تابعت المناظرة التي وقعت بين الهنديين الشيخ شمائل الندوي والملحد جاويد أختار، حول وجود الله سبحانه وتعالى.
وهذه المناظرة التي انتصر فيها الشيخ شمائل انتصارا باهرا دليل آخر على أهمية علم الكلام فيما وضع له؛ وهو رد شبه الملحدين والمبتدعة والمعاندين، ومركزيته بين علوم الشرع. فلو لم يكن الشيخ متسلحا بهذا العلم متضلعا بهذا الفن، معتقدا عقيدة أهل السنة والجماعة في ذات الله وصفاته وأفعاله، لما استطاع ردع شبهات الخصم الملحد وتضعيفها بالحجج والبراهين التي جعلت آلاف الناس يعتنقون الاسلام بعد هذه المناظرة. وإليك ملخصها:
سياق المناظرة:
أوضح مدير الحوار أن هذه المناظرة ليست ترويجا لدين معين أو تقليلا من شأن دين آخر، بل هي نقاش فكري جاد.
التعريف بالمناظرين:
تم التعريف بالمناظرين وهم: الشيخ المفتي شمائل الندوي، باحث إسلامي مرشح للدكتوراه من ماليزيا، وجاويد أختار، شاعر وكاتب سينمائي ملحد ومعروف بتوجهاته العقلانية.
مرافعات المفتي شمائل الندوي حول إثبات وجود الله:
تركزت حجج الشيخ شمائل الندوي على علم الكلام والمنطق، مبتعدا غاية الابتعاد عن الاستدلال بالنصوص الدينية لكونها غير ملزمة لخصمه.
فعندما زعم الخصم بأن العلم الحديث رغم تقدمه لم يستطع أن يثبت وجود الله أجابه الشيخ بأن العلم ليس المعيار المطلق: العلم science لا يملك الأدوات لإثبات أو نفي وجود الله؛ لأن العلم يتعامل مع الأدلة التجريبية والمادية، بينما الله حقيقة غير مادية وفوق طبيعية. واستخدم الشيخ شمائل مثالا لتوضيح ذلك قائلا: جهاز كشف المعادن لا يمكنه كشف البلاستيك لتغاير طبيعتهما، مؤكدا أن استخدام العلم التجريبي للبحث عن الله هو استخدام لأداة خاطئة.
حجة الإمكان (Contingency):
طرح الشيخ شمائل مثال (الكرة الوردية) في جزيرة معزولة ليثبت للخصم حاجة الممكن إلى مرجح يرجح وجوده أو عدمه؛ فكما يتساءل المرء عن سبب وجود هذه الكرة وشكلها، فإن الكون بأسره بخصائصه المحددة يستوجب وجود مسبب. وهذا من باب أن كل شيء في الكون ممكن الوجود أي معتمد في وجوده على غيره، وهذا يتطلب وجود واجب الوجود (Necessary Being) الذي يكون أزليا ومختارا، فيرجح حدوث الممكنات وعدمها.
الأخلاق الموضوعية:
استدل الشيخ شمائل على أن الإيمان بالله هو الأساس الوحيد للأخلاق الموضوعية. وبدون الله، تصبح الأخلاق ذاتية أو مرتبطة برأي الأغلبية (التحسين والتقبيح العقليين) وهو ما قد يبرر الجرائم البشعة إذا وافقت عليها الجماعة. مثال ذلك أن الكون أشبه ما يكون بالسيارة؛ حيث يمثل العلم التجريبي الكاتلوج الذي يشرح كيفية عمل المحرك، لكن وجود الكاتلوج لا ينفي وجود مصمم صنع السيارة ووضع فيها هذا المحرك.
مشكلة الشر:
زعم جاويد بأن الشر في العالم دليل على أن الإله المزعوم ليس رحيما، فأجابه الشيخ سمائل بأن الله ليس رحيما فحسب، بل هو حكيم وعليم أيضا. وقال إن وجود الشر ضروري لتعريف الخير ولتحقيق الاختبار البشري؛ فبدون الإرادة الحرة والقدرة على فعل الشر، لا يكون هناك معنى للحساب.
أزلية الكون:
زعم جاويد أختر أن الكون (أو الأكوان المتعددة) قد يكون أزليا دون حاجة لخالق فرد عليه الشيخ شمائل بأن هذا مستحيل منطقيا لأن الكون خاضع للزمان والمكان، وكل ما هو محدود له بداية ونهاية.
حرية الإرادة:
ادعى الملحد جاويد أن وجود مليارات الإرادات الحرة المتصادمة يجعل من الصعب جدا نسبة الأحداث الصادرة عنها لإرادة إلهية واحدة، فرد عليه الشيخ شمائل لا يصعب ذلك ما دام أن الأحداث لا تصدر إلا من محدث، فقال الملحد حتى إرادة الجرائم؟ فرد عليه الشيخ الجرائم (مثل الاغتصاب) هي نتيجة لسوء استخدام البشر لإرادتهم الحرة، وليست خطأ الخالق.
يمكن تشبيه موقف المتناظرين بشخصين يشاهدان مسرحية؛ يرى الشيخ شمائل الندوي أن دقة الحوارات والديكور تستلزم وجود مؤلف ومخرج خلف الكواليس لا يراه الجمهور.
بينما يرى الملحد جاويد أختار أن غياب المخرج عن الخشبة ومعاناة بعض الممثلين أثناء العرض دليل على أن المسرحية تسير بشكل عشوائي أو أنها مجرد ارتجال بشري لا مخرج له.
تخيل لو أن السيخ شمائل ممن يثبتون لله حقائق الأعضاء والحدود والتحيز ويجيزون قيام الحوادث به؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق