الاثنين، 25 أغسطس 2014

بشريات من رسول الله للأشاعرة

 قال فيما رواه الإمام أحمد والبزار والطبراني والحاكم بسند صحيح : " لَتُفْتَحَنَّ القسطنطينية فلنِعم الأمير أميرها ولنِعم الجيش ذلك الجيش"
، ولقد فتحت القسطنطينية بعد تسعمائة عام، فتحها السلطان محمّد الفاتح الماتريدي رحمه الله ، وكان سنيّاً يعتقد أن الله موجود بلا مكان ويحب الصوفية الصادقين ويتوسل بالنبىّ صلى الله عليه وسلم .
والسلطان محمد الفاتح والجيش الذي كان معه كانوا ماتريدية أشعرية وقد شهد لهم الرسول بأنهم على حال حسن . وكذا سائر السلاطين العثمانيين الذين ذبّوا عن بيضة المسلمين وحموا حمى الملّة قرونًا متتالية.

بشرى من نبي الرحمة سيدنا المكرّم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.

عن أبي موسى رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قلَّ طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما عندهم في ءانية واحدة ثم اقتسموه بينهم بالسوية فهم مني وأنا منهم"
رواه البخاري ومسلم في الصحيح

وعن مالك بن مسروح عن عامر بن أبي عامر الأشعري عن أبيه أبي عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "نعم الحي الأسد والأشعريون لا يفرون في القتال ولا يغلون هم مني وأنا منهم"
رواه أبو عيسى الترمذي
عن سماك عن عياض الأشعري رضي الله عنه قال لما نزلت هذه الآية {فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه} أومأ النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه فقال: "هم قوم هذا"
هو أبو الحسن الأشعري - رحمه الله -  من أولاد أبي موسى الأشعري رضي الله عنه فإنه أبو الحسن علي بن اسماعيل ابن اسحق بن سالم بن اسمعيل بن عبد الله بن موسى بن بلال بن أبي بردة بن أبي موسى وأبو موسى هو عبد الله بن قيس بن سليم الأشعري ينسب إلى الجماهر بن الأشعر والأشعر من أولاد سبأ الذين كانوا باليمن فلما بعث الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم هاجر أبو موسى الأشعري مع أخويه في بضع وخمسين من قومه إلى أرض الحبشة وأقاموا مع جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه حتى قدموا جميعًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر ثم ذكر من فضل أبي موسى بعض ما قدمته بأسانيده إلى أن قال ورزق من الأولاد والأحفاد مع الدراية والرواية والرعاية ما يكثر نشره وأساميهم في التواريخ مثبتة ومعرفتهم عند أهل العلم بالرواية مشهورة إلى أن بلغت النوبة إلى إمامنا أبي الحسن الأشعري رحمه الله فلم يحدث في دين الله حدثًا ولم يأت فيه ببدعة بل أخذ أقاويل الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة في أصول الدين فنصرها بزيادة شرح وتبيين وأن ما قالوا في الأصول وجاء به الشرع صحيح في العقول خلاف ما زعم أهل الأهواء من أن بعضه لا يستقيم في الآراء فكان في بيانه تقوية ما لم يدل عليه من أهل السنة والجماعة ونصرة أقاويل من مضى من الأئمة كأبي حنيفة وسفيان الثوري من أهل الكوفة والأوزاعي وغيره من أهل الشام ومالك والشافعي من أهل الحرمين ومن نحا نحوهما من الحجاز وغيرها من سائر البلاد وكأحمد ابن حنبل وغيره من أهل الحديث والليث بن سعد وغيره وأبي عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري وأبي الحسن مسلم بن الحجاج النيسابوري إمامي أهل الآثار وحفاظ السنن التي عليها مدار الشرع رضي الله عنهم أجمعين وذلك دأب من تصدى من الأئمة في هذه الأمة وصار رأسًا في العلم من أهل السنة في قديم الدهر وحديثه وبذلك وعد سيدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم أمته فيما روي عنه أبو هريرة رضي الله عنه إنه قال: "يبعث الله لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها" وهم هؤلاء الأئمة الذين قاموا في كل عصر من أعصار أمته بنصرة شريعته ومن قام بها إلى يوم القيامة وحين نزل قول الله عز وجل: {يا أيها الذين ءامنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم} وأشار المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى أبي موسى وقال: "قوم هذا" فوعد الله عز ثناؤه وخص النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم به قوم أبي موسى فكان خبره حقا ووعد الله صدقا

قال الإمام الحافظ أبو القاسم علي بن اسماعيل بن الحسن رضي الله عنه دفع إلي أبو محمد عبد الواحد بن عبد الماجد بن عبد الواحد بن عبد الكريم بن هوازن القشيري الصوفي النيسابوري بدمشق مكتوبا بخط جده الإمام أبي القاسم القشيري وأنا أعرف الخط فوجدت فيه:

إتفق أصحاب الحديث أن أبا الحسن علي بن اسماعيل الأشعري رضي الله عنه كان إمامًا من أئمة أصحاب الحديث ومذهبه مذهب أصحاب الحديث تكلم في أصول الديانات على طريقة أهل السنة ورد على المخالفين من أهل الزيغ والبدعة وكان على المعتزلة والروافض والمبتدعين من أهل القبلة والخارجين من الملة سيفًا مسلولاً ومن طعن فيه أو قدح أو لعنه أو سبه فقد بسط لسان السوء في جميع أهل السنة بذلنا خطوطنا طائعين بذلك في هذا الذكر في ذي القعدة سنة ست وثلاثين وأربعمائة.

كتب الشيخ أبو القاسم نصر بن نصر الواعظ يخبر عن القاضي أبي المعالي بن عبد الملك وذكر أبا الحسن الأشعري فقال نضر الله وجهه وقدس روحه فإنه نظر في كتب المعتزلة والجهمية والرافضة وإنهم عطلوا وأبطلوا فقالوا لا علم لله ولا قدرة ولا سمع ولا بصر ولا حياة ولا بقاء ولا إرادة وقالت الحشوية والمجسمة والمكيفة المحددة أن لله علمًا كالعلوم وقدرة كالقدر وسمعًا كالأسماع وبصرًا كالأبصار فسلك رضي الله عنه طريقة بينهما فقال:

إن لله سبحانه وتعالى علمًا لا كالعلوم وقدرة لا كالقدر وسمعًا لا كالأسماع وبصرًا لا كالأبصار
 وكذلك قال جهم بن صفوان العبد لا يقدر على إحداث شيء ولا على كسب شيء وقالت المعتزلة هو قادر على الإحداث والكسب معًا
فسلك رضي الله عنه طريقة بينهما فقال العبد لا يقدر على الإحداث ويقدر على الكسب ونفى قدرة الإحداث وأثبت قدرة الكسب.
وكذلك قالت الحشوية المشبهة أن الله سبحانه وتعالى يرى مكيفًا محدودًا كسائر المرئيات وقالت المعتزلة والجهمية والنجارية إنه سبحانه لا يرى بحال من الأحوال.
فسلك رضي الله عنه طريقة بينهما فقال: يُرى من غير حلول ولا حدود ولا تكييف كما يرانا هو سبحانه وتعالى وهو غير محدود ولا مكيف فكذلك نراه وهو غير محدود ولا مكيف
وكذلك قالت النجارية أن الباري سبحانه بكل مكان من غير حلول ولا جهة وقالت الحشوية والمجسمة إنه سبحانه حال في العرش وأن العرش مكان له وهو جالس عليه
فسلك طريقة بينهما فقال: كان ولا مكان فخلق العرش والكرسي ولم يحتَجْ إلى مكان وهو بعد خلق المكان كما كان قبل خلقه.

قال القشيرى: فأتباع أبى الحسن الأشعرى من قومه لأن كل موضع أضيف فيه قوم إلى نبي أريد به الأتباع، قاله القرطبى فى تفسيره (220/6) .
وقال البيهقى: وذلك لما وجد فيه من الفضيلة الجليلة والمرتبة الشريفة للإمام أبى الحسن الأشعرى رضى الله عنه فهو من قوم أبى موسى وأولاده الذين أوتوا العلم ورزقوا الفهم مخصوصاً من بينهم بتقوية السنة وقمع البدعة بإظهار الحجة ورد الشبهة ".ذكره ابن عساكر في تبيين كذب المفتري.
وذكر الإمام البخاري في صحيحه باب " قدوم الأشعريّين وأهل اليمن وقال أبو موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم  هم منّي وأنا منهم" اهـ.
ولما نزلت هذه الآية قدم بعد ذلك بيسير سفائن الأشعريين وقبائل اليمن فقد روى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أتاكم أهل اليمن هم أرق أفئدة وألين قلوبًا الايمان يمان والحكمة يمانية .."
وأخرج البخاري في صحيحه عن عمران بن الحصين أن النبي أتاه أناس من بني تميم فقال عليه الصلاة والسلام: "اقبلوا البشرى يا بني تميم" قالوا بشرتنا فأعطنا مرتين فتغير وجهه - أي للأسف عليهم كيف ءاثروا الدنيا-، فجاءه أناس من أهل اليمن فقال:" يا أهل اليمن اقبلوا البشرى إذ لم يقبلها بنو تميم " قالوا: قد قبلنا يا رسول الله جئناك لنتفقه في الدين ولنسألك عن أول هذا الأمر ما كان،  قال: "كان الله ولم يكن شىء غيره".  أي كان الله في الأزل ولم يكن مكان ولا زمان ولا جهة ولا عرش ولا سماء ولا جسم ولا حركة ولا سكون ولا مخلوق ثم خلق الله الخلق ، وبعد خلقه الخلق لازال كما كان ، فهو سبحانه موجود بلا كيف ولا مكان ولا جهة.
وعلى هذا الاعتقاد مئات الملايين من المسلمين سلفًا وخلفًا في الشرق والغرب تدريسًا وتعليمًا ويشهد بذلك الواقع المُشاهَد، ويكفي لبيان حقّية هذا كون الصحابة والتابعين وأتباع التابعين (وهم السلف الصالح) ومن تبعهم بإحسان على هذه العقيدة، فممن تبعهم بإحسان : هؤلاء الحفّاظ الذين هم رءوس أهل الحديث الحافظ أبو بكر الإسماعيلي صاحب المستخرج على البخاري، ثمّ الحافظ العَلَمُ المشهور أبو بكر البيهقى ثمّ الحافظ الذي وُصف بأنّه أفضل المحدّثين بالشام في زمانه ابن عساكر ، كان كل واحد من هؤلاء علَماً في الحديث في زمانه، ثمّ جاء من هو على هذا المنوال الحافظ الموصوف بأنّه أمير المؤمنين في الحديث أحمد ابن حجر العسقلاني، فمن حقّق عرف أن الأشاعرة فرسان ميادين العلم والحديث، ومنهم مجدّدُ القرن الرابع الهجري الإمام أبو الطيب سهلُ بن محمّد و أبو الحسن الباهلي وأبو بكر بن فورك وأبو بكر الباقلاّني وأبو إسحق الأسفراييني والحافظ أبو نعيم الأصبهاني والقاضي عبد الوهّاب المالكي والشيخُ أبو محمّد الجويني وابنه أبو المعالي إمام الحرمين وأبو منصور البغدادي والحافظ الدّارقطني والحافظ الخطيب البغدادي والأستاذ أبو القاسم القشيري وابنه أبو نصر والشيخ أبو إسحق الشيرازي ونصر المقدسي والغزالي والفراوي وأبو الوفاء ابن عقيل الحنبلي وقاضي القضاة الدامغاني الحنفي وأبو الوليد الباجي المالكي والإمام السيّد أحمد الرفاعي وابن السمعاني والقاضي عياض والحافظ السّـِلَفي والنووي وفخر الدين الرازي والعزّ بن عبد السلام وأبو عمرو بن الحاجب المالكي وابن دقيق العيد وعلاء الدين الباجي وقاضي القضاة تقيّ الدين السبكي والحافظ العلائي والحافظ زين الدين العراقي وابنه الحافظ ولىّ الدين والحافظ مُرتضى الزبيدي الحنفي والشيخ زكريّا الأنصاري والشيخ بهاء الدين الروّاس الصوفي ومفتي مكّة أحمد زيني دحلان ومُسنِد الهند وليّ الله الدهلوي ومفتي مصر الشيخ محمّد عليش المالكي المشهور وشيخ الجامع الأزهر عبدالله الشرقاوي والشيخ المشهور أبو الحسن القاوُقجي نُقطة البيكار في أسانيد المتأخّرين والشيخ حسين الجسر الطرابلسي والشيخ عبد الباسط الفاخوري مفتي بيروت والعلامة علوي بن طاهر الحضرمي الحداد وشافعي العصر رفاعي الأوان الشيخ الفقيه المحدث عبد الله الهرري والشيخ الصوفي الصادق مصطفى نجا مفتي بيروت وغيرهم من أئمة الدين كثير لا يُحصيهم إلا الله.
ومنهم الوزير المشهور نظام الملك والسلطان العادل العالم المجاهد صلاحُ الدين الأيوبي رحمه الله فإنّه أمر أن تذاع أصول العقيدة على حسب عبارات الأشعري على المنائر قبل أذان الفجر، وأن تُعلّم المنظومة التي ألّفها لهُ محمد بن هبة البرمكي للأطفال في الكتاتيب، ومما جاء فيها:
وصانع العالم لا يحويه       قطر تعالى الله عن تشبيه
قد كان موجودا ولا مكانا   وحكمه الآن على ما كانا
سبحـانه جلَّ عن المكان      وعزَّ  عن تغيـر الزمـان
فقد غـلا وزاد في الغلو      من خصـه  بجـهة العلو
وهذه العقيدة تدرس في جامعة الأزهر في مصر وفي جامعة الزيتونة في تونس بل وسائر المغرب العربي، وكذا في أندنوسيا وماليزيا وباكستان وتركيا وبلاد الشام والسودان واليمن والعراق والهند وإفريقيا وبخارى والداغستان وأفغانستان وسائر بلاد المسلمين .
ومنهم الملك الكامل الأيّوبي والسلطان الأشرف خليل بن المنصور سيف الدين قلاوون، بل وكل سلاطين المماليك.
وليس مُرادنا بما ذكرنا إحصاء الأشاعرة والماتريدية فمن يُحصي نجوم السماء أو يحيط علمًا بعدد رمال الصحراء ؟
فالأشعرية والماتريدية هم أهل السنة والجماعة الفرقة الناجية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق