الجمعة، 18 يوليو 2014

الصحابة والسلف الصالح يقرون ويشهدون إدخال الحجرة النبوية فى المسجد

فقد كانت التوسعة وإدخال القبر الشريف ما بين عام 88 – 91 هـ
أى إنها فى القرن الأول وهو خير القرون على الإطلاق وهم السلف الصالح رضوان الله عليهم  الذين يتشدق البعض بمتابعتهم قولا وفعلا 
ولم ينكر إدخال القبر أحد من العلماء ولا التابعين ولا تابع التابعين 
وقد كان حيا في هذه الفترة بعض الصحابة الكرام فمنهم على سبيل المثال لا الحصر: 
1_ قال أبو عبدالله الرازي في مشيخته (218/1) عن محمد بن الربيع الحيزري :" توفي سهل بن سعدبالمدينة وهو ابن مائة سنة وكانت وفاته سنة إحدى وتسعين وهو آخر من مات بالمدينة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم . انتهى
2_ سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه
قال ابن كثير في البداية والنهاية في ترجمة سيدنا أنس بن مالك
(قد اختلف المؤرخون في سنة وفاته، فقيل‏:‏ سنة تسعين، وقيل‏:‏ إحدى وتسعين، وقيل‏:‏ ثنتين وتسعين، وقيل‏:‏ ثلاث وتسعين، وهذا هو المشهور وعليه الجمهور، والله أعلم‏.‏ وقال الإمام أحمد‏:‏ حدثني أبو نعيم، قال‏:‏ توفي أنس بن مالك وجابر بن زيد في جمعة واحدة، سنة ثلاث وتسعين‏.‏)انتهى كما في البداية والنهاية (9/109)

3_ وسيدنا أبو الطفيل عامر بن واثلة
وكان حيا ومات سنة مائة. وقيل: سنة سبع ومائة
وترجمته في البداية والنهاية الجزء التاسع
وكذلك في كتاب الاستيعاب في معرفة الأصحاب - لابن عبد البر ج4/259 رقم (3084) طبع دار الكتب العلمية

والذي باشر أمر البناء والتوسعة وإدخال القبر في المسجد
هو العالم الزاهد التابعي الجليل عمر بن عبد العزيز رحمه الله.

يقول الحافظ بن كثير في هذا الشأن في( البداية والنهاية)
في ترجمة عمر بن عبد العزيز
( وبنى في مدة ولايته هذه مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ووسعه عن أمر الوليد له بذلك، فدخل فيه قبر النبي صلى الله عليه وسلم) انتهى

وأفتى بجواز ذلك العلماء الأعلام من رؤوس التابعين:

جاء في سيرة عمر بن عبد العزيز لابن الجوزي صـ41 ـ42(عندما جاء الناس للسلام على الأمير الجديد بالمدينة وصلى، دعا عشرة من فقهاء المدينة
وهم عروة بن الزبير، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وأبو بكر بن سليمان بن أبي خيثمة، وسليمان بن يسار، والقاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله بن عمر، وأخوه عبد الله بن عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عامر بن ربيعة وخارجة بن زيد بن ثابت، فدخلوا عليه، فجلسوا فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: إني دعوتكم لأمر تؤجرون عليه، وتكونون فيه أعواناً على الحق، إني لا أريد أن أقطع أمراً إلا برأيكم أو برأي من حضر منكم، فإن رأيتم أحداً يتعدى، أو بلغكم عن عامل لي ظلامة، فأحرّج الله على من بلغه ذلك إلا أبلغني )

وينص ابن كثير أنه استشار الفقهاء العشرة في شأن بناء المسجد النبوي وتوسعته فيقول في البداية والنهاية ( ........... فجمع عمر بن عبد العزيز وجوه الناس والفقهاء العشرة وأهل المدينة وقرأ عليهم كتاب أمير المؤمنين الوليد .........) انتهى

ولم يثبت أنه خالف في جواز إدخال القبر في المسجد أحد من العلماء رحمهم الله كما تزعمون معاشر الوهابية .
واما إنكار ابن المسيب لهدم الحجرات فقد جاء بيان سبب ذلك كمافى طبقات ابن سعد فقال(أخبرنا محمد بن عمر قال عطاء فسمعت سعيد بن المسيب يقول يومئذ والله لوددت أنهم تركوها على حاله ينشأ ناشئ من أهل المدينة ويقدم القادم من الأفق فيرى ما اكتفى به رسول الله فى حياته فيكون ذلك مما يزهد الناس فى التكاثر والتفاخر فيها، يعنى الدنيا»
الطبقات لابن سعد (168/8)

وتجاهل الوهابية أن ذلك كان في حياة بعض الصحابة وتجاهلوا وجود الفقهاء العشرة للمدينة واستشارةالتابعي الزاهد عمر بن عبدالعزيز لهم وكلهم من رؤوس التابعين .

وفيما يلي فتوى لمفتيهم حول إدخال القبر النبوي الشريف داخل المسجد النبوي وهو ما يعدونه فعلا شركيا أترككم معها ثم نستعرض الكذب والتدليس الذي ورد فيها معا :

السؤال : هل الصلاة في مسجد فيه قبر يختلف عن الذي فيه قبران أو ثلاثة ، وما الحكمة من وجود قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه في المسجد النبوي ؟

الجواب ( ابن باز )
( أما احتجاج بعض الجهلة بوجود قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وقبر صاحبيه في مسجده فلا حجة في ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم دفن في بيته وليس في المسجد ، ودفن معه صاحباه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما ، ولكن لما وسع الوليد بن عبد الملك بن مروان المسجد أدخل البيت في المسجد؛ بسبب التوسعة ، وغلط في هذا ، وكان الواجب أن لا يدخله في المسجد؛ حتى لا يحتج الجهلة وأشباههم بذلك ، وقد أنكر عليه أهل العلم ذلك ، فلا يجوز أن يقتدى به في هذا، ولا يظن ظان أن هذا من جنس البناء على القبور أو اتخاذها مساجد؛ لأن هذا بيت مستقل أدخل في المسجد؛ للحاجة للتوسعة ، وهذا من جنس المقبرة التي أمام المسجد مفصولة عن المسجد لا تضره ، وهكذا قبر النبي صلى الله عليه وسلم مفصول بجدار وقضبان,وينبغي للمسلم أن يبين لإخوانه هذا؛ حتى لا يغلطوا في هذه المسألة .
والله ولي التوفيق . ) انتهى

ويجده القارئ بتمامه هنا من موقع ابن باز نفسه :

http://www.binbaz.org.sa/last_resault.asp?hID=3576

والآن .. باستعراض هذا الكلام – الذي لن نتعرض لخطله وبطلانه إذ هو خارج مجال البحث – نستطيع أن نرصد الكذبات التالية :

1- زعمه أن الوليد بن عبدالملك هو الذي وسع المسجد النبوي وانه هو الذي أدخل القبر النبوي في المسجد بقوله ( ولكن لما وسع الوليد بن عبد الملك بن مروان المسجد أدخل البيت في المسجد؛ بسبب التوسعة )
وهذا كذب صراح وتعمية على العوام بإيهامهم أن الذي قام بإدخال القبر في المسجد هو رجل لم يعرف بالعلم والصلاح بل هو من طغاة بني أمية ..
ولكن التاريخ أيها الوهابية لا يجامل والتاريخ يخبرنا أن الذي باشر إدخال القبر في المسجد بنفسه هو الأمير الصالح والفقيه الورع والزاهد المعروف خامس الخلفاء الراشدين أمير المؤمنين عمر بن عبدالعزيز وذلك أثناء ولايته للمدينة المنورة ..
وعمر بن عبدالعزيز معروف الصلاح والتقوى والعلم فكونه قام بهذا العمل يقض مضاجع الوهابية فلا بد من الكذب كما فعل بن باز أعلاه ..

يقول الحافظ بن كثير في هذا الشأن في( البداية والنهاية)
في ترجمة عمر بن عبدالعزيز :

وبنى في مدة ولايته هذه مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ووسعه عن أمر الوليد له بذلك، فدخل فيه قبر النبي صلى الله عليه وسلم) انتهى

وقال أيضا في موضع آخر من البداية والنهاية :

( وذكر ابن جرير: أنه في شهر ربيع الأول من هذه السنة قدم كتاب الوليد على عمر بن عبد العزيز يأمره بهدم المسجد النبوي وإضافة حجر أزواج رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وأن يوسعه من قبلته وسائر نواحيه، حتى يكون مائتي ذراع في مائتي ذراع، فمن باعك ملكه فاشتره منه وإلا فقوِّمه له قيمة عدل ثم اهدمه وادفع إليهم أثمان بيوتهم، فإن لك في ذلك سلف صدق عمر وعثمان.......... وأرسل الوليد إليه فعولاً كثيرة، فأدخل فيه الحجرة النبوية - حجرة عائشة - فدخل القبر في المسجد، وكانت حده من الشرق وسائر حجر أمهات المؤمنين كما أمر الوليد، وروينا أنهم لما حفروا الحائط الشرقي من حجرة عائشة بدت لهم قدم فخشوا أن تكون قدم النبي (صلى الله عليه وسلم) حتى تحققوا أنها قدم عمر رضي الله عنه ) انتهى من البداية والنهاية

فالذي باشر أمر البناء والتوسعة وادخال القبر في المسجد هو العالم الصالح الزاهد التابعي عمر بن عبالعزيز فلم التعمية والتدليس يا شيخ !!!؟؟؟؟ رحمك الله وغفر لك !

2- قوله : ( .. وغلط في هذا – أي إدخال القبر في المسجد - ، وكان الواجب أن لا يدخله في المسجد؛ حتى لا يحتج الجهلة وأشباههم بذلك )
فابن باز هنا يغلط الذي أدخل القبر في المسجد أي أنه يشنع ويغلط عمر بن عبدالعزيز الذي هو من التابعين ومن السلف الصالح فسبحان الله كيف أتى رجل بعد 14 قرنا من الزمان ليصحح عقيدة التابعين والسلف ويزعم أنه أعلم بالعقيدة الصحيحة منهم وأعلم بسد الذرائع المفضية إلى الشرك منهم .

بل الأخزى أنه لا يصحح ويغلط عمر بن عبدالعزيز فقط بل كل فقهاء المدينة المنورة العشرة على زمانه إذ يخبرنا التاريح أن عمر لم يقم بما قام به من توسعة تشمل إدخال القبر إلا بعد ان شاور أهل العلم في المدينة المنورة كما هو عهده :

يقول ابن كثير في شأن عمر وكيف أنه لم يكن يفعل أمر إلا بعد مشاورة الفقهاء العشرة :
(........... كان إذا وقع له أمر مشكل جمع فقهاء المدينة عليه، وقد عين عشرة منهم، وكان لا يقطع أمراً بدونهم أو من حضر منهم، وهم عروة، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وأبو بكر بن سليمان بن خيثمة، وسليمان بن يسار، والقاسم بن محمد بن حزم، وسالم بن عبد الله، وعبد الله بن عامر بن ربيعة، وخارجة بن زيد بن ثابت. ) البداية والنهاية من ترجمة عمر بن عبدالعزيز

وينص ابن كثير أنه استشار الفقهاء العشرة في شأن بناء المسجد النبوي وتوسعته فيقول في البداية والنهاية :
( ........... فجمع عمر بن عبد العزيز وجوه الناس والفقهاء العشرة وأهل المدينة وقرأ عليهم كتاب أمير المؤمنين الوليد .........) انتهى

قد يقول وهابي أن قول ابن كثير فيهِ أكبر دليل على أن الذي فعل ذلك هو الوليد وليس الخليفة الراشد عمر أبن عبد العزيز !
فأقول لهُ حتى ولو كان ذلك فلماذا يُنفذ أمرهُ الخليفة الراشد ؟؟؟
انا أجيبك / لأنهُ يخاف في الله لومة لائم ويطيع المخلوق في معصية الخالق . اليس كذلك ؟؟

فسبحان الله .. الأمر تم بيد التابعي الجليل والفقيه التقي عمر بن عبدالعزيز وبعد مشورة الفقهاء العشرة ثم يأتي ابن باز ليقول أن كل هؤلاء غلطوا وأنه أعلم بالتوحيد منهم !!!!!؟؟ لماذا الغرور يا شيخ غفر الله لك ورحمك !!!!!؟؟؟؟؟؟؟؟

3- قوله : (وقد أنكر عليه أهل العلم ذلك ، فلا يجوز أن يقتدى به في هذا ) انتهى
وهذه كذبة أوضح من سابقاتها وأعظم وأطم وعلى المدعي البينة
لنرى ما يقول التاريخ في ذلك والتاريخ لا يكذب ولا يحابي حتى الوهابية رغم البترودولار :

يقول ابن كثير في البداية والنهاية :

( فجمع عمر بن عبد العزيز وجوه الناس والفقهاء العشرة وأهل المدينة وقرأ عليهم كتاب أمير المؤمنين الوليد، فشق عليهم ذلك وقالوا: هذه حجر قصيرة السقوف وسقوفها من جريد النخل، وحيطانها من اللبن، وعلى أبوابها المسوح، وتركها على حالها أولى لينظر إليها الحجاج والزوار والمسافرون، وإلى بيوت النبي (صلى الله عليه وسلم) فينتفعوا بذلك ويعتبروا به، ويكون ذلك أدعى لهم إلى الزهد في الدنيا، فلا يعمرون فيها إلا بقدر الحاجة وهو ما يستر ويُكن، ويعرفون أن هذا البنيان العالي إنما هو من أفعال الفراعنة والأكاسرة، وكل طويل الأمل راغب في الدنيا وفي الخلود فيها.

فعند ذلك كتب عمر بن عبد العزيز إلى الوليد بما أجمع عليه الفقهاء العشرة المتقدم ذكرهم، فأرسل إليه يأمره بالخراب وبناء المسجد على ما ذكر، وأن يعلى سقوفه.
فلم يجد عمر بداً من هدمها، ولما شرعوا في الهدم صاح الأشراف ووجوه الناس من بني هاشم وغيرهم، وتباكوا مثل يوم مات النبي (صلى الله عليه وسلم)، وأجاب من له ملك متاخم للمسجد للبيع فاشترى منهم، وشرع في بنائه وشمر عن إزاره واجتهد في ذلك، وأرسل الوليد إليه فعولاً كثيرة، فأدخل فيه الحجرة النبوية - حجرة عائشة - فدخل القبر في المسجد، وكانت حده من الشرق وسائر حجر أمهات المؤمنين كما أمر الوليد، وروينا أنهم لما حفروا الحائط الشرقي من حجرة عائشة بدت لهم قدم فخشوا أن تكون قدم النبي (صلى الله عليه وسلم) حتى تحققوا أنها قدم عمر رضي الله عنه، ويحكى أن سعيد بن المسيب أنكر إدخال حجرة عائشة في المسجد - كأنه خشي أن يتخذ القبر مسجداً - والله أعلم. ) انتهى من البداية والنهاية .

فإذن نخلص للآتي :

- نصح أهل العلم عمر بن عبدالعزيز بترك الحجرات على حالها وعدم هدمها استبقاء لآثار النبي صلى الله عليه وسلم وعبرة لمن يأتي من أجيال ليروا عيش نبيهم الكريم وزهده لا إنكارا لإدخال القبر في المسجد واعتبارا له من الأفعال الشركية كما يريد ابن باز والوهابية أن يوهمونا : (وتركها على حالها أولى لينظر إليها الحجاج والزوار والمسافرون، وإلى بيوت النبي (صلى الله عليه وسلم) فينتفعوا بذلك ويعتبروا به، ويكون ذلك أدعى لهم إلى الزهد في الدنيا )
- صاح الأشراف وبنو هاشم بكاء على آثار النبي وحنينا إليها ولو كان الوهابية هناك ذلك اليوم لضربوهم بالسياط معتبرين ذلك من النواح ومن تعظيم آثار لا تضر ولا تنفع وذلك شرك عندهم فسبحان الله !!!!!
- الذي أنكر ادخال القبر في المسجد هو سعيد بن المسيب فقط وليس كل ( اهل العلم ) كما يريد لنا شيخ الوهابية أن نظن وهذا اجتهاد منه رضي الله عنه وإنكاره هذا إنما هو خشية أن يأتي جاهل فيصلي إلى القبر ويتحذه مسجدا مما يعني أنه كان يرى أن هذا الإدخال يجعل القبر فعلا جزء من المسجد وداخله حسب رؤية سعيد بن المسيب بخلاف ما يزعم الوهابية من أن القبر مفصول بجدر تفصله فتأمل .فالذي أنكر هو سعيد بن المسيب فقط، وروى ذلك بن كثير بصيغة تمريض فقال ( ويحكى ) أي أن إنكاره غير محقق وغير ثابت حصوله ، وذلك في مقابلة موافقة الفقهاء العشرة البقية كلهم المتحقق والثابت حصولها بالاضافة إلى إشراف الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز بنفسه على الأمر فلم يبق لرأي سعيد بن المسيب رضي الله عنه إن صح الخبر عنه مقام ولا وجاهة.

اتقوا الله يا وهابية .. ألا تعلمون أن حبل الكذب قصير وأن نصرة الدين بالكذب والتعمية على العوام الذين لا يجدون وقتا للبحث والتنقيب بانفسهم تعني شيئا واحد : أن دينكم دين زور وتحريف وبهت وغش وهو قطعا ليس الدين الذي كان عليه سلف الأمة فاتقوا الله

حسبنا الله ونعم الوكيل .. اللهم فرج عن أمتك وفك سراح المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى يا رب العالمين !!!!

 سيدنا سعيد بن المسيب (رضي الله عنه) لم يعترض على دخول الحجرة النبوية الشريفة في المسجد النبوى الشريف وذلك للآتي:
أن الفقيه الإمام سعيد بن المسيب ما أنكر ذلك وإنما جملة (كأنه خشي أن يتخذ القبر مسجدا) هذا من تعليل الحافظ ابن كثير (رحمه الله) ولم يذكر لنا الحافظ ما سنده في ذلك. وكذلك ذكر الحافظ ابن كثير ما ورد عن سعيد بن المسيب بصيغة التمريض (حكي) وهذا يدل على ضعف ما ذُكر عنه.
ولقد ذكر ابن سعد في (الطبقات) سبب اعتراض الإمام سعيد بن المسيب - (رضي الله عنه) - على دخول الحجرات الشريفة إلى المسجد النبوي في التوسعة فقال:
قال عطاء: فسمعت سعيد بن المسيب يقول يومئذ: والله لوددت أنهم تركوها على حالها ينشأ ناشئ من أهل المدينة. ويقدم القادم من الأفق فيرى ما اكتفى به رسول الله ﴿صلَّى الله عليه وآله وسلَّم﴾ في حياته. فيكون ذلك مما يزهد الناس في التكاثر والتفاخر.( الطبقات الكبرى لمحمد بن شعد (1/387) ط- دار الكتب العلمية – بيروت / تحقيق محمد عبد القادر عطا.)
ولو أن المنكرين وجدوا إسنادا صحيحا لسعيد بن المسيب لأقاموا الدنيا وما أقعدوها، ولذلك تجدهم لا يذكرون ما فعله سيدنا عمر بن عبد العزيز وأقره عليه فقهاء المدينة ووجهائها بل وما ذكر أحد من أهل التاريخ أن عالما أو فقيها في هذا العصر من جميع بلاد المسلمين أنكر دخول الحجرات الشريفة في المسجد النبوي، وتجد من المنكرين إذا تعرضوا لهذه الحادثة يلجأ إلى التحريف والتدليس. بل ومنهم من يخطئ علماء السلف الصالح لإدخالهم القبور الثلاثة المشرفة في المسجد النبوي الشريف، مع أنهم يدعون أنهم أتباع السلف الصالح وما قولتهم المشهورة - (نحن نفهم الدين بفهم السلف الصالح) – عنا ببعيد فهم دائما ما يرددونها على مسامع الناس حتى يوهموا الناس بأنهم على الحق، فإن كنتم حقا أتباع السلف الصالح فلم ضربتم عرض الحائط بما أجمع عليه علماء السلف قاطبة ومعهم بعض صحابة سيدنا رسول الله ﴿صلَّى الله عليه وآله وسلَّم﴾ الذين كانوا وقت دخول الحجرات الشريفة إلى المسجد النبوي الشريف.

لا شك أنه لايجوز أن تتخذ قبور الأنبياء مساجد يصلي لها أو يسجد لها لأنه شرك مخرج من الملة .
كما أنه لا يصلى فوقها .
ولا يجوز البناء على القبور لأنه من جنس امتهانها والجلوس عليها ،فالجلوس على القبر والبناء فوق القبر كلاهما منهي عنه.
كما أنه لايجوز البناء في المقابر الموقوفة لأنه تصرف زائد على ما يقتضيه الوقف إلا إذا أذن الواقف .

وإنما المشكلة في فهم الوهابية الضال الذي ظن أن البناء حول القبر الذي يفعله المسلمون هو في معنى ما يفعله النصارى في كنائسهم حيث يصنعون الصور ويجعلون أنبيائهم أربابا من دون الله وبنوا على قبورهم مساجد لغرض عبادة ذلك النبي أو الرجل الصالح ،وصوروا فيه صورته وصورة غيره من أربابهم .وهذا الفهم للوهابية هو يخدم غرضهم الأصلي من نشأتهم وهو تكفير الأمة الإسلامية فلا غرابة في ذلك .

ولو كان فهم الوهابية صحيحاً للزم منه الأمور التالية: 
1_ أن نتيجة دفن النبي عليه الصلاة والسلام في بيت السيدة عائشةهو وجود بناء على القبر الشريف بصرف النظر عن أسبقية البناء على الدفن أو الدفن على البناء ،فلو كان النهي عن البناء هو لذات البناء لكان دفنه في البيت المبني مناقض لنهيه عليه الصلاة والسلام .فظهر أن النهي ليس لذات البناء وإنما هو لأمر خارج عنه وهو أتخاذهم أرباباً لهم يعبدونهم مع الله.

2_ أن السيدة عائشة رضي الله عنها كانت تصلي في الحجرة الشريفة وفيها ثلاثة قبور فلو كان معنى الحديث كما فهم الوهابية لكان فعلها محرماً ،وكان معصية لله تعالى حاشاها عن ذلك.فدل على أن فهم الصحابة يخالف فهم المتنطعين الوهابية .

3_ أن نتيجة إدخال القبر الشريف في المسجد النبوي هي الصلاة في مسجد فيه قبر بل قبور ثلاثة فلو كان فهم الوهابية صحيحاً لكان الناس من آخر زمن الصحابة إلى يومنا هذا هم من شر الخلق والخليقة لحديث(( إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء ، والذين يتخذون القبور مساجد "
وحاشاهم عن ذلك .

فالصلاة في المسجد النبوي أو الأموي أو غيره من مساجد أهل السنة لا يقال إنها صلاة في مسجد به قبر لأن القبر ضمن مقصورة مستقل بنفسه عن المسجد، فلا مانع من الصلاة فيه".

وقد دلت السنة على ذلك كما في حديث أبي بصير الذي رواه عبد الرزاق، عن معمر، عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، عن عروة بن الزبير، عن المسور بن مخرمة، ومروان بن الحكم قالا : «إن أبا بصير انفلت من المشركين بعد صلح الحديبية، وذهب إلى سيف البحر، ولحق به أبو جندل بن سهيل بن عمرو، أنفلت من المشركين أيضًا، ولحق بهم أناس من المسلمين حتى بلغوا ثلاثمائة وكان يصلي بهم أبو بصير، وكان يقول : الله العلي الأكبر من ينصر الله ينصرفلما لحق به أبو جندل، كان يؤمهم، وكان لا يمر بهم عير لقريش إلا أخذوها، وقتلوا أصحابها، فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم تناشده الله والرحم، إلا أرسل إليهم، فمن أتاك منهم فهو آمن، وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي جندل وأبي بصير ليقدما عليه ومن معهم من المسلمين أن يلحقوا ببلادهم وأهليهم، فقدم كتاب رسول صلى الله عليه وسلم على أبي جندل، وأبو بصير يموت، فمات وكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده يقرأه، فدفنه أبو جندل مكانه، وبنى على قبره مسجدًا »ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب، ج4 ص1614 من مغازي موسى ابن عقبة .كان يقول الإمام مالك عنها : عليكم بمغازي الرجل الصالح موسى بن عقبة، فإنها أصح المغازي، وكان يحيى بن معين يقول : كتاب موسى بن عقبة عن الزهري من أصح هذه الكتب.


أما فعل الصحابة رضي الله عنهم يتضح في موقف دفن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم واختلافهم فيه، وهو ما حكاه الإمام مالك رضي الله عنه عندما ذكر اختلاف الصحابة في مكان دفن الحبيب صلى الله عليه وسلم فقال : «فقال ناس : يدفن عند المنبر، وقال آخرون : يدفن بالبقيع، فجاء أبو بكر الصديق فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما دفن نبي قط إلا في مكانه الذي توفي فيه فحفر له فيه »، ووجه الاستدلال أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اقترحوا أن يدفن صلى الله عليه وسلم عند المنبر وهو داخل المسجد قطعًا، ولم ينكر عليهم أحد هذا الاقتراح، بل إن أبا بكر رضي الله عنه اعترض على هذا الاقتراح ليس لحرمة دفنه صلى الله عليه وسلم في المسجد، وإنما تطبيقًا لأمره صلى الله عليه وسلم بأن يدفن في مكان قبض روحه الشريف صلى الله عليه وسلم. وفي فتوى دار الإفتاء المصرية بحث شامل في هذه المسألة .

فالمشكلة بيننا ليست في قبول النصوص أو ردها بل المشكلة في فهم الوهابية المنحرف للنصوص وإنزالها على المسلمين كما فعل سلفهم من الخوارج.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق