صفات المعانى السبعة:
هى: القدرة، والحياة، والعلم، والإرادة، والسمع، والبصر، والكلام.
٧ ـ الكــلام:
كلام الله تعالى القائم بذاته هو صفة أزلية ليس بحرف ولا صوت، ولا يقبل العدم وما فى معناه من السكوت، ولا التبغيض ولا التقديم ولا التأخير، ثم هو مع وحدته دال أزلاً وأبداً على جميع معلوماته التى لا نهاية لها، وهو الذى عبر عنه بالنظم المعجز المسمى أيضاً بكلام الله تعالى، وهو معجزة رسول الله القائمة الدائمة.
والقرآن هو الدعوى والحجة، وكل نبى دعوته غير حجته، فكانت المعجزة فى كل زمان تناسب أهله، فسيدنا موسى عليه السلام لما اشتهر فى زمنه السحر وكثر، جعل الله معجزته انقلاب العصا ثعباناً يأكل غيره، وسيدنا عيسى عليه السلام لما كان فى زمن كثر فيه الأطباء جعل الله معجزته إبراء الأكمة والأبرص وإحياء الموتى، الأمر المعجز، وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لما كثر فى زمنه الفصحاء والبلغاء كانت معجزته القرآن المعجز لهم عن معارضته بالإتيان ولو بمثل أقصر سورة منه، قال تعالى فى ثبوت تلك الصفة لنفسه سبحانه: (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَىٰ تَكْلِيمًا) سورة النساء آية ١٦٤ وقال تعالى: ( وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ) سورة الشورى آية ٥١.
وتفصيل ذلك أن الله جل جلاله متكلم آمر، ناه، واعد، متوعد، بكلام أزلى قديم قائم بذاته، لا يشبه كلام الخلق كما لا تشبه ذاته ذوات الخلق، فليس بصوت يحدث من تموج الهواء واصطكاك الأجرام، ولا حرف ينقطع بإطباق شفة أو تحريك لسان وأن القرآن والتوراة والإنجيل والزبور كتبه المنزلة على رسله عليهم الصلاة والسلام، وأن القرآن مقروء بالألسنة، مكتوب فى المصاحف، محفوظ فى القلوب، وأنه مع ذلك قديم قائم بذات الله تعالى، لا يقبل الانفصال والافتراق بالانتقال إلى القلوب والأوراق، وأن موسى عليه السلام سمع كلام الله بغير صوت ولا حرف، كما نرى ربنا سبحانه وتعالى إن شاء الله يوم القيام من غير جوهر ولا شكل ولا لون ولا عرض، وإذا كانت له هذه الصفات كان حياً عالماً قادراً مريداً سميعاً بصيراً، متكلماً بالحياة والعلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر والكلام، لا بمجرد الذات.
مزيد بيان فى صفة الكلام لله سبحانه وتعالى:
الإيقان بإثبات صفة الكلام لله سبحانه متعين على كل مسلم لما بينا من الأدلة القرآنية، ولأمر آخر لا يتم إيمان المؤمن إلا به، وهو التصديق بكتب الله التى أنزلها على رسله التى جعلها الله تبياناً لكل شىء، وهدى ونوراً وذكرى، بين بها سبحانه ما يجب أن تنعقد عليه القلوب، وما يجب أن يقوم به المسلم لله من العبادات وما يجب عليه لوالديه وأولاده وإخوانه المؤمنين ولأهل ذمة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وذمة المسلمين، وما يجب أن يكون عليه المسلم من الأخلاق، فإن إثبات صفة الكلام تجعل المسلم يتقبل أحكام كتاب الله بكمال الإيقان، ويسارع إلى العمل بما أمره الله وترك ما نهاه الله عنه، وليس على المسلم أن ينظر إلى صفة من صفات المعانى بعيون عقله التى تحكم نفسه ونظرائه وأشباهه، ولكن عليه أن يؤمن إيماناً لا يشوبه شك لشهوده حساً دلائل إثبات الصفات، وينزه صفات الله تعالى عن حد يحدها أو كيف يكيفها، تعالى الله عما يصفه الواصفون.
حتى إذا انعقد قلبه على اليقين الحق كاشفه الله بأنوار صفة الكلام، فيقرأ القرآن سامعاً له من رسول الله صلى الله عليه وسلم بخشوع وهيبة من الله تعالى، فيكون بين وجل من آيات الإنذار، ومزيد إيمان من الآيات الدالة على معانى صفات الله تعالى، ويتجمل بالتوكل على الله تعالى من الآيات الدالة على أنه الفاعل المختار الذى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، فيكون التالى للقرآن مع المراقبة كأنه يسمع الكلام عن الله تعالى، بعد أن يستحضر أنه يسمعه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق