فهذا الحديث رواه احمد والترمذي ومتنه مخالف لصريح القران فالله تعالى قال ( فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا ) , فهذه الآية تدل دلالة واضحة بأنهم ما اسطاعوا أن يظهروه مع سهولة ذالك ولذالك عبر بلفظ فما اسطاعوا وكذالك لم يستطيعوا نقبه وهذا صريح في القران فالحديث على هذا ضعيف المتن .
قال ابن كثير رحمه الله متنه في رفعه نكارة لان ظاهر الآية يقتضي أنهم لم يتمكنوا من ارتقائه ولا من نقبه لإحكام بنائه وصلابته وشدته .
ويقول كذالك رحمه الله ويؤيد ما قلناه من أنهم لم يتمكنوا من نقبه ولا نقب شئ منه ومن نكارة هذا المرفوع ما رواه احمد والشيخان من حديث زينب بنت جحش رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فزعاً يقول: (لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه). وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها، قالت زينب بنت جحش : فقلت : يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: (نعم، إذا كثر الخبث ) انتهى كلام ابن كثير بتصرف .
وأما الحديث الذي جاء فيه أن يأجوج ومأجوج لن يموت الواحد منهم حتى يرى من ذريته ألفا فصاعدا فقد رواه الطبراني وقال فيه ابن كثير هذا حديث غريب , بل منكر ضعيف .
وهذا الحديث رواه غير الطبراني وصححه بعض أهل العلم قال ابن حجر واخرج عبد بن حميد بسند صحيح عن عبد الله بن سلام مثله. انتهى
لكن كما ذكر ابن كثير رحمه الله فان هذا الحديث من رواية عبد الله بن عمرو وهو مشهور عنه الأخذ من أهل الكتاب وكان له ز املتان يحدث منهما فلذالك الراجح انه أخذه من الزاملتين والله اعلم .
وعلى كل حال فان هذا القول له وجهه خاصة مع ضعف الأحاديث السابقة , ويأجوج ومأجوج بشر مثلنا يحتاجون الى مقومات الحياة مثلنا فكيف سيعيشون في الأرض معنا ولا نراهم خاصة الآن الأقمار الصناعية صورت الأرض كلها مكانا مكانا فهنا إما أن تقولوا أنهم يعيشون في الأرض مثلنا فنقول أين هم ؟ وإما أن تقولو أنهم يعيشون تحت الأرض فهذا مستحيل لا دليل عليه بل الأدلة ضدكم في هذا فان جئتم بدليل صحيح يدعم ما تقولون من القران أو السنة فعلى العين والرأس .
نعود الآن إلى المسالة الأساسية وبعد أن علمنا حقيقة يأجوج ومأجوج هنا نقول أوقات المهدي أوقات ملاحم وفتوحات ولا شك أن القتال والمعارك المتواصلة ستساهم في تبطئ الحضارة خاصة إذا عمت الأرض الفتن والحروب فقد يصل الناس إلى مرحلة شبه توقف للصناعات الحربية بسبب تواصل القتال ولكن لا يعني هذا زوال الحضارة بالكلية فيضطر الناس عندها إلى استخدام الأسلحة التقليدية خاصة أن عيسى عليه السلام عندما ينزل فانه سيواصل الملاحم كما ثبت في الأحاديث الصحيحة انه يقتل الخنزير ويكسر الصليب ويضع الجزية فلا يقبل إلا الإسلام أو القتل .
وجاء انه يمكث أربعين سنة عليه السلام فهذه الحروب المتواصلة لا شك أنها ستساهم في توقف عجلة النمو والتصنيع الحربي .
واضرب لكم مثالا واقعا على ذالك حتى تتضح المسالة ما وقع في صفين بين علي ومعاوية رضي الله عنهما قال ابن كثير رحمه الله وذكر غير واحد من علماء السير أنهم اقتتلوا بالرماح حتى تقصفت وبالنبال حتى فنيت وبالسيوف حتى تحطمت ثم صاروا أن تقاتلوا بالأيدي والرمي بالحجارة والتراب يعفرونه في الوجوه ثم تعاضوا بالأسنان فكان يقتتل الرجلان حتى يثخنا ثم يجلسان يستريحان وكل واحد منهما يهمز على الآخر ويهر عليه ثم يقومان يقتتلان كما كانا لا يمكن احدهما الفرار من الآخر فانا لله وإنا إليه راجعون , انتهى كلامه .
فانظر إلى هذه المعركة التي استمرت لأيام وقال بعضهم أنها استمرت أشهرا وقد قتل فيها سبعين ألفا من الفريقين والشاهد هنا تكسر السيوف والرماح وفناء النبال وغير ذالك حتى أصبحت المعركة بالأيدي بينهم وبحثو التراب !!
فهذا دليل واضح أن المعارك المتواصلة تؤدي إلى فناء الذخيرة وما إلى ذالك من الأسلحة فيضطر الناس إلى استخدام الأسلحة التقليدية بل وحتى الحجارة كما هو مشاهد اليوم في فلسطين وما حدث في صفين خير شاهد .
ومن الأدلة التي يدل ظاهرها على هذا القول :
1. عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ( لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ الرُّومُ بِالأَعْمَاقِ - أَوْ بِدَابِقَ - فَيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ جَيْشٌ مِنَ الْمَدِينَةِ مِنْ خِيَارِ أَهْلِ الأَرْضِ يَوْمَئِذٍ فَإِذَا تَصَافُّوا قَالَتِ الرُّومُ خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الَّذِينَ سَبَوْا مِنَّا نُقَاتِلْهُمْ. فَيَقُولُ الْمُسْلِمُونَ لاَ وَاللَّهِ لاَ نُخَلِّي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا ، فَيُقَاتِلُونَهُمْ فَيَنْهَزِمُ ثُلُثٌ لاَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَبَدًا وَيُقْتَلُ ثُلُثُهُمْ أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللَّهِ وَيَفْتَتِحُ الثُّلُثُ لاَ يُفْتَنُونَ أَبَدًا فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطُنْطِينِيَّةَ فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْغَنَائِمَ قَدْ عَلَّقُوا سُيُوفَهُمْ بِالزَّيْتُونِ إِذْ صَاحَ فِيهِمُ الشَّيْطَانُ إِنَّ الْمَسِيحَ قَدْ خَلَفَكُمْ فِي أَهْلِيكُمْ. فَيَخْرُجُونَ وَذَلِكَ بَاطِلٌ فَإِذَا جَاءُوا الشَّأْمَ خَرَجَ فَبَيْنَمَا هُمْ يُعِدُّونَ لِلْقِتَالِ يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ إِذْ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ فَأَمَّهُمْ فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ اللَّهِ ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ فَلَوْ تَرَكَهُ لاَنْذَابَ حَتَّى يَهْلِكَ وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ اللَّهُ بِيَدِهِ فَيُرِيهِمْ دَمَهُ فِي حَرْبَتِهِ ) . رواه مسلم ( 2897 ) .
الأعماق ودابق : موضعان بالشام .
وفي الحديث ذكر استعمال السيوف والحراب في القتال وذلك في آخر الزمان .
2. وعن ابن مسعود رضي الله عنه – في حديث عن زمان الدجال – قال : فَجَاءَهُمْ الصَّرِيخُ أنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَلَفَهُمْ فِي ذَرَارِيِّهِمْ فَيَرْفُضُونَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ وَيُقْبِلُونَ فَيَبْعَثُونَ عَشَرَةَ فَوَارِسَ طَلِيعَةً ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( إِنِّي لَأَعْرِفُ أَسْمَاءَهُمْ وَأَسْمَاءَ آبَائِهِمْ وَأَلْوَانَ خُيُولِهِمْ، هُمْ خَيْرُ فَوَارِسَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ ) أَوْ ( مِنْ خَيْرِ فَوَارِسَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ ) . رواه مسلم ( 2899 ) .
3. عن النَّوَّاسَ بْنَ سَمْعَانَ قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( سَيُوقِدُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ قِسِيِّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَنُشَّابِهِمْ وَأَتْرِسَتِهِمْ سَبْعَ سِنِينَ ) رواه الترمذي ( 2240 ) وابن ماجه ( 4076 ) ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .
( قِسي ) جمع قوس ، ( نشابهم ) هي السهام ، ( أترستهم ) جمع ترس .
قال الشيخ عمر سليمان الأشقر – حفظه الله – بعد أن ساق طائفة من الأحاديث في المسألة - : " وهذه الأحاديث وأحاديث مشابهة كثيرة تدل على أن هذه الحضارة الهائلة التي اخترعت هذه القوة الهائلة من القنابل والصواريخ ستتلاشى وتزول ، وأغلب الظن أنها ستدمر نفسها بنفسها ، وأن البشرية ستعود مرة أخرى إلى القتال على الخيول واستعمال الرماح والقسي ونحو ذلك ، والله أعلم " . انتهى من " القيامة الصغرى " ( ص 275 ) .
والذي نراه في المسألة إبقاء الأحاديث السابقة على ظاهرها دون التعرض لها بتأويل ، وأن القتال في آخر الزمان في تلك المعارك والحروب ستستعمل فيها الأسلحة ويركب فيها على الخيول ، لكن لا نجزم بزوال الحضارة الحالية بالكلية ؛ فهو شيء لم يُتعرض له في النصوص ، ومما يدل على ذلك أنه لا تزال تستعمل السيوف والخيول والبغال في معارك حالية مع بلوغ الحضارة مبلغاً عظيماً ، ونكون بهذا القول أثبتنا ما صح في الأحاديث ووكلنا علم الغيب فيما خفي لله تعالى ، وهذا أحوط لديننا ، وليس في المسألة كبير نفع من الناحية العملية فلا نرى الاشتغال بها فضلا عن الخصومة فيها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق