السبت، 21 أكتوبر 2017

تكفير السلفية الوهابية لكبار علماء المالكية

على الرغم من ثناء ابن تيمية والكثير من السلفية على المدرسة المالكية، واعتبارها مدرسة سلفية، فإن هذا الثناء ـ عند التأمل فيه ـ نجده بلا معنى، بل نجده نوعا من الاحتيال والتلاعب.
ونحن لن نناقشهم هنا في صاحب المذهب نفسه، لأن لهم روايات ترتبط به تجعله سلفيا كسائر سلفيتهم.. وللمالكية روايات أخرى تجعله جهميا عند أهل الحديث، وتضع له من الصفات ما يتناقض مع الرؤية السلفية تماما.
وهذا المحل ليس محل مناقشة أمثال هذه المسائل، لأن مرادنا هو المدرسة التي تشمل مئات بل آلاف الفقهاء الذين توزعوا في التاريخ والجغرافيا لفترات طويلة، ولأماكن كثيرة.
وكلهم ـ إن لم نقل أكثرهم ـ كان يقول بما تقول به الأشاعرة من التأويل أو التفويض، ولا يعتقد بالجهة، ويقول بأن الحرف والصوت مخلوق، وغير ذلك من العقائد التي يكفر السلفية معتقدها.
بالإضافة إلى ذلك البعد  الصوفي الذي دخل المذاهب الإسلامية جميعا، وخصوصا المذهب المالكي الذي كان الكثير من أعلامه الكبار مشايخ للطرق الصوفية، كابن عطاء الله السكندري وغيره.. وهم لذلك يعتبرون عند السلفية حلولية وقبورية بالإضافة إلى تجهمهم وتعطيلهم.
لكن البعض قد يجادلنا بأن السلفية يثنون على الكثير من أعلام المالكية، بل ويستدلون بهم في مواجهة البدع، والتحريفات التي أدخلها الخلف على الدين، ومنهم وعلى رأسهم إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي الشهير بالشاطبي (المتوفى: 790هـ)، ذلك الذي يسبحون بكتابه [الاعتصام] صباح مساء، وعلى أساسه يبدعون الطرق الصوفية، والكثير من السلوكات العادية للمسلمين.
حتى أن الشيخ الفوزان سئل في بعض دروسه: (أحسن الله اليكم ما رأيكم بكتاب الاعتصام للإمام الشاطبي وكذلك كتابه الموافقات؟)، فأجاب بقوله: (ما مثلي يحكم على كتاب الاعتصام والموافقات، الامام الشاطبي امام جليل وإمام تقدره العلماء ويرجعون إلى كتابيه الاعتصام والموافقات، يرجعون إليهما ويستفيدون منهما فلا مجال للتهويل في شأن الكتابين او السؤال عن الشاطبي او كتابيه فإن هذا معروف عن العلماء والأئمة وهما مرجعان عظيمان لأهل العلم)([434])
وهذا الكلام نوع من الاحتيال على الحقيقة التي يؤمن بها الفوزان نفسه، والأمر فيه مثل الأمر في ابن حجر، وقد رأينا أنهم يكفرونه، ولكن لا يصرحون بذلك، لمصلحة لهم فيه.
ولهذا كتب بعض الباحثين من السلفيين مقالا مطولا في الرد على موقف الفوزان، يلزمه من خلاله بتطبيق منهجه ومنهج السلف في تكفير الشاطبي، وعنوان المقال هو: [الشاطبي بين حكم السلف على أمثاله وبين ثناء الفوزان]
وقد رد فيه بأدلة كثيرة ألزم بها الفوزان بما يعتقده، وقدم لذلك بقوله ـ ردا على منهج التمييع السلفي ـ: (صدقت فلست أنت من يسأل عن الشاطبي  ولا مثلك من يحكم عليه وعلى كتبه لأنك جاهل بعقيدة السلف ومنهجهم في التعامل مع المبتدعة والزنادقة، فكم لك من تمييع مع أمثال الشاطبي ومع من هم أشد كفرا وزندقة منه، وما اعتراضك على كلام السلف في أبي جيفة [يقصد أبا حنيفة] عنا ببعيد)([435])
بالإضافة إلى ذلك كتب بعض السلفية([436]) من أصحاب المنهج الخفي في التكفير كتابا في مخالفة الشاطبي لمعتقدات السلف، من دون تكفير له فيها، مع كونه يكفر من هم دونه، وقد قال في مقدمة كتابه المسمى [الإعلام بمخالفات الموافقات والإعتصام]: (فقد كان لمؤلفات أبي إسحاق الشاطبي أثرٌ عظيمٌ  بين العلماء وطلبة العلم، تلقوها بالقبول، وتناولوها بالتعليم والشرح والتلخيص،وانتفع بها من شاء الله من الناس، وأعظم ما ألفه كتابي (الموافقات) في أصول الشريعة و(الاعتصام) في لزوم السنة والتحذير من البدع، وقد كان طرحه في الكتابين طرحاً لم يسبق إليه.. ولما كان للشاطبي جهود في حرب البدعة، وحرب البدع مما اشتهر به السلفيون، فقد انتشر بين الناس أنه سلفي الاعتقاد – حتى بين بعض طلبة العلم-، والحقيقة التي تظهر لكل من يقرأ كتابيه هذين أنه أشعري المعتقد في باب الصفات والقدر والإيمان وغيرها، ومرجعه في أبواب الاعتقاد هي كتب الأشاعرة.. وموقف الشاطبي من البدع العملية (وهي البدع في العبادات) في تحذيره منها وبيان مفاسدها والتشديد على التمسك بالسنة فيها موقف جيد، وعمل مشكور، ولكنه مع ذلك وقع في بدع الأشاعرة والمتكلمين الاعتقادية في الصفات والقدر وغيرها)([437])
وقد بين الكاتب السلفي أن هذا النوع من البدع ليس خاصا به فقط، بل شمل كل من يستفيد السلفية من مواقفهم من البدع العملية.. فهم ينقلون عنهم في هذا الباب، ويكفرونهم في باب البدع العقدية.. وهذا من عجائب السلوكات السلفية.. فهم يضربون الأمة بعضها ببعض.. يضربون الصوفية بالشاطبي.. ويضربون الشاطبي بسلفهم الأول.
 يقول في ذلك: (ولم ينفرد الشاطبي بهذا الأمر بين العلماء؛ فقد وقع فيه غيره كأبي بكرٍ الطرطوشي فإنه ألّف كتاب (البدع والحوادث) في التحذير من البدع العملية ومع ذلك فقد وافق الأشاعرة في أصولهم، وكأبي شامة الدمشقي فإن له كتاب (الباعث في إنكار البدع والحوادث) في البدع العملية وهو أشعري المعتقد)([438])
ثم بين أن السبب في ذلك يعود إلى (أن علماء الكلام لم يتطرقوا لمثل هذه الأمور؛ لهذا لم يفسدوها بأصولهم فلم تلتبس على من أراد الحق وسعى إليه بخلاف الاعتقادات كالأسماء والصفات والقدر والإيمان وغيرها فإن المتكلمين أفسدوها بأصولهم المبتدعة وشبهوا على كثيرٍ من العلماء الفضلاء فيها فوافقوهم في أصولهم وبدعهم)([439])
وسأذكر هنا باختصار بعض ما ذكره من مخالفات خطيرة لمنهج السلف، ليس لها حكم عندهم إلا الكفير الصريح.
وأولها هو مواقفه العقدية، والتي لخصها الكاتب بقوله: (ذهب الشاطبي إلى مذهب الأشاعرة – في الجملة - ففي باب الصفات أوّل بعضها كالفوقية والنزول والكلام وغيرها، وإن ذكر مذهب الصحابة والسلف في هذا وحثّ على اتباعه فإنما يعني به التفويض – تفويض المعنى والكيفية -، وفي باب القدر أنكر الأسباب – تبعاً للأشاعرة- وجعل المسببات لاتدخل تحت قدرة المكلف، وأنكر التحسين والتقبيح العقليين تبعاً لإنكار الأشاعرة للحكمة وجعلهم الأعيان لا تتصف بحسنٍ ولا قبحٍ قبل ورود الشرع وأن الله سبحانه إنما يأمر وينهى لمحض المشيئة فقط، واتبع الشاطبي أيضاً المتكلمين في كثيرٍ من أصولهم الكلامية في إثبات الصانع وحدوث العالم، وفي النبوات، وفي حكم الدلائل اللفظية وغيرها)([440])
ومع أن الكثير مما ذكره هنا يكفرون على أساسه إلا أنه ـ من باب المصلحة السلفية ـ توقف عن التكفير.. ولست أدري دليله الشرعي في ذلك.. وهل يمكن عقلا أن يكفر عامي بسيط بسبب إنكاره الجهة، بينما يتسامح مع عالم جليل في عقل الشاطبي؟
بل إنه في رده عليه، ولست أدري هل فطن لذلك أم لا، ينقل من كلام السلف وابن تيمية ما يحكم عليه بالكفر، فمن الوجوه التي رد بها عليه (الوجه الرابع: أن هؤلاء المتكلمين الذين ابتدعوا في الصفات والقدر والنبوات وفي غيرها –وقد تبعهم الشاطبي في ذلك- قد سلكوا في استدلالاتهم على بدعهم هذه طرقاً مبتدعة –زعموها عقلية-تلقفوها من الفلاسفة والجهمية والمعتزلة)([441])
وهذا تكفير محض، وإلا فكيف يستقيم أن يعتقد نفس معتقدات الجهمية والمعتزلة، ثم يكفرون ويعفى عنه.. ولست أدري نوع العفو.. هل هو ملكي أم رئاسي؟
ثم ذكر (مخالفته للسلف في توحيد الربوبية)، فقال: (ذهب أبو إسحاق الشاطبي إلى ما ذهب إليه المبتدعة في إثبات الصانع وإثبات حدوث العالم باتباع طريقة الأعراض وهي طريقة جهمية معتزلية مبتدعة، فقد نقل الشاطبي عن أبي بكرٍ الطرطوشي كلاماً طويلاً وفيه قوله: (لا طريق إلى معرفة حدوث العالم وإثبات الصانع إلا بثبوت الأعراض)([442]) ـ ثم قال الشاطبي مقرّراً لجميع كلامه:(وهو حسن من التقرير)، وهذه الطريقة هي طريقة الجهمية والمعتزلة في إثبات حدوث العالم وإثبات الصانع، وأول من قال بها الجهم بن صفوان مقدم الجهمية وأبو الهذيل العلاف مقدم المعتزلة، وقد التزموا من أجلها لوازم أفسدوا بها الدين،وأحدثوا البدع، وحرفوا النصوص، وخالفوا المنقول والمعقول)([443])، وهكذا يرميه بجرائم المعتزلة والجهمية.. ثم يكفرهم ويعفو عنه.
ثم يذكر (مخالفاته في توحيد الأسماء والصفات) التي يكفرون على أساسها كل الأمة، فيقول: (تعددت مخالفات الشاطبي في هذا التوحيد تبعاً لمخالفات الأشاعرة، فإنه إنما ينقل الاعتقادات من كتبهم الكلامية، فكان إذا أراد عرض معتقد الصحابة والسلف في الصفات عرضها بما يتوافق مع عقيدة المفوّضة – وهو نفس فهم الأشاعرة لمعتقد السلف -، ويبني أحكامه في الصفات تبعاً لألفاظٍ مجملة، وإذا تكلم عن بعض الصفات أوّلها كتأويلات الأشاعرة والمبتدعة، وإذا تعرض للخلاف بين المذهبين – يعني مذهب السلف ومذهب الخلف في الصفات – هـوّن الخلاف بينهم وجعله شبيهاً بالخلافات الواقعة في الفروع)([444])
وقد ذكر كثرة مخالفاته في هذا الباب، فقال: (ولكثرة مخالفاته هذه فقد رأيت أن أقسم هذا الفصل إلى أربعة مباحث..)([445])
وبناء عليه ذكر الكثير من النصوص من الاعتصام أو الموافقات والتي يحكموها على أمثالها، بل على ما هو دونها بالكفر، ومن أمثلة تلك النصوص،   قول الشاطبي في (الموافقات):(كما زعم أهل التشبيه في صفة الباري حين أخذوا بظاهر قوله تعالى:(تجري بأعيننا)(مما عملت أيدينا)(وهو السميع البصير)(والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة) وحكموا مقتضاه بالقياس على المخلوقين فأسرفوا ما شاءوا)([446])، وهذا طعن صريح منه للسلفية وأهل الحديث برميهم بالتشبيه، ومع ذلك لم يتشدد معه، كما تشدد مع من هم دونه.
وهكذا نقل عنه في (الموافقات) تحت قاعدة إذا ثبتت قاعدة عامة أو مطلقة فلا تؤثر فيها معارضة قضايا الأعيان:(كما إذا ثبت لنا أصل التنزيه كلياً عاماً ثم ورد موضع ظاهره التشبيه في أمرٍ خاصٍ يمكن أن يراد به خلاف ظاهره على ما أعطته قاعدة التنزيه فمثل هذا لا يؤثر في صحة الكلية الثابتة)([447])، وهذا النص يقضي على كل البنيان السلفي، ومع ذلك لم يعره أهمية كبيرة.
وهذا نقل عنه قوله - تحت مسألة من الخلاف ما يكون ظاهره الخلاف وليس في الحقيقة كذلك،وذكر من أسبابه-:(التاسع:أن يقع الخلاف في التأويل وصرف الظاهر عن مقتضاه إلى ما دل عليه الدليل الخارجي، فإن مقصود كل متأول الصرف عن ظاهر اللفظ إلى وجهٍ يتلاقى مع الدليل الموجب للتأويل، وجميع التأويلات في ذلك سواء، فلا خلاف في المعنى المراد، وكثيراً ما يقع هذا في الظواهر الموهمة للتشبيه)([448])
وهكذا نقل عنه تعطيله لما يسميه السلفيه صفة العلو ـ وهي مما اتفقوا على تكفير معطلها ـ ومما نقل عنه في ذلك قوله: (.. ومثاله في ملة الإسلام مذاهب الظاهرية في إثبات الجوارح للرب –المنزه عن النقائص – من العين، واليد، والرجل، والوجه، والمحسوسات، والجهة، وغير ذلك من الثابت للمحدثات)([449])
ونقل عنه من (الاعتصام) قوله:(لا يشك في أن البدع يصح أن يكون منها ما هو كفر كاتخاذ الأصنام لتقربهم إلى الله زلفى، ومنها ما ليس بكفر كالقول بالجهة عند جماعة)([450])، وهكذا خالفهم في أصل أصول اعتقادهم، بل جعله بدعة وأقرب إلى الكفر، بل مما وقع الخلاف في تكفير القائل به..
ونقل عنه من (الموافقات) ـ تحت مسألة مالا بد من معرفته لمن أراد علم القرآن ـ قوله: (ومن ذلك معرفة عادات العرب في أقوالها وأفعالها ومجاري أحوالها حالة التنزيل، وإن لم يكن ثم سبب خاص لا بد لمن أراد الخوض في علوم القرآن منه، وإلا وقع في الشُبه والإشكالات التي يتعذر الخروج منها إلا بهذه المعرفة – ثم ذكر أمثلةً على ذلك ومنها قوله: والثالث: قوله تعالى ﴿يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ [النحل: 50] ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ  [الملك: 16] وأشباه ذلك، إنما جرى على معتادهم في اتخاذ الآلهة في الأرض وإن كانوا مقرين بإلهية الواحد الحق، فجاءت الآيات بتعيين الفوق وتخصيصه تنبيهاً على نفي ما ادعوه في الأرض، فلا يكون فيه دليل على إثبات جهة البتة)([451])
ومن العجب أنه في وجوه ردوده عليه يذكر كلام سلفه في تكفير من يقول بذلك، وقد قال مقدما لها: (مذهب الشاطبي – كما يتبين من مجموع النصوص السابقة- يدل على نفيه للعلو، ونفي العلو إنما ذهب إليه متأخرو الأشاعرة بعد أن غلب عليهم التجهم والاعتزال.. بل إن الجهمية الأوائل والمعتزلة الذين امتحنوا الأئمة بخلق القرآن كانوا لا يجرؤون على التصريح بهذه العقيدة وإنما يلمحون إليها،كما قال حماد بن زيد وعباد بن العوام ووهب بن جرير وأبو بكر بن عياش وغيرهم رحمهم الله تعالى: (إنما يحاولون أن يقولوا ليس في السماء شيء)([452]) 
ثم نقل قول ابن تيمية في ذلك –وهو يخاطب الأشاعرة-: (ووافقتم المعتزلة على نفيهم وتعطيلهم الذي ما كانوا يجترئون على إظهاره في زمن السلف والأئمة وهو قولهم إن الله لا داخل العالم ولا خارجه، وأنه ليس فوق السماوات رب، ولا على العرش إله، فإن هذه البدعة الشنعاء والمقالة التي هي شر من كثير من اليهود والنصارى لم يكن يظهرها أحد من المعتزلة للعامة ولا يدعو عموم الناس إليها، وإنما كان السلف يستدلون على أنهم يبطنون ذلك بما يظهرونه من مقالاتهم)([453])
وهكذا نقل تأويلات الشاطبي للاستواء ـ وهو مما اتفق سلف السلفية وخلفهم على اعتباره تأويله تجهما وكفرا ـ فقد قال (الاعتصام):(بدعة الظاهرية ـ يقصد الحشوية والسلفية ـ فإنها تجارت بقومٍ حتى قالوا عند ذكر قوله تعالى(على العرش استوى): قاعد، قاعد، وأعلنوا بذلك وتقاتلوا عليه)([454])
ومن الوجوه التي رد بها عليه، ولا تحمل إلا على التكفير قوله: (معتقد أهل السنة في الاستواء سبق ذكره عند ذكر كلام ربيعة بن أبي عبدالرحمن ومالك فيه، وهو أن معنى الاستواء معلوم لنا ولكن الكيفية مجهولة، وقد كان نفي الاستواء علامة من علامات الجهمية يُستدل بها عليهم، كما روى عبدالله بن أحمد عن يزيد بن هارون أنه سئل: من الجهمية؟ قال: من زعم أن (الرحمن على العرش استوى) على خلاف ما يقر ذلك في قلوب العامة فهو جهمي) ([455]))([456])
ولكن لست أدري لم لم يقل صراحة عن الشاطبي: إنه جهمي.. مع أنهم يرمون بهذا كل من قال بذلك.. بل يرمون به من توقف في ذلك، أو لم يكفر قائله، ولكن موازين السلفية المتناقضة والمزاجية تقبل كل شيء.
وذكر له في هذا المقام ما يدل على طعنه على السلفية وأهل الحديث بسبب أخذهم بظاهر لفظ الاستواء.. وهم يعتقدون أن من يفعل ذلك زنديق زنديق زنديق ـ كما ينقلون عن الإمام أحمد ـ فقد قال الشاطبي:(حكى ابن العربي في (العواصم) قال: أخبرني جماعة من أهل السنة – ويعني بهم الأشاعرة – بمدينة السلام أنه ورد بها الأستاذ أبو القاسم عبدالكريم بن هوازن القشيري الصوفي من نيسابور فعقد مجلساً للذكر وحضر فيه كافة الخلق، وقرأ القارئ (الرحمن على العرش استوى) قال لي أخصهم: من أنت –يعني الحنابلة – يقومون في أثناء المجلس ويقولون: قاعد، قاعد، بأرفع صوتٍ وأبعده مدى، وثار بهم أهل السنة – يعني الأشاعرة – من أصحاب القشيري ومن أهل الحضرة وتثاور الفئتان..) ([457])
ثم نقل موقفه من خلق القرآن الكريم ـ وقد رأينا موقف سلف السلفية وخلفهم منه ـ والذي عبر عنه ـ كما في (الاعتصام) بقوله:(وأما كون الكلام هو الأصوات والحروف فبناءً على عدم النظر في الكلام النفسي وهو مذكور في الأصول)([458])، وقوله: (كلام الباري إنما نفاه من نفاه وقوفاً مع الكلام الملازم للصوت والحرف وهو في حق الباري محال، ولم يقف مع إمكان أن يكون كلامه تعالى خارجاً عن مشابهة المعتاد على وجهٍ صحيحٍ لائقٍ بالرب، إذ لا ينحصر الكلام فيه عقلاً، ولا يجزم العقل بأن الكلام إذا كان على غير الوجه المعتاد محال، فكان من حقه الوقوف مع ظاهر الأخبار مجرداً)([459])، وقوله  ـ كما في (الموافقات) ـ:(إن كلام الله في نفسه كلام واحد لا تعدد فيه بوجهٍ ولا باعتبار حسبما تبين في علم الكلام)([460])
وهذه الأقوال جميعا مما لا شك عند السلفية جميعا في تكفير قائلها، فقد ذكر ابن تيمية وغيره (أن القول بأن كلام الله سبحانه معنى نفسي وهو واحد لا تعدد فيه وليس بحرفٍ ولا صوت قول محدث مبتدع في الإسلام لم يعرف إلا في القرن الثالث وأول من قاله ابن كُلاّب وتبعه على ذلك الأشعري والأشاعرة وهو مما اختص به الأشاعرة والكلاّبية دون بقية المبتدعة) ([461])
وقد رد الكاتب السلفي على ما ذكره الشاطبي بقوله: (لذلك فالأشاعرة يقولون بأن الألفاظ والحروف التي بين أيدينا-في المصحف- مخلوقة –وهو نفس كلام المعتزلة- وقد اعترف علماؤهم بأن الخلاف بينهم وبين المعتزلة لفظي، كما قال الرازي في (المحصل):(فالحاصل أن الذي ذهبوا إليه –يعني المعتزلة – فنحن لا ننازعهم فيه) وقال:(واعلم أننا لا ننازعهم في المعنى) ([462])، ولهذا قال أبو محمد بن قدامة:(ومدار القوم –يعني الأشاعرة - على القول بخلق القرآن ووفاق المعتزلة، ولكنهم أحبوا أن لا يعلم بهم فارتكبوا مكابرة العيان، وجحد الحقائق، ومخالفة الإجماع، ونبذ الكتاب والسنة وراء ظهورهم، والقول بشئ لم يقله قبلهم مسلم ولا كافر، ومن العجب أنهم لا يتجاسرون على إظهار قولهم ولا التصريح به إلا في الخلوات ولو أنهم ولاة الأمر وأرباب الدولة) ([463]))([464])
وهذا القول وحده في إدانة الشاطبي ـ على حسب الرؤية السلفية العتقية والجديدة ـ فالنصوص عندهم في تجريم وتكفير من يقول بخلق القرآن لا عد لها ولا حصر، وقد قال ابن تيمية -مخاطباً الأشاعرة-:(وكذلك قولكم في القرآن، فإنه لما اشتهر عند الخاص والعام أن مذهب السلف أن القرآن كلام الله غير مخلوق، وأنهم أنكروا على الجهمية المعتزلة وغيرهم من الذين قالوا القرآن مخلوق حتى كفروهم، وصبر الأئمة على امتحان الجهمية مدة استيلائهم حتى نصر الله أهل السنة وأطفأ الفتنة، فتظاهرتم بالرد على المعتزلة وموافقة السنة والجماعة، وانتسبتم إلى أئمة السنة في ذلك، وعند التحقيق: فأنتم موافقون للمعتزلة من وجه، ومخالفوهم من وجه، وما اختلفتم فيه أنتم وهم فأنتم أقرب إلى السنة من وجه، وهم أقرب إلى السنة من وجه، وقولهم أفسد في العقل والدين من وجه، وقولكم أفسد في العقل والدين من وجه) ([465])
وما دام الأمر بهذه الصورة، والمعتزلة والأشاعرة متفقان فيها، فلم يكفر المعتزلة بسببها ويسكت عن الأشاعرة؟
بل إن ابن القيم يذكر ما هو أخطر من ذلك، فقال:(فتأمل الأخوّة التي بين هؤلاء – يعني الأشاعرة- وبين هؤلاء المعتزلة الذين اتفق السلف على تكفيرهم، وأنهم زادوا على المعتزلة في التعطيل، فالمعتزلة قالوا: هذا الكلام العربي هو القرآن حقيقة لا عبارة عنه وهو كلام الله وإنه مخلوق) ([466])
هذه مجرد نماذج عن شخصية كبرى في المذهب المالكي، لها قيمتها عند السلفية، ولكنهم ـ مع ذلك ـ وبحسب قوانينهم التكفيرية لا يملكون إلا الحكم عليها بالكفر.
ومثلها شخصية أخرى لا تزال تنال حظها من الاهتمام لدى السلفية باعتبار نصرتها لأحباب السلفية من بني أمية، وهي شخصية ابن العربي المالكي.. والذي يستدلون بعواصمه وقواصمه كل حين.. وفي نفس الوقت يضمرون تكفيره، لأنه أشعري جلد كما يقولون.. فهم يضربون به الشيعة وكل محبي آل البيت الطاهرين.. ويضربونه هو بعد ذلك لتجهمه وتعطيله وكفره.
فمن الأدلة على الصريحة على تجهمه وتعطيله ـ بحسب الرؤية السلفية ـ قوله بخلق القرآن، فقد جاء في كتابه [المسالك]: (قلنا: الدليل في قول أبي هريرة؛ لأنه قال: (اقرأ بها في نفسك يا فارسي). والقراءة في النفس تسمى قرآناً حقيقة؛ كما قال الأخطل: إن الكلام لفي الفؤاد، وإنما جعل الكلام على اللسان دليلاً)([467])
وقال: (اعلم أن القرآن لا يتحدد معناه، ولا يتقدر مقتضاه؛ فقد يراد به الكلام القديم الموجود بذات الرب تعالى، وقد يراد به القراءة الحادثة؛ كما قال تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ، وقد يضاف إليه من حيث إنه موجود بذاته، وصفة من صفاته، وقد يراد به القراءة الحادثة؛ كما أنها توصف بأنها كلامه؛ قال الله تعالى: ﴿فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ، والثاني: أنها دلالة على كلامه الموجود بذاته)([468])
وقال: (قوله: (على سبعة أحرف) والحروف هاهنا: هي القراءة بالأصوات، وهي ضد كلام البارئ سبحانه؛ لأن البارئ كلامه القديم الذي هو صفة من صفاته لا تفارقه؛ ليس هو بصوت، ولا حرف)([469])
وهذه كلها تصريحات واضحة لا يحكم على صاحبها عند السلفية سلفهم وخلفهم إلا بالتكفير، وقد رأينا النصوص الدالة على ذلك، وإجماعهم عليه.
وهكذا نراه يؤول النزول وينفي الحركة والانتقال عن الله، وهم يعتبرون تأويل كل ذلك تعطيلا وتجهما وكفرا، فقد قال في كتابه السابق: (اعلم أن معنى النزول في اللغة، والقرآن، والسنة؛ ينطبق على تسعة معان؛ منها معان مختلفة، ولم يكن هذا اللفظ مما يخص أمراً واحداً؛ حتى لا يمكن العدول عنه إلى غيره؛ بل وجدناه مشترك المعنى؛ فاحتمل التأويل، والتخريج، والترتيب في ذلك؛ فمن ذلك: النزول بمعنى الانتقال، والبارئ تعالى؛ يتنزه عنه، وإنما ذلك في المخلوقات؛ مثل قوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا؛ هذا على معنى النقلة، والتحويل)([470])
وقال: (وهذه الوجوه من القرآن واللغة؛ على أن البارئ تعالى لا يجوز عليه النقلة، ولا الحركة، وأن نزوله بخلاف مخلوقاته؛ إنما نزوله نزول رحمة وإحسان، أو يكون كما قال بعض العلماء الصوفية: إن نزوله ثلث الليل؛ إنما هو نزول من حال الغضب إلى حالة الرحمة، وإلا إذا أضفت النزول إلى السكينة؛ لم يكن، وإذا أضفته إلى الكلام؛ لم يكن أيضاً تفريغ مكان، ولا شغل مكان، وإنما أراد به: إقباله على أهل الأرض بالرحمة، والاستعطاف بالتوبة، والإنابة. هذا تفسيره عند علمائنا من أهل الكلام. وأما من تعدى عليه بالتفسير، والقول النكير؛ فإنهم قالوا: في هذا الحديث دليل على أن الله تعالى في السماء على العرش من فوق سبع سماوات. قلنا: هذا جهل عظيم؛ إنما قال: (ينزل إلى سماء الدنيا)، ولم يقل في الحديث: من أين ينزل، ولا كيف ينزل)([471])
وقال: (وأما قوله: (ينزل) و(يجيء) و(يأتي) وما أشبه ذلك من الألفاظ التي لا تجوز على الله في ذاته معانيها؛ فإنها ترجع إلى أفعاله، وههنا نكتة، وهي أن أفعالك أيها العبد؛ إنما هي في ذاتك، وأفعال الله لا يجوز أن تكون في ذاته، ولا ترجع إليه، وإنما تكون في مخلوقاته؛ فإذا سمعت أن الله يفعل كذا؛ فمعناه في المخلوقات؛ لا في الذات)([472])
وهذا تصريح خاطر ليس له حكم عند السلفية إلا الكفر.. وإلا فإنهم ملزمون بالعفو عن كل الطوائف التي كفروها بمثل هذه الأسباب، فلا يستقيم عقلا ولا شرعا أن يؤاخذ قوم بما يعفى به عن آخرين.
ومثل ذلك تعطيله للجهة، والتي كتب فيها السلفية كتبهم الكثيرة، والممتلئة بتكفير من ينكرها، فقد قال ابن العربي في نفيها: (والذي يجب أن يعتقد في ذلك: أن الله كان ولا شيء معه؛ ثم خلق المخلوقات من العرش إلى الفرش؛ فلم يتغير، ولا حدثت له جهة منها، ولا كان له مكان فيها؛ فإنه لا يحول، ولا يزول؛ قدوس لا يحول، ولا يتغير)([473])
وهكذا قال في تنزيه الله عن الجوارح، والتي يسميها السلفية صفات، ويقيمون الدنيا ويقعدوها من أجلها، فقد قال ابن العربي فيها: (فصل في مفترقات من الآيات، ومجموع الوظائف من الأحاديث المشكلات، وهي ثمانية أحاديث: الحديث الأول: وقع في الصحيح لمسلم؛ قوله: (إن الله يمسك السماوات على إصبع، والشجر والثرى على إصبع، والخلائق على إصبع؛ ثم يقول: أنا الملك)؛ قال علماؤنا: قد استقر في عقائد المسلمين؛ أن البارئ تعالى منزه عن الجارحة؛ لأنه إنما يراد به القدرة، والاجتماع. وقال قوم: إن الإصبع هنا؛ هي النعمة. وقال آخرون: إنما أراد به؛ أن الله تعالى خلق السماوات والأرض، وما بينهما في ستة أيام،  ولم يدركه في ذلك لغوب ولا نصب. وقال آخرون: يحتمل أن يريد بالإصبع: بعض خلقه. وهذا غير مستنكر في قدرة الله. وقال آخرون: قد يريد أن تكون المخلوقات؛ اسم: إصبع؛ فأخبر بخلق هذه الأشياء عليه. والغرض في هذا الحديث: إبطال أن تكون لله جارحة؛ لإحالة العقل)([474])
وقال: (قوله: (إن الله يطوي السماوات يوم القيامة؛ ثم يأخذهن بيده اليمنى؛ ثم يقول: أنا الملك، أنا الجبار، أين المتكبرون، ثم يطوي الأرض بشماله، ثم يقول: أنا الملك، أين المتكبرون) قد تقدم الكلام في اليدين، واختلاف الأصوليين في ذلك، وإنهما بمعنى الصفة؛ لا بمعنى الجارحة)([475])
وقال في تأويل ما يسميه السلفية صفة الضحك والعجب والقدم والوجه وغيرها: (قوله: (يضحك الله..)؛ معناه: يظهر لهما أدلة الكرامة وعلامات الرضا، كما يفعل الضاحك منا لما يسر به. قوله: (عجب ربكم من شاب ليست له صبوة)؛ معناه: فعل به من الكرامة فعل المتعجب من فعله، ووله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تزال النار يلقى فيها، حتى يضع الجبار فيها قدمه) وفي بعض طرقه: (حتى يضع الجبار فيها قدمه، فتقول: قط قط)؛ قال علماؤنا: معنى (قدمه) خلق من خلقه يسمى قدماً؛ أضافه إضافة الملك إلى نفسه.. وقال آخر: معناه: أن البارئ تعالى يخلق خلقاً يسمى قدماً؛ يملأ بهم جهنم. قوله: (إذا ضرب أحدكم عبده فليتق الوجه، فإن الله خلق آدم على صورته)؛ معناه: على صورة المضروب، فالهاء عائدة على عبده، وغير ذلك من الأحاديث المشكلات، والتأويل عليها يطول)([476])
هذه مجرد أمثلة ونماذج عن مقولاته المرتبطة بخلق القرآن الكريم وما يسميه السلفية [الصفات الذاتية والفعلية]، بالإضافة إلى هذا فإنه يحمل بشدة على أهل الحديث والسلفية ويسخر من تشبيههم وتجسيمهم.. وليس لكل هذا حكم عند السلفية إلا الكفر.
وهم مدعوون بهذا إما إلى إزالة أمثال هذه المسائل من قاموس تكفيرهم، وإلا تطبيقها على ابن العربي مثله مثل سائر العلماء.. وإلا فإنه لا يجوز شرعا ولا عقلا المحاباة والمجاملة في أمثال هذه المسائل.
ومن المالكية الذين يصدق عليهم التكفير السلفي قاضي القضاة الفقيه المحدث الشيخ تقي الدين محمد بن أبي بكر بن عيسى السعدي الإخنائيّ المالكي المصري (المتوفى 750 هـ)، والذي كان من العلماء الذين وقفوا بشدة في وجه ابن تيمية وخاصة في مواقفه من الزيارة والقبور والتوسل وغيرها مما يسميه السلفية [الشرك في توحيد الألوهية]، والذي على أساسه كفر ابن عبد الوهاب ابن فيروز وغيره من علماء زمانه، فمن كتبه في هذا المجال: (المقـالة المرضية في الردّ على من ينكر الزيارة المحمدية)
ويضاف إلى ذلك وقوفه في وجه دعوة التوحيد ـ كما يعبر ابن عبد الوهاب وتلاميذه ـ وذلك عندهم من أكبر مصادر الكفر، قال ابن حجر العسقلاني في ترجمته: (وكان كثير الحط على الشيخ تقي الدين بن تيمية وأتباعه، وهو الذي عزر الشهاب ابن مري وكان على طريقة الشيخ تقي الدين ويتكلم على الناس بلسان الوعظ لما قدم مصر.. إلى أن جرت مسألة التوسل فتكلم فيها بكلام شيخه فأنكروا عليه، وبلغ ذلك القاضي فطلبه وعزره، وطوف به وبالغ في إهانته وتألم له كثير من الناس) ([477])
ومن المالكية الذين ينطبق عليهم التكفير السلفي المفتي الفقيه الشيخ ضياء الدين خليل بن إسحاق المالكي (المتوفى 776 هـ)، الذي يعتبر كتابه (مختصر الشيخ خليل) من أشهر المختصرات الفقهية على مذهب المالكية، بل ربما كان أشهرها على الإطلاق في القرون المتأخرة، ويشهد لذلك عناية العلماء به وعكوف طلاب العلم على حفظه ودراسته، وتلقيهم له بالقبول إلى اليوم. 
و له بالإضافة إلى هذا كتاب في مناسك الحج والزيارة، نقل عبارات منه عدةٌ من فقهاء المالكية، منهم الإمام الزرقاني الذي قال في كتابه (شرح المواهب اللدنية): (ونحو هذا في منسك العلامة خليل، وزاد: (وليتوسل به صلى الله عليه وآله وسلم، ويسأل الله تعالى بجاهه في التوسل به، إذ هو محط جبال الأوزار وأثقال الذنوب، لأن بركة شفاعته وعظمها عند ربه لا يتعاظمها ذنب، ومن اعتقد خلاف ذلك فهو المحروم الذي طمس الله بصيرته وأضل سريرته، ألم يسمع قوله تعالى ﴿ ولو أنهم إذا ظلموا أنفسهم جاؤوك ، فقال الزرقاني مُعلقاً على كلام الخليل بن إسحاق: (ولعل مراده التعريض بابن تيـمية)([478]) (1)
ومن أعيان المالكية، والذي كان يمثل ثقافة زمانه وأزمنة كثيرة الرحالة الشيخ أبو عبدالله محمد بن عبدالله اللواتي الطنجي الشهير بابن بطوطة (المتوفى 779 هـ)، والذي يسميه السلفية [القبوري]، ويحكمون بشركه، ويحاربونه في كل محل بسبب قوله في كتابه (تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار) عند ذكر ما شاهده في دمشق عندما زارها: (وكان بدمشق من كبار الفقهاء الحنابلة تقي الدين بن تيمية كبير الشام يتكلم في الفنون، إلا أن في عـقله شـيئاً.  وكان أهل دمشق يعظمونه أشد التعظيم، ويعظهم على المنبر، وتكلم مرة بأمر أنكره الفقهاء، ورفعوه إلى الملك الناصر فأمر بإشخاصه إلى القاهرة، وجمع القضاة والفقهاء بمجلس الملك الناصر، وتكلم شرف الدين الزواوي المالكي وقال: إن هذا الرجل قال كذا وكذا، وعدد ما أنكر على ابن تيمية، وأحضر العقود بذلك ووضعها بين يدي قاضي القضاة وقال قاضي القضاة لابن تيمية: ما تقول؟ قال: لا إله إلا الله فأعاد عليه فأجاب بمثل قوله. فأمر الملك الناصر بسجنه فسجن أعواماً، وصنف في السجن كتاباً في تفسير القرآن سماه البحر المحيط، في نحو أربعين مجلداً. ثم إن أمـه تعرضت للملك الناصر، وشكت إليه، فأمر بإطلاقه إلى أن وقع منه مثل ذلك ثانية. وكنت إذ ذاك بدمشق، فحضرته يوم الجمعة وهو يعظ الناس على منبر الجامع ويذكرهم، فكان من جملة كلامه أن قال: إن الله ينـزل إلى سماء الدنيا كنزولي هذا ونزل درجة من درج المنبر، فعارضه فقيه مالكي يعرف بابن الزهراء وأنكر ما تكلم به، فقامت العامة إلى هذا الفقيه وضربوه بالأيدي والنعال ضرباً كثيراً حتى سقطت عمامته، وظهر على رأسه شاشية حرير، فأنكروا عليه لباسها واحتملوه إلى دار عز الدين بن مسلم قاضي الحنابلة، فأمر بسجنه وعزره بعد ذلك، فأنكر فقهاء المالكية والشافعية ما كان من تعزيره، ورفعوا الأمر إلى ملك الأمراء سيف الدين تنكيز، وكان من خيار الأمراء وصلحائهم، فكتب إلى الملك الناصر بذلك، وكتب عقداً شرعياً على ابن تيمية بأمور منكرة، منها أن المطلق بالثلاث في كلمة واحدة لا تلزمه إلا طلقة واحدة ومنها المسافر الذي ينوي بسفره زيارة القبر الشريف زاده الله طيباً لا يقصر الصلاة، وسوى ذلك ما يشبهه وبعث العقد إلى الملك الناصر فأمر بسجن ابن تيمية بالقلعة، فسجن بها حتى مات في السجن) ([479])
ومنهم الشيخ أحـمد زروق المالكي (المتوفى 899 هـ) الذي قال عن ابن تيمية: (ابن تيمية رجل مسلم له باب الحفظ والإتقان، مطعون عليه في عقائد الإيمان، مثلوب بنقص العقل فضلاً عن العرفان..) ([481])، ومن طعن في عقائد ابن تيمية ـ عند السلفية ـ ليس له حكم إلا الكفر.
ومنهم الشيخ محمد البرلسي الرشيدي المالكي، الذي قال: (وقد تجاسر ابن تيمية عامله الله بعدله وادعى أن السفر لزيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم  محرم بالإجماع، وأن الصلاة لا تقصر فيه لعصيان المسافر به، وأن سائر الأحاديث الواردة في فضل الزيارة موضوعة، وأطال بذلك بما تمجه الأسماع وتنفر منه الطباع، وقد عاد شؤم كلامه عليه حتى تجاوز إلى الجناب الأقدس المستحق لكل كمال أنفس وحاول ما ينافي العظمة والكمال بادعائه الجهة والتجسيم، وأظهر هذا الأمر على المنابر، وشاع وذاع ذكره في الأصاغر والأكابر وخالف الأئمة في مسائل كثيرة، واستدرك على الخلفاء الراشدين باعتراضات سخيفة حقيرة، فسقط من عين أعيان علماء الأمة، وصار مُثله بين العوام فضلاً عن الأئمة، وتعقب العلماء كلماته الفاسدة وزيفوا حججه الداحضة الكاسدة وأظهروا عوار سقطاته، وبينوا قبائح أوهامه وغلطاته، حتى قال في حقه العز بن جماعة: إن هو إلا عبد أضله الله وأغواه، وألبسه رداء الخزى وأرداه)([482])، وهذا النص وحده كاف عند السلفية لتسجيله في قوائم الكفرة.
ومنهم المحدث الفقيه الشيخ محمد بن عبدالباقي الزرقاني المالكي (المتوفى 1122 هـ) صاحب (شرح الموطأ )، و(شرح المنظومة البيقونية )، و(شرح المواهب اللدنية )، وهي مراجع كبرى للمالكية وغيرهم، فقد قال الشيخ القسطلاني في (المواهب اللدنية ) ما يلي: (وقد روي أن مالكاً لما سأله أبو جعفر المنصور العباسي: يا أبا عبدالله أأستقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  وأدعو، أم استقبل القبلة وأدعو؟ فقال له مالك: ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك و وسيلة أبيك آدم عليه السلام إلى الله عزوجل يوم القيامة. لكن رأيتُ منسوباً للشيخ تقي الدين بن تيمية في منسكه: أنّ هذه الحكاية كذب على مالك، وأنّ الوقوف عند القبر بدعة، قال: ولم يكن أحدٌ من الصحابة يقف عنده ويدعو لنفسه ولكن كانوا يستقبلون القبلة ويدعون في مسجده صلى الله عليه وآله وسلم ، قال: ومالك من أعظم الأئمة كراهية لذلك ) ([483])
وقد عقب الشيخ الزرقاني في (شرح المواهب اللندنية ) على هذا بقوله: (هذا تهور عجـيب، فإن الحكاية رواها أبو الحسن علي بن فهر في كتابه فضائل مالك بإسناد لا بأس به، وأخرجها القاضي عياض في الشفاء من طريقه عن شيوخ عدة من ثقات مشايخه، فمن أين أنها كذب وليس في إسنادها وضاع ولا كذاب) ([484])
وقال تعليقا على قول ابن تيمية (وأن الوقوف عند القبر بدعة، قال: ولم يكن أحدٌ من الصحابة يقف عنده ويدعو لنفسه ): (نفيـه مردود عليه من قصوره أو مكابرته، ففي الشفاء قال بعضهم: رأيت أنس بن مالك أتى قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم  فوقف فرفع يديه حتى ظننت أنه افتتح الصلاة، فَسَلّم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم  ثم انصرف) ([485])
وقال تعليقا على قول ابن تيمية (ولكن كانوا يستقبلون القبلة ويدعون في مسجده صلى الله عليه وآله وسلم ، قال: ومالك من أعظم الأئمة كراهية لذلك ): (كذا قال وهو خطأ قبـيح، فإن كتب المالكية طافحة باستحباب الدعاء عند القبر مستقبلاً له مستدبر القبلة) ([486])
ثم قال تعليقا على ذلك كله: (ولكن هذا الرجل ابتدع له مذهباً وهو عدم تعظيم القبور، وإنها إنما تزار للترحم والاعتبار بشرط أن لا يُشدّ إليها رحل، فصار كل ما خالفه عنده كالصائل لا يبالي بما يدفعه، فإذا لم يجد له شبهة واهية يدفعه بها بزعمه، انتقل إلى دعوى أنه كَذب على من نُسب إليه، مجازفـة وعدم نصفـه، وقد أنصف من قال فيه: علمه أكبر من عقله... ) ([487])
وقيمة هذا الكلام هنا هو أن نظرة المدرسة المالكية لمالك تختلف اختلافا جذريا عن نظرة السلفية له، وكذا رواياتهم عنه تختلف اختلافا جذريا عن روايات السلفية .. ومطالعة روايات المالكية عن مالك لا تحكم عليه إلا بالكفر عند السلفية .. 
ومن أعلام المالكية الكبار الذين يشملهم التكفير السلفي العالم الفقيه الشيخ أبوالمحاسن جمال الدين يوسف بن أحمد بن نصر الدجوي المالكي (المتوفى 1365هـ)، فمن كلامه في رسالة بعثها إلى الشيخ الكوثري: (وأظن أنك ذكرتَ لي يوم كنا مع المرحوم الشيخ عبدالباقي سرور نعيم أن بعض علماء الهند ذكر هنات ابن تيمية وزلاته وأفاض في الردّ عليها.. وقد ذكرتَ حفظك الله كثيراً من هناته التي خرق بها الإجماع، وصادم بها المعقول والمنقول، وبينت مراجعها من كتبه وكتب تلميذه ابن القيم، ولا معنى للمكابرة في ذلك بعد رسائله في العقائد المطبوعة في آخر فتاويه، وبعد ما قرره في مواضع من منهاج السنة وموافقة المعقول والمنقول ورسائله الكبرى إلى غير ذلك من مؤلفاته  فقد كان سامحه الله مولعاً بنشر تلك الآراء الشاذة والعقائد الضالة كلما سنحت فرصة لتقرير معتقده الذي ملك عليه مشاعره حتى أصبح عنده هو الدين كله، على ما فيه من جمود وحجود وخلط وخبط! وكذلك تلميذه ابن القيم رحمه الله كان مستهتراً بما جُنّ به شيخه من تلك الآراء المنحرفة، فكان دائماً يرمي إليها عن قرب أو بعد حتى إنه في كتاب (الروح ) الكثير الفوائد التي تلطف الأرواح لم ينس ما شغف به من تلك المقالات الحمقاء) ([488])
ثم قال ملخصا كل ما ذكره من مثالب ابن تيمية: (إن ابن تيمية في رأيي لا يصح أن يكون إماماً لأن الإمامة الحقة لا ينالها من يُقدّس نفسه هذا التقديس، فإنه إذا قدّس نفسه كان متبعاً لآرائها، غير متهم لها، فكان سائراً مع أهوائها، غير منحرف عنها، ومن اتبع هواه ضل عن سبيل الله من حيث يدري أولا يدري، ومن قدّس نفسه لم يتبع سبيل المؤمنين شاء أم أبى.. وقد أدى ذلك العالم الكبير ابن تيمية، بسرعته –ولا نقول طيشه– إلى أن يجازف فيقول: (لم يرد ذكر إبراهيم وآل إبراهيم، في رواية من الروايات الواردة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، مع أن ذلك في البخاري وهو يحفظه.. وقد أنكـر حديث الزيـارة وهو صحيح كما أوضح السبكي في (شفاء السقام ) إلى غير ذلك، مع أنه من الحُفّاظ، وأشهر شيء من مزاياه هو أنه محدث، ولكنه التسرع يُذهب من النفس رشدها، والمجازفة تعمي عين البصيرة وتفقأ بصر العقل) ([489])
ثم قال ردا على سلفية عصره: (وأرجو أن تعذرني فقد أهاج حفيظتنا واستثار الكامن منا ما نراه الآن من أولئك الزعانف الذين يدعون الاجتهاد وقد رددوا صدى مقال إمامهم ابن تيمية، وأكثروا من ذكر الكتاب والسنة وهو أبعد الناس عنهما وأخلاهم منهما.
فرقـة تدعـي الحديـث ولكـن


لا يكـادون يفقهـون حديثـا
ولو عقلوا لعلموا أنهم من مقلدة ابن تيمية على غير هدى ولا بصيرة، فهم أعظم الناس جهلاً، وأكبرهم دعوى، يعادون المسلمين، ويكفرون المؤمنين، ولا غروا فقد كفّر أسلافهم من الخوارج عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، واعترض جدهم الأعلى ذو الخويصرة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم)([490])
وهذا النص وحده يكفي لتكفيره.. بل وتكفير آبائه وأجداده وكل من يتصل به.
ومن أعلام المالكية الكبار الذين يشملهم التكفير السلفي العلامة الحافظ الشيخ أبي الفيض أحمد بن محمد بن الصديق الغماري الحسني (المتوفى 1380 هـ) الذي لم تشفع له حصانته التي اكتسبها من علم الحديث، وكونه من أعلامه الكبار في هذا العصر.. فقد ألف السلفية في شأنه وشأن تكفيره الكثير من الكتب والرسائل باعتباره جهميا قبوريا حلوليا صوفيا رافضيا.. وغيرها من الألقاب.
 بالإضافة إلى ذلك عداؤه الشديد لابن تيمية وأهل الحديث، فقد كان ينتقده في كل محل، ومن أقواله فيه قوله في (البرهـان الجـلي ): (بل بلغت العداوة من ابن تيمية إلى درجة المكابرة وانكار المحسوس فصرّح بكل جرأة ووقاحة ولؤم ونذالة ونفاق وجهالة أنه لم يصح في فضل علي عليه السلام حديث أصلاً، وأن ما ورد منها في الصحيحين لا يثبت له فضلاً ولا مزية على غيره... بل أضاف ابن تيمية إلى ذلك من قبيح القول في علي وآل بيته الأطهار، وما دل على أنه رأس المنافقين في عصره لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم  في الحديث الصحيح المخرج في صحيح مسلم مخاطبـا لعلي (لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق) كما ألزم ابن تيمية بذلك أهل عصره وحكموا بنفاقه... وكيف لا يلزم بالنفاق مع نطقه قبحه الله بما لا ينطق به مؤمن في حق فاطمة سيدة نساء العالمين وحق زوجها أخي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  وسيد المؤمنين، فقد قال في السيدة فاطمة البتول: أن فيها شبهاً من المنافقين الذين وصفهم الله بقوله (فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ ) قال لعنة الله عليه: فكذلك فعلت هي إذ لم يعطها أبو بكر من ميراث والدها صلى الله عليه وآله وسلم ، أما عليّ فقال فيه أنه أسلم صبياً وإسلام الصبي غير مقبول على قول، فراراً من إثبات أسبقيته للإسلام وجحوداً لهذه المزية، وأنه خالف كتاب الله تعالى في سبع عشرة مسألة وأنه كان مخـذولاً حيثما توجه وأنه كان يحب الرياسة ويقاتل من أجلها لا من أجل الدين وأن كونه رابع الخلفاء الراشدين غير متفق عليه بين أهل السٌّنة.. وزعم قبحه الله أن علياً مات ولم ينس بنت أبي جهل التي منعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم  الزواج بها، بل فاه في حقه بما هو أعظم من هذا، فحكى عن بعض اخوانه المنافقين أن علياً حفيت أظفاره من التسلق على أزواج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  بالليل، في أمثال هذه المثالب التي لا يجوز أن يتهم بها مطلق المؤمنين فضلاً عن سادات الصحابة رضي الله عنهم فضلاً عن أفضل الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقبّح الله ابن تيمية وأخزاه وجزاه بما يستحق وقد فعل والحمد لله، إذ جعله إمام كل ضال مضل بعده، وجعل كتبه هادية إلى الضلال، فما أقبل عليها أحد واعتنى بشأنها إلا وصار إمام ضلالة في عصره) ([491])
ومن أعلام المالكية الكبار الذين يشملهم التكفير السلفي الحافظ الشيخ محمد عبدالحي بن عبدالكبير الكتاني المغربي (المتوفى 1382 هـ)، بسبب أشعريته وصوفيته وموقفه من أهل الحديث عموما والسلفية خصوصا، فقد قال في بعض كتبه: (فإني أرى هذه الضلالات وما يتبعها من الشناعات التي كان أول مذيع لها وموضح لظلامها الشيخ أحـمد بن تيميـة رحمه الله تعالى وعفـا عنـه قد كادت الآن أن تشيع وفي كل بلاد أهل السنة تذيـع... ) ([492])
 وقال في كتابه الشهير (فهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم والمسلسلات ): (ومن أبشع وأشنع ما نقل عنه رحمه الله قوله في حديث ينزل ربنا في الثلث الأخير من الليل كنزولى هذا قال الرحالة ابن بطوطة في رحلته وشاهدته نزل درجة من المنبر الذي كان يخطب عليه وقال القاضي أبو عبدالله المقري الكبير في رحلته نظم اللآلي في سلوك الأمالي حين تعرض لشيخيه ابني الإمام التلمساني ورحلتهما ناظرا تقي الدين ابن تيمية وظهرا عليه وكان ذلك من أسباب محنته، وكان له مقالات شنيعة من إمرار حديث النزول على ظاهره وقوله فيه كنزولي هذا، وقوله فيمن سافر لا ينوي إلا زيارة القبر الكريم لا يقصر لحديث لا تشد الرحال اه، ونقله عنه حفيده أبو العباس المقري في أزهار الرياض وأقره مع أن تآليفه المتداولة الآن بالطبع ليس فيها إلا التوريك في مسألة إبقاء المتشابه على ظاهره مع التنزيه والتنديد بالمؤولين وهو على الإجمال مصيب في ذلك، وأما مسألة الزيارة فإنه انتدب للكلام معه فيها جماعة من الأئمة الأعلام وفوقوا إليه فيها السهام كالشيخ تقي الدين السبكي والكمال ابن الزملكاني وناهيك بهما وتصدى للرّد على ابن السبكي ابن عبد الهادي الحنبلي ولكنه ينقل الجرح ويغفل عن التعديل وسلك سبيل العنف والتشديد وقد ردّ عليه وانتصر للسبكي جماعة منهم الإمام عالم الحجاز في القرن الحادي عشر الشمس محمد علي بن علان الصديقي المكي له (المبرد المبكي في ردّ الصارم المنكي ) ومن أهل عصرنا البـرهان إبراهيم بن عثمان السمنودي المصري سماه (نصرة الإمام السبكي بردّ الصارم المنكي ) وكذا الحافظ ابن حجر له (الإنارة بطرق حديث الزيارة ) وانظر مبحثها من فتح الباري والمواهب اللدنية وشروحها... ) ([493])
وهذا النص وحده كاف لإدانيته وتكفيره عند السلفية.
هذه مجرد نماذج عن تكفير السلفية لكبار علماء المالكية في المجالات المختلفة، ويقاس عليهم غيرهم.. لأن إحصاء ذلك مستحيل لكثرته، وعلى العموم يمكن إطلاق القول بأن الأصل في كل متمذهب عندهم بمذهب مالك الكفر، وحتى يخرج منه يحتاج إلى إثبات، لأن أكثر علماء المالكية إن لم نقل كلهم كان له صلة بالمذهب الأشعري، أو يقول بالتأويل، بالإضافة للبعد الصوفي الذي شمل معظم متأخري المالكية، بالإضافة للبعد القبوري نتيجة تعظيم المالكية لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وللأولياء والصالحين.

الكتاب: معجزات علمية
المؤلف: د. نور الدين أبو لحية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق