الاثنين، 25 أغسطس 2014

ايهم أهل السنة والجماعة الأشاعرة أم السلفية أم الماتوردية؟




أيهم أهل السنة والجماعة ؟ هل هم السلفية ؟ أم الأشاعرة أم الماتوردية ؟
الجواب :


- أهل السنة والجماعة هم كل هؤلاء.

- كيف؟؟؟ وهل يتعدد الحق؟؟؟

- الحق لا يتعدد ولكننا إذا فهمنا معاني هذه التسميات

سيزول اللبس.

بعد عهد الصحابة والتابعين الأوائل، اتسعت الفتوحات الإسلامية، ودخل الناس في دين الله أفواجاً، وكان إيمان هؤلاء المسلمين الجدد متفاوتاً في قوته، وخلفياتهم الثقافية مختلفة أيضا، مما أدى لنشوء تساؤلات حول بعض الأمور العقيدية الجزئية، وحول تفسير بعض آيات القرآن الكريم التي تحتمل في كلماتها أكثر من معنى واحد.

هذه التساؤلات لم تكن موجودة في عهد الصحابة، بسبب عمق إيمانهم من جهة، وخلوهم من ثقافة دينية أو فلسفية سابقة على الإسلام تطبع الفكر بطابع التساؤل والفلسفة من جهة أخرى، ولتمكنهم من اللغة العربية، وسلامة فطرتهم، وحسن أدبهم، وامتثالهم لأمر الله ورسوله في ترك الجدال وقيل وقال وكثرة السؤال.



ولكن بسبب الظروف التي ذكرتها استجدت هذه التساؤلات، وافترق الناس فيها إلى فرق وطوائف، وتمسك السواد الأعظم من المسلمين بكتاب الله وسنة رسوله، واعتصموا بهما، فسموا أهل السنة والجماعة.

وكانت هذه التساؤلات في بداية نشأتها ضعيفة، ومرددوها قلائل، فأمكن ردعهم ونهيهم عن هذا، ووصم تساؤلاتهم بأنها بدعة، وتحذير الناس منها. لكن مع مرور الأجيال، وانتهاء عهد الصحابة ثم التابعين، أخذت هذه البدع تقوى وتشتد وتزداد انتشارا بين الناس، حتى وصلت لأن يعتنق بعضها الحكام، فيتبنونها ويلزمون الناس بها، ونشأت من ذلك فتن عظيمة.

ثانيا- بعد انتشار هذه الأسئلة البدعية والمذاهب الفكرية المنحرفة واشتدادها، اختلف أهل السنة والجماعة في موقفهم منها:
فمنهم من رأى تركها والنهي عن الخوض فيها سواء بالسؤال، أو بالإجابة، وهؤلاء يمثلون غالبية الحنابلة والمحدثين "أهل الأثر"..
وقسم رأى هذا التجاهل للمشكلة ضعفاً، ورأوا فيه إعطاء فرصة للباطل ليصول ويجول ويشوش الناس، ويخلخل عقيدتهم، ويوهمهم بوجود تناقض بين العقل والدين، كذلك الموجود لدى النصرانية، وغيرها من الأديان الوضعية.

هذا القسم رأى عدم تجاهل المشكلة، ورأى أن محاربة البدعة (وإن كان بدعة أيضاً) إلا أنه أمر واجب لا مفر منه.

فناقشوا المبتدعين، وردوا على كلامهم بكلام مثله، وناقشوهم وجادلوهم، ونشأ من ذلك علم العقيدة، أو علم الكلام.

هؤلاء العلماء، يقسمون إلى مدرستين، ينتمي إليهما معظم علماء المسلمين، هاتان المدرستان هما: المدرسة الأشعرية، والمدرسة الماتريدية.

ثالثا- المدرسة الأشعرية سميت بذلك نسبة إلى مؤسسها: الإمام أبي الحسن الأشعري، الذي كان في أول أمره معتزلياً، يسلك سلوك الفلاسفة، ويقدم العقل ويجعله حكماً على نصوص الشريعة، ثم تبين له خطأ هذا المنهج، فرجع إلى منهج أهل السنة والجماعة، وأعلن براءته من الاعتزال، وأسس منهجه الجديد، وجند نفسه للرد على شبه المعتزلة.

وتتابع تلاميذه على منهجه، ونبغ منهم علماء أفذاذ، سطر التاريخ أسماءهم بأحرف من ذهب، ولا زالت مكتبتنا الإسلامية تفخر وتزخر بإنتاجهم الفكري، أما نتاجهم الجهادي والدعوي، فقد سجله لهم التاريخ، والكتبة الحافظون.

وقد خالف بعضهم الإمام الأشعري في بعض المسائل الجزئية، أو في بعض الإجابات على بعض المشكلات، وهذا ما ظنه بعضهم تناقضاً بين الأستاذ وتلاميذه، بينما هو خلاف فرعي، ينشأ دوماً بين الأستاذ وتلاميذه عندما يخرجون عن طور التقليد، ويصلون لمرتبة الاجتهاد.

رابعا- وفي نفس الوقت الذي ظهر فيه الإمام أبو الحسن الأشعري في بغداد، ظهر الإمام أبو منصور الماتريدي في المشرق الإسلامي، وجاهد نفس الجهاد، وانبرى لإحياء مذهب أهل السنة والجماعة، والذب عنه، والرد على شبهات المبتدعين، وأسئلة الجاهلين، وصار مذهبه أو منهجه الذي تربى عليه تلاميذه يسمى بالماتريدية.

أي أن التسميتين ليستا لفرق مخالفة لأهل السنة والجماعة، بل هي أسماء مدارس ومناهج إسلامية لأهل السنة، كما نقول اليوم أزهري، وهّابي، ندويّ، نسبة للمدرسة، أو الشيخ، أو الجامعة التي تتلمذ ودرس فيها هؤلاء العلماء.

خامسا- بعد ذلك بقرون، ظهر الإمام ابن تيمية، وقد انتشرت البدع في عصره، وبلغ الضعف بالمسلمين ذروته، واجتاحت ديارهم جحافل التتار والمغول الهمجية، فتصدى لجهادهم، ولجهاد أهل البدع والأهواء، وكان مجدداً جديداً في سلسلة المجددين، الذين يكرم الله بهم دينه في كل قرن، فينفون عنه البدع والغلو والانحراف، ويعودون بالمسلمين إلى جادة الحق والصواب.

واشتغل ابن تيمية أيضاً بعلم الكلام ليرد على المبتدعين، وكانت له بعض الآراء التي خالف فيها الأشاعرة، والماتريدية، واجتهد فيها لاتباع طريقة السلف الصالح، والتمسك بمذهبهم، (ولكن هذا لا يعني أنه كان أشد تمسكاً بمذهب السلف الصالح من الأشاعرة أو الماتريدية، فكلهم اجتهد للوصول إلى ذلك)، وصار لابن تيمية أيضاً مذهب أو مدرسة ومنهج. ولكن أتباعه لم يسموا بالتيميين، وإنما تسموا بالسلفيين، لأنهم وبعد هذه القرون الطويلة (8 قرون) نفضوا الغبار عن الشريعة، وحاولوا العودة بها إلى عهدها الأول، عهد السلف، وكان هذا شعارهم.

سادساً- ولم ينضوِ كل المسلمين بالطبع تحت لواء هذه المدرسة الجديدة، بل بقيت الأكثرية منهم تنتمي لمدرسة الأشاعرة، أو لمدرسة الماتريدية.


وصارت هذه المدارس الثلاث تمثل أهل السنة والجماعة في كل أمصار العالم الإسلامي، ويسود مذهب إحداها على الآخرين في أحد الأقطار دون غيره. فالسائد في السعودية الآن هو السلفية، نتيجة لثورة الشيخ محمد بن عبد الوهاب التي قامت عليها الدولة السعودية، وكان هذا مذهبه، فعُمم في البلاد والمدارس والجامعات. وكانت الأشعرية هي السائدة في الحجاز قبل ذلك، وأما في الشام ومصر فتسود الأشعرية، وأهل كل قطر أدرى بقطرهم.

والعلماء والمسلمون المنتمون إلى هذه المدارس الثلاث يحبون بعضهم، ويتعاونون معاً على البر والتقوى، وتوجد بينهم بعض الخلافات الطفيفة الاجتهادية، والتي لا تؤثر على سلوكهم إطلاقاً، ولا على عبادتهم وشعائرهم، لأنها خلافات تفسيرية تأويلية لبعض القضايا، ومعظمها قد تجاوزتها الأمة، وكان النسيان سيلفُّها لولا أنها مدونة في الكتب.

سابعا- فأين المشكلة؟؟؟

المشكلة أن بعض المنتسبين لكل مذهب يتعصبون لمذهبهم، فيجسمون هذه الخلافات، ويضخمونها، ويجمعونها، ويؤلفون فيها المؤلفات، ويتهمون كل من يخالفهم الرأي فيها بأنه ضال ومبتدع وخارج عن مذهب أهل السنة. وهذا هو الخطر في الموضوع.

وهذا السلوك –بكل أسف- يشترك فيه المتعصبون من الأشاعرة والسلفية والماتريدية.

فالأشاعرة المتعصبون يتهمون السلفيين، والسلفيون المتشددون يتهمون الأشاعرة، وهكذا...إلى أن يأذن الله لهذه الأمة بالنصر والتمكين، فتزول هذه الغمة، وينقشع هذا الحجاب عن العقول والقلوب، ويدرك الجميع أننا جميعاً إخوة متحابون، وللقرآن والسنة متبعون، وإن وجدت بيننا بعض الخلافات، فقد وجدت بين الصحابة، وما منعهم ذلك من التعاون والتناصر لإعلاء كلمة الحق والدين.

وهناك أصابع خفية، كلما هدأت النفوس، وتناسى المسلمون هذه الخلافات ( استجابة لدعوة المصلحين والمتنورين من العلماء)، أثارت هذه النعرات، وحركت هذه الخلافات...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق