التأويل مذهب للسلف الكرام رغم أنف الوهابية
(مقال نقلي صاعق للوهابية)
يدعي الوهابية أن تأويل الإضافات الخبرية لم يقل به أحد من السلف، وأنه تعطيل للصفات وأن صاحبه جهمي، وزنديق........
في هذا المقال سأبين بنقول عن السلف بأن التأويل كان مذهبا قويا لهم ولم يتهموا بالتعطيل والزندقة.
((قال أبو جعفر: واختلف أهل الجدل في تأويل قوله: " بل يداه مبسوطتان ".
-فقال بعضهم: عنى بذلك: نِعمتاه. وقال: ذلك بمعنى: " يد الله على خلقه "، وذلك نعمه عليهم. وقال: إن العرب تقول: " لك عندي يد "، يعنون بذلك: نعمةٌ.
-وقال آخرون منهم: عنى بذلك القوة. وقالوا: ذلك نظير قول الله تعالى ذكره: {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الأَيْدِي}.
-وقال آخرون منهم: بل " يده "، ملكه. وقال: معنى قوله: " وقالت اليهود يد الله مغلولة "، ملكه وخزائنه.
قالوا: وذلك كقول العرب للمملوك: " هو ملك يمينه "، و " فلان بيده عُقدة نكاح فلانة "، أي يملك ذلك، وكقول الله تعالى ذكره: {فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً}.
-وقال آخرون منهم: بل " يد الله " صفة من صفاته، هي يد، غير أنها ليست بجارحة كجوارح بني آدم.)) انتهى.
أقول(عبدالناصر): هذا النقل قاصم لظهر الوهابية حيث إن الإمام الطبري نقل بأن السلف يؤولون اليد بالنعمة والقوة والملك....وهذا ما يحرصون هم على نفيه تماما عن السلف ويقولون السلف لم يؤولوا اليد بالنعمة والقوة.
وقال الطبري أيضا في تأويل اليد في قوله تعالى {يد الله فوق أيديهم}: ((وفي قوله {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} وجهان من التأويل:
أحدهما: يد الله فوق أيديهم عند البيعة, لأنهم كانوا يبايعون الله ببيعتهم نبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ;
والآخر: قوّة الله فوق قوّتهم في نصرة رسوله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, لأنهم إنما بايعوا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم على نُصرته على العدو.)) انتهى.
أقول(عبدالناصر): وجها التأويل اللذان ذكرهما الطبري لا يخدم الوهابية في نفيهم التأويل؛
أما الأول فالمراد منه أن بيعة النبي هي بيعة الله بالوكالة، فيكون تأويل يد الله بيد النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما الثاني فبين وهو تأويل اليد بالقوة.
وقد يعترض سفيههم فيقول: لكن هذا النقل عن الطبري لا يبين من قال من السلف بالتأويل، لذلك نحن لا نسلم بهذا النقل.
أقول: وهذا وإن كان فيه طعن بالإمام الطبري وأنه ينسب للسلف ما لم يقولوه، سأنقل بعض من قال بتأويل اليد من السلف وسيكون ذلك بمثابة صدمة لهؤلاء المتنطعين:
-قال الطبري ناقلا أقوال بعض السلف في تأويل اليد في قوله تعالى: {قالت اليهود يد الله مغلولة} بالبخل:
١- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: " وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا "، قال: ليس يعنون بذلك أن يد الله موثقةٌ، ولكنهم يقولون: إنه بخيل أمسك ما عنده، تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيًرا.
٢-حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا " إلى وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ، أما قوله: " يد الله مغلولة "، قالوا: الله بخيل غير جواد! قال الله: " بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء ".
٣-حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا أبو تميلة، عن عبيد بن سليمان، عن الضحاك بن مزاحم قوله: " يد الله مغلولة "، يقولون: إنه بخيل ليس بجواد!.
أقول(عبدالناصر): في هذه النصوص ينقل الطبري تأويل ابن عباس رضي الله عنهما وقتادة والضحاك تأويلهم لقوله تعالى: {قالت اليهود يد الله مغلولة} بالبخل.
-وقال ابن كثير في تفسير قول تعالى: {وقالت اليهود يد الله مغلولة}: ((وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: ( وقالت اليهود يد الله مغلولة ) قال: لا يعنون بذلك أن يد الله موثقة ولكن يقولون: بخيل أمسك ما عنده، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا .
وكذا روي عن عكرمة وقتادة والسدي ومجاهد والضحاك وقرأ: {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا}. يعني : أنه ينهى عن البخل وعن التبذير، وهو الزيادة في الإنفاق في غير محله، وعبر عن البخل بقوله: {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك} )). انتهى.
أقول(عبدالناصر): في هذا النص ينقل ابن كثير عن ابن عباس رضي الله عنهما وعن عكرمة وقتادة والسدي ومجاهد والضحاك أنهم جميعا يؤولون (يد الله مغلولة) بأن الله بخيل أمسك ما عنده، تعالى الله عما يصفون، وهؤلاء هم أئمة السلف في التفسير فماذا بقي للوهابية!!!
-وقال القرطبي في تفسير قوله تعالى: {بل يداه مبسوطتان}: ((قال السدي ; معنى قوله يداه قوتاه بالثواب والعقاب.))
أقول(عبدالناصر): وهذا النقل من القرطبي عن السدي ينهي زعم الوهابية بأن أحد من السلف لم يؤول اليدين بالقوة، بل هنا أوّل السدي اليدين بقوتي الله بالثواب والعقاب.
وقد ينتهي الأمر بمشاغبة هؤلاء بأن يقول مشاغبهم: نحن نتكلم عن عدم تأويل قوله تعالى: {ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي}.
أقول(عبدالناصر): أنا في هذا المقال لا أرجح التأويل على الإثبات وإنما أبطل زعم الوهابية أن السلف لم يؤولوا الإضافات الخبرية وخاصة اليد بالقوة والنعمة، وقد بان أنهم جهال أو مدلسون، ويلزمهم أن يصفوا كبار السلف بالجهمية والزندقة وإلا وجب عليهم أن يعتذروا عن جهلهم واتهامهم كبار أعلام الأئمة من ساداتنا الأشاعرة بالتجهم والزندقة.
وليس بعد الحق إلا الضلال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق