الأربعاء، 6 أكتوبر 2021

صفة العلم

 

صفات المعانى السبعة:
هى: القدرة، والحياة، والعلم، والإرادة، والسمع، والبصر، والكلام.
3 ـ العــلم:
هو صفة توجب تمييزاً لا يحتمل النقيض، قال تعالى فى إثبات العلم له سبحانه و لو بأخفى الخفيات حتى بما يهجس على خاطر الإنسان وتوسوس به نفسه: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ۖ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) سورة ق آية ١٦ وقال تعالى فى بيان كمال علمه بدلالة الخلق عليه: (وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ ۖ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴿١٣﴾ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) سورة الملك آية ١٣-١٤ وقال تعالى فى بيان أنه سبحانه عالم بكل شىء فى السماء والأرض حتى الحديث الذى يسره المرء لأخيه: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَىٰ مِنْ ذَٰلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ۖ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) سورة المجادلة آية ٧ وقال تعالى فى ذكر أنه سبحانه عالم بالإنسان فى حال كونه جنيناً فى بطن أمه وفى حال نشئه: (هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ ۖ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَ) سورة النجم آية ٣٢.
تفصيل ذلك أن الله سبحانه وتعالى عالم بجميع المعلومات، محيط بما يجرى فى تخوم الأرضيين إلى أعلى السماوات، لا يعزب عن علمه مثقال ذرة فى الأرض ولا فى السماء، بل يعلم دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء فى الليلة الظلماء، ويدرك حركة الذر فى جو الهواء، ويعلم السر وأخفى، ويطلع على هواجس الضمائر وحركات الخواطر وخفيات السرائر، بعلم قديم أزلى لم يزل موصوفاً به فى أزل الآزال، لا بعلم متجدد حاصل فى ذاته بالتحول والانتقال.
أنوار صفة العلم:
إذا لاحظت عين العناية الإلهية عبداً فوقعت به عين اليقين على معنى صفة العلم الإلهى؛ وتمثل تلك الصفة المنزهة بمعنى ما من معانيها التى تليق بكمالاتها؛ كان العبد المشاهد تلك المعانى فى معية ربه حاضراً لا يغيب، متجملاً بجمال أهل المراقبة، وكيف لا؟! والمؤمن الذى يعتقد أن الله يعلم السر وأخفى يسارع إلى أن يعمل ما يرضى ربه عنه الذى يعلمه فى كل حال من أحواله، ويتباعد عن معاصيه وعن مواطن سخطه ومقته لأنه يعلم أنه يعلمه ويراه، ويكره أن يراه ربه سبحانه حيث يكره أن يراه فى مواطن مخالفة أمره ومعصيته كما يكره أن يقذف به فى نار جهنم، وإن جهنم أخف على المؤمن المتمكن من معصية الله تعالى، وكيف لا؟! وهو عند المعصية إذا تحقق بأن الله يراه فيها ويعلم به فيها يشعر بأنه استهان بربه فخالف أمره، وهو يعلم قدر عظمة ربه وقدر موجبات غضبه وسخطه، فالمؤمن يتمنى أن يكون فى نار جهنم ولا يقع فى معصية الله ومخالفة أمره، لأن غضب الله وسخطه أشد عليه من عذاب جهنم، والجاهل بهذا المقام لا يخاف مقام ربه ولكن يخاف عذاب ربه، فقد يقع فى المخالفة لنسيان يوم الحساب، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ) سورة ص آية ٢٦ وقال تعالى: (وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ) سورة الجاثية آية ٣٤.
فمن كان خوفه من المنتقم القهار الكبير المتعال، كان فى حصون الأمن من الوقوع فى المخالفة، ومن كان خوفه من عذاب النار والحرمان من الملاذ والشهوات قد ينسى لما ينال من ملاذ الدنيا وزهرتها الفانية نعيم الآخرة، فيقع فى المخالفات وينسى العقوبات حتى يلقى فى هوة النار، نعوذ بالله من جهل مقام ربنا ومن نسيان يوم الحساب.
نتج من هذا أن الموقن بصفة العلم لله القادر، المتحقق بأن الله يعلم سره ونجواه، ويعلم ما توسوس به نفسه، ويعلم أنه معه حيث كان وكيف كان، لا يتعدى حدود الله، ولا يعمل ما يخالف سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، واللص لا يسرق المتاع إلا إذا غاب صاحبه، والرجل لا يأتى زوجته أمام ابنها حياء منه، فكيف يعمل المؤمن المعصية مع علمه بأن الله معه ويعلم سره ونجواه ولا يخاف جلاله ولا يخشى عظمته وكبرياءه؟!.فالمرتكب المعصية نسى يوم الحساب، وجهل معنى صفة العلم لله، أعوذ بالله من جهل يوقع فى معصية الله، ومن نسيان يلقى صاحبه فى هوة النار يوم القيامة، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يشهدنى أنوار صفة العلم حتى لا تحجب عين بصيرتى عن شهوده معى سبحانه، فأكون مراقباً لجلاله، حاضراً معه سبحانه، حييا منه سبحانه، راهباً عظمته، راغباً فى فضله العظيم.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق