روى البخاري ومسلم - وهذا لفظ البخاري - :
عن أنس بن مالك قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تزال جهنم تقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه فتقول قط قط وعزتك ويزوى بعضها إلى بعض " .
وفي رواية لمسلم : " عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : تحاجت النار والجنة فقالت النار : أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين ، وقالت الجنة : فما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم وعجزهم ؟
فقال الله للجنة : أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي ، وقال للنار : أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي ولكل واحدة منكم ملؤها .
فأما النار فلا تمتلئ فيضع قدمه عليها فتقول قط قط فهنالك تمتلئ ويزوى بعضها إلى بعض " .
وفي رواية لمسلم : " ملؤها فأما النار فلا تمتلئ حتى يضع الله تبارك وتعالى رجله تقول قط قط قط فهنالك تمتلئ ويزوى بعضها إلى بعض .
وقد ذكر الامام ابن حجر العسقلاني في شرح السلف لحديث في فتح الباري ( 13/ 428) ان ابن عباس رضي الله عنه قال في شرح ( يوم يكشف عن ساق ويدعون الى السجود فلا يستطعون ) (42) سورة القلم : قال يوم يكشف عن شدة , فلم يثبت انا لله تعالى ساق على ظاهر الاية ... بل اولها بما يليق بجلال الله ... ومن منبع فهمه للغة العربية وعلمه بكتاب الله .
ولكن اخوان الكرامية يقولون يقولون هل نثبت لله قدمين جواب : ورد ذلك في آثار موقوفة عن ابن مسعود وأبي موسى .قال ابن عباس : الكرسي بين يدي العرش وهو موضع القدمين .
وهذا الحديث موقوف وصححه الالباني في مختصر العلو لماذا صححه وهو موقوف ليوافق اغراضهم في التجسيم
وللاحتيال على الناس . ويقولون اخرجه البيهقي في الاسماء والصفات 2/196 ولم يذكروا تعليق البيهقي على الحديث ليوافقوا اغراضهم الخبيثة ويكتفون فقط به اخرجه البيهقي اليس هذا هو عين التمويه .
قال ابن جرير الطبري في تفسيره للاية اي يوم يكشف عن ساق ( فالجماعة والصحابة من التابعين من اهل التاويل : يبدو عن امر شديد ), نقل الحافظ ابن جرير رحمه الله تعالى ذلك ايظا عن مجاهد وقتادة وسعيد بن جبير .وفي كلام الحافظ الطبري تنبيه لطيف لمن القى السمع وهو شهيد ...فبقوله ( جماعة من الصحابة والتابعين ) اثبات قطعي بان من الصحابة والتابعين ومن انتهج هذا النهج وليس هو بدعا من الامور لا تحريف ولا تزويرا . فنتبه اخي القارىء .
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح 8/461 مانصه :
واختلف في المراد بالقدم فطريق السلف في هذا وغيره مشهورة وهو أن تمر كما جاءت ولا يتعرض لتأويله بل نعتقد استحالة ما يوهم النقص على الله .
ثم يقول الكرامية الوهابية عن شيخهم مانصه :
قال الامام ابن خزيمة في كتاب التوحيد 2/202
" باب ذكر إثبات الرجل لله عز وجل ، وإن رغمت أنوف المعطلة الجهمية ، الذين يكفرون بصفات خالقنا عز وجل التي أثبتها لنفسه في محكم تنزيله وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم .
فاثبت الرجل كصفة لله تعالى وهي جزء وبعض من الاعضاء كما هو مفهم في اللغة العربية ولم تتثبت الاعضاء او الابعاض والجوارح على حقيقتها كصفات لله تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا في كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم كما فهموه من ظاهر اللفظ بل هي عقيدة اليهود لعنة الله عليهم والنصارى والمجوس والذين اشركوا .
قلت قال الحافظ ابن حجر العسقلاني :
ساق الحافظ في الفتح كثيرا من التأويلا ت ، بعد ذكره مذهب السلف ، وأنا أضعهاباختصار :
قال :
" وخاض كثير من أهل العلم في تأويل ذلك فقال :
المراد إذلال جهنم ، فإنها إذا بالغت في الطغيان وطلب المزيد أذلها الله فوضعها تحت القدم ، وليس المراد حقيقة القدم.
وقيل المراد بالقدم: الفرط السابق أي يضع الله فيها ما قدمه لها من أهل العذاب.
وقييل المراد بالقدم قدم بعض المخلوقين فالضمير لمخلوق معلوم.
أو يكون هناك مخلوق اسمه قدم .
أو المراد بالقدم: الأخير لأن القدم آخر الأعضاء فيكون المعنى حتى يضع الله في النار آخر أهلها فيها ويكون الضمير للمزيد .
وقال ابن حبان في صحيحه بعد إخراجه : هذا من الأخبار التي أطلقت بتمثيل المجاورة وذلك أن يوم القيامة يلقى في النار من الأمم والأمكنة التي عصى الله فيها فلا تزال تستزيد حتى يضع الرب فيها موضعا من الأمكنة المذكورة فتمتلئ لأن العرب تطلق القدم على الموضع ، قال تعالى ( أن لهم قدم صدق ) يريد موضع صدق
. وقال الداودي : المراد بالقدم قدم صدق وهو محمد ، والإشارة بذلك إلى شفاعته ، وهو المقام المحمود.
ومن التأويل البعيد قول من قال : المراد بالقدم قدم إبليس ، وأخذه من قوله " حتى يضع الجبار فيها قدمه " وإبليس أول من تكبر فاستحق أن يسمى متجبرا وجبارا ، وظهور بعد هذا يغني عن تكلف الرد عليه .
وزعم ابن الجوزي أن الرواية التي جاءت بلفظ " الرجل " تحريف من بعض الرواة لظنه أن المراد بالقدم الجارحة فرواها بالمعنى فأخطأ ، ثم قال : ويحتمل أن يكون المراد بالرجل إن كانت محفوظة الجماعة كما تقول رجل من جراد ، فالتقدير يضع فيها جماعة.
وبالغ ابن فورك فجزم بأن الرواية بلفظ " الرجل " غير ثابتة عند أهل النقل ، وهو مردود لثبوتها في الصحيحين .
وقد أولها غيره بنحو ما تقدم في القدم فقيل رجل بعض المخلوقين ، وقيل إنها اسم مخلوق من المخلوقين.
وقيل إن الرجل تستعمل في الزجر كما تقول وضعته تحت رجلي " انتهى من فتح الباري ملخصا.
والوهابية في منتديات انكروا هذا عن الامام الحافظ ابن حجر العسقلاني مع انهم استدلوا به في معرض قولهم حول تفسير حديث القدم وذهبوا معرضين عنه الى قول شيخهم ابن تيمية وهوما نصه :
إبطال هذه التأويلات :
قال ابن تيمية في مختصر الفتاوى المصرية ص 647
" وقد غلط في هذا الحديث المعطلة الذين أولوا قوله " قدمه " بنوع من الخلق ، كما قالوا : الذين تقدم في علمه أنهم أهل النار ، حتى قالوا في قوله " رجله " : كما يقال : رجل من جراد ، وغلطهم من وجوه :
فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال " حتى يضع " ولم يقل : " حتى يلقي " ، كما في قوله " لا يزال يلقى فيها " .
الثاني : أن قوله " قدمه " لا يفهم منه هذا ، لا حقيقة ولا مجازا ، كما تدل عليه الإضافة .
الثالث : أن أولئك المؤخرين – بفتح الخاء – إن كانوا من أصاغر المعذبين فلا وجه لانزوائها واكتفائها بهم ، فإن ذلك إنما يكون بأمر عظيم .
وإن كانوا من أكابر المجرمين فهم في الدرك الأسفل ، وفي أول المعذبين لا في أواخرهم .
الرابع : أن قوله " فينزوي بعضها إلى بعض " دليل على أنها تنضم على من فيها ، فتضيق بهم من غير أن يلقى فيها شيء .
الخامس : أن قوله " لا يزال يلقى فيها وتقول : هل من مزيد ؟ حتى يضع فيها قدمه " جعل الوضع الغاية التي إليها ينتهي الإلقاء ويكون عندها الانزواء ، فيقتضي أن تكون الغاية أعظم مما قبلها ، وليس في قول المعطلة معنى للفظ " قدمه " إلا وقد اشترك فيه الأول والآخر ، والأول أحق به من الآخر ." انتهى .
فهذا هو قول ابن تيمية الذي استدلوا به على عقيدتهم الفاسدة وهو باطل من عدة وجوه
الوجه الاول - لم يغالط اهل السنة والجماعة الاشاعرة بل استدلوا باقوال الائمة الاعلام والسلف الصالح ومنهم ابن عباس رضي الله عنهما كما قدمنا انفا وهم اتبعوا السلف في ذلك وقول الامام ابن حجر العسقلاني حجة في ذلك مع اقوال الائمة الاعلام .
الوجه الثاني - ان ابن تيمية انكر هنا الحقيقة والمجاز معا فماذا يفهم من قوله هذا الا انه يخرق قواعد اهل اللغة عند اصحابها فهو اذن يريد ان يخرج لنا قواعدا جديدة بمفهومه وحده فاذا انكر الحقيقة والمجاز فماذا ابقى في اللغة اذن ,اما الحقيقة فهي معروفة في اللغة التي وضعت لها واما المجاز فهو المعنى المفهوم المستعار في اللغة كقولك علي اسد اي شجاع كالاسد .
الوجه الثالث -قوله ان اولئك المؤخرين ومن ادراه هو بذلك اطلع الغيب ام اتخذ عند الرحمن عهدا وهو يتقول على الله ما لا يعلم .
الوجه الرابع- ان قوله فينزوي بعضها الى بعض ...الخ قول بلا علم .
الوجه الخامس - يقصد ان الرب عزوجل يضع في جهنم قدمه على الغاية من بعد الخلق فتنزوي بعضها الى بعض وهنا جعل لله ظرفا زمنيا وتسلسلا حدثيا بتبعية شيء الى شيء والله اعلم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق