أسباب عناية الإسلام بالتربية الجنسية
لقد كان اهتمام الإسلام بالتربية الجنسية، لأن العاطفة الجنسية مظهر إنساني يؤثر في سلوك الإنسان، فكان لا بد من أن يتناوله التهذيب مع عدم البعد عن الحقيقة، ولذلك فالسلبية المطلقة والرد على تساؤلات النشء عن هذه العاطفة بقولنا: (عيب .. لا يصح)، طريقة غير سليمة في إفهامهم هذه النواحي الجنسية الطبيعية.
وفي ذلك يقول الأستاذ أحمد عبد اللطيف بدر ]في كتابه (العاطفة الجنسية في ضوء الدين والعلم) ص 40[:
(ونحن نترك أبناءنا يتيهون فيما لا يشعرون به في دور البلوغ من اختلاف جسمي وعقلي ونفسي، ونتركهم للطبيعة، وانحرافهم راجع إلى إهمالهم وعدم اللباقة في وقوفهم على حقائق واضحة، فحين يجد الناشئ نفسه قد أفرز في حلمه وهولم يألف ذلك يخشى أن يصارح أباه في أمره، وكذلك البنت، ويتلقى كلاهما من المحيط الخارجي في صورة مشوهة ما يدور حول الناحية الجنسية وبذلك يكون الانحراف!! إن واجب كل أم أن تُعَرِّفَ ابنتها حقيقة العاطفة الجنسية من أنها شئ طبيعي يراد به حفظ النوع، ولها في الحيوان الأليف في البيت ما يذلل لها الصعوبة) انتهى.
ويقول أيضَا ]في ص 23 من نفس الكتاب[:
)وتربية الغريزة في دور البلوغ تحتاج إلى حسن القيادة وجمال التصرف، فإن محاصرة البالغين والبالغات، والأخذ بالعنف في تقبيح نداء الغريزة يولِّد شعورًا خفيًّا بأن المباشرة الجنسية شيئًا غريبًا مستكرهًا بعيدًا عن الإنسانية، وقد يضل كثير من الأبناء والبنات لعدم التوجيه السديد، وفي أوائل البلوغ تميل الأنثى إلى النوم كثيرًا، ويغرق الذكر في أحلامه، ويغيب عما حوله، ويريد التنفيس عما يلاقي من مظهر غريب عنه لم يألفه، وبخاصة حين يفرز في نومه المادة المنوية، ويخيل إليه أنه فريد في ظاهرته، فالواجب على الأم أن تعرِّف ابنتها كل ما يتصل بالحياة الجنسية في صراحة مع التحفظ وعدم التنزل والابتذال كما يفعل الكاتبون الذين يكشفون ليثيروا لا ليفيدوا(.
هذا إلى أن الجهل بالتربية الجنسية يؤدي إلى ارتكاب مخالفات شرعية يقع فيها المرء وهو يظن أنه على صواب مثل:
· قد يمس الرجل ذكره بباطن كفه، أو المرأة باطن فرجا فيبطل الوضوء من كل منهما وهما لا يشعران.
· كم من فتاة اغتسلت بعد الطهر من المحيض بدون رفع موانع الحيض، وبدون احترام لشرائط الغسل وفرائضه، إنما أفرغت الماء على نفسها مصحوبًا بعقاقير وعطر وشبهه، لأنها كانت تعتقد أن النية والشروط والفرائض تخص المتزوجات.
· وكم من ملامسات سطحية وقعت بعد مراكنة الخطيبين لبعضهما وقبل العقد الشرعي، وهما يحسبان أن الخطبة (بكسر الخاء) عقد. وقد أدت تلك الملامسات إلى حمل غير شرعي، والطب يثبت الحمل بمثل هذه الملامسات.
ولهذا يقول الدكتور عبد الرحمن طالب الجزائري ]في كتابه (التربية الجنسية في الإسلام) ص 213[:
)لقد دلت الدراسات عن المراهقين من الفتيان دلالة واضحة على أن فترة المراهقة هي فترة رغبات جنسية قوية. وقد ثبت أن ما يزيد على 95% من المراهقين الذكور في المجتمع الأمريكي يكونون فعالين جنسيًا حين بلوغهم الخامسة عشر من العمر. وفي هذا دليل على الحاجة الكبرى للتربية الجنسية. ذلك بأن المراهق بحاجة لمساعدته فيما خص مشكلاته الجنسية، وفي إمكان المدرسة والبيت أن يساعدا المراهق كثيرًا في هذا الخصوص( انتهى.
تربية الأطفال جنسياً
ويراعى فيها أن تواكب مراحل نموهم وتتلخص فيما يلي:
أولاً - ستر العورة:
فالمطلوب من الآباء أن يربوا أولادهم منذ الصغر على تغطية عوراتهم حتى ينشأوا على الحياء والحشمية. وعورة الصغار اختلف فيها رجال المذاهب:
فالشافعية شدَّدوا وجعلوا عورة الصغير ولو غير مميز كالرجل، ما بين السرة والركبة.
والمالكية خفَّفوا فجعلوا ابن ثماني سنوات لا عورة له، فجوَّزوا النظر إلى جميع بدنه، وتغسيله ميتًا، وكذا بنت ثلاث سنوات وثمانية أشهر لا عورة لها، ولكن بنت ثلاث سنوات لها عورة بالنسبة للمس، فليس للرجل أن يغسلها، أما بنت ست سنوات فهي كالمرأة.
أما الحنابلة والأحناف فإنهم توسَّطوا في قضية عورة الأطفال بالنسبة للنظر والصلاة.
ثانيًا - التفرقة بينهم في المضاجع:
فالشرع يطلب أن يفرق الأبوان بين أبنائهم وبناتهم في النوم إذا ما بلغوا عشر سنين، وذلك فيما رواه الإمامان الحاكم وأبو داود بسنديهما عن النبي صل الله عليه وسلم أنه قال: (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع).
قال السيد عبد الله علوان معلقًا على هذا الحديث: (فيؤخذ من هذا النص أن الآباء والأمهات مأمورون شرعاً بأن يفرقوا بين أبنائهم في المضجع إذا بلغوا سن العاشرة مخافة إن اختلطوا في فراش - وهم في سن المراهقة أو ما يقاربها - أن يروا من عورات بعضهم البعض في حال النوم أو في اليقظة ما يثيرهم جنسيًا أو يفسدهم خلقيًا) انتهى.
وفي صحيح البخاري:
(أن النبي صل الله عليه وسلم أردف الفضل بن العباس رضى الله عنهما ما يوم النحر خلفه، وكان الفضل قد ناهز البلوغ، فطفق الفضل ينظر إلى امرأة وضيئة من خثعم، كانت تسأل النبي صل الله عليه وسلم عن أمور دينها، فأخذ النبي صل الله عليه وسلم بذقن الفضل، فحوَّل وَجْهَهُ عن النظر إليها). وفي رواية الإمام الترمذي: (أن العباس قال للرسول صل الله عليه وسلم : لويت عنق ابن عمك؟ فقال صل الله عليه وسلم : رأيت شاباً وشابة فلم آمن عليهما الفتنة).
وهذا الحديث وشبهه كثير في السنة، ويؤخذ منه اهتمام الرسول صل الله عليه وسلم بأخلاق المراهقين والشباب حتى يربوا وينشئوا تنشئة حسنة إسلامية.
ثالثًا - تعليم الأولاد أحكام المراهقة:
يدعو الإسلام المربين إلى مصارحة من هم تحت تربيتهم ووصايتهم، بكل ما له علاقة بالأحكام الشرعية المتصلة بالجنس، وعلاقات البلوغ مثل الحيضٌ، والإستحاضة والحملٌ، وخروجُ منيٍّ والمذى وإنبات شعر العانة، وبالطبع يبدأون بعلامات البلوغ وهي المشار إليها في المرشد المعين بقوله:
وكل تكليف بشرط العقل مع البلوغ بدم أو حمــل
أو بمنيّ أو بإنبات شـعر أو بثمان عشرة حولاً ظهر
رابعًا - تجنيب الأبناء الإثارات الجنسية:
وهذا باب فى غاية الأهمية فقد فتحت أبواب الإثارة الجنسية على مصراعيها فى هذا العصر ، ونذكر منها على سبيل الشهرة لا الحصر فمنها:
1. الأنترنت وموقع الإباحيات والخلاعة والفجور التى لاتعد ولا تحصى، ووسائل العرض المختلفة من أجهزة الكمبيوتر والهواتف النقالة وغيرها من الأجهزة الصغيرة الحجم السهلة التدوال والمتطورة بما يشمل الوسائل الحديثة للتواصل الإجتماعى من التشات والمحدثة المصورة على الإنترنت حيث قلت التكلفة وانعدمت الرقابة وانفتحت السماوات.
2. أفلام الخلاعة التي تعرض في السينما أو على شاشة التليفزيون قادمة من الفضائيات وقنوات الأغانى والكليبات والتسويق وقنوات الفجور العلنى وتلك الأفلام التي تتكلم عن الجنس لا لغرض تربوي شرعي، وإنما للإثارة.
3. الصور العارية المصورة والمعروضة في أندية السياحة والأندية عموما ودور بيع الصحف وحتى على الأوراق البريدية وطوابعها.
4. الجرائد والمجلات التي تعرض الجمال الجسمي والألبسة الداخلية، والتى تظهر من خلالها المفاتن الجسدية، ناهيك عن المجلات الإباحية الجنسية المعروفة والمنتشرة وأيضاً المجلات الإجتماعية وأخبار الفن وغيرها.
5. الكتيبات التي ترسم الأعضاء التناسلية وتصورها، ووتشرح جميع الأفعال المخلة بالحياء والتى تشمل بعضها أيضا الشذوذ، والتي توجد بالمكتبات وحتى على الأرصفة وبالأكشاك، والتي تعرض أحيانًا جهرًا بلا خجل ولا حياء ، وطورًا في الظلام وفي الخفاء.
6. قصص وسلاسل المطبوعات وروايات الخلاعة التي تصور العشق والمجون، وتدعو للإثارة والرذيلة وترك القيم والآداب الإسلامية.
7. الاختلاط مع الأشرار المائعين المنحرفين من الجنسين الذين انتشروا فى كل حدب وصوب، وقد قال في ذلك الشاعر:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكلُّ قَرِينٍ بالمقارن يقتــدي
8. الإحتكاك بالنساء لا سيما في المواصلات العامة، أو الحضور معهن في الحفلات المختلطة.
خامساً :تعليم أدب الدخول على النساء والإستئذان على الوالدين
والله تعالى قد أباح للطفل أن يحضر مع النساء فيما إذا لم يكن يفرق بين المرأة الجميلة والدميمة لقول الله تعالى: } أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء { [31- النور].
يقول ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: (يعني لصغرهم لا يفهمون أحوال النساء وعوراتهن من كلامهن الرخيم، وتعطفهن في المشية، وحركاتهن وسكناتهن، فإذا كان الطفل صغيرًا لا يفهم ذلك فلا بأس بدخوله على النساء، أما إذا كان مراهقًا أو قريبًا من المراهقين بحيث يعرف ذلك ويدريه، ويفرق بين الشوهاء والحسناء فلا يُمََكَّنْ من الدخول على النساء). وقد ثبت في الصحيحين عن سيدنا رسول الله صل الله عليه وسلم أنه قال: ( إياكم والدخول على النساء، قيل يا رسول الله، أَفَرَأَيْتَ الحَمْوَ - أي قريب الزوج؟ قال: الحَمْوُ المَوْتُ ).
وهؤلاء الأطفال - وإن سمح لهم الشرع بالدخول على أهليهم، والدخول عليهم بدون استئذان - فإنه حذرهم وألزمهم الإستئذان حتى على الآباء في أوقات ثلاثة، فقال جلَّ شأنه: } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاء ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم { [58- النور]. ففي هذه الأوقات الثلاثة لابد أن يستأذن الخدم والأطفال على آبائهم وأهليهم حتى لا تقع أعينهم على عورات مكشوفة.
والأوقات التي يجب الاستئذان فيها هي: حين يكون الناس عادة في لباس النوم، ووقت القيلولة حين يتخفف المرتاحون من الثياب الثقيلة الضيقة، وما بعد العشاء حين يتهيأ الرجال والنساء للنوم والاستراحة.
والاستئذان قبل الدخول هنا يتناول الذكور والإناث معاً، ويجب الاستئذان أيضًا على إناث الأطفال في العورات الثلاث، أما البالغات منهن ففي غير هذه الأوقات أيضًا، وهذا أمر بديهي.
علاج الإسلام للزنى
الزنا عادة سيئة قديمة تحدث بين الرجال والنساء، فتؤدي إلى اختلاط الأنساب، وهتك الأعراض، وإذهاب العفة والفضيلة. وحديثنا عن الزنا يشمل اللواط والسحاق أيضًا لأنهما من هذا الباب، بل إن التحريض على الفحشاء بجميع أنواعها من الزنا، لأن الدال على الشئ كفاعله.
والله تعالى لما حرَّم الزنا حرَّم كذلك مقدماته فقال: } وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً { ] 32- الإسراء].
وأما اللواط وهو إتيان الذكر للذكر فقد ذكره الله تعالى في قصة لوط عليه السلام، فقال فى [80، 81- الأعراف]:
} وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ. إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ {
وأما السحاق أو المساحقة - التي تسمى بلغة العصر (الملامسة السطحية وتحدث بين النساء ) ، فهي محرمة باتفاق العلماء لقوله صل الله عليه وسلم :
(وَلاَ تُفْضِي الْمَرْأَةُ إِلَى الْمَرْأَةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ)[1]
أسباب إنتشار الآفات الجنسية فى المجتمع
وأسباب هذه الآفات أو الأمراض كما وضحتها الشريعة كما يلي:
1. الاختلاء بالمرأة الأجنبية: أي مجالستها في مكان مغلق بدون محرم، وقد إنتشر التهاون فى هذا الأمر وكم نتج عنه من المصائب بين الخاطبين وزملاء الجامعة والجيران والأقارب بلا وازع ولا ضابط!! ولقد نهى رسول الله صل الله عليه وسلم عن ذلك نهيًا قاطعًا في عدة أحاديث منها قوله:
(لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم).
2. النظر المحرم إلى محاسن المرأة بأى وسيلة كانت: وقد منع الإسلام عن النظر إلى محاسن المرأة ومفاتنها وزينتها في عدة آيات قرآنية، منها قوله تعالى: } قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ { [30، 31- النور]. وقد أشار إليها الرسول صل الله عليه وسلم في قوله: (ما من مسلم ينظر إلى محاسن امرأة، ثم يغض بصره إلا أحدث الله له عبادة يجد حلاوتها في قلبه).
والنظر محرَّم على الرجال والنساء على حد سواء، وعمى أحد الجنسين لا يسمح للطرف الآخر برفع بصره للنظر فيه، وفي حديث أم سلمة رضى الله عنها ما يدل على ذلك حيث قالت:
(كنت عند رسول الله صل الله عليه وسلم ، وعنده ميمونه، فأقبل ابن أم مكتوم، وذلك بعد أن أمرنا بالحجاب، فقال النبي صل الله عليه وسلم : احتجبا منه، فقلنا: يا رسول الله، أليس هو أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا؟ فقال النبي صل الله عليه وسلم : أفعمياوان أنتما؟ ألستما تبصرانه؟).
3. الاستماع إلى صوت المرأة المرخم: لأن صوت المرأة في حد ذاته ليس بعورة، بدليل أنها يجوز التعليم والتعلم، والبيع والشراء، وأداء الشهادة، والإعلان عن الجرح والتعديل. وقد باشرت الصحابيات رضوان الله عليهن مثل هذه الأعمال في العصر النبوي وعصر الخلفاء الراشدين، وإنما الممنوع الصوت المرخَّم الذي يحدث شهوة وطمعًا عند الرجال.
وفي القرآن الكريم تربية واضحة للنساء عند مخاطبتهن الرجال حيث قال جل شأنه: } فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفًا { [32- الأحزاب]. فالخضوع بالقول: ترقيقه وترخيمه. والقول المعروف: الكلام الحسن العفيف الذي لا لين فيه ولا تكسير.
وقد بين القرآن تربية أخرى للنساء اللائي يحدثن صوتًا بسبب احتكاك حليهن: الخلاخل، أو القلائد والأساور وشبهها قرب الرجل، لأن السماع كالنظر، فالكل يحدث إثارة جنسية، قال تعالى:
} وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ { [ النور: 31]
قال ابن عباس رضى الله عنه ما في هذه الآية:
(كانت المرأة تمرُّ بالناس فتضرب برجلها لتُسمع صوت خلخالها، فنهى الله عن ذلك لأنه من عمل الشيطان).
4. شم أنفاس المرأة واستنشاق عطرها الذي تعطرت به: فأما شم أنفاسها فيحدث عند الاقتراب منها، والاحتكاك بها، وهذه الأنفاس مثيرة للجنس ولو لم تكن مشوبة بعطر، ولا يمكن التحرز من هذه الأنفاس إلا بالابتعاد، ولذلك أورد ابن الحاج في المدخل حديث:
(باعدوا أنفاس النساء وأنفاس الرجال).
وأما استنشاق عطر الأجنبية فقد ورد فيه قوله صل الله عليه وسلم فى صحيح بن حبان عن أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه :
{ أَيُّمَا امْرَأةٍ استَعْطَرتْ، فَمَرَّتْ على قَوْمٍ لِيَجِدُوا رِيحَها فهي زَانِيَةٌ، وكُلُّ عَيْنٍ زَانِيَةٌ }
5. لمس أعضائها بالمباشرة الجسدية أو التقبيل أو المصافحة، وقد ورد في ذلك قوله صل الله عليه وسلم : (لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له).
6. نقص التربية متمثلاُ فى قلة المروءة من طرف الزناة: لأن المزني بها هي ابنة أخ مسلم أو زوجته، أو أخته، أو أمه، أو إحدى عماته أو خالاته.ولا يرضى الزاني مهما كان متسيِّباً أن تهتك حرماته بالزنى، ولا يقبل أن يُمس في شرفه، وشرف حرمه وأسرته. فلو استعمل الزاني عقله مليًّا لما ارتكب فاحشة الزنا!!! وفي الحديث عن أبي أمامة أن فتىً شابًا أتى النبي r فقال:
{ يا رسول الله إئذن لي في الزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مه مه، فقالصل الله عليه وسلم :
أدنه فدنا منه قريبًا، فقال: أتحبه لأمك؟ قال: لا، وجعلني الله فداك، قال:
وكذلك الناس لا يحبونه لأمهاتهم، قال: أفتحبه لابنتك؟ قال: لا والله يا رسول الله،
جعلني الله فداءك. قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم، قال أفتحبه لأختك؟ قال: لا والله،
جعلني الله فداءك. قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم. قال: أفتحبه لعمتك؟ قال:
لا والله، جعلني الله فداءك قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم، قال: أفتحبه لخالتك؟ قال:
لا والله، جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم. قال: فوضع يده عليه وقال:
اللهم اغْفِرْ ذنبه، وطهِّرْ قلبه، وحصِّنْ فرجه ، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شئ }.
7- نقص التربية أيضاً ولكن متمثلاُ فى عدم الوعي بما يحدثه الزنى من أخطار صحية
ونفسية وخلقية ودينية، فالخطر الصحي: فمرض السيلان ينتقل عن طريق الزنى،
وهو يسبب التهابًا حادًا ومزمنًا في الرحم والخصيتين، وقد يؤدي إلى العقم،
وإلى التهاب في المفاصل، وقد يؤثر على المولود فيصاب بالعمى.
وكذلك أمراض التقرحات الجنسية؛ والتي تنتقل بالالتقاء الجنسي المحرم،
وتسبب في العقد البلغمية، وقد تؤدي إلى خراجات قيحية مزمنة، والتهابات في المجاري البوليه.
وقد يصاب بعض الأولاد بمرض النضج الجنسي المبكر نتيجة لتهيج الشهوة قبل أوانها،
واستثارة الغريزة قبل اكتمالها. وأخطر ما يسببه الزنا مرض (الإيدز)
والذي يؤدي إلى فقدان مناعة الجسم المكتسبة.
أما الخطر النفسي والخلقي: قد يصاب هذا الشهواني المندفع نحو البهيمية بمرض اللواط والسحاق،
وهو مرض خطير من نتيجته اكتفاء الرجال بالرجال، والنساء بالنساء،
وقد يصاب بمرض الهوس الجنسي، حيث ترى المريض الشهواني المندفع مشغولاً
في جميع أوقاته بتخيلات شهوانية غريزية من نكاح وتقبيل، وضم وعناق، وشبه ذلك،
وتراه منصرفًا عن كل شئ، فيكثر نسيانه ويقل اهتمامه، وتشتد غفلته ويضعف انتباهه،
وتراه كأنه مخمور، أو كأنه محزون. وتسبب هذه الظاهرة الأليمة نحولاً في الجسم،
وضعفًا في الذاكرة، وقلقًا في النفس، وهناك أخطار اجتماعية، وهي عدم تكوين الأسر،
وظلم المواليد الذين يولدون من غير زواج شرعي.
والخطر الديني فالفرد الذي لا يستعف عن محارم الله، ولا يصون نفسه عن مزالق الشهوة
والفتنة، يصاب بأربع خصال ذميمة، ذكرها النبي صل الله عليه وسلم ،
فيما رواه الطبراني في الأوسط حيث يقول صل الله عليه وسلم :
{ إياكم والزني، فإن فيه أربع خصال: يذهب البهاء من الوجه، ويقطع الرزق،
ويسخط الرحمن، ويسبب دخول النار }.
ومن الخطر الدينى أيضاً أن الزاني حين يزني ينسلخ من ربقة الإيمان،
فقد روى الإمامان البخاري ومسلم عن النبي صل الله عليه وسلم ، أنه قال:
(لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن).
8- عدم التبكير بالزواج:
فالتبكير بالزواج مما يساعد المرء على التقوي والابتعاد عن الزنى، وقد قال صل الله عليه وسلم :
(يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج،
ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء). والشباب الذين نادى عليهم الرسول صل الله عليه وسلم ،
هم من بلغوا الحلم ولم يتجاوزوا ثلاثين سنة، والباءة الجماع، والوجاء كخصاء
لفظًا ومعنى، أي قامع للشهوة.
وإذن فكل من بلغ وكانت له القدرة على الإنفاق والجماع، فهو مطالب بالزواج،
والزواج يساعد على غضِّ البصر عما لا يحلُّ، ويحفظ فرجه من الزنى. والزواج شرع الله،
فمن فمن تركه متعمدًا فقد ترك سنة محمودة.
وفي الحديث الذي يرويه أبي هريرة عن رسول الله صل الله عليه وسلم قال:
(من كان موسراً لأن ينكح فلم ينكح فليس مني).
وإذا عجز المرء عن الزواج لأسباب قاهرة:
فعليه بالصوم، فإنه يخفف من حرارة الشهوة، ويقلل من الغلمة لقوله صل الله عليه وسلم :
(فمن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء)، وليلازم جانب العفَّة حتى يتيسر له أمر الزواج،
وفي القرآن الكريم: } وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ {[33- النور].
أي فليجتهد المسلم في العفة وقمع الشهوة ما دامت لم تيسر له سبل الزواج،
فإن العبد إذا اتقى الله جعل له من عسره مخرجًا.
ويجب على المجتمع أن يجتهد لتيسير الزواج وتوفير السكن وفرص العمل،
وأقول فى ذلك أن عودة الأخلاق والمعاملات الإسلامية
الرحيمة والأساليب التى تمسك بها سلفنا فى الزواج عليها معول كبير لتيسير الزواج.
9 فقدان الرادع:
أما ردع الزناة بالجلد والتغريب أو الرجم، فهو آخر الأسلحة لعلاج هذه القضية الفتَّاكة،
فمن لم يستطع غلق الأبواب المفتحة على الزنى المشار إليها سابقًا، ولم يقدر على دفع الفحشاء،
ولم يمتثل للسنة النبوية التي أمرت بالزواج، ولم يقم بالصوم كعلاج نبويٍّ وقائي قامع للشهوة،
ثم ارتكب الزنى، فالشرع أمر بجلده وتغريبه إذا كان عزبًا،
أو رجمه بالحجارة حتى يموت إن كان محصنًا. والمحصن كل من سبق له زواج شرعي،
سواء بقي في زواجه أو طلق وأصبح ثيِّباً. قال تعالى: } الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ { [2- النور]، أما المحصن الذي سبق له زواج شرعي فيرجم بالحجارة حتي يموت وقد ورد حديث الرجم في الصحاح عن عبد الله بن عباس رضى الله عنه ما قال:
(خطب عمر فقال: إن الله تعالى بعث محمدًأ صل الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب،
فكان فيما أنزل عليه آية الرجم، فقرأناها ووعيناها، ورجم رسول الله صل الله عليه وسلم ورجمنا،
وإني خشيت إن طال زمان أن يقول قائل: ما نجد الرجم في كتاب الله تعالى، فيضلون بترك فريضة
أنزلها الله تعالى، فالرجم حقٌّ على من زنى من الرجال والنساء إذا كان محصنًا إذا قامت البينة أو كان حمل أو اعتراف، وأيم الله لولا أن يقول الناس: زاد عمر في كتاب الله تعالى لكتبتها).
وقد أخرج الإمامان أحمد وابن حنبل، والطبراني في الكبير من حديث أبي أمامة بن سهل عن خالته العجماء أن فيما أنزل الله من القرآن: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة، بما قضيا من اللذة).
من كتاب : تربية القرآن لجيل الإيمان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق