الاثنين، 15 ديسمبر 2025

رجوع ابن تيمية إلى القول بالتوسل



 النص المُثْبِت رجوع ابن تيمية إلى القول بالتوسل، موافقا لقول الجمهور!

بقلم: خادم الجناب النبوي الشريف
محمد إبراهيم العشماوي
أستاذ الحديث الشريف وعلومه في جامعة الأزهر الشريف
نشرنا مقطع فيديو أمس جوابا عن أسئلة الطلاب في الجامعة الأزهرية، نقرر فيه رجوع ابن تيمية إلى القول بالتوسل، بعد أن أنكره، فوافق بذلك جمهور الفقهاء، بل جمهور الأمة، فكذَّب ذلك بعض الناس في التعليقات، فأحببت أن أوثق كلامي، كعادتي؛ فإنني لا أومن إلا بالعلم والنقل الموثق!
قال الحافظ ابن كثير، تلميذ ابن تيمية المخلص، وصديقه المقرب، في تاريخه الحافل، المسمى: [البداية والنهاية]، في حوادث سنة (٧٠٧ هجرية)، نقلا عن عَلَم الدين البِرْزَالي، تلميذ ابن تيمية المخلص، وصديقه المقرب، كذلك، وكان ابن تيمية يحبه، ويثني عليه:
"قال البِرزالي: "وفي شوال منها - أي: من سنة ٧٠٧ هجرية - شكى الصوفية، بالقاهرة، على الشيخ تقي الدين - يعني: ابن تيمية - وكلامه في ابن عربي، وغيره، إلى الدولة، فردُّوا الأمر في ذلك إلى القاضي الشافعي، فَعُقِدَ له مجلسٌ، وادعى عليه ابن عطاء بأشياء، فلم يثبت عليه منها شيء، لكنه قال: "لا يُستغاث إلا بالله، ولا يُستغاث بالنبي - صلى الله عليه وسلم - استغاثة بمعنى العبادة، ولكن يُتوسل به، ويُتشفع به إلى الله!".
فبعض الحاضرين قال: "ليس عليه في هذا شيء"، ورأى القاضي بدر الدين بن جماعة أن هذا فيه قلة أدب!
فحضرت رسالة إلى القاضي أن يَعمل معه ما تقتضيه الشريعة، فقال القاضي: "قد قلت له ما يقال لمثله!".انتهى.
قلت: وفي هذا النص من الفوائد:
أن ابن تيمية كان مزعجا - بآرائه - لكل طوائف المسلمين، من فقهاء ومتكلمين وصوفية وغيرهم، وأن آراءه قد أحدثت فتنة بين المسلمين، حتى كان يُرفع فيها الأمر إلى القضاء، لكف شرها عن المسلمين!
ومنها: أنه اشتهر عنه إنكار التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم، حتى خاصمه الصوفية إلى القضاء، لشدة تعظيمهم للجناب النبوي الشريف، فرأوا في إنكار التوسل بحضرته؛ قلة أدب مع النبي صلى الله عليه وسلم، كما قال له القاضي بدر الدين بن جماعة!
ومنها: أن آخر الأمرين منه؛ الرجوع عن القول بحرمة التوسل؛ إلى القول بصحة التوسل، فوافق بذلك الجمهور، وإنما حرم الاستغاثة، لكن لا مانع عنده من التوسل، كما هو واضح وضوح الشمس في هذه الحكاية الموثقة بنقل تلاميذه المقربين!
والفرق بين التوسل والاستغاثة؛ أن الاستغاثة دعاء المستغاث به، والتوسل دعاء الله، استشفاعا بالمتوسَّل به!
فهل رجع ابن تيمية مراوغة وتَقِيَّة - وهذا مما لا يليق به - أم رجع إقرارا الحق؟!
وأيا ما كان فإنه يتبين لنا - بجلاء ووضوح - مقدار التدليس المتعمد، بإخفاء هذا النص الواضح، الذي يفيد رجوع ابن تيمية إلى قول الجمهور، بجواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم!
وبالله التوفيق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق