ان جماعة الأخوان المسلمين تظن نفسها شيئ اكبر من الوطن بل
اكبر من الدين نفسه . ان المتابع لتصريحات المرشد و نائبه و اعضاء مكتب
الأرشاد يوقن تماما اننا أمام جماعة عنصرية راديكالية لطالما وجدنا مثيلا
لها في كل فترات التاريخ و في كل ارجاء المعمورة . فقديما كانت هناك فرقة
الحشاشين و هي فرقة من احدي طوائف المذهب الاسماعيلي و التي انشقت عن
الفاطميين بعد ان اعترض مؤسسها حسن الصباح علي مبايعة المستعلي بالله كخليفة
بعد وفاة والده الخليفة الفاطمي المستنصر . و كان الصباح يؤيد مبايعة نزار
ابن المستنصر و اعلن ذلك علي الملأ مما ادي الي غضب حاشية المستنصر و علي
رأسها امير الجيوش الوزير بدر الجمالي و الذي قرر حبسه ثم ابعاده خارج مصر
بعد فترة غير قليلة في الحبس . من ثم اشتعلت في نفس حسن الصباح نار الحقد
علي الدولة الفاطمية كلها و بدأ في الدعوة الي مذهب جديد من مذاهب
الاسماعيلية و هو الاسماعيلية النزارية و تمر الايام ليكون جماعة او فرقة
مسلحة . نذرت تلك الفرقة و التي عرفت بأسم فرقة الحشاشين نفسها لتصفية كل
ملوك و امراء المسلمين في ذلك الوقت و كان يرأسها شخص يدعي حسن الصباح و
كان هذا الحسن الصباح يختطف الاطفال و يحتجزهم في قلعة كانت تسمي قلعة
ألموت . . و كان يربي هؤلاء الأطفال تربية خاصة حتي يشبوا قتلة محترفين .
فكان يدربهم علي فنون القتال و الكر و الفر و الفروسية و كل ما يتعلق بفنون
القتال. و كان خلال تدريباتهم يجبرهم علي تعاطي مخدر الحشيش و كان بعد ان
يتأكد من تخديرهم يضعهم في حدائق و جنات كانت تضمها القلعة و كانت تلك
الجنات مليئة بالنساء و الفتيات الحسان و كان يقنعهم بانهم حور العين
اللاتي سوف يجدونهم في جنات عدن في حال استشهادهم اثناء ما يطلب منهم من
مهام تخص سيدهم حسن الصباح و بالفعل بذل هؤلاء الصغار بعد ان وصلوا لسن
الشباب كل ما لديهم من جهد في سبيل ارضاء اميرهم حسن الصباح -و الذي اصبح
يلقب بشيخ الجبل- و كانوا يتبارون في الفوز بتكليفاته . ان التشابه هنا بين
فرقة الحشاشين و جماعة الاخوان المسلمين تشابه يكاد يكون متطابقا , فقد
كانت تعتمد فرقة الحشاشون علي الاغتيالات السياسية من اجل الوصول الي
اهدافها فقد اغتالوا الوزير السلجوقي نظام الملك في 485 هجري و قتلوا حاكم
حمص جناح الدولة سنة 486 هجري و كذلك قتلوا الفقيه الشافعي ابي جعفر النشار
سنة 498 هجري و الامير مودود بن التونتكين امير الموصل و كان رجلا فذا و
صاحب حملات عسكرية رائعة ضد الصليبيين و كان ممن مهدوا الطريق للاسرة
الزنكية وصولا حتي صلاح الدين لفتح القدس . و كذلك اغتالوا الخليفة العباسي
المسترشد بالله عام 529 هجري . وتمتد سلسلة اغتيالاتهم طويلا في تاريخ
العرب و المسلمين حتي يصلوا الي صلاح الدين الايوبي و الذين حاولوا قتله
ثلاث مرات حقدا منهم عليه لانه انهي وجود الدولة الفاطمية و ساقها الي
الزوال و بالطبع بائت كل محاولاتهم لقتل صلاح الدين بالفشل الذريع و كانت
بداية نهايتهم علي يديه ليكمل نهايتهم الظاهر بيبرس بعد نحو مائة عام من
وفاة صلاح الدين الايوبي .
اما جماعة الاخوان المسلمين فبدايتها كما نعلم علي يد مدرس
للخط العربي – لم يكن مدرس تربية دينية او حتي لغة عربية – من محافظة
البحيرة اسمه حسن البنا . و كان هذا الحسن البنا قد اشترك مع زميل له ازهري
يدعي احمد السكري في تكوين جمعية دينية الغرض منها هو محاربة الرذيلة و
نشر الوعي الديني عند الناس . . و بعد فترة يقرران انشاء جماعة الاخوان
المسلمين و يستبعد حسن البنا منها شريكه الشيخ احمد السكري في نذالة منقطعة
النظير و انتهازية فجة و ذلك عند حدوث اول اختلاف بينهم في وجهات النظر .
لينفرد حسن البنا بأدارة شئون الجماعة منفردا .. يعتمد حسن البنا علي
محدودي الثقافة و الجهلاء و الاميين كنواة اولي لجماعة الاخوان المسلمين , و
يلاحظ هنا انه منذ تلك اللحظة و حتي الأن سيكون الاعتماد علي محدودي
الموهبة و قليلي الكفاءة و منعدمي الثقافة هو التوجه الرئيسي في الطبقة
الادارية العليا لجماعة الاخوان المسلمين .. فلم نعهد فيهم شاعرا او كاتبا
او موسيقيا او مبدعا في ايا من فروع الفن و الأبداع . فكلهم من اشباه
المثقفين حتي من كان منهم استاذا جامعيا نجده علي درجة عالية من الضحالة و
السطحية و لنا في الدكتور محمد مرسي النموذج و المثل .
يبدأ حسن البنا نشاط جماعته بداية تملؤها الشبهات و تثير
الكثير من التساؤلات و تنثر حولها العشرات من علامات الأستفهام و التعجب .
حيث يتم استدعاء حسن البنا من قبل مدير عام شركه قناة السويس ليبلغه بتبرع
الشركة للجماعة بمبلغ 500 جنيه مساهمة منها- الشركة- في بناء المسجد الذي
سيكون مقر جماعة الأخوان المسلمين , و يقبل حسن البنا مبلغ التبرع بطيب
خاطر بل انه يرضخ لطلب مدير الشركة الاجنبي- في واقع الأمر ممثل الأحتلال-
بانه عليه ان يوقع طلبا مقدما منه لشركة قناة السويس- حسن البنا- يطلب فيه
من الشركه الموافقة علي منحه هذه الهبة . ما علينا بعد ذلك من ان حسن البنا
كان يتشدق بضرورة طرد الانجليز من مصر و ضرورة محاربتهم . و تسير الجماعة
في طريقها غير محددة الملامح فلا احد عاد يعرف ان كانت تلك الجماعة جماعة
سياسية ام دعوية . حيث سئل حسن البنا عن طبيعة جماعته فقال انها جماعة
ربانية خيرية دعوية اجتماعية سياسية اقتصادية رياضية . كان يستطيع حسن
البنا ان يلخص كل ما قاله من كلمات حبلي بالسجع بان يقول بأنها دولة
اسلامية داخل دولة لا اسلامية و لكن يبدو انه لم يشأ ان يقول ذلك من باب
التقية – و التي ستصبح فيما بعد من اهم سمات الأخوان- و حتي لا يصدم بذلك
التعريف من يود الأانضمام لها . و يضع حسن البنا اولي لبنات انشاء الدولة
الخاصة بجماعة الاخوان المسلمين , فيقرر انشاء ميليشيات عسكرية و بالفعل
يكلف احد اعضاء الجماعة و هو عبد الرحمن السندي بأنشاء التنظيم الخاص و هو
التنظيم الذي كان الغرض المعلن منه هو طرد الأستعمار من مصر لكنه في واقع
الامر كان هدفه هو القيام بالأغتيالات السياسية للقادة السياسيين من اجل
الوصول بجماعة الأخوان الي هدفها الاسمي و هو انشاء دولة الخلافة الأسلامية
و الوصول الي استاذية العالم . هذان الهدفان لن يمكن الوصول اليهما باي
حال من الأحوال دون وجود جناح عسكري يستخدم في عمليات من شأنها بث الرعب و
الخوف في النفوس و زرع فكرة استحالة الأنتصار علي الجماعة باي طريقة كانت .
و بالفعل يقوم التنظيم الخاص بعدة اغتيالات هزت الرأي العام المصري في
وقتها .. فقد اغتالوا احمد ماهر باشا و النقراشي باشا و القاضي احمد
الخازندار و قاموا بعمل تفجير كبير امام احدي محاكم القاهرة راح ضحيته
العديد من الأبرياء الذين تصادف مرورهم اثناء التفجير . و تبدأ بعدها
ملاحقات قانونية لأعضاء الجماعة و يغتال حسن البنا نفسه و لا احد يعلم حتي
الان ان كان اغتياله بيد الاخوان نفسهم ام لا بسبب تملصه من انه كلف
تنظيمهم الخاص بتلك الأغتيالات . و من المفارقات ان عبد الرحمن السندي و
الذي فصل من الاخوان المسلمين بعد ان انكر حسن البنا بانه كلفه بأي عمليات
اغتيال يقوم بتشكيل تنظيم خاص به هو شخصيا بعد ذلك و يقوم هو و اتباعة
بأحتلال مقر الجماعة و اهانة المرشد الجديد و هو حسن الهضيبي بل و يقتل سيد
فايز – و هو واحد من قيادات التنظيم الخاص و احد المشجعين علي فصل عبد
الرحمن السندي—بعلة حلوي مفخخة . و كانت الطامة الكبري و هي محاولة اغتيال
جمال عبد الناصر و التي ادت الي انزواء للاخوان المسلمين علي اثرها لعدة
عقود تاهوا خلالها في غياهب السجون ليعودوا بعدها و قد انبثقت منهم عدة
جماعات اسلامية تكفيرية مثل جماعة التكفير و الهجرة و التي اغتالت الشيخ
الذهبي رحمة الله عليه و جماعة الجهاد و التي اغتالت العديد من الشخصيات
الهامة كالمفكر فرج فودة و الدكتور رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب و محاولة
اغتيال الروائي الاشهر في مصر الاستاذ نجيب محفوظ و اغتالت الرئيس محمد
انور السادات و عشرات من جنود وضباط الشرطة في اسيوط . و اصبحنا نسمع اسماء
القتلة بل و اصبحنا نتداول تلك الاسماء كنجوم الفن و السينما امثال شكري
احمد مصطفي و خالد الاسلامبولي و طارق الزمر و عبود الزمر و عاصم عبد
الماجد و غيرهم من نجوم الجريمة الدينية .
اعتقد ان التشابه واضح جدا بين الفرقتين , فالفرقتين تتخذان
العنف منهاجا و سبيلا للتمكين و القتل بدم بارد هو السمة المميزة لكلا
الفرقتين كذلك الاحساس بالتفرد في العقيدة و ان ما تعتقده الفرقة هو الحق و
ما يعتقده الاخرون هو الباطل و من ثم فالاخرون هم الكفار و الفئة الباغية
الضالة عن سبيل الحق و من ثم فقتالهم بل قتلهم واجب شرعي . يتشابه ايضا
قادة الفرقتين في ان محركهم الاول هو الدافع السياسي لا الديني , فحسن
الصباح كان اعتراضه علي مبايعة المستعلي و كان يبغي ان يبايع نزار اما حسن
البنا فكان يحاول ان يحوز علي ثقة القصر و الملك و بالفعل نجح في ذلك و لكن
الملك اكتشف بمرور الوقت ان حسن البنا اصبح يمثل عبئا سياسيا عليه فبدأ في
ابعاده عن القصر مما ادي الي ان أمتلأ صدره حقدا من الدولة المصرية ككل و
بدأت الضلالات السمعية و البصرية له في ان توهمه بأنه بالفعل اصبح دولة فوق
الدولة فيدأ في تحدي رؤساء الوزارات لدرجة ان النقراشي باشا اصدر قرارا
بأنهاء و حظر ما يسمي بجماعة الأخوان المسلمين و مصادرة اموالها و من ثم
قرر ان يغتال النقراشي باشا .
السؤال الاهم هنا هل سيصل التشايه بين جماعة الاخوان المسلمين و فرقة الحشاشين حتي في النهاية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق