حديث المعراج
مقام رؤية المعبود جل وعلا
وهو مقام قاب قوسين أو أدنى. من كتاب الشيخ الاكبر سيدي محي الدين ابن عربي رضي الله عنه
لما كان ثمرةَ شجرة الكون، ودرةَ صدفة الوجود وسره، ومعنى كلمة (كن)، ولم تكن الشجرة مرادة لذاتها، وإنما كانت مرادة لثمرتها، فهي محمية محروسة لاجتناء ثمرتها، واستجلاء زهرتها.
فلما كان المراد عرض هذه الثمرة بين يدي مثمرها، وزفها إلى حضرة قربه، والطواف بها على ندمان حضرته، قيل له: يا يتيم أبي طالب، قم فإن لك طالبًا، قد ادخر لك مطالب، فأرسل إليه أخص خدام الملك، فلما ورد عليه قادما، وافاه على فراشه نائما، فقال له: يا جبريل؛ إلى أين؟ فقال: يا محمد؛ ارتفع الأين من البين، فإني لا أعرف في هذه النوبة أين؟ لكني رسول القدم، أرسلت إليك من جملة الخدم " وما نتنزل إلا بأمر ربك " قال: يا جبريل، فما الذي مراد مني؟ قال: أنت مراد الإرادة، ومقصود المشيئة، فالكل مرادٌ لأجلك، وأنت مراد لأجله، وأنت مختار الكون، أنت صفوة كأس الحب، أنت درة هذه الصدفة، أنت ثمرة هذه الشجرة، أنت شمس المعارف، أنت بدر اللطائف، ما مهدت الدار إلا لرفعة محلك، ما هيئ هذا الجمال إلا لوصلك، ما روق كأس المحبة إلا لشربك، فقم فإن الموائد لكرامتك ممدودة، والملأ الأعلى يتباشرون بقدومك عليهم، والكروبيون يتهللون بورودك إليهم، وقد نالهم شرف روحانيتك، فلا بد لهم من نصيب جسمانيتك، فشرّف عالم الملكوت كما شرفت عالم الملك، وشرف بوطء قدميك قمة السماء، كما شرفت بهما أديم البطحاء.
قال: يا جبريل؛ الكريم يدعوني فماذا يفعل بي؟ قال: ليغفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، قال: هذا لي؛ فما لعيالي وأطفالي؟ فإن شر الناس من أكل وحده، قال: {ولسوف يعطيك ربُّك فترضى}، قال: يا جبريل؛ الآن طاب قلبي، ها أنا ذاهبٌ إلى ربي، فقرب له البراق، فقال: مالي بهذا؟ قال: مركب العشاق، قال: أنا مركبي شوقي، وزادي توقي، ودليلي ليلي، أنا لا أصل إليه إلا به، ولا يدلني عليه إلا هو، وكيف يطيق حيوانٌ ضعيف أن يحمل من يحمل أثقال محبته؟ ورواسي معرفته؟ وأسرار أمانته التي عجزت عن حملها السموات والأرض والجبال؟.
وكيف تطبق أن تدل بي و أنت الحائر عند سدرة المنتهى , و قد انتهى إلى حضرة ليس لها منتهى , يا جبريل : أين أنت منى، ولي وقت لا يسعني فيه غير ربي؟ يا جبريل إذا كان محبوبي ليس كمثله شيء، فأنا لست كأحدكم، المركوب يقطع به المسافات، والدليل يستدل به إلى الجهات، وإنما ذلك محل المحدثات، وأنا حبيبي مقدس عن الجهات، منزه عن المحدثات، لا يوصل إليه بالحركات، ولا يستدل عليه بالإشارات، فمن عرف المعاني عرف ما أعاني، هلم إن قربي منه مثل قاب قوسين أو أدنى.
فوقعت هيئة الوقت على جبريل؛ فقال: يا محمد إنما جيء بي لأكون خادم دولتك، وصاحب حاشيتك، وجيء بالمركب إليك لإظهار كرامتك، لأن الملوك من عاداتهم إذا استزاروا حبيبا، أو استدعوا قريبا، وأرادوا ظهور كرامتهم واحترامهم أرسلوا أخص خدامهم، وأعز دوابهم لنقل أقدامهم، فجئناك على رسم عادة الملوك، وآداب السلوك، ومن اعتقد أنه سبحانه وتعالى يوصل إليه بالخُطا وقع في الخَطا، ومن ظن أنه محجوبٌ بالغطاء، فقد حرم العطاء.
يا محمد إن الملأ الأعلى في انتظارك، والجنان قد فتحت أبوابها، وزخرفت رحابها، وتزينت أترابها، وروق شرابها، كل ذلك فرحا بقدومك، وسرورا بورودك، والليلة ليلتك، والدولة دولتك، وأنا منذ خلقت منتظر هذه الليلة، وقد جعلتك الوسيلة في حاجة، قلَّت فيها حيلتي، وانقطعت وسيلتي، فأنا فيها حائر العقل، ذاهل الفكر، داهش السر، مشغول البال، زائد البلبال، يا محمد؛ حيرتي أوقفتني في ميادين أزله وأبده، فجلت في الميدان الأول فما وجدت له أول، وملت إلى الميدان الآخر، فإذا هو في الآخر أول، فطلبت رفيقا إلى ذلك الرفيق، فتلقاني ميكائيل في الطريق، فقال لي: إلى أين؟ الطريق مسدودة، والأبواب دونه مردودة، لا يوصل إليه بالأزمان المعدودة، ولا يوجد في الأماكن المحدودة، قلت: فما وقوفك في هذا المقام؟ قال: شغلني بمكاييل البحار، وإنزال الأمطار، وإرسالها في سائر الأقطار، فأعرف كم أجاجها مددا، وكم تقذف أمواجها زبدا، ولا أعرف للأحدية أمدا، ولا للفردية عددا.
قلت: فأين إسرافيل؟ قال: أدخل في مكتب التعليم، يصافح بصفحة وجهه اللوح المحفوظ، ويستنسخ منه ما هو مبروم ومنقوض، ثم يقرأ على صبيان التعليم في مثال: {ذلك تقدير العزيز العليم}.
ثم هو في زمن تعلمه لا يرفع رأسه حياءً من معلمه، فطرفه عن النظر مقصور، وقلبه عن الفكر محصور، فهو كذلك إلى يوم ينفخ في الصور.
قلت: فهلم نسأل العرش ونستهديه، ونستنسخ منه ما علمه ونستمليه، فلما سمع العرش ما نحن فيه، اهتز طربا، وقال: لاتحرك به لسانك، ولا تحدث به جَنانَك، فهذا سر لا يكشفه حجاب، وسِتر لا يفتح دونه باب، وسؤال ليس له جواب، ومن أنا في البين حتى أعرف له أين؟ وما أنا إلا مخلوق من حرفين، وبالأمس كنت لاأثر ولا عين.
من كان بالأمس عدما مفقودا، كيف يعرف رؤية من لم يزل موجودا، ولا والدا ولا مولودا، وهو سبقني بالاستواء، وقهرني بالاستيلاء، فلولا استواؤه لما استويت، ولولا استيلاؤه لما اهتديت.
استوى إلى السماء وهي دخان، واستوى على العرش لقيام البرهان، فوعزته لقد استوى، ولا علم لي بما استوى، وأنا والثرى بالقرب منه على حد سوى، فلا أحيط بما حوى، ولا أعرف ما زوى، ولكني عبد له؛ ولكل عبد ما نوى.
ثم إني أخبرك بقصتي، وأبث إليك شكوى غصتي، أقسم بعلي عزته، وقوي قدرته، لقد خلقني، وفي بحار أحديته غرقني، وفي بيداء أبديته حيرني، تارة يطلع من مطالع أبديته فينعشني، وتارة يدنيني من مواقف قربه فيؤنسني، وتارة يحتجب بحجاب عزته فيوحشني، وتارة يناجيني بمناجاة لطفه فيطربني، وتارة يواصلني بكاسات حبه فيسكرني، وكلما استعذبت من عربدة سكري قال لسان أحديته: {لن تراني}، فذبت من هيبته فرقا، وتمزقت من محبته قلقا، وصعقت عن تجلي عظمته كما خر موسى صعقا.
فلما أفقت من سكرة وجدي به قيل لي: أيها العاشق هذا جمال قد صناه، وحسن قد حجبناه، فلا ينظره إلا حبيب قد اصطفيناه، ويتيم قد ربيناه، فإذا سمعت: {سبحان الذي أسرى بعبده} فقف على طريق عروجه إلينا، وقدومه علينا، لعلك ترى من يرانا، وتفوز بمشاهدة من لم ينظر إلى سوانا.
يا محمد إذا كان العرش مشوقا إليك، فكيف لا أكون خادم يديك؟ قدم إليه مركبه الأول: وهو البراق إلى بيت المقدس؛ ثم المركب الثاني: وهو المعراج إلى سماء الدنيا، ثم المركب الثالث: وهو أجنحة الملائكة من سماء إلى سماء، وهكذا إلى السماء السابعة، ثم المركب الرابع: وهو جناح جبريل عليه السلام إلى سدرة المنتهى، فتخلف جبريل عليه السلام عندها، فقال: يا جبريل، نحن الليلة أضيافك، فكيف يتخلف المضيف عن ضيفه؟ أههنا يترك الخليل خليله؟ قال: يا محمد؛ أنت ضيف الكريم، ومدعو القديم، لو تقدمتُ الآن بقدر أنملة لاحترقت (وما منا إلا له مقامٌ معلوم) قال: يا جبريل؛ إذا كان كذلك ألك حاجة؟ قال: نعم؛ إذا انتهى بك إلى الحبيب حيث لا منتهى، وقيل لك: ها أنت وها أنا، فاذكرني عند ربك، ثم زج به جبريل عليه السلام زجة فخرق به سبعين ألف حجاب من نور.
ثم تلقاه المركب الخامس: وهو الرفرف من نور أخضر، قد سد ما بين الخافقين، فركبه حتى انتهى به إلى العرش، فتمسك العرش بأذياله، وناداه بلسان حاله، وقال: يا محمد، إلى متى تشرب من صفاء وقتك آمنا من معتكره؟ تارة يتشوق إليك حبيبك وينزل إلى سماء الدنيا، وتارة يطوف بك على ندمان حضرته، ويحملك على رفرف رأفته {سبحان الذي أسرى بعبده} وتارة يشهدك جمال أحاديثه {ما كذب الفؤاد ما رأى}، وتارة يشهدك جمال صمدانيته {ما زاغ البصر وما طغى} وتارة يطلعك على سرائر ملكوتيته {فأوحى إلى عبده ما أوحى} ، وتارة يدنيك من حضرة قربه {فكان قاب قوسين أو أدنى}.
يا محمد، هذا أوان الظمآن إليه، واللهفان عليه، والمتحير فيه، لا أدري من أي جهة آتيه، جعلني أعظم خلقه، فكنت أعظمهم وأشدهم خوفا منه، يا محمد، خلقني يوم خلقني فكنت أرعد من هيبة جلاله، فكتب على قائمتي: لا إله إلا الله، فازددت لهيبة اسمه ارتعادا وارتعاشا، فلما كتب علي: محمد رسول الله سكن لذلك قلقي، وهدأ روعي، فكان اسمك أمانا لقلبي، وطمأنينة لسري، ورقية لقلقي، فهذه بركة وضع اسمك علي، فكيف إذا وقع جميل نظرك إلي؟.
يا محمد، أنت المرسل رحمة للعالمين، ولا بد لي من نصيب في هذه الليلة، ونصيبي من ذلك أن تشهد لي بالبراءة من النار، مما نسبه إلي أهل الزور، وتقوله علي أهل الغرور، فإنه أخطأ في قوم فضلّوا وظنوا أني أسع من لا حد له، وأحمل من لا هيئة له، وأحيط بمن لا كيفية له.
يا محمد، من لا حد لذاته، ولا عد لصفاته، فكيف يكون مفتقرا إلي أو محمولا علي؟ فإذا كان الرحمن اسمه، والاستواء صفته ونعته، وصفته ونعته متصلان بذاته، فكيف يتصل بي أو ينفصل عني؟ ولا أنا منه ولا هو مني؟!!
يا محمد، وعزته لست بالقرب منه وصلا، ولا بالبعد عنه فصلا، ولا بالمطيق له حملا، ولا بالجامع له شملا، ولا بالواجد له مثلا، بل أوجدني من رحمته منة وفضلا، ولو محقني لكان فضلا منه وعدلا.
يا محمد، أنا محمول قدرته، ومعمول حكمته، فكيف يصح أن يكون الحامل محمولا؟ {فلا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا}.
فأجابه لسان حاله صلى الله عليه وسلم: أيها العرش، إليك عني؛ فأنا مشغول عنك، فلا تكدر علي صفوتي، ولا تشوش علي خلوتي، فما في الوقت سعة لعتابك، ولا محل لخطابك، فما أعاره صلى الله عليه وسلم طرفا، ولا قرأ من مسطور ما أوحى إليه حرفا {ما زاغ البصر}.
ثم قدم المركب السادس: وهو التأييد، فنودي من فوقه، ولم ير حافظك قدامك، ها أنت وربك، قال: فبقيت متحيرا، لا أعرف ما أقول، ولا أدري ما أفعل، إذ وقعت على شفتي قطرة أحلى من العسل، وأبرد من الثلج، وألين من الزبد، وأطيب ريحا من المسك، فصرت بذلك أعلم من جميع الأنبياء والرسل، فجرى على لساني: التحيات المباركات لله، الصلوات الطيبات لله، فأجبت: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، فأشركت إخواني الأنبياء فيما اختصصت به، فقلت: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أراد بهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ولهذا قيل لأبي بكر رضي الله عنه ليلة أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه رأى ربه، قال: صدق، وكنت معه متمسكا بأذياله، مشاركه في مقاله، قيل: كيف؟ قال: في قوله: السلام علينا، فأجابه الملائكة: أشهد ألا إله إلا الله، وأن محمدا رسوله، قال: ثم نوديت: ادْنُ يا محمدُ، فدنوت، ثم وقفت، وهو معنى عز وجل: {ثم دنا فتدلى}، وقيل: دنا محمد في السؤال، فتدلى، فتقدم للرب عز وجل، قيل: دنا بالشفاعة، وتقرب إلى الرب بالإجابة، وقيل: دنا بالخدمة، وتقرب للرب بالرحمة {ثم دنا فتدلى} معناه: دنا محمد من ربه فتدلى عليه الوحي من ربه، دنا لطافة، فتدلى عليه رأفة ورحمة، لا يوصف بقطع مفازة ولا مسافة، قد ذهب الأين من البين، وتلاشى الكيف واضمحل الأين، فكان قاب قوسين، فلو اقتصر على قاب قوسين لاحتمل أن يكون للرب مكان، وإنما قوله: {أو أدنى} لنفي المكان، وكان معه حيث لا مكان ولا زمان ولا أوان ولا أكوان.
فنودي: يا محمد، تقدم، فقال: يا رب، إذا انتفى الأين فأين أضع القدم؟ قال: ضع القدم على القدم، حتى يعلم الكل أني منزه عن الزمان والمكان والأكوان، وعن الليل وعن النهار، وعن الحدود والأقطار، وعن الحد والمقدار.
يا محمد، انظر، فنظر، فرأى نورا ساطعا، فقال: ما هذا النور؟ قيل: ليس هذا نورا، بل هو جنات الفردوس، لما ارتقيت صارت في مقابل قدميك، وما تحت قدميك فداء لقدميك، يا محمد، مبدأ قدمك منقطع أوهام الخلائق، يا محمد، ما دمت في سير الأين، جبريل دليلك، والبراق مركبك، فإذا ذهب المكان، وغبت عن الأكوان، وانتفى الأين، وارتفع البين من البين، ولم يبق إلا قاب قوسين، فأنا الآن دليلك.
يا محمد، أفتح لك الباب، وأرفع لك الحجاب، وأسمعك طيب الخطاب، في عالم الغيب وحدتني تحقيقا وإيمانا، فوحدني الآن في عالم الشهود مشاهدة وعيانا، فقال: أعوذ بعفوك من عقوبتك، فقيل: هذا لعصاة أمتك، ليس هذا حقيقة مدعي وحدتي، فقال: (لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك). فقال: يا محمد، إذا كلّ لسانك عن العبارة، فلأكسونه لسان الصدق،{وما ينطق عن الهوى} فإذا ضل عيانك عن الإشارة فلأجعلن عليك خلعة الهداية {ما زاغ البصر وما طغى} ثم لأعيرنك نورا تنظر به جمالي، وسمعا تسمع به كلامي، ثم أعرفك بلسان الحال معنى عز وجل علي، وحكمة نظرك إلي، فكأنه يقول مشيرا: يا محمد؛ {إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا} والشاهد مطالب بحقيقة ما شهد به، ولا يجوز له الشهادة على غائب، فأريك جنتي لتشاهد ما أعددته لأوليائي، وأريك ناري لتشاهد ما أعددته لأعدائي، ثم أشهدك جلالي، وأكشف لك عن جمالي، لتعلم أني منزه عن المثيل والشبيه والبديل والنظير والمشير وعن الحد و القد، وعن الحصر والعد، وعن الجوز والفرد، وعن المواصلة والمفاصلة، والمماثلة والمشاكلة، والمجالسة والملامسة، والمباينة والممازحة.
يا محمد، إني خلقت خلقي، ودعوتهم إلي، فاختلفوا علي، فقوم جعلوا العزير ابني، وأن يدي مغلولة، وهم اليهود، وقوم زعموا أن المسيح ابني، وأن لي زوجة وولدا، وهم النصارى، وقوم جعلوا لي شركاء وهم الوثنية، وقوم جعلوني صورة، وهم المجسمة، وقوم جعلوني محدودا، وهم المشبهة، وقوم جعلوني معدوما، وهم المعطلة، وقوم زعموا أني لا أرى في الآخرة، وهم المعتزلة، وها أنا قد فتحت لك بابي، ورفعت لك حجابي، فانظر يا حبيبي يا محمد، هل تجد في شيئا مما نسبوني إليه؟، فرآه صلى الله عليه وسلم بالنور الذي قواه به، وأيده به من غير إدراك ولا إحاطة فردا صمدا، لا في شيء، ولا على شيء، ولا قائما بشيء، ولا مفتقرا إلى شيء، ولا هيكلا ولا شبحا، ولا صورة ولا جسما، ولا محيزا ولا مكيفا، ولا مركبا {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}.
فلما كلمه شفاها، وشاهده كفاحا، فقال: يا حبيبي يا محمد، لا بد لهذا الخلق من سر لا يذاع، وزمن لا يشاع {فأوحى إلى عبده ما أوحى} فكان سر من سر في سر.
وصلّ الله وسلم وبارك على أشرف مخلوقاتك، سيدنا ومولانا محمد، بحر أنوارك، ومعدن أسرارك، ولسان حجتك، وإمام حضرتك، وعروس مملكتك، وطراز ملكك، وخزائن رحمتك، وطريق شريعتك، وسراج جنتك، وعين حقيقتك، المتلذذ بمشاهدتك، عين أعيان خلقك، المقتبس من نور ضيائك، صلاة تحل بها عقدتي، وتفرج بها كربتي، وتقضي بها أربي، وتبلغني بها طلبي، صلاة دائمة بدوامك، باقية ببقائك، قائمة بذاتك، صلاة ترضيك وترضيه، وترضى بها عنا يا رب العالمين. وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق