قال رضي الله تعالى عنه في كتاب (معارج المقربين/124):
لما كانت العقيدة مأخوذة من الاعتقاد – وهو من أعمال القلوب- فأقول: عقود القلب التي هي السنة المجمع عليها نقلها الخلف عن السلف ولم يختلف فيها اثنان من المؤمنين، فيها ست عشرة خصلة ثمان واجبات في الدنيا وثمان واقعات في الآخرة.
أولا :الخصال التي هي في الدنيا:
1- أن يعتقد العبد أن الإيمان قول وعمل يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.
2- وأن القرآن كلام الله.
3- ثم تسليم أخبار الصفات فيما ثبتت به الرويات وصح النقل.
4-ويعتقد تفضيل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته رضي الله عنهم ورضوا عنه كافة. ويسكت عما شجر بينهم، وينشر محاسنهم وفضائلهم لتتألف القلوب بذلك.
ونسلم لكل واحد ما فعله لأنهم أوفر عقولا منا، فقد عمل كل واحد بعلمه ومنتهى عقله فيما أدى إليه اجتهاده، وإن كان بعضهم أفضل من بعض، إلا أن علومنا تضعف وتنقص عن علم أدناهم علماً، كما فضلوا علينا بالسوابق سبقا.
ونقدم من قدم الله ورسوله وأجمع [عليهم] المسلمون الذين تولى الله إجماعهم على الهداية، وضمن لرسوله صلى الله عليه وسلم تفضيلا لهم وتشريفا لهم أن لا يجتمعوا على ضلالة. وقد قال علي لما قيل له: ألا تستخلف علينا؟ فقال: لا استخلف عليكم، بل أكلكم إلى الله عز وجل، فإن يرد بكم خيرا جمعكم على خيركم كما جمعكم على خيركم بعد رسول الله.
قال إبراهيم النخعي: فلما سلم الحسن بن علي رضي الله عنهما الأمر إلى معاوية سميت سَنَة الجماعة، وقال له رجل: يامذلَ المؤمنين. فقال: بل أنا معز المؤمنين، سمعت أبي عليه السلام يقول: لا تَكرهوا إمارة معاوية فإنه سيلي الأمر بعدي، وإن فقدتموه رأيتم السيوف تبدر عن كواهلها كأنها الحنظل .
فيعتقد بقلبه من رضي الصحابة وأجمعوا بإمامته على خلافته واتفق الأئمة من أهل الشورى على تقدمته على حديث ابن عمر في التفضيل. قال: كنا نقول على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبو بكر ثم عمر ثم عثمان فيبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ينكر.
وعلى حديث سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكا). فهؤلاء الأربعة خلفاء النبوة وهم أئمة الأئمة من العشرة وعيون أهل الهجرة والنصرة وخيار الخيار من الأصحاب، كما روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله عز وجل اختار أصحابي على العالمين واختار من أصحابي أربعة فجعلهم خير أصحابي وفي كل أصحابي خير واختار أمتي على الأمم واختار من أمتي أربعة قرون فكل قرن سبعون سنة).
فإنا نحن قوم نقفوا الأثر غير مبتعدين بالرأي والمعقول نرد به الخير؛ إذ لا مدخل للقياس والرأي في التفضيل، كما لا مدخل لهما في الصفات وأصول العبادات. وإنما يؤخذ التفضيل توقيفاً وتسليماً، ومن طريق الإجماع والاتباع خشية الشذوذ والابتداع، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ ومن شذ شذ في النار).
وقال تعالى في تصديق ذلك: {ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم} .
انتهى بحروفه معارج المقربين ص: 127/طبعة دار الكتاب الصوفي /هجريا 1414)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق