السبت، 21 أكتوبر 2017

السلفية الوهابية تكفر الإمام أبي حنيفة إمام أهل السنة والجماعة

نتيجة بحث الصور عن صور ابن عبدالوهاب النجدي
ذكرنا في المبحث السابق ذلك العداء الذي بين السلفية والمدرسة الحنفية من أول نشوئها، فلذلك اتهم سلف السلفية الأوائل أبا حنيفة بالكفر، وبمثل ذلك اتهم سائر تلاميذه، وخاصة أبو يوسف ومحمد بن الحسن، فقد قال قال عمرو بن علي الفلاس:سمعت يحيى القطان، وقال له جار له: حدثنا أبو يوسف، عن أبي حنيفة، عن التيمي، فقال: مرجئ، عن مرجئ، عن مرجئ([394]).
وقال نعيم بن حماد: سمعت ابن المبارك، وذكروا عنده أبا يوسف؛ فقال: لا تفسدوا مجلسنا بذكر أبي يوسف ([395]).
وقال حبان بن موسى: سمعت ابن المبارك، يقول: إني لأستثقل مجلساً فيه ذكر أبي يوسف ([396]).
وقال المسيب بن واضح: ما سمعت ابن المبارك ذكر أحداً بسوء قط؛ إلا أن رجلاً قال له: مات أبو يوسف؛ فقال: مسكين يعقوب؛ ما أغنى عنه ما كان فيه ([397]).
وقال عبدة بن عبدالله الخراساني: قال رجل لابن المبارك: أيما أصدق أبو يوسف، أو محمد؟ قال: لا تقل: أيما أصدق؛ قل: أيما أكذب([398]).
وقال زكريا الساجي: يعقوب بن إبراهيم أبو يوسف صاحب أبي حنيفة؛ مذموم مرجئ([399]).
وقال عبدالله بن إدريس: كان أبو حنيفة ضالاً مضلاً. وأبو يوسف فاسق من الفاسقين([400]).
وقال محمد بن إسماعيل البخاري: يعقوب بن إبراهيم أبو يوسف القاضي؛ تركوه([401]).
وقال إسحاق بن منصور الكوسج: قلت لأحمد بن حنبل: يؤجر الرجل على بغض أبي حنيفة، وأصحابه؟ فقال: إي والله([402]).
وقال أبو الطيب طاهر بن عبدالله الطبري: سمعت أبا الحسن الدارقطني سئل عن أبي يوسف القاضي، فقال: أعور بين عميان([403]).
وقال محمد بن إسماعيل أبو إسماعيل: سمعت أحمد بن حنبل، وذكر ابتداء محمد بن الحسن؛ فقال: كان يذهب مذهب جهم([404]).
وقال أبو زرعة الرازي: كان محمد بن الحسن جهمياً([405]).
وقال زكريا الساجي: محمد بن الحسن كان يقول بقول جهم، وكان مرجئاً([406]).
وقال يحيى بن معين: كان محمد بن الحسن كذاباً، وكان جهمياً([407]).
وهكذا كان الأمر من بعدهم، وخاصة بعد أن صار الحنفية ماتريدية العقائد، فقد كفرهم السلفية حينها بتهمة التجهم والتعطيل.. وبعد أن مال أكثرهم إلى التصوف تحولوا جميعا إلى حلولية وقبورية ومشركين.
ومن العلماء الذين ينطبق عليهم التكفير السلفي لهذه الأسباب وغيرها قاضي القضاة الشيخ شمس الدين أبوالعباس أحمد بن إبراهيم السّروجي الحنفي (المتوفى 710 هـ)، والذي قال فيهمترجموه:  (وكان بارعاً في علوم شتى وله اعتراضات على ابن تيمية في علم الكلام)([408]) ، وقال ابن حجر في ترجمته: (ومن تصانيفه: الرد على ابن تيمية، وهو فيه منصف متأدب صحيح المباحث، وبلغ ذلك ابن تيمية فتصدى للردّ على ردّه)([409])
ورده على ابن تيمية في علم الكلام كاف في تكفيره عند السلفية، لأن القضايا التي انتصر لها ابن تيمية في تصوره قضايا نهائية لا يحق لأحد الجدال فيها.
ومنهم الفقيه أبو الفتـح نصر بن سليمان المنبجي الحنفي (المتوفى 719 هـ) الذي قال عنه الذهبي: (الشيخ الإمام القدوة، المقرئ، المحدث، النحوي، الزاهد العابد القانت الرباني، بقية السلف، أبوالفتح نصر بن سليمان بن عمر المنبجي، نزيل القاهرة وشيخها)، وقد ذكره ابن حجر العسقلاني ضمن العلماء الذين عارضوا عقائد ابن تيمية، بل كان من أعظم القائمين عليه والمحرضين ضده، وكان يغري به بيبرس الجاشنكير([410]).
 وقد ذكر ابن عبدالهادي المقدسي أن لابن تيمية رسالة كتبها للشيخ المنبجي وأسماها بالرسالة المصرية([411])، وقد ذكر ابن حجر الرسالة ـ وفيها ما يكفي للدلالة على تكفير السلفية له ـ فقد جاء فيها: (واتفق الشيخ نصر المنبجي كان قد تقدم في الدولة لاعتقاد بيبرس الجاشنكير فيه فبلغه أن ابن تيمية يقع في ابن العربي لأنه كان يعتقد أنه مستقيم، وأن الذي ينسب إليه من الاتحاد أو الإلحاد من قصور فهم من ينكر عليه، فأرسل ينكر عليه وكتب إليه كتاباً طويلاً ونسبه وأصحـابه إلى الاتحاد الذي هو حقيقة الإلحاد فعظم ذلك عليهم) ([412])
 وقد اتهم ابن تيمية تيمية هذا الشيخ الجليل بالإلحاد، قال ابن كثير: (وذلك أن الشيخ تقي الدين بن تيمية كان يتكلم في المنبجي وينسبه إلى اعتقاد ابن عربي)
ومنهم الشيخ أحمد بن عثمان التركماني الجوزجاني الحنفي (المتوفى 744 هـ) الذي كتب رسالة في الردّ على ابن تيمية بعنوان (الأبحاث الجلية في الرد على ابن تيمية)
ومنهم الشيخ أحمد بن عثمان التركماني الجوزجاني الحنفي (المتوفى 744 هـ) الذي كتب رسالة في الردّ على ابن تيمية بعنوان (الأبحاث الجلية في الرد على ابن تيمية ) ([413])
ومنهم الفقيه الشيخ محمد بن محمد العلاء البخاري الحنفي (المتوفى 841 هـ)، الذي قيل في ترجمته: (كان يُسئل عن مقالات ابن تيمية التي انفرد بها فيجيب بما ظهر له من الخطأ، وينفر عنه قلبه إلى أن استحكم ذلك عليه فصرّح بتبديعه ثم تكفيره، ثم صار يُصرح في مجلسه أن من أطلق على ابن تيمية أنه شيخ الإسلام فهو بهذا الإطـلاق كافـر واشتهر ذلك..) ([414])
ومنهم الفقيه الشيخ الملا علي بن سلطان محمد القاري الهروي الحنفي (المتوفى 1014 هـ) الذي يعده السلفية قبوريا، وقد قال في (شـرح كـتاب الشفـا ): (وقد فرّط ابن تيمية من الحنابلة حيث حرّم السفر لزيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم)([415])
ومنهم  الفقيه الشيخ أبو الحسنات محمد عبد الحي اللكنوي الحنفي (المتوفى 1304 هـ)،  من علماء الهند، صاحب المصنفات الكثيرة في الفقه والحديث والتراجم ومنها كتاب (إبـراز الغي الواقـع )، ومما ذكره فيه: (أقول: مسألة زيارة خير الأنام صلى الله عليه وآله وسلم كلام ابن تيمية فيها من أفاحش الكلام، فإنه يحرم السفر لزيارة قبر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ويجعله معصية ويحرم نفس زيارة القبر النبوي أيضاً، ويجعلها غير مقدورة وغير مشروعة وممتنعة، ويحكم على الأحاديث الواردة في الترغيب إليها كلها موضوعة من حسن بعضها، أو لعلمي أن علم ابن تيمية أكثر من عقله، ونظره أكبر من فهمه، وقد شدّدّ عليه بسبب كلامه في هذه المسألة علماء عصره بالنكير، وأوجبوا عليه التعزيـر) ([416])
ومنهم الفقيه المحدث الشيخ محمد زاهد بن حسن الكوثري الحنفي (المتوفى 1371 هـ) الذي ألف السلفية الكتب الكثيرة في تكفيره، وهو من علماء تركيا الكبار وكان وكيل المشيخة الإسلامية بدار الخلافة العثمانية، وهو من كبار المخالفين لابن تيمية وله معه وقفات وردود كثيرة، منها قوله: (ولو قلنا لم يبل الإسلام في الأدوار الأخيرة بمن هو أضر من ابن تيمية في تفريق كلمة المسلمين لما كنا مبالغين في ذلك، وهو سهل متسامح مع اليهود والنصارى يقول عن كتبهم انها لم تحرف تحريفاً لفظياً فاكتسب بذلك إطراء المستشرقين له، شديد غليظ الحملات على فرق المسلمين لا سيما الشيعة... ولولا شدة ابن تيمية في رده على ابن المطهر في منهاجه إلى أن بلغ به الأمر إلى أن يتعرض لعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه على الوجه الذي تراه في أوائل الجزء الثالث منه بطريق يأباه كثير من أقحاح الخوارج مع توهين الأحاديث الجيدة في هذا السبيل) ([417])
 وقال في الرد على ثناء ابن تيمية على كتاب (النقض على المريسي ) للدارمي: (فتباً لابن تيمية وصاحبه ابن القيم حيث كانا يوصيان بكتابه هذا أشد الوصية ويتابعان في كل ما في كتابه كما يظهر من صفحة خاصة منشورة في أول الكتاب، فأصبحا بذلك في صفّ هذا المؤلف المجسم الفاقد العقل، فلا إمام لمن اتخذ هؤلاء أئمة في الأصول أو الفروع، ومن هنا يظهر كل الظهور مبلغ شناعة إتباعهما في شواذهما الفقهية بترك ما عليه أئمة الهدى فنعوذ بالله من الخذلان) ([418])
ومن كلامه في ابن تيمية: (وقد سئمت من تتبع مخازي هذا الرجل المسكين الذي ضاعت مواهبه في شتى البدع، وفي تكملتنا على (السيف الصقيل ) ما يشفي غلة كل غليل إن شاء الله تعالى في تعقب مخازي ابن تيمية وتلميذه ابن القيم)([419])
ومن السلفية الذين صرحوا بتكفيره الشيخ أبو عبد الله محمد بن عبد الحميد حسونة الذي سماه (مجنون أبي حنيفة الجهمي الضال) ([420])
ومنهم الشيخ مقبل بن هادي الوادعي الذي قال فيه: (من ضلالات الكوثري عدو السنة وأهلها : (تكفيره للعالم الرباني والصديق الثاني ابن القيم أعلى الله درجته ونقله عن بعض الرافضة قوله: إن الشوكاني يهودي مدسوس على المسلمين) وسكوته عنه، ونقل عن الفخر الرازي أن كتاب التوحيد لابن خزيمة [كتاب الشرك] وسكت.. فهو رجل ضال مضل)([421])
ثم قال: (يعد من أئمة المبتدعين والمعطلة لصفات رب العالمين.. حيث يذهب في صفة العلو مذهب الجهمية المعطلة، وهو نفي علو الله تعالى بذاته على مخلوقاته، ويرى أن الله تعالى لا داخل العالم ولا خارجه ويقول عن السلف: الذين أثبتوا علو الله على خلقه واستواءه على عرشه (لا حظ لهم في الإسلام، غير أن جعلوا صنمهم الأرضي صنماً سماوياً)([422]).. ثانياً: صفة الاستواء: تابع الكوثري فيها الجهمية، فعطل صفة الاستواء، وحرف نصوصها، وقال : (وللاستواء في كلام العرب خمس عشرة معنى ما بين حقيقة ومجاز، منها ما يجوز على الله ، فيكون معنى الآية، ومنها ما لا يجوز على الله بحال، وهو ما إذا كان الاستواء بمعنى التمكن أو الاستقرار ([423]) .. ثالثاً: صفة النزول: تابع الكوثري فيها الجهمية، فعطل صفة النزول، وحرّف نصوصها إلى نزول الملك ([424]) .. وحرف حديث النزول تحريفاً لفظياً، فذكر لفظ [يُنزل] بضم الأول وهذا عين المناقضة لمذهب أهل السنة والجماعة.. رابعاً: صفة اليدين: يذهب الكوثري في صفة اليدين مذهب الجهمية المعطلة، فقد عطل صفة اليدين، وحرف نصوصها إلى العناية الخاصة بدون توسط([425]) .. أو المراد من اليد: القدرة ([426]) ، وهذا مناقض لمذهب أهل السنة والجماعة، فقد أثبتوا صفة اليدين كما جاءت بها النصوص، ومن لم يحملها على الحقيقة عندهم فهو معطل .. خامساً: صفة الكلام: تابع الكوثري الجهمية في تعطيل صفة الكلام والقول بخلق القرآن، وحرف نصوصها إلى الكلام النفسي ([427])، بل .. ويعترف الكوثري بأنه ليس بينه وبين المعتزلة خلاف في كون القرآن مخلوقا ([428]) ، كما أنه لا يرى جواز سماع كلام الله تعالى، فلم يسمع منه جبريل؛ لأن كلام الله تعالى ليس بحرف ولا بصوت ([429]) ، وهذا مناقض لمذهب سلف الأمة وأئمتها، الذي يوافق الأدلة العقلية الصريحة، وهو أن القرآن كلام الله، منزل، غير مخلوق، منه بدأ، وإليه يعود فهو -سبحانه- المتكلم بالقرآن والتوراة والإنجيل وغير ذلك من كلامه ليس مخلوقاً منفصلاً عنه بل سبحانه يتكلم بمشيئته وقدرته.. موقفه من توحيد الألوهية: اعتنق الكوثري من مهلكات القبورية، والبدع الشركية، من ذلك : جواز بناء المساجد على القبور : وادعى أنه أمر متوارث كما في مقالاته ([430]) ، وهذا خلاف الأحاديث الصحيحة في النهي عن بناء المساجد على القبور ولعن فاعله.. جواز إيقاد السرج والشموع على القبور.. جواز الصلاة في مسجد جعل على قبر رجل صالح بقصد التبرك بآثاره وإجابة دعائه ([431]) ):
هذه بعض الأسباب التي كفر بها الوادعي الكوثري، وقد نقلناها لنبين انطباقها على أكثر علماء المذاهب الأربعة.
ومن علماء الحنفية الذين يشملهم التكفير السلفي الشيخ أحمد خيـري المصري (المتوفى 1387 هـ)، وهو من الذين تتلمذوا على الشيخ محمد زاهد الكوثري بعد هجرته إلى مصر، وبعد وفاة أستاذه كتب كتاباً عن سيرته أسماه (الإمـام الكوثـري )، وقد قال فيه:  (وقد عاش المترجم طول حياته خصماً لابن تيمية ومذهبه، وسرد آراء الأستاذ يخرج بالترجمة عن القصد، وهي مبسوطة في كثير من تآليفه وتعاليقه، وعلى الرغم من أن لابن تيمية بعض المشايعين الآن بمصر، فإنه سيتبين إن عاجلاً وإن آجلاً، ولو يوم تعرض خفايا الصدور أن ابن تيمية كان من اللاعبين بديـن الله، وأنه في جلّ فتاواه كان يتبع هواه وحسبك فساد رأيه في اعتبار السفر لزيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم  سفر معصية لا تقصر فيه الصلاة. )([432])، وهذا النص وحده كاف لإدانته وتكفيره عند السلفية.
ومنهم الشيخ محـمد أبو زهـرة (المتوفى 1394 هـ)، وله علاقة طيبة جدا بأستاذه الكوثري، وقد أثنى عليه كثيرا، ومما يدينه به السلفية أنه سئل: (.. قال أحد الخطباء على المنبر يوم الجمعة بأن الله خلق السموات والأرض في ستة أيام كأيامنا هذه وبدأ خلق الأرض يوم الأحد وفرغ من الخلق عصر يوم الجمعة، وخلق الإنسان بعد عصر يوم الجمعة ثم استوى على العرش فهو مستو عليه، ولما سئل عن العرش قال: إنه الكرسي، وهو يوزع رسائل من تأليفه تثبت الجهة لله ويقول: إن العقل يوجب أن يكون الله في جهة لأن ما ليس في جهة فهو معدوم، ونحن العوام قد تبلبلت أفكارنا لأننا نعتقد أن الله في كل مكان وهو معنا أينما كنا وهو ثالث الثلاثة ورابع الأربعة، نرجو بيان الأمر على صفحات المجلة؟)
 فأجاب أبو زهـرة بقوله: (ما يقوله الشيخ إتـّباعٌ لما قيل عن ابن تـيميه فهو في هذا يقلده فيما روي عنه في الرسالة الحموية، والحـق أنه تعالى منـزه عن المكان، ومنـزه عن أن يجلس كما يجلس البشر، وأن العلماء الصادقين من عهد الصحابة يفسرون هذا بتفسير لا يتفق مع المكان، ولا يمكن أن تفسر الأيام الستة بأيامنا هذه، لأن أيامنا ناشئة من دوران الأرض حول الشمس إلا أن تفسر بمقدارها لا بحقيقتها، ولا نرى موافقة الشيخ في الخوض في هذه الأمور، ونباب الموعظة وبيان الحقائق الإسلامية التكليفية متسع، والله تعالى هو الموفق والهادي إلى سواء السبيل ) ([433])
وهذا النص وحده كاف لإدانته السلفية ورميه بكل الموبقات التي رموا بها الجهمية والمعطلة.




الكتاب: معجزات علمية
المؤلف: د. نور الدين أبو لحية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق