الاثنين، 25 أغسطس 2014

الإنسان و الشيطان

الإنسان و الشيطان 
الإنسان يجهل نفسه، مع أنه هو الإنسان، ويجهل حقيقة ينسب إليها كل الشرور، معتقدا عداوتها، فلا تري إنسانا إلا وهو يلعن الشيطان، وينسب إليه ما يعمله من الشرور.
وما دام الإنسان يجهل نفسه، فهو بعيد عن الفضائل، محروم من نيل الكمالات، وما دام يجهل الشيطان فهو هاو فى مهاوي المقت والعذاب، لأنا نري كثيرا من الناس يتلذذون بالشرور، ويبتهجون بضرر الغير، مفتخرين بتلك الرذائل، فرحين بوقوعها منهم على غيرهم، فإذا قابلهم الغير بمثلها لعنوه، وقالوا: شيطان وشنعوا عليه، وذموه، واستنجدوا بالناس عليه، ليطهروا الأرض منه، فيرون أقبح القبائح من أنفسهم حسناً، ويرون الهفوة من غيرهم أقبح القبائح،
 كل ذلك لجهلهم بأنفسهم وبالشيطان.
تري الجاهل يذكر فضائل الغير حامدا له، شاكرا متعصبا له، غيورا عليه، ناشرا فضائله، مع أنه إنسان نظيره، يمكنه بسهولة أن يبلغ ما بلغه من الكمالات. هذا وبينما تراه يمدح فضائله يقع فى الرذائل التى هي من صفات الشيطان.
إنك تري الفسقة والفجار والظلمة يهابون الأتقياء،
 ويعظمونهم، ويتبركون بهم، حبا فى الفضائل، وإكراما للتقوى، ومع ذلك يصرون على الشرور والقبائح، ولو أنهم عرفوا أنفسهم، وعرفوا الشيطان، لتجملوا بتلك الفضائل بسهولة. ولصاروا أئمة هدي، يحبهم الله ورسوله صل الله عليه وسلم ويحبهم الناس جميعا.
وهنا سألني سائل: كيف أعرف نفسي وأعرف الشيطان؟ أجيبه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من عرف نفسه فقد عرف ربه) (رواه أبو المظفر بن السمعاني عن يحي بن معاذ الرازي، وقال النجم قلت وقع فى أدب الدين والدنيا للماوردي عن السيدة عائشة رضى عنها).
وقال صلى الله عليه وسلم: (أعدي عدوك نفسك التى بين جبينك) ( رواه البيهقي فى الزهد وله شاهد من حديث أنس رضى الله عنه).
وقال الله تعالى: (إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا)(فاطر:6).
وقد وردت الآثار فى كل الكتب السماوية بعداوة الشيطان، مبينة أعماله وطرق التحفظ منه، ولكني أجيب على هذا السؤال : إنك أيها الطالب معرفة نفسك ومعرفة الشيطان طلبت مقصدا عظيما، يجب أن ينال علما وعملا، وطالب السعادة الأبدية يبذل لنيلها أنفاسه النفائس مستقلا لها، فاطلب عارفا بنفسه،
 عارفا بربه، تعرف الحقائق.
العلم حد وفوق العلم أنوار
والنور غيب وفوق الغيب أسرار
والسر يجذبني لشهود حضرته
 والكشف فضل وفوق الفضل أقدار
لي حظوة فى مقام القرب غامضة
 عن كل روح بها الإحسان مدرار
من فوق ذلك غيب فى عماً
 منزه لم يري معناه أبصار
لم تدركنه عقول فى نزاهته
 لكن يراه فتي لله المختار
فيه يغيبني عني بطلعته
 وهو الولي وتواب وغفار
بعد الفناء فلا رسم يحيرني أخفي
 عن الروح والمشهود ستار
لي فوق ذلك ما لا قد أبوح به
 فوق الإشارة لا تبديه أخبار
في قهر حالي قد أفني فأظهره رمزا
 وفيه الفتي المحبوب يحتار
لي نشوة بعد رشف الراح تسكرني
 فيها الجميل تجلي وهو قهار
الحق يظهرني كورا ويسترني
 والستر فى القرب حال الصفو إظهار
ألقي على محبته ليظهر لي نورا
 به تختفي فى القرب آثار
نور اتحاد فنزه عن مشابهة ذق من
 إشارات من وصلوا ومن ساروا
سلم فنور التجلي دك من شهدو
ا بل أصعق الفرد فى التقريب إسفار
قد دك طور التجلي بل وقد صعقت
 روح الكليم وقد لاحت له النار
صارت له النار نورا والجمال إذا
 بالقرب قدسا وقد والاه جبار
نودي "أنا الله" يا موسي فكلمه 
والكل نورك والنيران أنوار
تلك العناية من أزل إلى أبد
 تولي وإحسانه بالحب مدرار

الإمام محمد ماضى أبوالعزائم 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق