الأربعاء، 6 أكتوبر 2021

صفة القدرة



صفات المعانى السبعة:
هى: القدرة، والحياة، والعلم، والإرادة، والسمع، والبصر، والكلام.
. 1ـ القــدرة:
١- هى صفة قديمة يوجد الله بها ما يشاء أن يوجده، ويعدم بها ما يشاء أن يعدمه وفق إرادته، قال تعالى فى بيان آثار قدرته تعالى فى مخلوقاته: (أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ رِزْقًا لِّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ) سورة ق آية ٦- ١١ وقال جل وعلا فى إثبات كمال قدرته تعالى وعجز ما سواه وأنه مستحق للعبادة دون سواه: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) سورة الحج آية ٧٣-٧٤ وقال جلت قدرته فى بيان كمال قدرته أودعه بما فى عالم المخلوقات من أرض وسماوات وإحياء ونبات وفلك وأفلاك وليل ونهار ورياح وسحاب من العبر والآيات: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) سورة البقرة آية ١٦٤ وقال تعالى فى بيان كمال قدرته وتمام عظمته: (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ) سورة الأنعام آية ٦٥. وقال جل شأنه فى بيان كمال قدرته وعجز من سواه وفيه الرد على منكرى البعث: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) سورة الأحقاف آية ٣٣ وقال تعالى: (أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَادًا الْجِبَالَ أَوْتَادًا وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاء ثَجَّاجًا لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا) سورة النبأ آية ٦-١٦ وقال تعالى فى بيان كمال قدرته وخلقه الإنسان من الماء: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا) سورة الفرقان آية ٥٤ وقال تعالى فى بيان قدرته وأنه إذا أراد فعل أى شىء لا يمكن غيره أن يعارضه أو يمانعه: (وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) سورة الأنعام آية ١٧-١٨.
هذه الآيات نور مشرق على قلوب جملها الله بعيون البصيرة شهدت عجائب القدرة وغرائب تصريفها فى الكائنات، فاستبان به للبصائر غيب القدرة، فانجذب العبد المتجمل بعيون البصيرة إلى جناب القدس الأعلى فاراً من جانبه، وتحقق كمال إضراره واحتياجه إلى القادر سبحانه وتعالى، وأنه لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم، تحققاً جعله عدماً فى عين نفسه، موجوداً بقادر حكيم، وأن الكون وما فيه سر من أسرار قدرة الله تعالى، وفيض عميم من فضل قدرته تنزه وتعالى.
شهد المؤمن من تلك الآيات العلية التى رفعت له الستارة عما انطوى فى هذا الكون الفسيح من أسرار الرب الفريد، فتحقق كمال التحقيق بوحدانية الله ذاتاً وصفة وفعلاً، وقد تشرق عليه من وراء حجب الكائنات أنوار سريان القدرة، حتى قد يقوى هذا النور فيجعله لا يشهد شيئاً من الموجدات إلا ويذوق حلاوة الإيمان بوحدانية الله ذاتاً وصفة وفعلا، وقد يقوى هذا النور فتنبعث أشعته على الكائنات فتحجب الكون وما فيه عن عين المشاهد، فلا يرى إلا قدرة قادر مريد، فيغيب عن نفسه وحسه وعن كونه، وهو المجذوب إلى حضرة القدس بسابقية الحسنى، وهو الناقص فى عين العارف لغيبته عن شهود الحكمة وتدبيرها، حتى إذا أشرقت عليه أنوار الحكمة أثبت الحق فشهد المرتبتين بنور اليقين، رتبة ممكن الوجود من الكون وما فيه، ورتبة واجب الوجود سبحانه، فيكمل كمالاً يجعله عبداً صرفاً لا يغيب عن معية الله تعالى، ولا يغيب الله سبحانه عنه، فلا تقوى أنوار القدس عليه فتحجب الخلق عن عين رأسه، ولا الكائنات المحسوسة فتحجب أنوار الحق عن عين بصيرته، وهو الفرد الكامل المشاهد للحضرتين بالحضرتين.
فوق الأنوار أسرار:
ووراء تلك الأنوار أنوار، وفوق تلك الأنوار أسرار لا ينبغى للعارف أن يسطرها فى الأوراق، وفيما أشرنا إليه كفاية لأولى الألباب، وإنما هى غوامض أسرار القدرة، وخفى غرائب الحكمة لا تشهد بعين البصيرة، ولا تكاشف بعيون السريرة، وإنما هى أنوار تواجه الروح التى هى نفخة الرحمن، قال صلى الله عليه وسلم: (كُنْ مَعَ اٌللهِ ترَ اللهَ.مَعَك ).وقال الله تعالى: (إنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ) سورة النحل آية ١٢٨ وليست تلك الأسرار وإن خفيت والأنوار وإن غمضت بشىء يذكر فى جانب ما وراء ذلك من أنوار الكمالات الذاتية، وغيب غوامض مجلى الذات الأحدية (وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) سورة البقرة آية ١٠٥ ومن حرم العيون التى تشهد آيات القدرة فى الكائنات فهو بهيم وأضل، يتمنى يوم القيامة أن يكون تراباً، أعوذ بالله من العمى فى هذه الدار الدنيا، وقال تعالى: (وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً) سورة الإسراء آية ٧٢ أسأله سبحانه أن يجعل لنا نوراً نمشى به فى الناس إنه مجيب الدعاء، وأن يهدينا الله وإياك يا أخى صراطه المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم من النبين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق