1. الأدلة الصحيحة على جواز تقبيل اليد:
· تقبيل الصحابة رضي الله عنهم يد النبي صلى الله عليه وسلم ورجله
· - بيان أن تقبيل اليد ليس خاصا بالنبي صلى الله عليه وسلم وحده
· بيان جواز تقبيل يد أهل الفضل من المجاهدين وغيرهم
· جواز تقبيل يد الإبنة والوالد
2. مذاهب الأئمة.
3. ما أثر عن أهل العلم غير الأئمة الأربعة
4. خلاصة القول
5. أحاديث ضعيفة
تقبيل الصحابة رضي الله عنهم يد النبي صلى الله عليه وسلم ورجله
1- عن الزارع العبدي وكان من وفد عبد قيس قال: لما قدمنا المدينة، فجعلنا نتبادر من رواحلنا فنقبل يد النبي صلى الله عليه وسلم ورجله. قال: وانتظر المنذر الأشج حتى أتى عيبته فلبس ثوبيه، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له:إن فيك خلتين يحبهما الله الحلم والأناة. قال: يا رسول الله أنا أتخلق بهما أم الله جبلني عليهما؟قال: بل الله جبلك عليهما. قال: الحمد لله الذي جبلني على خلتين يحبهما الله ورسوله.
[رواه أبو داود (4/375) والبيهقي في السنن الكبرى (7/102) وفي شعب الإيمان (6/477) وحسنه العلامة الألباني في صحيح سنن أبي داود، وقال الحافظ إسناده جيد (الفتح 11/57)]
2- عن أسامة بن شريك قال: قمنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقبلنا يده
[رواه المحاملي في أماليه (1/256) وأبو بكر بن المقري في تقبيل اليد (1/58) وقال الحافظ بن حجر: إسناده قوي (الفتح11/57)]
3- عن جابر أن عمر قام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقبل يده
[رواه أحمد (2/23) ورواه في الورع (1/144) وأبو بكر ابن المقري في تقبيل اليد (1/59) وجود إسناده الحافظ بن حجر في الفتح (11/57)]
4- عن صفوان بن عسال أن يهوديا قال لصاحبه: اذهب بنا إلى هذا النبي صلى الله عليه وسلم .قال: فقبلا يده وقالا: نشهد أنك نبي الله صلى الله عليه وسلم.
[رواه الترمذي (5/77) وقال الحافظ في تلخيص الحبير (4/93) إسناده قوي]
5- عن هود بن عبد الله بن سعد قال:سمعت مزيدة العبدي يقول: وفدنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فنزلت إليه فقبلت يده.
[رواه البخاري في الأدب المفرد (8/30) والأصبهاني في طبقات أصبهان (3/257) وجود إسناده الحافظ في الفتح 11/57)]
بيان أن تقبيل اليد ليس خاصا بالنبي صلى الله عليه وسلم وحده
6- عن عمار بن أبي عمار أن زيد بن ثابت ركب يوما، فأخذ ابن عباس بركابه فقال: تنح يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا وكبرائنا .فقال زيد أرني يدك، فأخرج يده فقبلها، فقال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت رسولنا صلى الله عليه وسلم
[رواه ابن سعد في الطبقات (2/360) والذهبي في السير (2/437) وابن الجوزي في صفوة الصفوة (1/706) والحافظ في الإصابة (4/146) وجود إسنادها الحافظ في الفتح (11/57)]
فائدة: قال الإمام المناوي رحمه الله في الفيض (5/383): فينبغي التملق أي الزيادة في التودد والتضرع فوق ما ينبغي ليستخرج من شيخه مراده، فإن المتعلم ينبغي له التملق لمعلمه وإظهار الشرف لخدمته، وأن يلقي إليه زمام أمره، ويذعن لنصحه إذعان المريض الجاهل للطبيب المشفق الحاذق.
وقال أيضا (3/253) ينبغي للعالم مراقبة الله في السر والعلن ،ولزوم السكينة والوقار والخضوع والخشوع والمحافظة على خوفه في جميع حركاته وسكناته وأقواله وأفعاله ،فإنه أمين على ما استودع من العلوم ومنح من الحواس والفهوم ،فإن العلم لا ينال إلا بالتواضع ،وتواضع الطالب لشيخه رفعة ،وذله عز ،وخضوعه فخر.
7- عن ابن جدعان قال سمعت ثابتا –هو البناني-يقول لأنس: مسست رسول الله صلى الله عليه وسلم بيديك؟ قال: نعم. قال: فأعطني يدك. فأعطاه فقبلها.
[رواه ابن المقرئ في تقبيل اليد (1/97) وجوّد إسناده الحافظ في الفتح 11/57)]
8- عن خالد بن يزيد حدثنا أبو مالك الأشجعي قال: قلت لعبد الله بن أبي أوفى: ناولني يدك التي بايعت بها رسول الله، فناولنيها فقبلتها.
[رواه ابن المقرئ في تقبيل اليد (1/89) وجوّد إسناده الحافظ قي الفتح (11/57)]
9- عن ذكوان أن صهيب مولى العباس قال: رأيت عليا رضي الله عنه يقبل يدي العباس أو رجله ويقول: أي عم ارض عني.
[رواه ابن المقرئ في تقبيل اليد (1/73) وجوّد إسناده الحافظ في الفتح (11/57)]
بيان جواز تقبيل يد أهل الفضل من المجاهدين وغيرهم:
10- عن عبد الرحمن بن رزين قال: مررنا بالربذة فقيل لنا: ها هنا سلمة بن الأكوع، فأتيته فسلمنا عليه فأخرج يديه فقال: بايعت بهاتين نبي الله صلى الله عليه وسلم. فأخرج كفا له ضخمة كأنها كف بعير فقمنا إليها فقبلناها.
[رواه البخاري في الأدب المفرد (1/338) والطبراني في الأوسط (1/205) وحسنه العلامة الألباني في صحيح الأدب المفرد. وقال الهيثمي في المجمع (8/42) في الصحيح منه البيعة رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات]
جواز تقبيل يد الإبنة والوالد
11- عن أم المؤمنين عائشة أنها قالت: ما رأيت أحدا من خلق الله كان أشبه حديثا وكلاما برسول الله صلى الله عليه وسلم من فاطمة، وكانت إذا دخلت عليه رحب بها ،وقام إليها فأخذ بيدها وقبلها وأجلسها في مجلسه، وكان إذا دخل عليها قامت إليه فرحبت به وقبلته.
[حديث صحيح: رواه أبو داود (4/355) والترمذي (5/700) وصححه العلامة الألباني في مشكاة المصابيح (3689)]
مذهب الإمام أبي حنيفة رحمه الله:
وقال الطحطاوي في حاشيته على مراقي الفلاح (حنفي)(1/216) – بعد أن ذكر أدلة جواز تقبيل اليد- : فعلم من مجموع ما ذكرنا إباحة تقبيل اليد والرجل والكشح والرأس والجبهة والشفتين وبين العينين ،ولكن كل ذلك إذا كان على وجه المبرة والإكرام، وأما إذا كان ذلك على وجه الشهوة فلا يجوز إلا في حق الزوجين.
وقال صاحب الدر المختار (حنفي): (6/383) لا بأس بتقبيل يد الحاكم المتدين والسلطان العادل، وقيل سنة، وتقبيل رأسه -أي العالم- أجود كما في البزازية. ولا رخصة فيه -أي في تقبيل اليد- لغيرهما -أي لغير عالم وعادل هو المختار- وفي المحيط؛ إن لتعظيم إسلامه وإكرامه جاز، وإن كان لنيل الدنيا كره، وإذا طُلب من عالم أو زاهد أن يدفع إليه قدمه و يمكنه من قدمه ليقبله أجابه وقيل: لا يرخص فيه.
مذهب الإمام الشافعي رحمه الله
قال الإمام النووي في روضة الطالبين: (10/236) وأما تقبيل اليد فإن كان لزهد صاحب اليد وصلاحه أو علمه أو شرفه وصيانته ونحوه من الأمور الدينية فمستحب ،وإن كان لدنياه وثروته وشوكته ووجاهته ونحو ذلك فمكروه شديد الكراهة.وقال المتولي: لا يجوز وظاهره التحريم.
وبوّب النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين: (ص354)
{باب استحباب المصافحة عند اللقاء وبشاشة الوجه وتقبيل يد الرجل الصالح}
مذهب الإمام أحمد رحمه الله
- قال أبو بكر المروزي (كتاب الورع 1/144) : سألت أبا عبد الله عن قبلة اليد فلم ير به بأسا على طريق التدين ،وكرهها على طريق الدنيا. و قال: إن كان على طريق التدين فلا بأس؛ فقد قبل أبو عبيدة يد عمر بن الخطاب، وإن كان على طريق الدنيا فلا إلا رجلا يخاف سيفه أو سوطه.
- قال البهوتي في كشف القناع (حنبلي)(2/157) : فيباح تقبيل اليد والرأس تدينا وإكراما واحتراما مع أمن الشهوة ،وظاهره عدم إباحته لأمر الدنيا، وعليه يحمل النهي.
مذهب الإمام مالك رحمه الله
- قال أبو الحسن المالكي في كفاية الطالب (2/620): وكره مالك رحمه الله تقبيل اليد أي يد الغير ظاهره الكراهة سواء كان الغير عالما أو غيره ولو أبا أو سيدا أو زوجا، وهو ظاهر المذهب لأنه من فعل الأعاجم، ويدعو إلى الكبر ورؤية النفس، وأنكر مالك رحمه الله ما روي فيه -أي في تقبيل اليد- فإن كان إنكاره من جهة الرواية فهو حجة لأنه إمام الحديث، وإن كان من جهة الفقه فلما تقدم. وقال ابن بطال: إنما يكره تقبيل يد الظلمة والجبابرة، وأما يد الأب والرجل الصالح ومن ترجى بركته فجائز.
قال النفراوي:(الفواكه الدواني 2/326) –بعد أن ساق أحاديث تقبيل اليد ثم ساق كراهة مالك لذلك- :وعمل الناس على جواز تقبيل يد من يجوز التواضع له وإبراره؛ فقد قبلت الصحابة يد رسول الله ومن الرسول لفاطمة و من الصحابة مع بعضهم ،وظاهر كلامه الكراهة ولو كان ذو اليد عالما أو شيخا أو سيدا أو ولدا حاضرا أو قادما من سفر وهو ظاهر المذهب، ومحل الكراهة إذا كان المقبل مسلما، أما لو قبل يدك نصراني أو يهودي فلا كراهة، وإنما كره مالك تقبيل اليد لما يترتب عليه من الكبر ورؤية النفس..، ولأن المسلم أخو المسلم ولعل المقبل بالكسر أفضل من ذي اليد عند الله. وبالجملة لا ينكر على من فعلها مع ذوي الشرف والفضل لورودها في تلك الأحاديث، ولما يترتب على تركها مع من يستحقها من المقاطعة.
عن عبد الرحيم أبي العباس السامي قال: قال سليمان بن حرب: تقبيل يد الرجل السجدة الصغرى (الورع للإمام أحمد 1/144)
-قال القرطبي: (التفسير 9/266) (وأما تقبيل اليد فإنه من فعل الأعاجم، ولا يتبعون على أفعالهم التي أحدثوها تعظيما منهم لكبرائهم )
ما أثر عن أهل العلم غير الأئمة الأربعة
سفيان الثوري
عن علي بن ثابت قال: سمعت سفيان الثوري يقول :لا بأس بها-يعني تقبيل اليد- للإمام العادل وأكرهها على دنيا (الورع للإمام أحمد1/144)
عن رواد قال: سمعت سفيان يقول: تقبيل يد الإمام العادل سنة (تقبيل اليد1/70)
سعيد بن جبير
عن أبي مروان شريك بن هشام قال: رأيت سعيد بن جبير في حبس الحجاج جاءت خالته فقبلت يده (تاريخ واسط 1/91)
خيثمة
عن مالك بن مغول قال: حدثني طلحة قال: عدت خيثمة وكان أعجب أهل الكوفة إلى إبراهيم وخيثمة فقاموا وقمت فقال: وأنت أيضا. فأخذ يدي فقبلها ، فقبلت يده . فقال مالك: وفعله بي طلحة وفعلته به. (الطبقات الكبرى 6/286)
سفيان بن عيينة
عن موسى بن داود قال: كنت عند سفيان بن عيينة، فجاء حسين الجعفي،فقام ابن عيينة فقبل يده (تقبيل اليد1/77)
أيوب السختياني
عن حماد بن زيد قال: كنت عند أبي هارون العبدي فدخل علينا أيوب السختياني، فسأله عن شيء ،ثم قام يخرج فقال لي: من هذا الفتى؟ قلت: هذا أيوب السختياني. فقال: يا أبا بكر أردت أن تخرج قبل أن نعرفك؟ قال: فأخذ بيده وسلم عليه و قبل يده (تقبيل اليد1/93)
الزنجاني
قال ابن طاهر :دخلت على الشيخ سعد بن علي الزنجاني وأنا ضيق الصدر من رجل شيرازي، فقبلت يده. فقال لي: ابتداء يا أبا الفضل لا يضيق صدرك.....) (تذكرة الحفاظ 3/1176)
قال الحافظ بن حجر(فتح الباري 11/57): (وإنما اختلفوا في تقبيل اليد؛ فأنكره مالك وأنكر ما روي فيه. وأجازه آخرون واحتجوا بما روي عن عمر أنهم لما رجعوا من الغزو حيث فروا قالوا: نحن الفرارون فقال: بل أنتم العكارون أنا فئة المؤمنين. قال: فقبلنا يده .
قال: وقبل أبو لبابة وكعب بن مالك وصاحباه يد النبي صلى الله عليه وسلم حين تاب الله عليهم .ذكره الأبهري
وقبل أبو عبيدة يد عمر حين قدم .وقبل زيد بن ثابت يد ابن عباس حين أخذ ابن عباس بركابه .
قال الأبهري: وإنما كرهها مالك إذا كانت على وجه التكبر والتعظم. وأما إذا كانت على وجه القربة إلى الله لدينه أو لعلمه أو لشرفه فإن ذلك جائز
قال ابن بطال -وذكر الترمذي من حديث صفوان بن عسال- أن يهوديين أتيا النبي صلى الله عليه وسلم فسألاه عن تسع آيات.. الحديث .وفي آخره:.. فقبلا يده ورجله. قال الترمذي:"حسن صحيح" قلت حديث ابن عمر أخرجه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود ،وحديث أبي لبابة أخرجه البيهقي في الدلائل وابن المقري ،وحديث كعب وصاحبيه أخرجه بن المقري، وحديث أبي عبيدة أخرجه سفيان في جامعه، وحديث ابن عباس أخرجه الطبري وابن المقري، وحديث صفوان أخرجه أيضا النسائي وابن ماجة وصححه الحاكم ،وقد جمع الحافظ أبو بكر بن المقري جزءا في تقبيل اليد سمعناه أورد فيه أحاديث كثيرة وآثارا ،فمن جيدها حديث الزارع العبدي وكان في وفد عبد قيس قال: فجعلنا نتبادر من رواحلنا فنقبل يد النبي صلى الله عليه وسلم ورجله أخرجه أبو داود. ومن حديث مزيدة العصري مثله ومن حديث أسامة بن شريك قال: قمنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقبلنا يده ..وسنده قوي ومن حديث جابر أن عمر قام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقبل يده، ومن حديث بريدة في قصة الأعرابي والشجرة فقال: يا رسول الله ائذن لي أن أقبل رأسك ورجليك. فأذن له. وأخرج البخاري في الأدب المفرد من رواية عبد الرحمن بن رزين قال: أخرج لنا سلمة بن الأكوع كفا له ضخمة كأنها كف بعير فقمنا فقبلناها. وعن ثابت أنه قبل يد أنس، وأخرج أيضا أن عليّا قبل يد العباس ورجله وأخرجه بن المقري وأخرج من طريق أبي مالك الأشجعي قال: قلت لابن أبي أوفى: ناولني يدك التي بايعت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فناولنيها فقبلتها.
وقال الحافظ أيضا في تلخيص الحبير (4/93) وفي تقبيل اليد أحاديث جمعها أبو بكر بن المقري في جزء جمعناه منها حديث بن عمر في قصة قال: فدنونا من النبي صلى الله عليه وسلم فقبلنا يده ورجله. رواه أبو داود. ومنها حديث صفوان بن عسال قال:قال زفر لصاحبه: اذهب بنا إلى هذا النبي ..الحديث ،وفيه:.. فقبلا يده و قالا نشهد أنك نبي رواه أصحاب السنن بإسناد قوي. ومنها حديث الزارع أنه كان في وفد عبد آلاف قال: فجعلنا نتبادر من رواحلنا فنقبل يد النبي صلى الله عليه وسلم ..الحديث رواه أبو داود. وفي حديث الإفك عن عائشة قالت: فقال لي أبو بكر: قومي فقبلي رأسه وفي السنن الثلاث عن عائشة قالت: ما رأيت أحدا كان أشبه سمتا وهديا ودلا برسول الله صلى الله عليه وسلم من فاطمة، وكان إذا دخلت عليه قام إليها فأخذ بيدها فقبلها وأجلسها في مجلسه، وكانت إذا دخل عليها قامت إليه، فأخذت بيده فقبلته، وأجلسته في مجلسها.
قال أبو الطيب ( عون المعبود 14/90) وقال الأبهري: إنما كرهها مالك إذا كانت على وجه التكبر والتعظيم لمن فعل ذلك به، فأما إذا قبل إنسان يد إنسان أو وجهه أو شيئا من بدنه ما لم يكن عورة على وجه القربة إلى الله لدينه أو لعلمه أو لشرفه فإن ذلك جائز. وتقبيل يد النبي صلى الله عليه وسلم يقرب إلى الله، وما كان من ذلك تعظيما لدنيا أو لسلطان أو لشبهه من وجوه التكبر فلا يجوز.
قال الإمام المناوي في فيض القدير (6/11): إنما اختلفوا في تقبيل اليد فأنكره مالك وأنكر ما روي فيه، وأجازه آخرون لأن كعب بن مالك وصاحبيه قبلوا يد الرسول صلى الله عليه وسلم ،وقبل أبو عبيدة يد عمر حين قدم، وجمع بأن المكروه تقبيل التكبر والتعظيم، والمأذون فيه ما كان على وجه التقرب إلى الله لدين أو علم أو شرف ولهذا قال النووي : تقبيل اليد لنحو صلاح أو علم أو شرف ونحو ذلك من الأمور الدينية لا يكره بل يندب، ولنحو غنى أو شوكة أو وجاهة ثم أهل الدنيا مكروه شديد الكراهة.
قال الشيخ الألباني رحمه الله: (السلسلة الصحيحة1/252-253)
وأما تقبيل اليد ففي الباب أحاديث وآثار كثيرة، يدل مجموعها على ثبوت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنرى جواز تقبيل يد العالم إذا توفرت الشروط الآتية:-
1- ألا يتخذ عادة بحيث يتطبع العالم على مد يده إلى تلامذته ويتطبع على التبرك بذلك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم وإن قبلت يده فإنما كان على الندرة، وما كان كذلك فلا يجوز أن يجعل سنة مستمرة كما هو معلوم من القواعد الفقهية.
2- ألا يدعو ذلك إلى تكبر العالم على غيره، ورؤيته لنفسه كما هو الواقع مع بعض المشايخ اليوم
3- ألا يؤدي ذلك إلى تعطيل سنة معلومة، كسنة المصافحة، فإنها مشروعة بفعله صلى الله عليه وسلم وقوله، وهي سبب تساقط ذنوب المتصافحين كما روي في غير ما حديث واحد، فلا يجوز إلغاؤها من أجل أمر أحسن أحواله أنه جائز.
الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
سئل عن حكم تقبيل اليد؟
فأجاب: تقبيل اليد احتراما لمن هو أهل للاحترام كالأب والشيخ الكبير والمعلم لا بأس به إلا إذا خيف منه الضرر، وهو أن يعجب الذي قبلت يده ويرى أنه في مقام عالٍ فهنا نمنعها لأجل هذه المسألة (فتاوى الباب المفتوح 177و2)
الخلاصة
يتضح من الأدلة السابق ذكرها جواز تقبيل يد أصحاب الفضل من العلماء والمجاهدين والزهاد والعباد وكذا الإمام العادل والأبوين وصاحب شيبة الإسلام ونحوهم على سبيل التوقير والإجلال
ويزداد استحباب ذلك في زمان الفتن وأوقات المحن التي يمتهن فيها العلماء، ويتجرأ عليهم فيها السفهاء، ويتصدر فيها الغلمان، ويستعلي فيها الصبيان، فيزداد حينئذ استحباب توقير أهل العلم والفضل وتبجيلهم ومن علامات ذلك تقبيل اليد اعترافا بفضلهم من جهة وتأدبا بين أيديهم من جهة أخرى.
ويكره تقبيل أيدي غير هؤلاء السابق ذكرهم كتقبيل أيدي أصحاب الأموال والمناصب ونحوهم ،وتزداد الكرهة بل يحرم تقبيل أيدي علماء الضلالة وأصحاب الأهواء والمبتدعة وكذلك إخوانهم من الفساق والظلمة وأهل الجور والطغيان، فإن كان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أن يقال للفاسق ( يا سيدنا ) فكيف بتقبيل يده؟!!
ضوابط تقبيل اليد
1- أن يكون تقبيل اليد لأهل الفضل والخير من العلماء العاملين والأئمة المجاهدين والزهاد والعباد ونحوهم.
2- أن لا يطلبها صاحب الفضل لنفسه ،ولا يجب أن يقبل الناس يده ولا يرغب في ذلك، لأن ذلك يورث من تقَبل يده الغرور والكبر والعجب، فإن كان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أن يحب الإنسان أن يتمثل الناس له قياما، فكيف بمن أحب تقبيل يده؟!!
3- أن لا يكون تقبيل اليد على وجه المذلة والانكسار من المُقِبل، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا ينبغي لمؤمن أن يذل نفسه)رواه الترمذي وصححه الألباني، ولكن يكون تقبيل اليد على وجه التوقير والإجلال والاعتراف بالفضل.
4- أن لا يكون ديدنا عاما فكلما رآه قبل يده، ولا يكون بديلا عن المصافحة والسلام.
أحاديث ضعيفة
- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنه كان في سرية من سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم .قال: فحاص الناس حيصة فكنت فيمن حاص. قال: فلما برزنا قلنا: كيف نصنع وقد فررنا من الزحف وبؤنا بالغضب؟ فقلنا: ندخل المدينة فنتثبت فيها ونذهب ولا يرانا أحد .قال: فدخلنا فقلنا :لو عرضنا أنفسنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛فإن كانت لنا توبة أقمنا، وإن كان غير ذلك ذهبنا. قال: فجلسنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم قبل صلاة الفجر فلما خرج قمنا إليه فقلنا نحن الفرارون فأقبل إلينا فقال: لا بل أنتم العكارون قال: فدنونا فقبلنا يده. فقال: إنا فئة المسلمين
[رواه البخاري في الأدب المفرد (1/338) وأبو داود (3/46) وضعفه العلامة الألباني في ضعيفيهما وفي تحقيق رياض الصالحين (895)]
- عن ابن بريدة عن أبيه قال: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني قد أسلمت ،فأرني شيئا أزدد به يقينا. قال: ما الذي تريد؟ قال: ادع تلك الشجرة فلتأتك. قال: اذهب فادعها. قال: فأتاها الأعرابي فقال: أجيبي رسول الله. قال: فمالت على جانب من جوانبها فقطعت عروقها ،ثم مالت على الجانب الآخر فقطعت عروقها،ثم أقبلت عن عروقها وفروعها مغبرة ،فقالت: عليك السلام يا رسول الله. قال: فقال الأعرابي حسبي حسبي يا رسول الله. فقال لها: ارجعي. فرجعت بلائهم على عروقها وفروعها كما كانت. فقال الأعرابي: يا رسول الله ائذن لي أن أقبل رأسك ورجلك فأذن له. ثم قال يا رسول الله ائذن لي أن أسجد لك. فقال: لا يسجد أحد لأحد، ولو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليها
[رواه ابن المقري في تقبيل اليد (1/64) وابن عدي في الكامل (4/54) وفيه صالح بن حيان ضعيف]
- عن جميلة أم ولد أنس بن مالك قالت: كان ثابت إذا أتى أنسا قال: يا جارية هاتي طيبا أمسه بيدي، فإن ثابتا إذا جاء لم يرض حتى يقبل يدي
[رواه المقري في تقبيل اليد (4/54) وأبو يعلى (6/212) والبيهقي في الشعب (2/229) وقال الهيثمي في المجمع (1/130) رواه أبو يعلى وجميلة هذه لم أر من ترجمها]
منقـــــــــــــــــــــــــــول.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق