الثلاثاء، 11 يونيو 2013

الزيتونة ترفض عقيدة التجسيم الوهابية


إن أسباب رفض العقيدة الوهّابية كثيرة،
أهمّها مخالَفتها للحق، ثم مخالفتها لما اتفق عليه أهل الحق،
ثم لما أحدثته من فتن وفرقة بين السُّنيين، ثم لما استبيح من دماء المسلمين بسببها، والأسباب كثيرة ومتعددة.
لكني هنا سأقتصر على ذكر مثال واحد
يبيّن مخالَفة العقيدة الوهابية كليّا لما كان يقرّره إمام أهل السُّنة
في تونس الشيخ العلامة محمد الطاهر بن عاشور،
ويبيّن أيضا أن دخول الوهابية إلى تونس سيؤدي حتما إلى تكفير
علمائنا الأبرار وتضليلهم، وعندها تشتعل نار الفتن أجارنا الله منها.
قال الشيخ الإمام محمد الطاهر بن عاشور رحمه الله في تفسيره شارحاً للحديث الوارد في صحيح البخاري وهو أن يهوديا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد إن الله يمسك السموات على إصبع، والأرضين على إصبع، والجبال على إصبع، والشجر على إصبع ، والخلائق على إصبع، ثم يقول: أنا الملك، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه: 
«وإنما كان ضحك النبي صلى الله عليه وسلم استهزاءً بالحَبر في ظنه أن الله يفعل ذلك حقيقةً، وأن له يداً وأصابع حسب اعتقاد اليهود التجسيم، ولذلك أعقبه بقراءة: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ﴾ [الزمر: ٦٧]
لأن افتتاحها يشتمل على إبطال ما توهّمه الحَبر ونظراؤه من الجسمية، وذلك معروف من اعتقادهم، وقد ردّه القرآن عليهم غيرَ مرة مما هو معلوم، فلم يحتج النبي صلى الله عليه وسلم إلى التصريح بإبطاله، واكتفى بالإِشارة التي يفهمها المؤمنون، ثم أشار إلى أن ما توهمه اليهودي توزيعاً على الأصابع إنما هو مجاز عن الأخذ والتصرّف.
(التحرير والتنوير، ج23/ص64)

هذا هو تفسير شيخ جامع الزيتونة الإمام العلامة الفقيه الأصولي ابن عاشور للحديث الشريف، وهو يتوافق مع محكَمات الشرع وقواعد العقل وذوق لغة العرب، ويتناقض كليا مع عقائد اليهود وعقائد الوهّابية. 

فالوهابية موافقون لليهود في إثبات الأجزاء والأبعاض المسماة بالأصابع واليد الحقيقية لله تعالى عن قولهم، بدليل أنهم يرفضون تنزيه الله عن الجسمية وعن لوازمها كالتحيز. 

ولذلك يقول أحد رؤسائهم المتعصبين وهو ابن عثيمين: "ومن فوائد الحديث: إثبات الأصابع لله عز وجل لإقراره صلى الله عليه وسلم هذا الحبر على ما قال. والإصبع إصبع حقيقي يليق بالله عز وجل، كاليد، وليس المراد بقوله "على إصبع" سهولة التصرف في السماوات والأرض، كما يقوله أهل التحريف. (مجموع فتاوى ابن عثيمين، ج10/ص388)
فانظر إلى التناقض الشديد بين تفسير الإمام ابن عاشور وتحريف ابن عثيمين للحديث الشريف، وانظر كيف يعتقد الوهابية في علماء الزيتونة أنهم محرّفون، ولهذا صرّح أحد رؤوس الفتنة في تونس من الوهّابية بشير بن حسن أن أهل السّنة يحرفون معاني القرآن، وكلامه مأخوذ من كلام المتعصب ابن عثيمين، ولكن الفرق بين أهل السُّنة وبينهم أنهم شواذ لا سند لهم في العلم ولا يوافقهم جمهور علماء أهل السُّنة في شذوذهم، وأما كلام الشيخ ابن عاشور فله شواهد لا تحصى من كلام الأئمة.

هل علمتَ يا أخى  سبب استحالة الجمع بين العقيدة الوهابية الشاذة، وبين عقيدة علماء أهل السُّنة عامة
وأهل مصر الأزهر وتونس والزيتونة خاصة؟

وهل علمتَ سبب رفض دخول الوهابية إلى تونس وهو تجنب الفتنة الواقعة لا محالة بأيّ بلد سُنّي حلُّوا فيه؟

وهل علمتم لماذا لا نصدق الشيخ محمد حسان عندما يقول بأنه تلميذ الشيخ ابن عاشور في حين أنه تلميذ ابن عثيمين، ولا يمكن الجمع بين هذا وذاك؟

والخلافات العقدية كثيرة بين أهل السُّنة في تونس والوهابية السعودية، وأخطرهم اعتقادهم وتصريحهم بوقوع أهل تونس في الشرك الأكبر المخرج من الملة، واعتقادهم أن علماء الزيتونة يجهلون التوحيد الصحيح، وقس على ذلك.
نسأل الله تعالى أن يكفي بلادنا شرّ الوهابية، وشرّ من يريد إدخالها وترويجها في تونس لأهداف سياسية، وندعوه سبحانه أن يهيأ للزيتونة أمرا رشدًا تعود فيه إلى بثّ العلم النافع بعد أن عطّله العَلْمانيون الذين لُعِنُوا بسبب محاربتهم للزيتونة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق