الخميس، 1 أغسطس 2013

المسبحة بين البدعة السيئة والبدعة الحسنة

وإنَّ من بلايا المُبْتَدَعِة قَرْنِ الشيطانِ إنكارُهم حَمْلَ المِسْبَحَةِ التي استُعْمِلَتْ ولم ينكِرْها المُسلِمونَ سَلَفاً وخَلَفاً قائلين إن المِسبحةَ هي بِدْعَةٌ سيئةٌ والعياذُ باللـه .
وهذا مُخْتَصَرٌ نقلناه عن بعضِ العلماءِ
عن سعدِ بنِ أبي وَقَّاصٍ: «أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ رَسُولِ اللـه صَلَّى اللـه عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَلَى امْرَأَةٍ وَبَيْنَ يَدَيْهَا نَوىً أَوْ حَصَى تُسَبِّحُ بِهِ فَقَالَ: أُخْبِرُكِ بِمَا هُوَ أَيْسَرُ عَلَيْكِ مِنْ هَذَا أَوْ أَفْضَلُ، سُبْحَانَ اللـه عَدَدَ مَا خَلَقَ فِي السَّمَاءِ، وَسُبْحَانَ اللـه عَدَدَ مَا خَلَقَ فِي الأَرْضِ، وَسُبْحَانَ اللـه عَدَدَ مَا بَيْنَ ذَلِكَ، وَسُبْحَانَ اللـه عَدَدَ مَا هُوَ خَالِقٌ، وَاللـه أَكْبَرُ مِثْلُ ذَلِكَ، وَالحَمْدُ لِلَّهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللـه مِثْلَ ذَلِكَ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللـه مِثْلَ ذَلِكَ» رواه أبو داودَ. وقد أَخْرَجَهُ أيضاً النَّسائِيُّ وابنُ ماجَةَ وابنُ حِبَّانٍ والحاكِمُ وصَحَّحَهُ
وعن صَفِيَّةَ قالت: «دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللـه صَلَّى اللـه عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ يَدَيَّ أَرْبَعَةُ آلاَفِ نَوَاةٍ أُسَبِّحُ بِهَا فَقَالَ: لَقَدْ سَبَّحْتِ بِهَذَا، أَلاَّ أُعَلِمُكِ بِأَكْثَرَ مِمَّا سَبَّحْتِ بِهِ؟ فَقَالَتْ: عَلِّمْنِي، فَقَالَ قُولِي: سُبْحَانَ اللـه عَدَدَ خَلْقِهِ» أَخْرَجَهُ أيضاً الحاكِمُ وصَحَّحَهُ السُّيوطِيُّ.
والحديثانِ يدلانِ على جوازِ عدِّ التسبيحِ بالنَّوى والحَصَى وكذا بالسُّبْحَةِ لِعَدَمِ الفارِقِ لِتَقْرِيرِهِ صلى اللـه عليهِ وسلمَ للمرأتينِ على ذلك. وعَدَمِ إنكارِهِ والإرشادُ إلى ما هو أفضلُ لا ينافي الجوازَ وقد وَرَدَتْ بذلك آثارٌ ففي جزءِ هلالٍ الحفَّارِ من طريقِ مُعْتَمِرِ بنِ سليمانَ عن أبي صَفية مولى النبيِّ صلى اللـه عليهِ وسلَّمَ أنه كان يُوضَعُ له نِطَعٌ ويُجَاءُ بزِنْبِيْلٍ فيه حَصىً فَيُسَبِّحُ به إلى نِصْفِ النَّهارِ ثم يُرْفَعُ فإذا صلَّى أُتِىَ به فَيُسَبِّحُ حتى يُمْسِيَ وأَخْرَجَهُ الإمامُ أحمدُ في الزُّهْدِ قال حَدَّثَنا عبدُ الواحِدِ بنُ زيادٍ عن يونُسَ بنِ عُبَيْدٍ عن أمِّهِ قالت رأيتُ أبا صَفِيَّةَ رجلاً من أصحابِ النبيِّ صلى اللـه عليه وسلمَ وكان خازِناً قالت فكان يُسَبِّحُ بالحَصَى وأَخْرَجَ ابنُ سَعْدٍ عن حكيمٍ بن الدَّيْلَمِيِّ أن سَعْدَ بنَ أبي وَقَّاصٍ كان يُسَبِّحُ بالحَصَى وروى ابنُ سَعْدٍ في الطَّبَقَاتِ عن فاطمةَ بنتِ الحسينِ بنِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ أنها كانت تُسَبِّحُ بخيطٍ معقودٍ فيها. وأَخْرَجَ عبدُ اللـه بنُ الإمامِ أحمدَ في زوائِدِ الزُّهْدِ عن أبي هُرَيْرَةَ أنه كان له خَيْطٌ فيه ألفا عُقْدَةٍ فلا ينامُ حتى يُسَبِّحُ. وأَخْرَجَ أحمدُ في الزُّهْدِ عن القاسِمِ بنِ عبدِ الرحمنِ قال كان لأبي الدَّرْدَاءِ نَوىً من العَجْوَةِ في كِيسٍ فكان إذا صَلَّى الغَداةَ أَخْرَجَهَا واحِدَةً واحِدَةً يُسَبِّحُ بهن حتى يُنْفِذَهُنَّ وأَخْرَجَ ابنُ سَعْدٍ عن أبي هريرةَ أنه كان يُسَبِّحُ بالنَّوى المجموعِ. وأَخْرَجَ الدَّيْلَمِيُّ في مُسْنَدِ الفِرْدَوْسِ من طريقِ زينبَ بنتِ سليمانَ بنِ عليٍّ عن أمِّ الحسنِ بنتِ جعفرٍ عن أبيها عن جَدِّها عن عليٍّ رَضِيَ اللـه عنه مَرْفوعاً نِعْمَ المُذَكِّرُ السُّبْحَةُ. وقد ساق السُّيوطِيُّ آثاراً في الجزءِ الذي سماهُ المِنْحَةُ في السُّبْحَةِ وهو من جُمْلَةِ كتابِهِ المجموعِ في الفتاوى وقال في آخرِهِ ولم يُنْقَلْ عن أَحَدٍ من السَّلَفِ ولا من الخَلَفِ المَنْعُ من جَوَازِ عدِّ الذِّكْرِ بالسُّبْحَةِ بل كان أكثرُهُم يعُدُّونَهُ بها ولا يَرَوْنَ ذلك مكروهاً انتهى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق