الجمعة، 18 يوليو 2014

عملاء الصهيونية داخل المؤسسات والحركات الإصلاحية الدينية

معالم فساد المنهج في فهم قضايا التوحيد وأحكام الإسلام.
بعد أن وضعنا أيدينا على موطن الفساد والإفساد الذي تسربت إلى مناهج الأمة الإسلامية في الفكر والعلم والعقيدة والفقه، وتبين لنا بالدليل القاطع أن أعداء الإسلام ممثلين في الصهيونية والماسونية العالمية قد عملوا عبر عملائهم في داخل المؤسسات والحركات الدينية الإصلاحية والتجديدية على إتلاف وإفساد موطن قوة هذه الأمة وأعظم عوامل خروجها من كبواتها وأزماتها عبر التاريخ ألا وهو هذا المنهج المنتظم الدقيق المتكامل الذي كان يصون حركة الفكر الإسلامي من العبث والضياع والتيه.
وقلنا إيضا إن خروج الفكر عن هذا الإطار الدقيق الموروث قد وسع دائرة الخلاف والشقاق والنزاع بين أطياف الأمة الإسلامية الواحدة، والسبب الرئيس في ذلك هو الانقلاب الذي حدث عبر الزمان في كل ما استقر عليه العقل المسلم في منظومة الثوابت والمتغيرات، أضف إلى ذلك الخلل الناشيء من تداخل قضايا الفقه مع قضايا العقيدة، وتدمير منهج المنطق وأصول الفقه باعتبارها أدوات ووسائل فاعلة تعمل على تنظيم حركة العقل المسلم في العقيدة والشريعة على حد سواء.
أقول: منذ أن افتقدنا بوصلة المنهج الدقيق ونحن في تيه وفي حرج وفي ضيق وفي شقاق وفي نزاع، على الرغم من أن الجميع يزعم ويدعي أنه يريد العودة إلى الكتاب والسنة وإلى طريقة السلف الصالح رضي الله عنهم.
وعلى الرغم من السعي الحثيث نحو هذه الغاية إلا أن كل فريق يسعى إلى الكتاب والسنة وهدي السلف الصالح يرى غيره قد تنكب الطريق وسار عكس الاتجاه، وثمة أسئلة حائرة شائكة تتردد في صدر الجميع دون أن يجرؤ أحد على البوح والجهر بها أوالإفصاح عنها ولو تلميحا؛ وهي إذا كنا جميعا نريد طريقا واحدا وغاية واحدة وهدفا واحدا لماذا إذن نسير في طرق متخالفة متعاكسة، ولماذا يتهم كل فريق منا الآخر بأنه لن يصل إلى الغاية أبدا بحجة أنه يسير عكس الاتجاه؟
دعوني أفصل اكثر في هذا الاتجاه أيها الإخوة الأحباب وأن أحدد أحد المواطن التي تخلخل أو اختل أو استبعد فيها المنهج الموروث فصرنا إلى هذه الحالة الردية.
الاختلاف حول ضابط محدد لقضية الشرك والكفر، فإننا نرى أن دائرة المكفرات عند بعض التيارات قد اتسعت جدا، وشملت الأقوال والأفعال الظاهرة بغض النظر عما انطوى عليه القلب من اعتقاد، وأصبحت عقيدة المسلم وتوحيده رهن فعل أو كلمة أو إشارة لأن البعض قد اتسع خياله الخصب في الغوص والتنقيب عما في ضمائر الناس وفي قلوبهم وما يدور في عقولهم.
ولابد حتى نحدد الخلل أن نقف متاملين قصة سيدنا أسامة بن زيد المشهورة بعدما قتل الرجل المحارب الذي تظاهر بلا إله إلا الله فقتله أسامة رضي الله عنه لأن القرائن كلها تشير إلى أن الرجل قالها مستجيرا ومستعيذا من حد السيف وقد كاد أن يقترب السيف من عنقه، فمن الصعب جدا أن يصدق أي إنسان عاقل أن الرجل المشرك الذي حمل السيف محاربا لله ولرسوله وللمؤمنين ينتفض فجاة في هذه اللحظة لكي يدخل في الإيمان عن اقتناع وطواعية، هذا احتمال بعيد، وعلى الرغم من ذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عنف أسامة ونهره بشدة لأنه تجاوز الظاهر –مع وجود القرائن- إلى الباطن الذي لا يطلع عليه ولا يعرف خباياه إلا الله سبحانه وتعالى.
باب التكفير باب ضيق جدا، فقد يتخالف الظاهر مع الباطن غاية التخالف، فقد يكون الظاهر الإيمان والباطن الكفر كحال المنافقين في وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد أطلعه الله على المنافقين وعلى بواطنهم ولم يحاسبهم الرسول صلى الله عليه وسلم إلا على الظاهر بل نهى صلى الله عليه وسلم أحد أصحابه الكرام عن أن يقتل أباه رأس المنافقين حتى لا يقال إن محمدا يقتل أصحابه!!!!
وقد يحدث العكس فينطق اللسان عن غير قصد واعتقاد بكلام ظاهر الكفر بينما يكون باطنه مطمئنا غاية الاطمئنان بالمحبة والتوحيد والإيمان، وانظروا إلى الرجل الذي قال : (اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطا من شدة الفرح).
لقد تغير مفهوم الشرك والتوحيد عند بعض الطوائف فوسعوا دائرة الشرك جدا وضيقوا باب التوحيد جدا فجعلوا كل قول وفعل فيه شبهة لجوء إلى غير الله تعالى أو استغاثة أو توسل أو توجه بغير الله داخلة في باب الشرك الأكبر المخرج من الملة عياذا بالله. وربطوا ربطا وثيقا بين ظاهر تشككوا فيه وبين باطن لا يدرون عنه شيئا فحكموا على الباطن من خلال ما توهموه من الظاهر، ونظموا مجموعة من المؤلفات في الأمور المكفرة فالتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم من الأمور الشركية، وكذلك زيارة قبره الشريف وزيارة قبور الصالحين وإن القبور والأضرحة في نظرهم ما هي إلا أوثان يعكف عليها العابدون عكوف المشركين الأوائل على اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى. هكذا زعموا.
وإن هؤلاء المكفرين مهما أخرجت وسردت على مسامعهم من أحاديث صحيحة تبين لهم أن التوسل سنة شريفة وردت بها أحاديث صحيحة، ومهما أتيت لهم بروايات عن الصحابة والسلف الصالحين تدل على أنهم فعلوا ذلك وكانوا يسألون الله تعالى عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن كثيرا من أهل العلم محدثين وفقهاء ومفسرين من نقلة العلم والدين قد فعل ذلك وأقره، وأنه لا علاقة بين الوقوف عند قبر نبي أو ولي صالح وبين الشرك والكفر بحال من الأحوال ما لم يقترن ذلك باعتقاد مكفر.
ومهما صرخ الزائر المحب لقبر النبي أو الولي أنه موحد مسلم مقيم للصلاة ومؤتي للزكاة ويصوم رمضان ويحج البيت، ويلتزم السنن والآداب الشرعية الإسلامية ويحب الله ورسوله والصحابة والتابعين والمؤمنين وليس في قلبه محبوب إلا الله، ومهما بذل من جهد ليثبت أنه يكره من كل قلبه الكفر والشرك والمشركين ومهما أحضر لهم من قرائن وأدلة أنه لا يعتقد في غير الله تعالى نفعا ولا ضرا، فإن كل هذه الجهود لن تفيد شيئا، وستذهب أدراج الرياح ولن تحرك تلك العقول والقلوب الجامدة الراكدة المتحجرة على مفاهيم وتصورات خاطئة ضيقة لم ترد لا في كتاب ولا في سنة ولا عن سلف صالح، وإنما هي تصورات ضيقة جامدة لبعض العلماء المتاخرين – تحديدا ابن تيمية غفر الله له - أحدثت إحداثا وابتدعت ابتداعا ولم تلق قبولا في وقتها من عامة علماء العصر ومجتهديهم وقبرت في وقتها واعتبرت شذوذا من القول والفكر والرأي ولم تبعث من قبرها وتنتشر بعد اندثارها إلا بعد أن فشا الجهل وعم التعصب وضاع المنهج ولعبت السياسة والماسونية والصهيونية دورها في العمل على سيطرة فكر متشدد غال لا يستند إلى منهج ولا أصول ولا قواعد ولا ضوابط في فهم عمومات الشريعة فأسقطوا جميع الآيات التي نزلت في المشركين على كثير من الموحدين ونسبوا طوائف كاملة بعلمائها وطلابها وعوامها إلى الشرك والكفر عياذا بالله، ولم يتوروعوا عن تكفير كثير من العلماء الأقدمين كالسبكي وابن حجر والنووي بل إن بعض المجانين كان يشتري كتب بعض هؤلاء العلماء ويجمع التبرعات ليقوم بحرقها، وبعضهم كان يقوم بتحريف الكتب أثناء تحقيقها ويحذف منه كل توسل او استغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم.
وأضحت كلمة قبر أو كلمة توسل او استغاثة او تبرك أو شد رحل أو نذر عبارات سيئة السمعة في أسماع وأذهان كثير من المسلمين المعاصرين فقط، وسببا في التكفير عياذا بالله.
ماذا يفعل المسلمون المعاصرون إذا قرأوا حديثا صحيحا في توسل الأعمى برسول الله صلى الله عليه وسلم بإرشاد من النبي صلى الله عليه وسلم. رواه الترمذي بسند حسن.
ماذا يفعل المسلمون المعاصرون إذا علموا إقرار عمر رضي الله عنه للصحابي الجليل الذي لجأ لقبر النبي صلى الله عليه وسلم عام الرمادة. رواه ابن خزيمة وابن أبي شيبة بإسناد حسن.
كيف يفهم المسلمون المعاصرون تتبع الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنه آثار النبي صلى الله عليه وسلم والتبرك بها (ملحوظة ابن تيمية سامحه الله شنع على سيدنا ابن عمر تشنيعا شديدا بسبب هذا الصنيع واعتبره مبتدعا هكذا جاء في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم مصرحا به)
كيف يفهم المسلمون قولة الإمام الشافعي المشهورة (قبر معروف الكرخي الترياق المجرب)
كيف يتأملون تصريح الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه إمام السنة باستحباب التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم والتبرك بكل ما مس جسد النبي صلى الله عليه وسلم.
كيف يفهمون صنيع الإمام ابن حبان بدعاء الله تعالى عند قبر موسى الكاظم كما ذكر ذلك في ترجمته من كتاب الثقاتز
كيف يستوعبون التجاء ثلاثة من أكابر المحدثين الثقات وحملة السنة إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم بعدما اشتد بهم الجوع ثم وجدوا الغوث سريعا غكراما من الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ومن لاذ به حيا أو منتقلا صلى الله عليه وسلم.
كيف يفهمون مئات الروايات الواردة بالإسناد المتصل عن كثير من علماء الأمة ومحدثيها ونقلة العلم فيها بإباحة ذلك وفعله مما جمعه إمام عظيم من أئمة المسلمين وهو الإمام ابو عبد الله محمد بن موسى بن النعمان المزالي التلمساني في سجله الحافل (مصباح الظلام في المستغيثين بخير الانام في اليقظة والمنام عليه الصلاة والسلام).
مهما أتيت للجامدين من روايات بلغت حد التواتر العملي فليس عندهم إلا شيء واحد لا نترك الكتاب والسنة لأجل هذه الروايات!!!! وكأنهم وحدهم يفهمون الكتاب والسنة. وكأن الصحابة وأهل العلم أجمعين لم يفهموا الكتاب والسنة وفهمها هؤلاء!!! تالله إنه لأمر مبك مضحك.
إن العقل الإسلامي قد فكك تفكيكا تاما بإخراج المنهج الموروث منه ووضع أقوال واجتهادات عالم واحد فقط محل هذا المنهج.
إن الفكر الإسلامي المعاصر أعيدت صياغته من جديد ليصبح أسير أفكار واجتهادات ابن تيمية غفر الله له.
إنه الناسخ لما قبله والحاكم على ما بعده.
لست بصدد الدفاع عن قضية التوسل أو الاستعاثة، ولا إثبات تلك الفضيلة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو صلى الله عليه وسلم أشرف وأعلى الوسائل دنيا واخرى وإن رغمت أنوف.
الأمر أكبر من هذا بكثير، الأمر أننا بحاجة أن نحرر الأمة المحمدية والفكر الإسلامي من قيد الفكر الواحد والرأي الواحد والاجتهاد الواحد والرؤية الأحادية.
نحن هنا بصدد إثبات نقطة انحراف فكري حدثت في فترة ما من تاريخنا الإسلامي ثم أصبح الشذوذ قاعدة.
وانا على يقين تام بأن ابتعاث هذه الأفكار من أجداثها في هذا العصر الحديث منذ أكثر من مائة عام وإلى الآن والعمل على سيطرتها على مفاصل الفكر الإسلامي والمؤسسات الدينية وعقول العلماء وطلاب العلم الشرعي الشريف ومرتادي المنابر والوعظ والإرشاد ليس عبثا، بل هو أمر مقصود، وليس الغرض منه إلا شق الصف الإسلامي وإخراج طائفة كبيرة عظيمة من المسلمين تسمى الصوفية أو المتصوفة من حظيرة الإسلام والجهاد ومقاومة الاستعمار، فإن القارئ للتاريخ الإسلامي منذ فجر التاريخ يدرك جيدا أثر علماء الصوفية - كعبد القادر الجيلاني والغزالي ونور الدين محمود زنكي وصلاح الدين الأيوبي - في حركات البعث والجهاد والتجديد ومقاومة كل مستعمروباغ.
منهج الصوفية هو منهج الإصلاح الباطني إصلاح الباطن قبل الظاهر ، منهج الصوفية هو منهج مجاهدة النفس والشهوات والتصفية والتربية، منهج الصوفية هو منهج الجمع بين الشريعة والحقيقة، بين الحق والعدل والجمال والإحسان، لقد كان التصوف هو النور الرباني الروحاني الساري في جسد هذه الأمة، وكل ما ورثته الأمة في ميادين الجمال والجلال ما هو إلا من آثار وجود الصوفية في حياة هذه الأمة.
الصوفية هم أهل الجمال أهل الفنون والنقوش والزخارف والخطوط، سل عنهم محاريب المساجد وأبوابها سل عنهم أعمدتها وجدرانها ومآذنها وقبابها ومنابرها وأروقتها. ترى حولك في كل مكان آيات الجمال ناطقة بانعكاس الباطن الصفي على الظاهر الجلي.
الصوفية هم أهل العبادة والورع والزهد والقيام والتهجد والذكر والفكر والتأمل سل عنهم الخانقات والأربطة تنبيك عن أنين الراكعين الساجدين الذين كانت تهتز الأرض من تحت أقدامهم وتبتل من سيل أدمعهم من آثار الخشوع والخضوع والتبتل والخشية لله رب العالمين.
الصوفية هم أهل الجهاد والمقاومة ورد العدوان سل عنهم ساحات القتال عبر التاريخ كيف شتتوا الحملات الصليبية شذر مذر، وكيف أنهوا الاحتلال التتري المغولي لبلاد المسلمين بل صهروا المغول وادخلوهم في دين الله عز وجل افواجا؟
هل كان صدفة إذن أن يقصى منهج التصوف والصوفية وتخلى منهم ساحة العلم والفكر والجهاد؟
هل كان مصادفة أن يصبح همُّ الصوفي فقط أن يُلتمس له العذر فيما يفعل أو يقول عند زيارة حب وود لقبر نبي أو ولي؟ وأن يتكرم عليه أحدهم بعدم تكفيره وإخراجه من ملة الإسلام.
كيف عبث بنا أعداؤنا كل هذا العبث وكيف دمرنا منهجنا الموروث بأيدنا حتى صرنا إلى هذا التيه والتشرذم؟
أستغفر الله العظيم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق