الاثنين، 29 ديسمبر 2025

مشروعية قراءة الفاتحة عند عقد الزواج

 ****مشروعية قراءة الفاتحة عند عقد الزواج****

يجوز قراءة فاتحة الكتاب عند عقد الزواج، بل يُستحب ذلك تبركًا وتيامنًا، لما لها من خصوصية ظاهرة في إنجاح المقاصد، وتيسير الأمور، وقضاء الحوائج، وإجابة الدعاء، وقد جرى على ذلك عمل المسلمين سلفًا وخلفًا من غير نكير.
أولًا: الأصل العام في مشروعية ذلك
قراءة الفاتحة داخلة في عموم استحباب تلاوة القرآن في كل زمان ومكان وحال، ما لم يرد نهي خاص. وقد جاءت النصوص الشرعية مطلقة في الحث على قراءة القرآن، كقوله تعالى:
﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ…﴾
تفسير سورة فاطر، آية 29
وقول النبي ﷺ:
«اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ»
رواه مسلم
والقاعدة الأصولية المقررة أن الأمر المطلق يؤخذ على إطلاقه، ولا يجوز تقييده أو تخصيصه بلا دليل، وإلا كان ذلك تضييقًا لما وسّعه الله ورسوله.
كما أن ترك النبي ﷺ لفعلٍ معيّن لا يدل على منعه، وهي قاعدة مجمع عليها عند أهل العلم، ويعبّر عنها الأصوليون بقولهم: «الترك ليس بحجة».
ثانيًا: خصوصية سورة الفاتحة
ورد في النصوص الشرعية ما يدل على أن لسورة الفاتحة منزلة وخصوصية ليست لغيرها، قال تعالى:
﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ﴾
تفسير سورة الحجر، آية 87
وقال النبي ﷺ:
«الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِينَ هي السبعُ المثاني والقرآنُ العظيمُ الذي أوتيتُه»
رواه البخاري
وقال ﷺ لجابر بن عبد الله رضي الله عنهما:
«فاتحةُ الكتاب… فيها شفاءٌ من كل داء»
رواه البيهقي
وقد شُرعت قراءة الفاتحة في كل ركعة من الصلاة، وجُعلت ركنًا لا تصح الصلاة إلا بها، كما شُرعت وحدها في صلاة الجنازة، وكل ذلك يدل على علو شأنها.
ثالثًا: فعل الصحابة والسلف
ثبت أن الصحابي أبا سعيد الخدري رضي الله عنه رقى بالفاتحة مريضًا فبرئ، ولم ينكر عليه النبي ﷺ، بل قال:
«وما يُدريك أنها رُقية»
متفق عليه
كما نُقل عن السلف استعمالها لقضاء الحوائج ونجاح الأمور، قال عطاء رحمه الله:
«إذا أردتَ حاجةً فاقرأ بفاتحة الكتاب تُقضى إن شاء الله»
إبراز كلام ابن تيمية
نقل تلميذه أبو حفص البزّار في الأعلام العليّة أن:
ابن تيمية كان يقرأ الفاتحة ويكررها من بعد الفجر إلى ارتفاع الشمس، ويجعلها وِرْدًا له.
ولو كان تخصيص الفاتحة وِردًا بدعةً، لكان أولى الناس بإنكار ذلك هو ابن تيمية نفسه، وهو المعروف بتشدده في هذا الباب، مما يدل على جواز ذلك وسعته شرعًا.
إبراز كلام الإمام ابن القيم
قال الإمام ابن القيم في زاد المعاد كلامًا نفيسًا يبين عظيم شأن الفاتحة:
فاتحة الكتاب هي الشفاء التام، والدواء النافع، والرقية الكاملة، ومفتاح الغنى والفلاح، ودافعة الهم والغم والخوف والحزن… ومن عرف قدرها وأحسن تنزيلها على دائه أغنته عن كثير من الأدوية والرُّقى.
وقال أيضًا في إعلام الموقعين:
وكان بعض السلف يقرأ الفاتحة عند الإفتاء، وجربنا نحن ذلك فرأيناه أقوى أسباب الإصابة.
وهذا يدل على استعمالها في استفتاح الأمور المهمة، ومنها عقد الزواج.
رابعًا: أقوال الفقهاء
نص الفقهاء من المذاهب الأربعة على استحسان قراءة الفاتحة في مواضع متعددة:
عند الدعاء
عند الطعام
بعد الصلوات
عند الوداع
عند نزول البلاء
وعند قضاء الحوائج
وكل ذلك يدل على أن قراءتها عند عقد النكاح أولى وأجدر؛ لأنه من أعظم شؤون الحياة....وصل اللهم على سيدنا و مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم...
منقول من الياس ايت سي العربي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق