( وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ( 13 ) )
إذا كان كل هذا الكون مسخر للمؤمن فهو مخلوق له بنص كلام الله وأفضل المؤمنين
وسيدهم هو رسول الله صل الله عليه وسلم ، وإذا كان سبب خلق الجن والإنس هو عبادة
الله فإن صورة العبادة الكاملة المقبولة هى رسول الله صل الله عليه وسلم فإن الدين عند
الله الإسلام وكل الرسل مطالبين بالإيمان بسيدنا محمد من آدم حتى عيسى وهم تحت
لوائه يوم القيامة وهو إمامهم فى الإسراء وقد بايعوه كما بايعه المؤمنين وقد امروا قومهم
بالإيمان برسول الله ( وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم
رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا
أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين ) اذن الصورة الكاملة المقبولة من العباده هى
رسول الله لذلك هو عبد الله الأوحد ( سبحان الذى أسرى بعبده ) ( الحمد لله الذى أنزل
على عبده الكتاب ) أقصد العبد الكامل الأكمل أما غيره فدرجة عبوديته على قدر متابعته
صل الله عليه وسلم فقد خلق الجن والإنس لعبادة الله والعبادة لم تكتمل إلا فى رسول الله
وكذلك العلم فإن أكمل الناس علما بالله هو رسول الله صل الله عليه وسلم ( أما والله إني
لأخشاكم لله ، وأتقاكم له ) فاكتملت فيه صل الله عليه وسلم صورة العلم والعبادة فكان
هو صل الله عليه وسلم على الحقيقة المراد من الخلق لله لذلك كان هو خاتم الأنبياء مع
أنهم أولهم ( وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِين ) فهو أول من أسلم لله وعندما قال موسى
عن الأوليه لم يقل أنا أول المسلمين لكن قال ( سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين ) ( وإذ
أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم
ميثاقا غليظا ( 7 ) فذكر الله رسوله سيدنا محمد فى البدء ثم جاء بالترتيب الزمنى للأنبياء
وليس ترتيب أفضلية بل ترتيب زمنى ( ومنك )
*أخرج الطبري في تفسيره (20/ 213) من طريق يزيد، قال: ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة
وأخرجه ابن سعد في الطبقات (1/ 149) من طريق عبد الوهاب بن عطاء
عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة
ومن طريق أبي هلال عن قتادة
وابن أبي شيبة في المصنف (7/ 80) من طريق أبي أُسَامَةَ، عَنِ سَعيد بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَرَأَ: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ} [الأحزاب: 7] قَالَ: بُدِئَ بِي فِي الْخَيْرِ , وَكُنْتُ آخِرَهُمْ فِي الْبَعْثِ.
*وفي رواية الطبري قال قتادة: وذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "كُنْتُ أوَّلَ الأنْبِياءِ فِي الخَلْقِ، وآخِرَهُمْ فِي البَعْثِ"
*وفي رواية ابن سعد قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:
كنت أوّل النّاس في الخلق وآخرَهم في البعث.
معناه: أوّل الخلق في عالم الأرواح
قلت: رواه عن قتادة سعيد بن أبي عروبة وهو أثبت النّاس في قتادة كما قال يحيي بن معين، وتابعه أبو هلال الرّاسبي كما عند ابن سعد وهو صدوق علق له البخاري،وشيبان بن عبد الرحمن الحافظ عنه كما ذكره ابن كثير في البداية (2/393) ثلاثتهم رووه عن قتادة مرسلا، وخالف في ذلك سعيد بن بشير وخليد بن دعلج فروياه عن قتادة عن الحسن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم موصولا وهو منكر،لأنهما ضعيفان،لذلك قال ابن كثير في المرسل: وهذا أثبت وأصحّ والله أعلم.الشاهد الاول من حديث أبي هريرة:
فأخرجه الطبري في تفسيره (ج 24 / ص 366-377)وفي تهذيب الآثار (ج1/ص441) والبيهقي في دلائل النبوة - (ج 1 / ص 443) وابن أبي حاتم في التفسير(7/2309) والبزار في مسنده (1/44) كما في كشف الأستار وابن بطة في الإبانة الكبرى - (ج 5 / ص 236) والخلال في السنة (1/ 187) من طرق عن عِيسَى بن عَبْد الله التميمي يَعْنِي أبا جعفر الرازي، عَنِ الرَّبِيعِ بن أنس البكرى، عَنِ ابى العالية أو غيره، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ تعالى:{سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام}فذكر الحديث ، أعني حديث الإسراء حتى بلغ إلى قوله:قال الله تعالى لي -أي ليلة الإسراء-:وجعلتك أوَّلَ النَّبيين خَلْقًا، وآخِرَهُمْ بَعْثًا .... وَجَعَلْتُكَ فَاتِحًا وَخَاتِمًا.
ثم قال الخلال:قال الفضل ، : قال لي أحمد : أوليس أوّل النّبيين خلقا ، يعني {وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح} ، فبدأ به.
قلت: اسناده حسن لو لا التردد من أبي جعفر عمن رواه،وعليه فالحديث حسن ويعتضد بالمرسل الصحيح،ومنه تعرف بطلان قول من حكم عليه بالوضع.
الشاهد الثاني من حديث عمر:
أخرجه عبد الرزاق في مصنفه - (ج 6 / ص 112)و أبو داود في مراسيله - (ج 2 / ص 21)و البيهقي في شعب الإيمان - (ج 11 / ص 194) عن أبي قلابة أن عمر بن الخطاب فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك : إنما بعثت فاتحا وخاتما.
الشاهد الثالث من حديث أبي بن كعب:
أخرجه ابن أبي عاصم في الأوائل (ص: 153) قال:حدثنا عبدة بن عبد الله ، ثنا زيد بن الحباب ، عن حسين بن واقد ، ثنا الربيع ، عن أبي العالية ، عن أبي بن كعب ، في قوله تعالى: (وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أنا أوّلهم ، ثم نوح ، ثم الأوّل فالأوّل »
وهذا إسناده حسن
الشاهد الرابع من حديث أبي هريرة:
أخرجه المخلّص في فوائده (ق 248/ب) وأبو العباس الّسّرّاج في فوائده(ق 200/أ) ومن طريقه البيهقي في الدلائل (5/483) وابن عساكر في التاريخ كما في مختصر ابن منظور (2/111) وابن أبي عاصم في الأوائل (5) وأبو محمد المخلدي في "الفوائد" (264/2) من طريق حَبَّان بْن هِلَالٍ : ثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ : حَدَّثَني عُبَيْدُ اللَّهِ ابْنُ عُمَرَ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
قال قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم: " لمّا خلق الله تعالى آدم عليه السّلام خبّره ببنيه فجعل يرى الأنبياء عليهم السلام وفضائل بعضهم على بعض فرأى نورا ساطعا في أسفلهم فقال: يا ربّ من هذا ؟ قال: هذا ابنك أحمد هو الأوّل وهو الاخر وهو أوّل شافع.
وفي هذا الحديث دلالة على أنّ الأوّليّة المذكورة في الحدبث أوّلية مطلقة وهي غير أوّلية الشّفاعة وفي رواية: "الأوّل" مُعرّفة وهي للإستغراق، وبها نجيب عمّا صحّ: " أنّ أوّل ما خلق الله الماء ثُمَّ العرش"، وفي أحاديث أخرى: أنّ أوّل ما خلق الله القلم، فهي أوّلية نسبيّة.
وفي رواية المخلص: هو أوّلٌ، وهو آخِرٌ، وهو أوّلُ مُشفَّعٍ
وهذا اسناده حسن ورجاله ثقات،لو لا مبارك بن فضالة فهو يدلس تدليس التسوية،وعليه فهو حسن بما قبله وبما بعده.
الشاهد الخامس من حديث أنس بن مالك:
*أخرج ابن جرير في تهذيب الآثار (ج1/ص410) والضياء في الأحاديث المختارة (ج6/ص259) والخِلعي في فوائده (1/131) وابن عساكر في التاريخ(3/501) والحافظ البيهقي في دلائل النبوة (1/417) من طرق عن ابن وهب، قال: ثني يعقوب بن عبد الرحمن الزهري، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، عن أنس بن مالك قال: لمَّا أتى جبريل بالبراق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فكأنها صرَّت أذنيها، فقال جبريل عليه السلام: مَهْ يا بُراق والله ما ركبَك مثلُه، فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو بعجوز على جنب الطريق، فقال: ما هذه يا جبريل؟ قال: سر يا محمد، فسار ما شاء أن يسير، فإذا شىء يدعوه مُتنَحيًّا عن الطَّريق: هَلُمَّ يا محمد، قال له جبريل: سر يا محمد، فسار ما شاء الله أن يسير، قال: لَقِيَهُ خلقٌ من الخَلْق فقال أحدهم: [السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَوَّلُ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا آخِرُ ] وَالسَّلَامُ عليك يا حاشر، فقال له جبريل اردد السَّلام يا محمد، قال: فردَّ السَّلامَ، ثمُّ لَقَيُه الثَّانى فقال له مثل مقالة الأوَّل، ثم لَقيَهُ الثَّالث فقال له مثل مقالة الأوَّلين حتى انتهى إلى بيت المقدس....الحديث"
اسناده صحيح ورجاله كلهم ثقات، وقد صححه الضياء المقدسي في المختارة.
وعليه قد ثبت لك،إن كنت من أهل الدراية بالاسناد:أن الحبيب صلى الله عليه وسلّم أولّ خلق الله في عالم الارواح.
وجمع تخريج الحديث ابن كثير في تفسيره ج: 3 ص: 470
قال ابن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة الدمشقي حدثنا محمد بن بكار حدثنا سعيد بن بشير حدثني قتادة عن الحسن عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم كنت أول النبيين في الخلق وآخرهم في البعث فبدأ بي قبلهم
سعيد بن بشير فيه ضعف
وقد رواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به مرسلا وهو أشبه
ورواه بعضهم عن قتادة موقوفا والله أعلم
قلت قوله عن سعيد بن بشير فيه ضعف أي يسير وهو مختلف فيه كما في التهذيب وقال عنه الذهبي في الكاشف
سعيد بن بشير البصري الحافظ نزل دمشق عن قتادة والزهري وعنه ...قال البخاري يتكلمون في حفظه وهو يحتمل وقال دحيم ثقة كان مشيختنا يوثقونه
وقال في المقاصد رواه أبو نعيم في الدلائل وابن أبي حاتم في تفسيره وابن لال ومن طريقه الديلمي عن أبي هريرة مرفوعا
أقول ووجدت لحديث أبي هريرة المرفوع شاهد يتقوى به ففي مجمع الزوائد ج: 1 ص: 71 وفي حديث الإسراء عن سيدنا أبي هريرة أن الله تعالى قال لنبيه:
وجعلتك أول النبيين خلقا وآخرهم بعثا
قال الهيثمي: رواه البزار ورجاله موثقون إلا أن الربيع بن أنس قال عن أبي العالية أو غيره فتابعيه مجهول
أي في حالة كونه غير أبي عالية
وقد أخرجه الطبري في تفسيره ج: 15 ص: 6
حدثني علي بن سهل قال ثنا حجاج قال أخبرنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية الرياحي عن أبي هريرة أو غيره شك أبو جعفر في قول الله عز وجل سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير قال جاء جبرائيل إلى النبي
وفيه: وجعلتك أول النبيين خلقا وآخرهم بعثا وأولهم من يقضى له
وذكر البيهقي دلائل2/396 أن الحاكم أبا عبد الله رواه عن إسماعيل بن محمد بن الفضل بن محمد الشعراني عن جده عن إبراهيم بن حمزة الزبيري عن حاتم بن إسماعيل حدثني عيسى بن ماهان يعني أبا جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره
أي هكذا بغير شك
باب فضائل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أبوالقاسم نبي الرحمة عليه السلام
أخبرني محمد بن الحسن أن الفضل حدثهم قال قرأت على أبي عبدالله أبو النضر قال ثنا أبو جعفر الرازي فذكر حديث الأسدي قال وجعلتك أول النبيين خلقا وآخرهم بعثا وأولهم مقضيا له فذكر الحديث
قال الفضل قال لي أحمد أول النبيين يعني خلقا وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح فبدأ به
أخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني قال قلت لإسحاق يعني ابن راهويه حديث ميسرة الفجر قال قلت يا رسول الله متى كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد
ما معناه قال قبل أن تنفخ فيه الروح وقد خلق
قلت وحديث ميسرة المشار إليه قال الحافظ ابن حجر في الإصابة إسناده قوي
وقال المناوي:
كنت أول الناس في الخلق وآخرهم في البعث بأن جعله الله حقيقة تقصر عقولنا عن معرفتها وأفاض عليها وصف النبوة من ذلك الوقت ثم لما انتهى الزمان بالاسم الباطن في حقه إلى وجود جسمه وارتباط الروح به انتقل حكم الزمان إلى الاسم الظاهر فظهر بكليته جسما وروحا وأما قول الحجة المراد بالخلق التقدير لا الايجاد فإنه قبل ولادته لم يكن موجودا فتعقبه السبكي بأنه لو كان كذلك لم يختص
وقال
كنت نبيا لم يقل كنت إنسانا ولا كنت موجودا إشارة إلى أن نبوته كانت موجودة في أول خلق الزمان في عالم الغيب دون عالم الشهادة فلما انتهى الزمان بالاسم الباطن إلى وجود جسمه وارتباط الروح به انتقل حكم الزمان في جريانه إلى الاسم الظاهر فظهر بذاته جسما وروحا فكان الحكم له باطنا أو في كل ما ظهر من الشرائع على أيدي الأنبياء والرسل ثم صار الحكم له ظاهرا فنسخ كل شرع أبرزه الاسم الباطن بحكم الاسم الظاهر لبيان اختلاف حكم الاسمين وإن كان الشرع واحدا وآدم بين الروح والجسد يعني أنه تعالى أخبره بمرتبته وهو روح قبل إيجاد الأجسام الإنسانية كما أخذ الميثاق على بني آدم قبل إيجاد أجسامهم
ذكره ابن عربي
ومنه أخذ بعضهم قوله لما أخذ الله من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم كان محمد أول من قال بلى ولهذا صار متقدما على الأنبياء وهو آخر من يبعث فإن قيل حقيقة آدم في هذا الهيكل المخلوق من طين المنفوخ فيه الروح فمجموع الروح والجسد هو المسمى بآدم فما معنى وآدم بين الروح والجسد فالجواب أنه مجاز عما قبل تمام خلقته قريبا منه كما يقال فلان بين الصحة والمرض أي حالة تقرب من كلمنهما
حديث عمر :
في المستدرك 2/672 : ( حدثنا أبو سعيد عمرو بن محمد بن منصور العدل حدثنا أبو الحسن محمد بن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي حدثنا أبو الحارث عبد الله بن مسلم الفهري حدثنا إسماعيل بن مسلمة أنبأ عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده عن عمر بن الخطاب قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لما اقترف آدم الخطيئة قال يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي فقال الله يا آدم وكيف عرفت محمدا ولم أخلقه
قال يا رب لأنك لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك, فقال الله صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلي ادعني بحقه فقد غفرت لك ولولا محمد ما خلقتك
قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد وهو أول حديث ذكرته لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم في هذا الكتاب ) اه
ورواه الطبراني في معجمه الأوسط 6/313: وابن عساكر في تاريخه 7/437 : وحكى عن البيهقي أن مداره على ابن أسلم وهو ضعيف . وقال السيوطي في الدر المنثور : ( أخرجه الطبراني في المعجم الصغير والحاكم وأبو نعيم والبيهقي في الدلائل وابن عساكر ) اهحديث ابن عباس آخر :
في السنة للخلال 1/261 : ( حدثنا أبو بكر قال ثنا الفضل بن مسلم المحاربي قال ثنا محمد بن عصمة قال ثنا جندل قال ثنا عمرو بن أوس الأنصاري عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس قال : أوحى الله إلى عيسى صلى الله عليه فيما أوحى أن صدق محمدا وأمر أمتك من أدركه منهم أن يؤمنوا به فلولا محمد ما خلقت آدم ولولا محمد ما خلقت النار , ولقد خلقت العرش على الماء فاضطرب فكتبت لا إله إلا الله محمد رسول الله فسكن
قال أبو بكر: فألقيته على أبي عبدالله محمد بن بشر بن شريك فأقر به وقال هو عندي عن جندل بن والق ) اه
وفي مستدرك الحاكم 2/671 : حدثنا علي بن حمشاد العدل إملاء حدثنا هارون بن العباس الهاشمي حدثنا جندل بن والق حدثنا عمرو بن أوس الأنصاري حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن بن عباس قال : أوحى الله إلى عيسى ...
قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)اه
وفي طبقات المحدثين بأصبهان لأبي الشيخ الأصبهاني (3 / 144): (حدثنا أبو علي بن إبراهيم ، قال: ثنا همام ، قال : ثنا جندل بن والق ، قال : ثنا محمد بن عمر المحاربي ، عن سعيد بن أوس الأنصاري ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، عن ابن عباس ....)اه
قال الصالحي في سبل الهدى والرشاد (1/74): ( رواه أبو الشيخ في طبقات الأطبهانيين، والحاكم وصححه، وأقره السبكي في شفاء السقام، والبلقيني في فتاويه. قال الذهبي: في سنده عمرو بن أوس لا يدري من هو انتهى. ولبعضه شاهد من حديث عمر بن الخطاب رواه الحاكم )اه
الإمام أبي طالب المكي نقلا عن أخبار داود :
قال الإمام أبو طالب المكي في كتابه قوت القلوب ص 696وص975: (وفي أخبار داود : (إني خلقت محمد لأجلي, وخلقت آدم لأجل محمد, وخلقت جميع ما خلقت لأجل ولد آدم, فمن اشتغل منهم بما خلقته لأجله حجبته عني, ومن اشتغل منهم بي سقت له ما خلقته لأجله)اه
قول الإمام ابن حجر الهيتمي:
وقال الإمام ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الحديثية ص189: (ومما صح عند الحاكم أيضاً عن ابن عباس قال : ( أوحى الله تعالى إلى عيسى يا عيسى آمن بمحمد ومُرْ من أدركه من أمتك أن يؤمنوا به فلولا محمد ما خلقت آدم ، ولولا محمد ما خلقْتُ الجنة والنار، ولقد خلقت العرش على الماء فاضطرب فكتبت عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله فسكن )
قال ابن حجر: ومثل هذا لا يقال من قبل الرأي فإذا صح عن مثل ابن عباس يكون في حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما قرره أئمة الأصول والحديث والفقه وحينئذ فما في الأول ([2]) من ضعف لو سلم لقائله يكون مجبورا بهذا لأن هذا وحده كاف في الحجية فضم الأول إليه يزيده قوة إلى قوة
وفي حديث رواه صاحب شفاء الصدور وغيره ( قال الله يامحمد وعزتي وجلالي لولاك ما خلقت أرضي ولا سمائي ولا رفعت هذه الخضراء ولا بسطت هذه الغبراء ) وفي رواية (من أجلك اسطح البطحاء وأموج الماء وأرفع السماء وأجعل الثواب والعقاب والجنة والنار ) وفي أخرى ذكرها عياض في الشفاء (فقال آدم ... فأوحى الله إليه: وعزتي وجلالي إنه لآخر النبيين من ذريتك ولولاه ما خلقتك) وبهذا كله اتضح بطلان ذلك الاعتراض وأن قائله زل عن درك الصواب فطغى قلبه وزل قدمه) اه كلام ابن حجر الهيتمي
وقال الهيتمي في الصواعق المحرقة (2/ 448): (إن الله لما خلق الدنيا بأسرها من أجل النبي جعل دوامها بدوامه ودوام أهل بيته؛ لأنهم يساوونه في أشياء مر عن الرازي بعضها؛ ولأنه قال في حقهم: اللهم إنهم مني وأنا منهم؛ ولأنهم بضعة منه بواسطة أن فاطمة أمهم بضعته، فأقيموا مقامه في الأمان)اه
قول الإمام ابن تيمية:
وها هو الإمام ابن تيمية يقر بهذا المعنى ففي مجموع الفتاوى 11/ 96: (وقد ظهر فضل نبينا على الملائكة ليلة المعراج لما صار بمستوى يسمع فيه صريف الأقلام وعلا على مقامات الملائكة والله تعالى اظهر من عظيم قدرته وعجيب حكمته من صالحى الآدميين من الأنبياء والأولياء ما لم يظهر مثله من الملائكة حيث جمع فيهم ما تفرق في المخلوقات فخلق بدنه من الأرض وروحه من الملأ الأعلى ولهذا يقال هو العالم الصغير وهو نسخة العالم الكبير
ومحمد سيد ولد آدم وافضل الخلق وأكرمهم عليه ومن هنا قال من قال: إن الله خلق من أجله العالم أو انه لولا هو لما خلق عرشا ولا كرسيا ولا سماء ولا ارضا ولا شمسا ولا قمرا
لكن ليس هذا حديثا عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم لا صحيحا ولا ضعيفا !!!! ولم ينقله أحد من أهل العلم بالحديث عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم !!!! بل ولا يعرف عن الصحابة !!! بل هو كلام لا يدرى قائله !!!
ويمكن أن يفسر بوجه صحيح كقوله: (سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض), وقوله (وسخر لكم الفلك لتجرى فى البحر بأمره وسخر لكم الأنهار وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار وآتاكم من كل ما سألتموه وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها), وأمثال ذلك من الآيات التي يبين فيها انه خلق المخلوقات لبنى آدم ومعلوم أن لله فيها حكما عظيمة غير ذلك وأعظم من ذلك ولكن يبين لبنى آدم ما فيها من المنفعة وما أسبغ عليهم
فإذا قيل فعل كذا لكذا لم يقتض أن لا يكون فيه حكمة أخرى وكذلك قول القائل لولا كذا ما خلق كذا لا يقتضي أن لا يكون فيه حكم أخرى عظيمة
بل يقتضي إذا كان أفضل صالحي بنى آدم محمد وكانت خلقته غاية مطلوبة وحكمة بالغة مقصودة (اعظم) من غيره صار تمام الخلق ونهاية الكمال حصل بمحمد صلى الله تعالى عليه وآله وسلم
والله خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وكان آخر الخلق يوم الجمعة وفيه خلق آدم وهو آخر ما خلق خلق يوم الجمعة بعد العصر في آخر يوم الجمعة وسيد ولد آدم هو محمد صلى الله تعالى عليه وآله وسلم , آدم فمن دونه تحت لوائه, قال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ( إني عند الله لمكتوب خاتم النبيين وان آدم لمجندل في طينته ) أي كتبت نبوتي وأظهرت لما خلق آدم قبل نفخ الروح فيه كما يكتب الله رزق العبد واجله وعمله وشقي أو سعيد إذا خلق الجنين قبل نفخ الروح فيه
فإذا كان الإنسان هو خاتم المخلوقات وآخرها وهو الجامع لما فيها وفاضله هو فاضل المخلوقات مطلقا ومحمد إنسان هذا العين وقطب هذه الرحى وأقسام هذا الجمع كان كأنها غاية الغايات في المخلوقات فما ينكر أن يقال انه لأجله خلقت جميعها وانه لولاه لما خلقت, فإذا فسر هذا الكلام ونحوه بما يدل عليه الكتاب والسنة قبل ذلك ) اه
وفي مجموع الفتاوى لابن تيمية 2/150 : ( وقد رواه أبو الحسين بن بشران من طريق الشيخ أبى الفرج بن الجوزي في الوفا بفضائل المصطفى حدثنا أبو جعفر محمد بن عمرو حدثنا احمد بن إسحاق بن صالح ثنا محمد ابن صالح ثنا محمد بن سنان العوفي ثنا إبراهيم بن طهمان عن يزيد بن ميسرة عن عبد الله بن سفيان عن ميسرة قال قلت يا رسول الله متى كنت نبيا؟ قال : لما خلق الله الأرض واستوى إلى السماء فسواهن سبع سموات وخلق العرش كتب على ساق العرش محمد رسول الله خاتم الأنبياء وخلق الله الجنة التي أسكنها آدم وحواء فكتب اسمي على الأبواب والأوراق والقباب والخيام وآدم بين الروح والجسد, فلما أحياه الله تعالى نظر إلى العرش فرأى اسمى فأخبره الله انه سيد ولدك فلما غرهما الشيطان تابا واستشفعا باسمي إليه
وروى أبو نعيم الحافظ في كتاب دلائل النبوة ومن طريق الشيخ أبى الفرج حدثنا سليمان بن أحمد ثنا أحمد بن رشدين ثنا أحمد بن سعيد الفهرى ثنا عبد الله بن اسماعيل المدني عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب قال قال رسول الله : لما أصاب آدم الخطيئة رفع رأسه فقال يا رب بحق محمد إلا غفرت لي فأوحى إليه وما محمد ومن محمد فقال يا رب إنك لما أتممت خلقي رفعت رأسي إلى عرشك فإذا عليه مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنه أكرم خلقك عليك إذ قرنت اسمه مع اسمك فقال نعم قد غفرت لك وهو آخر الأنبياء من ذريتك ولولاه ما خلقتك, فهذا الحديث يؤيد الذي قبله وهما كالتفسير للأحاديث الصحيحة)اه من مجموع الفتاوي لابن تيمية
وروى حديث ميسرة هذا مختصرا الحاكم 2/665 وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وقال الذهبي في التلخيص: صحيح ) اه
وفي الإصابة 6/239 : ( ... من طريق بديل بن ميسرة عن عبد الله بن شقيق عن ميسرة الفجر قال قلت يا رسول الله متى كنت نبيا؟ قال: وآدم بين الروح والجسد
وهذا سند قوي لكن اختلف فيه على بديل بن ميسرة فرواه منصور بن سعيد عنه هكذا, وخالفه حماد بن زيد فرواه عن بديل عن عبد الله بن شقيق قال قيل يا رسول الله ولم يذكر ميسرة, وكذا رواه حماد عن والده وعن خالد الحذاء كلاهما عن عبد الله بن شقيق أخرجه البغوي
وكذا رواه حماد بن سلمة عن خالد عن عبد الله بن شقيق قال قلت يا رسول الله أخرجه البغوي أيضا, وأخرجه من طريق أخرى عن حماد فقال عبد الله بن شقيق عن رجل قال قلت يا رسول الله... وأخرجه أحمد من هذا الوجه وسنده صحيح)اه
وقال ابن تيمية في معرض الاستدلال على فضل النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كتابه الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان (1/90): (روى ابن عساكر عن سلمان الفارسي قال: هبط جبريل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إن ربك يقول: "إن كنت قد اتخذت إبراهيم خليلا فقد اتخذتك حبيبا، وما خلقت خلقا أكرم منك، ولقد خلقت الدنيا وأهلها لأعرفهم كرامتك ومنزلتك عندي، ولولاك ما خلقت الدنيا)اه
قول الإمام ابن دحية الكلبي :
قال الإمام ابن دحية الكلبي في مقدمة كتابه ( تنبيه البصائر ) : ( وظهر دينه صلى الله عليه وآله وسلم على الأديان كلها فطلع بدره ودام ... ولولاه لم تخلق شمس الدنيا ولا نهارها ) اه بواسطة محقق الآيات البينات ص 94
قول الإمام الصالحي وحكايته ذلك عن بعض أهل العلم:
عقد الإمام الصالحي في كتابه سبل الهدى والرشاد فصلا في المسأل فقال (1 /74): (الباب الثاني في خلق آدم وجميع المخلوقات لأجله صلى الله عليه وآله وسلم )
ثم أورد حديث ابن عباس ثم قال : ( رواه أبو الشيخ في طبقات الأطبهانيين، والحاكم وصححه، وأقره السبكي في شفاء السقام، والبلقيني في فتاويه. قال الذهبي: في سنده عمرو بن أوس لا يدري من هو انتهى. ولبعضه شاهد من حديث عمر بن الخطاب رواه الحاكم ) اه
ثم قال الإمام الصالحي : ( قال الإمام جمال الدين محمود بن جملة: ليس مثل هذا [يعني أن المحلوقات خلقت من أجله] للملائكة ولا لمن سواه من الأنبياء. وما عجب إكرام ألف لواحد * * لعين تفدى ألف عين وتكرم )اه
ثم قال الإمام الصالحي : ( وفي فتاوي شيخ الإسلام البلقيني أن في مولد العزفي - بعين مهملة وزاي مفتوحتين وقبل ياء النسب فاء - و " شفاء الصدور " لابن سبع: عن علي رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الله أنه قال: " يا محمد وعزتي وجلالي لولاك ما خلقت أرضي ولا سمائي ولا رفعت هذه الخضراء، ولا بسطت هذه الغبراء ".
قال: وذكر المصنفان المذكوران في رواية أخرى، عن علي رضي الله تعالى عنه أن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم : " من أجلك أبطح البطحاء وأموج الماء وأرفع السماء وأجعل الثواب والعقاب والجنة والنار ".
قول الإمام الآلوسي:
في تفسير الألوسي (19/242): (ومن باب الإشارة في بعض الآيات: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً) يشير عندهم إلى فتح مكة العَمَاءِ بإدخال الأعيان الثابتة ظاهرة بنور الوجود فيها أي إظهارها للعيان لأجله عليه الصلاة والسلام على أن لام (لَكَ) للتعليل، وحاصله أظهرنا العالم لأجلك وهو في معنى ما يروونه من قوله سبحانه: (لولاك لولاك ما خلقت إلافلاك)اه
وفي تفسير الألوسي (ج 4 / ص 496): (وقد يقال : إن إطلاقه على ما به بيان أمر النبي بناءاً على ما قال الزجاج باعتبار كون الأمر المبين متعلقاً بأول الأنوار الذي لولاه ما خلق الفلك الدوار )اه
وفي تفسير الألوسي (ج 1 / ص 253): (ولا يخفي لطف الرب هنا مضافاً إلى ضميره بطريق الخطاب وكان في تنويعه والخروج من عامه إلى خاصه رمزاً إلى أن المقبل عليه بالخطاب له الحظ الأعظم والقسم الأوفر من الجملة المخبر بها فهو على الحقيقة الخليفة الأعظم في الخليقة والإمام المقدم في الأرض والسموات العلى ، ولولاه ما خلق آدم بل ولا ولا.. ولله تعالى در سيدي ابن الفارض حيث يقول عن لسان الحقيقة المحمدية :
وإني وإن كنت ابن آدم صورة ... فلي فيه معنى شاهد بأبوتي)اه
قول الإمام الرازي:
في تفسير الفخر الرازي (1/4774): (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا)... يقول الله: حين كنت صبياً ضعيفاً ما تركناك بل ربيناك ورقيناك إلى حيث صرت مشرفاً على شرفات العرش وقلنا لك : لولاك ما خلقنا الأفلاك ، أتظن أنا بعد هذه الحالة نهجرك ونتركك.)اه
قول الإمام النيسابوري:
قال في كتابه غرائب القرآن ورغائب الفرقان (1/4): (...ولا سيما المصطفى محمد الذي أشرق في سماه النبوة بدراً، وأشرف على بساط الرسالة صدراً، سيد الثقلين وسند الخافقين، إمام المتقين ورسول رب العالمين الكائن نبيا وآدم بين الماء والطين، المعفر له جباه الأملاك، المشرف بلولاك لما خلقت الأفلاك)اه
وفي تفسير النيسابوري (2/273): (إن الله اصطفى آدم) ولم يكن له جنس حين خلقه وأسجد له ملائكته ، واصطفاه على الجنس وعلى غير الجنس كاصطفاء محمد صلى الله عليه وآله وسلم على الكائنات كقوله : لولاك لما خلقت الأفلاك)اه
قول الإمام ابن شطا الدمياطي:
قال في حاشيته "إعانة الطالبين" (1/6): (ولا شك بأنه صلى الله عليه وآله وسلم الواسطة العظمى لنا في كل نعمة بل هو أصل الإيجاد لكل مخلوق كما قال ذو العزة والجلال لولاك لولاك لما خلقت الأفلاك)اه
وقد ذكر الحديث الوارد في ذلك في سياق فضائل النبي صلى الله عليه وآله وسلم كثير من أهل العلم, ما يدل على ارتضائهم لذلك المعنى في فضله صلى الله عليه وآله وسلم .
الإمام الآجري
في الشريعة للآجري في باب (ورفعنا لك ذكرك) (ج 3 / ص 50): (فأوحى الله إليه : يا آدم ، وعزتي وجلالي ، إنه لآخر النبيين من ذريتك ، ولولاه ما خلقتك. قال محمد بن الحسين الآجري : وقد روي عن ابن عباس أنه قال : » ما خلق الله ولا برأ ولا ذرأ أكرم عليه من محمد ، وما سمعت الله أقسم بحياة أحد إلا بحياته قوله : لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون قال : وحياتك يا محمد ، إنهم لفي سكرتهم يعمهون والله أعلم)اه
القاضي عياض
قال في كتابه الشفا بتعريف حقوق المصطفى (ج 1 / ص 174): (وفى رواية أخرى فقال آدم: لما خلقتني رفعت رأسي إلى عرشك فإذا فيه مكتوب: لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنه ليس أحد أعظم قدرا عندك ممن جعلت اسمه مع اسمك فأوحى الله إليه (وعزتئ وجلالى إنه لآخر النبيين من ذريتك ولولاه ما خلقتك)اه
الإمام ابن الجوزي
قال في بستان الواعظين ورياض السامعين (ج 1 / ص 297): (في بعض الأخبار أن آدم عليه الصلاة والسلام رفع رأسه فنظر على ساق العرش لا إله إلا الله محمد رسول الله فقال آدم يا رب من هذا الذي كتبت اسمه مع اسمك فقال الله تعالى يا آدم هو نبيي وصفيي وهو حبيبي ولولاه ما خلقتك ولا خلقت جنة ولا نارا)اه
الإمام ابن رجب الحنبلي:
قال في لطائف المعارف - (ج 1 / ص 89): (ذكر فضل النبي صلى الله عليه و سلم من لدن آدم
وقد روي : أن آدم عليه الصلاة و السلام رأى اسم محمد صلى الله عليه و سلم مكتوبا على العرش و أن الله عز و جل قال لآدم : [ لولا محمد ما خلقتك ] و قد خرجه الحاكم في صحيحه فيكون حينئذ من حين صور آدم طينا استخرج منه محمد صلى الله عليه و سلم و نبىء و أخذ منه الميثاق ثم أعيد إلى ظهر آدم حتى خرج في وقت خروجه الذي قدر الله خروجه فيه و يشهد لذلك ما روي [ عن قتادة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : كنت أول النبيين في الخلق و آخرهم في البعث ] و في رواية : [ أول الناس في الخلق ] خرجه ابن سعد و غيره و خرجه الطبراني من رواية قتادة عن الحسن عن أبي هريرة مرفوعا و المرسل أشبه و في رواية عن قتادة مرسلة : ثم تلا : و إذ أخذنا من النبيين ميثاقهم و منك و من نوح و إبراهيم و موسى و عيسى ابن مريم فبدأ به قبل نوح الذي هو أول الرسل فمحمد صلى الله عليه و سلم أول الرسل خلقا و آخرهم بعثا فإنه استخرج من ظهر آدم لما صور و نبىء حينئذ و أخذ ميثاقه ثم أعيد إلى ظهره و لا يقال : فقد خلق آدم قبله لأن آدم حينئذ كان مواتا لا روح فيه و محمد صلى الله عليه و سلم كان حيا حين استخراج و نبىء و أخذ ميثاقه فهو أول النبيين خلقا و آخرهم بعثا فهو خاتم النبيين باعتبار أن زمانه تأخر عنهم فهو : المقفى و العاقب الذي جاء عقب الأنبياء و يقفوهم)اه
الإمام الشربيني:
في مغني المحتاج - (ج 1 / ص 512): (ويستشفع به إلى ربه لما روى الحاكم عن النبي أنه قال لما اقترف آدم الخطيئة قال يا رب أسألك بحق محمد إلا ما غفرت لي فقال الله تعالى وكيف عرفت محمدا ولم أخلقه قال يا رب لأنك لما خلقتني ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت في قوائم العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله فعرفت أنك لم تضف إلى نفسك إلا أحب الخلق إليك
فقال الله تعالى صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلي إذ سألتني به فقد غفرت لك ولولا محمد ما خلقتك قال الحاكم هذا صحيح الإسناد)اه
الإمام السيوطي
في الخصائص الكبرى (ج 2 / ص 288): (وما خلقت خلقا اكرم على منك وقد أعطيتك الحوض والشفاعة والناقة والقضيب والتاج والهرواة والحج والعمرة وشهر رمضان والشفاعة كلها لك حتى ظل عرشي في القيامة عليك ممدود وتاج الحمد على رأسك معقود وقرنت إسمك مع إسمي فلا أذكر في موضع حتى تذكر معي ولقد خلقت الدنيا وأهلها لعرفهم كرامتك ومنزلتك عندي ولولاك ما خلقت الدنيا)اه
الإمام القسطلاني
قال في المواهب اللدنية: (روي أنه لما خرج آدم من الجنة رأى مكتوبا على ساق العرش، وعلى كل موضع في الجنة اسم محمد مقرونا باسمه تعالى، فقال: يا رب هذا محمد من هو؟ قال الله: هذا ولدك الذي لولاه ما خلقتك. فقال: يا رب بحرمة هذا الولد ارحم هذا الوالد. فنودي يا آدم لو تشفعت إلينا بمحمد في أهل السموات والأرض لشفعناك)اه
الإمام الحلبي صاحب السيرة
في السيرة الحلبية (ج 1 / ص 357): (وذكر صاحب كتاب شفاء الصدور في مختصره عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه عن النبي عن الله أنه قال يا محمد وعزتي وجلالي لولاك ما خلقت أرضي ولا سمائي ولا رفعت هذه الخضراء لا بسطت هذه الغبراء وفي رواية عنه ولا خلقت سماء ولا أرضا ولا طولا ولا عرضا
وبهذا يرد على من رد على القائل في مدحه
** لولاه ما كان لا فلك ولا فلك ** كلا ولا بان تحريم وتحليل **
بأن قوله لولاه ما كان لافلك ولا فلك مثل هذا يحتاج إلى دليل ولم يرد في الكتاب ولا في السنة ما يدل على ذلك فيقال له بل جاء في السنة ما يدل على ذلك والله أعلم)اه
الإمام ابن عجيبة:
في البحر المديد (ج 4 / ص 154): (جعل آدم خليفته ، وجعل ذريته خلفاء أبيهم ، الملائكة والجن في خدمتهم ، والأمر والنهي والخطاب معهم ، والكتاب أُنزل إليهم ، والجنة والنار والسماوات والأرض والشمس والقمر والنجوم ، جميع الآيات ، خُلِقَ لهم. والخلق كلهم طُفيل لهم ، ألا ترى الله يقول لحبيبه : " لولاك ما خلقت الكون " ؟ ولهم كرامة الظاهر)اه
وفي البحر المديد (ج 6 / ص 309): (وعَجبوا أن جاءهم مُّنذر منهم ، رأوا أنفسهم خالية عن مشاهدة الغيوب ، وإدراك نور صفات الحق ، فقاسوا نفس محمد بأنفسهم ، ولم يعلموا أنه كان نفسَ النفوس ، وروحَ الأرواح ، وأصل الخليقة ، وباكورةً من بساتين الربوبية. يا ليتهم لو رأوه في مشاهدة الملكوت ، ومناصب الجبروت ، إذ خاطبه الحق بلولاك ما خلقتُ الأفلاك)اه
البحر المديد - (ج 5 / ص 71): (وقال بعضهم : إنما أظهر الله الكون لأجل نبينا تشريفاً له ، فهو من نوره. قال ابن عباس : أوحى الله تعالى إلى عيسى : يا عيسى ابن مريم ؛ آمن بمحمد ، ومُر أمتك أن يؤمنوا به ، فلولا محمد ما خلقت آدم ، ولولا محمد ما خلقت الجنة والنار... الحديث.)اه
فإن قيل : هذا ينافي قول الله تعالى ( وما خلقت الجني والأنس إلا ليعبدون ) فالحكمة من خلق الإنس والجن هي عبادة الله
فالجواب هو : ما قاله الإمام ابن تيمة سابقا أي قوله : (ومعلوم أن لله فيها حكما عظيمة غير ذلك وأعظم من ذلك ولكن يبين لبنى آدم ما فيها من المنفعة وما أسبغ عليهم, فإذا قيل: فعل كذا لكذا لم يقتض أن لا يكون فيه حكمة أخرى وكذلك قول القائل: لو لا كذا ما خلق كذا لا يقتضي أن لا يكون فيه حكم أخرى عظيمة...) اههل ثمة تعارض بين قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا
إذا كان كل هذا الكون مسخر للمؤمن فهو مخلوق له بنص كلام الله وأفضل المؤمنين
وسيدهم هو رسول الله صل الله عليه وسلم ، وإذا كان سبب خلق الجن والإنس هو عبادة
الله فإن صورة العبادة الكاملة المقبولة هى رسول الله صل الله عليه وسلم فإن الدين عند
الله الإسلام وكل الرسل مطالبين بالإيمان بسيدنا محمد من آدم حتى عيسى وهم تحت
لوائه يوم القيامة وهو إمامهم فى الإسراء وقد بايعوه كما بايعه المؤمنين وقد امروا قومهم
بالإيمان برسول الله ( وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم
رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا
أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين ) اذن الصورة الكاملة المقبولة من العباده هى
رسول الله لذلك هو عبد الله الأوحد ( سبحان الذى أسرى بعبده ) ( الحمد لله الذى أنزل
على عبده الكتاب ) أقصد العبد الكامل الأكمل أما غيره فدرجة عبوديته على قدر متابعته
صل الله عليه وسلم فقد خلق الجن والإنس لعبادة الله والعبادة لم تكتمل إلا فى رسول الله
وكذلك العلم فإن أكمل الناس علما بالله هو رسول الله صل الله عليه وسلم ( أما والله إني
لأخشاكم لله ، وأتقاكم له ) فاكتملت فيه صل الله عليه وسلم صورة العلم والعبادة فكان
هو صل الله عليه وسلم على الحقيقة المراد من الخلق لله لذلك كان هو خاتم الأنبياء مع
أنهم أولهم ( وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِين ) فهو أول من أسلم لله وعندما قال موسى
عن الأوليه لم يقل أنا أول المسلمين لكن قال ( سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين ) ( وإذ
أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم
ميثاقا غليظا ( 7 ) فذكر الله رسوله سيدنا محمد فى البدء ثم جاء بالترتيب الزمنى للأنبياء
وليس ترتيب أفضلية بل ترتيب زمنى ( ومنك )
*أخرج الطبري في تفسيره (20/ 213) من طريق يزيد، قال: ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة
وأخرجه ابن سعد في الطبقات (1/ 149) من طريق عبد الوهاب بن عطاء
عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة
ومن طريق أبي هلال عن قتادة
وابن أبي شيبة في المصنف (7/ 80) من طريق أبي أُسَامَةَ، عَنِ سَعيد بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَرَأَ: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ} [الأحزاب: 7] قَالَ: بُدِئَ بِي فِي الْخَيْرِ , وَكُنْتُ آخِرَهُمْ فِي الْبَعْثِ.
*وفي رواية الطبري قال قتادة: وذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "كُنْتُ أوَّلَ الأنْبِياءِ فِي الخَلْقِ، وآخِرَهُمْ فِي البَعْثِ"
*وفي رواية ابن سعد قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:
كنت أوّل النّاس في الخلق وآخرَهم في البعث.
معناه: أوّل الخلق في عالم الأرواح
قلت: رواه عن قتادة سعيد بن أبي عروبة وهو أثبت النّاس في قتادة كما قال يحيي بن معين، وتابعه أبو هلال الرّاسبي كما عند ابن سعد وهو صدوق علق له البخاري،وشيبان بن عبد الرحمن الحافظ عنه كما ذكره ابن كثير في البداية (2/393) ثلاثتهم رووه عن قتادة مرسلا، وخالف في ذلك سعيد بن بشير وخليد بن دعلج فروياه عن قتادة عن الحسن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم موصولا وهو منكر،لأنهما ضعيفان،لذلك قال ابن كثير في المرسل: وهذا أثبت وأصحّ والله أعلم.الشاهد الاول من حديث أبي هريرة:
فأخرجه الطبري في تفسيره (ج 24 / ص 366-377)وفي تهذيب الآثار (ج1/ص441) والبيهقي في دلائل النبوة - (ج 1 / ص 443) وابن أبي حاتم في التفسير(7/2309) والبزار في مسنده (1/44) كما في كشف الأستار وابن بطة في الإبانة الكبرى - (ج 5 / ص 236) والخلال في السنة (1/ 187) من طرق عن عِيسَى بن عَبْد الله التميمي يَعْنِي أبا جعفر الرازي، عَنِ الرَّبِيعِ بن أنس البكرى، عَنِ ابى العالية أو غيره، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ تعالى:{سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام}فذكر الحديث ، أعني حديث الإسراء حتى بلغ إلى قوله:قال الله تعالى لي -أي ليلة الإسراء-:وجعلتك أوَّلَ النَّبيين خَلْقًا، وآخِرَهُمْ بَعْثًا .... وَجَعَلْتُكَ فَاتِحًا وَخَاتِمًا.
ثم قال الخلال:قال الفضل ، : قال لي أحمد : أوليس أوّل النّبيين خلقا ، يعني {وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح} ، فبدأ به.
قلت: اسناده حسن لو لا التردد من أبي جعفر عمن رواه،وعليه فالحديث حسن ويعتضد بالمرسل الصحيح،ومنه تعرف بطلان قول من حكم عليه بالوضع.
الشاهد الثاني من حديث عمر:
أخرجه عبد الرزاق في مصنفه - (ج 6 / ص 112)و أبو داود في مراسيله - (ج 2 / ص 21)و البيهقي في شعب الإيمان - (ج 11 / ص 194) عن أبي قلابة أن عمر بن الخطاب فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك : إنما بعثت فاتحا وخاتما.
الشاهد الثالث من حديث أبي بن كعب:
أخرجه ابن أبي عاصم في الأوائل (ص: 153) قال:حدثنا عبدة بن عبد الله ، ثنا زيد بن الحباب ، عن حسين بن واقد ، ثنا الربيع ، عن أبي العالية ، عن أبي بن كعب ، في قوله تعالى: (وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أنا أوّلهم ، ثم نوح ، ثم الأوّل فالأوّل »
وهذا إسناده حسن
الشاهد الرابع من حديث أبي هريرة:
أخرجه المخلّص في فوائده (ق 248/ب) وأبو العباس الّسّرّاج في فوائده(ق 200/أ) ومن طريقه البيهقي في الدلائل (5/483) وابن عساكر في التاريخ كما في مختصر ابن منظور (2/111) وابن أبي عاصم في الأوائل (5) وأبو محمد المخلدي في "الفوائد" (264/2) من طريق حَبَّان بْن هِلَالٍ : ثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ : حَدَّثَني عُبَيْدُ اللَّهِ ابْنُ عُمَرَ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
قال قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم: " لمّا خلق الله تعالى آدم عليه السّلام خبّره ببنيه فجعل يرى الأنبياء عليهم السلام وفضائل بعضهم على بعض فرأى نورا ساطعا في أسفلهم فقال: يا ربّ من هذا ؟ قال: هذا ابنك أحمد هو الأوّل وهو الاخر وهو أوّل شافع.
وفي هذا الحديث دلالة على أنّ الأوّليّة المذكورة في الحدبث أوّلية مطلقة وهي غير أوّلية الشّفاعة وفي رواية: "الأوّل" مُعرّفة وهي للإستغراق، وبها نجيب عمّا صحّ: " أنّ أوّل ما خلق الله الماء ثُمَّ العرش"، وفي أحاديث أخرى: أنّ أوّل ما خلق الله القلم، فهي أوّلية نسبيّة.
وفي رواية المخلص: هو أوّلٌ، وهو آخِرٌ، وهو أوّلُ مُشفَّعٍ
وهذا اسناده حسن ورجاله ثقات،لو لا مبارك بن فضالة فهو يدلس تدليس التسوية،وعليه فهو حسن بما قبله وبما بعده.
الشاهد الخامس من حديث أنس بن مالك:
*أخرج ابن جرير في تهذيب الآثار (ج1/ص410) والضياء في الأحاديث المختارة (ج6/ص259) والخِلعي في فوائده (1/131) وابن عساكر في التاريخ(3/501) والحافظ البيهقي في دلائل النبوة (1/417) من طرق عن ابن وهب، قال: ثني يعقوب بن عبد الرحمن الزهري، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، عن أنس بن مالك قال: لمَّا أتى جبريل بالبراق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فكأنها صرَّت أذنيها، فقال جبريل عليه السلام: مَهْ يا بُراق والله ما ركبَك مثلُه، فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو بعجوز على جنب الطريق، فقال: ما هذه يا جبريل؟ قال: سر يا محمد، فسار ما شاء أن يسير، فإذا شىء يدعوه مُتنَحيًّا عن الطَّريق: هَلُمَّ يا محمد، قال له جبريل: سر يا محمد، فسار ما شاء الله أن يسير، قال: لَقِيَهُ خلقٌ من الخَلْق فقال أحدهم: [السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَوَّلُ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا آخِرُ ] وَالسَّلَامُ عليك يا حاشر، فقال له جبريل اردد السَّلام يا محمد، قال: فردَّ السَّلامَ، ثمُّ لَقَيُه الثَّانى فقال له مثل مقالة الأوَّل، ثم لَقيَهُ الثَّالث فقال له مثل مقالة الأوَّلين حتى انتهى إلى بيت المقدس....الحديث"
اسناده صحيح ورجاله كلهم ثقات، وقد صححه الضياء المقدسي في المختارة.
وعليه قد ثبت لك،إن كنت من أهل الدراية بالاسناد:أن الحبيب صلى الله عليه وسلّم أولّ خلق الله في عالم الارواح.
وجمع تخريج الحديث ابن كثير في تفسيره ج: 3 ص: 470
قال ابن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة الدمشقي حدثنا محمد بن بكار حدثنا سعيد بن بشير حدثني قتادة عن الحسن عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم كنت أول النبيين في الخلق وآخرهم في البعث فبدأ بي قبلهم
سعيد بن بشير فيه ضعف
وقد رواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به مرسلا وهو أشبه
ورواه بعضهم عن قتادة موقوفا والله أعلم
قلت قوله عن سعيد بن بشير فيه ضعف أي يسير وهو مختلف فيه كما في التهذيب وقال عنه الذهبي في الكاشف
سعيد بن بشير البصري الحافظ نزل دمشق عن قتادة والزهري وعنه ...قال البخاري يتكلمون في حفظه وهو يحتمل وقال دحيم ثقة كان مشيختنا يوثقونه
وقال في المقاصد رواه أبو نعيم في الدلائل وابن أبي حاتم في تفسيره وابن لال ومن طريقه الديلمي عن أبي هريرة مرفوعا
أقول ووجدت لحديث أبي هريرة المرفوع شاهد يتقوى به ففي مجمع الزوائد ج: 1 ص: 71 وفي حديث الإسراء عن سيدنا أبي هريرة أن الله تعالى قال لنبيه:
وجعلتك أول النبيين خلقا وآخرهم بعثا
قال الهيثمي: رواه البزار ورجاله موثقون إلا أن الربيع بن أنس قال عن أبي العالية أو غيره فتابعيه مجهول
أي في حالة كونه غير أبي عالية
وقد أخرجه الطبري في تفسيره ج: 15 ص: 6
حدثني علي بن سهل قال ثنا حجاج قال أخبرنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية الرياحي عن أبي هريرة أو غيره شك أبو جعفر في قول الله عز وجل سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير قال جاء جبرائيل إلى النبي
وفيه: وجعلتك أول النبيين خلقا وآخرهم بعثا وأولهم من يقضى له
وذكر البيهقي دلائل2/396 أن الحاكم أبا عبد الله رواه عن إسماعيل بن محمد بن الفضل بن محمد الشعراني عن جده عن إبراهيم بن حمزة الزبيري عن حاتم بن إسماعيل حدثني عيسى بن ماهان يعني أبا جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره
أي هكذا بغير شك
باب فضائل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أبوالقاسم نبي الرحمة عليه السلام
أخبرني محمد بن الحسن أن الفضل حدثهم قال قرأت على أبي عبدالله أبو النضر قال ثنا أبو جعفر الرازي فذكر حديث الأسدي قال وجعلتك أول النبيين خلقا وآخرهم بعثا وأولهم مقضيا له فذكر الحديث
قال الفضل قال لي أحمد أول النبيين يعني خلقا وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح فبدأ به
أخبرني حرب بن إسماعيل الكرماني قال قلت لإسحاق يعني ابن راهويه حديث ميسرة الفجر قال قلت يا رسول الله متى كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد
ما معناه قال قبل أن تنفخ فيه الروح وقد خلق
قلت وحديث ميسرة المشار إليه قال الحافظ ابن حجر في الإصابة إسناده قوي
وقال المناوي:
كنت أول الناس في الخلق وآخرهم في البعث بأن جعله الله حقيقة تقصر عقولنا عن معرفتها وأفاض عليها وصف النبوة من ذلك الوقت ثم لما انتهى الزمان بالاسم الباطن في حقه إلى وجود جسمه وارتباط الروح به انتقل حكم الزمان إلى الاسم الظاهر فظهر بكليته جسما وروحا وأما قول الحجة المراد بالخلق التقدير لا الايجاد فإنه قبل ولادته لم يكن موجودا فتعقبه السبكي بأنه لو كان كذلك لم يختص
وقال
كنت نبيا لم يقل كنت إنسانا ولا كنت موجودا إشارة إلى أن نبوته كانت موجودة في أول خلق الزمان في عالم الغيب دون عالم الشهادة فلما انتهى الزمان بالاسم الباطن إلى وجود جسمه وارتباط الروح به انتقل حكم الزمان في جريانه إلى الاسم الظاهر فظهر بذاته جسما وروحا فكان الحكم له باطنا أو في كل ما ظهر من الشرائع على أيدي الأنبياء والرسل ثم صار الحكم له ظاهرا فنسخ كل شرع أبرزه الاسم الباطن بحكم الاسم الظاهر لبيان اختلاف حكم الاسمين وإن كان الشرع واحدا وآدم بين الروح والجسد يعني أنه تعالى أخبره بمرتبته وهو روح قبل إيجاد الأجسام الإنسانية كما أخذ الميثاق على بني آدم قبل إيجاد أجسامهم
ذكره ابن عربي
ومنه أخذ بعضهم قوله لما أخذ الله من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم كان محمد أول من قال بلى ولهذا صار متقدما على الأنبياء وهو آخر من يبعث فإن قيل حقيقة آدم في هذا الهيكل المخلوق من طين المنفوخ فيه الروح فمجموع الروح والجسد هو المسمى بآدم فما معنى وآدم بين الروح والجسد فالجواب أنه مجاز عما قبل تمام خلقته قريبا منه كما يقال فلان بين الصحة والمرض أي حالة تقرب من كلمنهما
حديث عمر :
في المستدرك 2/672 : ( حدثنا أبو سعيد عمرو بن محمد بن منصور العدل حدثنا أبو الحسن محمد بن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي حدثنا أبو الحارث عبد الله بن مسلم الفهري حدثنا إسماعيل بن مسلمة أنبأ عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده عن عمر بن الخطاب قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لما اقترف آدم الخطيئة قال يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي فقال الله يا آدم وكيف عرفت محمدا ولم أخلقه
قال يا رب لأنك لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك, فقال الله صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلي ادعني بحقه فقد غفرت لك ولولا محمد ما خلقتك
قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد وهو أول حديث ذكرته لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم في هذا الكتاب ) اه
ورواه الطبراني في معجمه الأوسط 6/313: وابن عساكر في تاريخه 7/437 : وحكى عن البيهقي أن مداره على ابن أسلم وهو ضعيف . وقال السيوطي في الدر المنثور : ( أخرجه الطبراني في المعجم الصغير والحاكم وأبو نعيم والبيهقي في الدلائل وابن عساكر ) اهحديث ابن عباس آخر :
في السنة للخلال 1/261 : ( حدثنا أبو بكر قال ثنا الفضل بن مسلم المحاربي قال ثنا محمد بن عصمة قال ثنا جندل قال ثنا عمرو بن أوس الأنصاري عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس قال : أوحى الله إلى عيسى صلى الله عليه فيما أوحى أن صدق محمدا وأمر أمتك من أدركه منهم أن يؤمنوا به فلولا محمد ما خلقت آدم ولولا محمد ما خلقت النار , ولقد خلقت العرش على الماء فاضطرب فكتبت لا إله إلا الله محمد رسول الله فسكن
قال أبو بكر: فألقيته على أبي عبدالله محمد بن بشر بن شريك فأقر به وقال هو عندي عن جندل بن والق ) اه
وفي مستدرك الحاكم 2/671 : حدثنا علي بن حمشاد العدل إملاء حدثنا هارون بن العباس الهاشمي حدثنا جندل بن والق حدثنا عمرو بن أوس الأنصاري حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن بن عباس قال : أوحى الله إلى عيسى ...
قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)اه
وفي طبقات المحدثين بأصبهان لأبي الشيخ الأصبهاني (3 / 144): (حدثنا أبو علي بن إبراهيم ، قال: ثنا همام ، قال : ثنا جندل بن والق ، قال : ثنا محمد بن عمر المحاربي ، عن سعيد بن أوس الأنصاري ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، عن ابن عباس ....)اه
قال الصالحي في سبل الهدى والرشاد (1/74): ( رواه أبو الشيخ في طبقات الأطبهانيين، والحاكم وصححه، وأقره السبكي في شفاء السقام، والبلقيني في فتاويه. قال الذهبي: في سنده عمرو بن أوس لا يدري من هو انتهى. ولبعضه شاهد من حديث عمر بن الخطاب رواه الحاكم )اه
الإمام أبي طالب المكي نقلا عن أخبار داود :
قال الإمام أبو طالب المكي في كتابه قوت القلوب ص 696وص975: (وفي أخبار داود : (إني خلقت محمد لأجلي, وخلقت آدم لأجل محمد, وخلقت جميع ما خلقت لأجل ولد آدم, فمن اشتغل منهم بما خلقته لأجله حجبته عني, ومن اشتغل منهم بي سقت له ما خلقته لأجله)اه
قول الإمام ابن حجر الهيتمي:
وقال الإمام ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الحديثية ص189: (ومما صح عند الحاكم أيضاً عن ابن عباس قال : ( أوحى الله تعالى إلى عيسى يا عيسى آمن بمحمد ومُرْ من أدركه من أمتك أن يؤمنوا به فلولا محمد ما خلقت آدم ، ولولا محمد ما خلقْتُ الجنة والنار، ولقد خلقت العرش على الماء فاضطرب فكتبت عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله فسكن )
قال ابن حجر: ومثل هذا لا يقال من قبل الرأي فإذا صح عن مثل ابن عباس يكون في حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما قرره أئمة الأصول والحديث والفقه وحينئذ فما في الأول ([2]) من ضعف لو سلم لقائله يكون مجبورا بهذا لأن هذا وحده كاف في الحجية فضم الأول إليه يزيده قوة إلى قوة
وفي حديث رواه صاحب شفاء الصدور وغيره ( قال الله يامحمد وعزتي وجلالي لولاك ما خلقت أرضي ولا سمائي ولا رفعت هذه الخضراء ولا بسطت هذه الغبراء ) وفي رواية (من أجلك اسطح البطحاء وأموج الماء وأرفع السماء وأجعل الثواب والعقاب والجنة والنار ) وفي أخرى ذكرها عياض في الشفاء (فقال آدم ... فأوحى الله إليه: وعزتي وجلالي إنه لآخر النبيين من ذريتك ولولاه ما خلقتك) وبهذا كله اتضح بطلان ذلك الاعتراض وأن قائله زل عن درك الصواب فطغى قلبه وزل قدمه) اه كلام ابن حجر الهيتمي
وقال الهيتمي في الصواعق المحرقة (2/ 448): (إن الله لما خلق الدنيا بأسرها من أجل النبي جعل دوامها بدوامه ودوام أهل بيته؛ لأنهم يساوونه في أشياء مر عن الرازي بعضها؛ ولأنه قال في حقهم: اللهم إنهم مني وأنا منهم؛ ولأنهم بضعة منه بواسطة أن فاطمة أمهم بضعته، فأقيموا مقامه في الأمان)اه
قول الإمام ابن تيمية:
وها هو الإمام ابن تيمية يقر بهذا المعنى ففي مجموع الفتاوى 11/ 96: (وقد ظهر فضل نبينا على الملائكة ليلة المعراج لما صار بمستوى يسمع فيه صريف الأقلام وعلا على مقامات الملائكة والله تعالى اظهر من عظيم قدرته وعجيب حكمته من صالحى الآدميين من الأنبياء والأولياء ما لم يظهر مثله من الملائكة حيث جمع فيهم ما تفرق في المخلوقات فخلق بدنه من الأرض وروحه من الملأ الأعلى ولهذا يقال هو العالم الصغير وهو نسخة العالم الكبير
ومحمد سيد ولد آدم وافضل الخلق وأكرمهم عليه ومن هنا قال من قال: إن الله خلق من أجله العالم أو انه لولا هو لما خلق عرشا ولا كرسيا ولا سماء ولا ارضا ولا شمسا ولا قمرا
لكن ليس هذا حديثا عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم لا صحيحا ولا ضعيفا !!!! ولم ينقله أحد من أهل العلم بالحديث عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم !!!! بل ولا يعرف عن الصحابة !!! بل هو كلام لا يدرى قائله !!!
ويمكن أن يفسر بوجه صحيح كقوله: (سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض), وقوله (وسخر لكم الفلك لتجرى فى البحر بأمره وسخر لكم الأنهار وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار وآتاكم من كل ما سألتموه وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها), وأمثال ذلك من الآيات التي يبين فيها انه خلق المخلوقات لبنى آدم ومعلوم أن لله فيها حكما عظيمة غير ذلك وأعظم من ذلك ولكن يبين لبنى آدم ما فيها من المنفعة وما أسبغ عليهم
فإذا قيل فعل كذا لكذا لم يقتض أن لا يكون فيه حكمة أخرى وكذلك قول القائل لولا كذا ما خلق كذا لا يقتضي أن لا يكون فيه حكم أخرى عظيمة
بل يقتضي إذا كان أفضل صالحي بنى آدم محمد وكانت خلقته غاية مطلوبة وحكمة بالغة مقصودة (اعظم) من غيره صار تمام الخلق ونهاية الكمال حصل بمحمد صلى الله تعالى عليه وآله وسلم
والله خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وكان آخر الخلق يوم الجمعة وفيه خلق آدم وهو آخر ما خلق خلق يوم الجمعة بعد العصر في آخر يوم الجمعة وسيد ولد آدم هو محمد صلى الله تعالى عليه وآله وسلم , آدم فمن دونه تحت لوائه, قال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ( إني عند الله لمكتوب خاتم النبيين وان آدم لمجندل في طينته ) أي كتبت نبوتي وأظهرت لما خلق آدم قبل نفخ الروح فيه كما يكتب الله رزق العبد واجله وعمله وشقي أو سعيد إذا خلق الجنين قبل نفخ الروح فيه
فإذا كان الإنسان هو خاتم المخلوقات وآخرها وهو الجامع لما فيها وفاضله هو فاضل المخلوقات مطلقا ومحمد إنسان هذا العين وقطب هذه الرحى وأقسام هذا الجمع كان كأنها غاية الغايات في المخلوقات فما ينكر أن يقال انه لأجله خلقت جميعها وانه لولاه لما خلقت, فإذا فسر هذا الكلام ونحوه بما يدل عليه الكتاب والسنة قبل ذلك ) اه
وفي مجموع الفتاوى لابن تيمية 2/150 : ( وقد رواه أبو الحسين بن بشران من طريق الشيخ أبى الفرج بن الجوزي في الوفا بفضائل المصطفى حدثنا أبو جعفر محمد بن عمرو حدثنا احمد بن إسحاق بن صالح ثنا محمد ابن صالح ثنا محمد بن سنان العوفي ثنا إبراهيم بن طهمان عن يزيد بن ميسرة عن عبد الله بن سفيان عن ميسرة قال قلت يا رسول الله متى كنت نبيا؟ قال : لما خلق الله الأرض واستوى إلى السماء فسواهن سبع سموات وخلق العرش كتب على ساق العرش محمد رسول الله خاتم الأنبياء وخلق الله الجنة التي أسكنها آدم وحواء فكتب اسمي على الأبواب والأوراق والقباب والخيام وآدم بين الروح والجسد, فلما أحياه الله تعالى نظر إلى العرش فرأى اسمى فأخبره الله انه سيد ولدك فلما غرهما الشيطان تابا واستشفعا باسمي إليه
وروى أبو نعيم الحافظ في كتاب دلائل النبوة ومن طريق الشيخ أبى الفرج حدثنا سليمان بن أحمد ثنا أحمد بن رشدين ثنا أحمد بن سعيد الفهرى ثنا عبد الله بن اسماعيل المدني عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب قال قال رسول الله : لما أصاب آدم الخطيئة رفع رأسه فقال يا رب بحق محمد إلا غفرت لي فأوحى إليه وما محمد ومن محمد فقال يا رب إنك لما أتممت خلقي رفعت رأسي إلى عرشك فإذا عليه مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنه أكرم خلقك عليك إذ قرنت اسمه مع اسمك فقال نعم قد غفرت لك وهو آخر الأنبياء من ذريتك ولولاه ما خلقتك, فهذا الحديث يؤيد الذي قبله وهما كالتفسير للأحاديث الصحيحة)اه من مجموع الفتاوي لابن تيمية
وروى حديث ميسرة هذا مختصرا الحاكم 2/665 وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وقال الذهبي في التلخيص: صحيح ) اه
وفي الإصابة 6/239 : ( ... من طريق بديل بن ميسرة عن عبد الله بن شقيق عن ميسرة الفجر قال قلت يا رسول الله متى كنت نبيا؟ قال: وآدم بين الروح والجسد
وهذا سند قوي لكن اختلف فيه على بديل بن ميسرة فرواه منصور بن سعيد عنه هكذا, وخالفه حماد بن زيد فرواه عن بديل عن عبد الله بن شقيق قال قيل يا رسول الله ولم يذكر ميسرة, وكذا رواه حماد عن والده وعن خالد الحذاء كلاهما عن عبد الله بن شقيق أخرجه البغوي
وكذا رواه حماد بن سلمة عن خالد عن عبد الله بن شقيق قال قلت يا رسول الله أخرجه البغوي أيضا, وأخرجه من طريق أخرى عن حماد فقال عبد الله بن شقيق عن رجل قال قلت يا رسول الله... وأخرجه أحمد من هذا الوجه وسنده صحيح)اه
وقال ابن تيمية في معرض الاستدلال على فضل النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كتابه الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان (1/90): (روى ابن عساكر عن سلمان الفارسي قال: هبط جبريل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إن ربك يقول: "إن كنت قد اتخذت إبراهيم خليلا فقد اتخذتك حبيبا، وما خلقت خلقا أكرم منك، ولقد خلقت الدنيا وأهلها لأعرفهم كرامتك ومنزلتك عندي، ولولاك ما خلقت الدنيا)اه
قول الإمام ابن دحية الكلبي :
قال الإمام ابن دحية الكلبي في مقدمة كتابه ( تنبيه البصائر ) : ( وظهر دينه صلى الله عليه وآله وسلم على الأديان كلها فطلع بدره ودام ... ولولاه لم تخلق شمس الدنيا ولا نهارها ) اه بواسطة محقق الآيات البينات ص 94
قول الإمام الصالحي وحكايته ذلك عن بعض أهل العلم:
عقد الإمام الصالحي في كتابه سبل الهدى والرشاد فصلا في المسأل فقال (1 /74): (الباب الثاني في خلق آدم وجميع المخلوقات لأجله صلى الله عليه وآله وسلم )
ثم أورد حديث ابن عباس ثم قال : ( رواه أبو الشيخ في طبقات الأطبهانيين، والحاكم وصححه، وأقره السبكي في شفاء السقام، والبلقيني في فتاويه. قال الذهبي: في سنده عمرو بن أوس لا يدري من هو انتهى. ولبعضه شاهد من حديث عمر بن الخطاب رواه الحاكم ) اه
ثم قال الإمام الصالحي : ( قال الإمام جمال الدين محمود بن جملة: ليس مثل هذا [يعني أن المحلوقات خلقت من أجله] للملائكة ولا لمن سواه من الأنبياء. وما عجب إكرام ألف لواحد * * لعين تفدى ألف عين وتكرم )اه
ثم قال الإمام الصالحي : ( وفي فتاوي شيخ الإسلام البلقيني أن في مولد العزفي - بعين مهملة وزاي مفتوحتين وقبل ياء النسب فاء - و " شفاء الصدور " لابن سبع: عن علي رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الله أنه قال: " يا محمد وعزتي وجلالي لولاك ما خلقت أرضي ولا سمائي ولا رفعت هذه الخضراء، ولا بسطت هذه الغبراء ".
قال: وذكر المصنفان المذكوران في رواية أخرى، عن علي رضي الله تعالى عنه أن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم : " من أجلك أبطح البطحاء وأموج الماء وأرفع السماء وأجعل الثواب والعقاب والجنة والنار ".
قول الإمام الآلوسي:
في تفسير الألوسي (19/242): (ومن باب الإشارة في بعض الآيات: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً) يشير عندهم إلى فتح مكة العَمَاءِ بإدخال الأعيان الثابتة ظاهرة بنور الوجود فيها أي إظهارها للعيان لأجله عليه الصلاة والسلام على أن لام (لَكَ) للتعليل، وحاصله أظهرنا العالم لأجلك وهو في معنى ما يروونه من قوله سبحانه: (لولاك لولاك ما خلقت إلافلاك)اه
وفي تفسير الألوسي (ج 4 / ص 496): (وقد يقال : إن إطلاقه على ما به بيان أمر النبي بناءاً على ما قال الزجاج باعتبار كون الأمر المبين متعلقاً بأول الأنوار الذي لولاه ما خلق الفلك الدوار )اه
وفي تفسير الألوسي (ج 1 / ص 253): (ولا يخفي لطف الرب هنا مضافاً إلى ضميره بطريق الخطاب وكان في تنويعه والخروج من عامه إلى خاصه رمزاً إلى أن المقبل عليه بالخطاب له الحظ الأعظم والقسم الأوفر من الجملة المخبر بها فهو على الحقيقة الخليفة الأعظم في الخليقة والإمام المقدم في الأرض والسموات العلى ، ولولاه ما خلق آدم بل ولا ولا.. ولله تعالى در سيدي ابن الفارض حيث يقول عن لسان الحقيقة المحمدية :
وإني وإن كنت ابن آدم صورة ... فلي فيه معنى شاهد بأبوتي)اه
قول الإمام الرازي:
في تفسير الفخر الرازي (1/4774): (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا)... يقول الله: حين كنت صبياً ضعيفاً ما تركناك بل ربيناك ورقيناك إلى حيث صرت مشرفاً على شرفات العرش وقلنا لك : لولاك ما خلقنا الأفلاك ، أتظن أنا بعد هذه الحالة نهجرك ونتركك.)اه
قول الإمام النيسابوري:
قال في كتابه غرائب القرآن ورغائب الفرقان (1/4): (...ولا سيما المصطفى محمد الذي أشرق في سماه النبوة بدراً، وأشرف على بساط الرسالة صدراً، سيد الثقلين وسند الخافقين، إمام المتقين ورسول رب العالمين الكائن نبيا وآدم بين الماء والطين، المعفر له جباه الأملاك، المشرف بلولاك لما خلقت الأفلاك)اه
وفي تفسير النيسابوري (2/273): (إن الله اصطفى آدم) ولم يكن له جنس حين خلقه وأسجد له ملائكته ، واصطفاه على الجنس وعلى غير الجنس كاصطفاء محمد صلى الله عليه وآله وسلم على الكائنات كقوله : لولاك لما خلقت الأفلاك)اه
قول الإمام ابن شطا الدمياطي:
قال في حاشيته "إعانة الطالبين" (1/6): (ولا شك بأنه صلى الله عليه وآله وسلم الواسطة العظمى لنا في كل نعمة بل هو أصل الإيجاد لكل مخلوق كما قال ذو العزة والجلال لولاك لولاك لما خلقت الأفلاك)اه
وقد ذكر الحديث الوارد في ذلك في سياق فضائل النبي صلى الله عليه وآله وسلم كثير من أهل العلم, ما يدل على ارتضائهم لذلك المعنى في فضله صلى الله عليه وآله وسلم .
وممن أورد الحديث على سبيل الاستدلال به
في الشريعة للآجري في باب (ورفعنا لك ذكرك) (ج 3 / ص 50): (فأوحى الله إليه : يا آدم ، وعزتي وجلالي ، إنه لآخر النبيين من ذريتك ، ولولاه ما خلقتك. قال محمد بن الحسين الآجري : وقد روي عن ابن عباس أنه قال : » ما خلق الله ولا برأ ولا ذرأ أكرم عليه من محمد ، وما سمعت الله أقسم بحياة أحد إلا بحياته قوله : لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون قال : وحياتك يا محمد ، إنهم لفي سكرتهم يعمهون والله أعلم)اه
القاضي عياض
قال في كتابه الشفا بتعريف حقوق المصطفى (ج 1 / ص 174): (وفى رواية أخرى فقال آدم: لما خلقتني رفعت رأسي إلى عرشك فإذا فيه مكتوب: لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنه ليس أحد أعظم قدرا عندك ممن جعلت اسمه مع اسمك فأوحى الله إليه (وعزتئ وجلالى إنه لآخر النبيين من ذريتك ولولاه ما خلقتك)اه
الإمام ابن الجوزي
قال في بستان الواعظين ورياض السامعين (ج 1 / ص 297): (في بعض الأخبار أن آدم عليه الصلاة والسلام رفع رأسه فنظر على ساق العرش لا إله إلا الله محمد رسول الله فقال آدم يا رب من هذا الذي كتبت اسمه مع اسمك فقال الله تعالى يا آدم هو نبيي وصفيي وهو حبيبي ولولاه ما خلقتك ولا خلقت جنة ولا نارا)اه
الإمام ابن رجب الحنبلي:
قال في لطائف المعارف - (ج 1 / ص 89): (ذكر فضل النبي صلى الله عليه و سلم من لدن آدم
وقد روي : أن آدم عليه الصلاة و السلام رأى اسم محمد صلى الله عليه و سلم مكتوبا على العرش و أن الله عز و جل قال لآدم : [ لولا محمد ما خلقتك ] و قد خرجه الحاكم في صحيحه فيكون حينئذ من حين صور آدم طينا استخرج منه محمد صلى الله عليه و سلم و نبىء و أخذ منه الميثاق ثم أعيد إلى ظهر آدم حتى خرج في وقت خروجه الذي قدر الله خروجه فيه و يشهد لذلك ما روي [ عن قتادة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : كنت أول النبيين في الخلق و آخرهم في البعث ] و في رواية : [ أول الناس في الخلق ] خرجه ابن سعد و غيره و خرجه الطبراني من رواية قتادة عن الحسن عن أبي هريرة مرفوعا و المرسل أشبه و في رواية عن قتادة مرسلة : ثم تلا : و إذ أخذنا من النبيين ميثاقهم و منك و من نوح و إبراهيم و موسى و عيسى ابن مريم فبدأ به قبل نوح الذي هو أول الرسل فمحمد صلى الله عليه و سلم أول الرسل خلقا و آخرهم بعثا فإنه استخرج من ظهر آدم لما صور و نبىء حينئذ و أخذ ميثاقه ثم أعيد إلى ظهره و لا يقال : فقد خلق آدم قبله لأن آدم حينئذ كان مواتا لا روح فيه و محمد صلى الله عليه و سلم كان حيا حين استخراج و نبىء و أخذ ميثاقه فهو أول النبيين خلقا و آخرهم بعثا فهو خاتم النبيين باعتبار أن زمانه تأخر عنهم فهو : المقفى و العاقب الذي جاء عقب الأنبياء و يقفوهم)اه
الإمام الشربيني:
في مغني المحتاج - (ج 1 / ص 512): (ويستشفع به إلى ربه لما روى الحاكم عن النبي أنه قال لما اقترف آدم الخطيئة قال يا رب أسألك بحق محمد إلا ما غفرت لي فقال الله تعالى وكيف عرفت محمدا ولم أخلقه قال يا رب لأنك لما خلقتني ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت في قوائم العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله فعرفت أنك لم تضف إلى نفسك إلا أحب الخلق إليك
فقال الله تعالى صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلي إذ سألتني به فقد غفرت لك ولولا محمد ما خلقتك قال الحاكم هذا صحيح الإسناد)اه
الإمام السيوطي
في الخصائص الكبرى (ج 2 / ص 288): (وما خلقت خلقا اكرم على منك وقد أعطيتك الحوض والشفاعة والناقة والقضيب والتاج والهرواة والحج والعمرة وشهر رمضان والشفاعة كلها لك حتى ظل عرشي في القيامة عليك ممدود وتاج الحمد على رأسك معقود وقرنت إسمك مع إسمي فلا أذكر في موضع حتى تذكر معي ولقد خلقت الدنيا وأهلها لعرفهم كرامتك ومنزلتك عندي ولولاك ما خلقت الدنيا)اه
الإمام القسطلاني
قال في المواهب اللدنية: (روي أنه لما خرج آدم من الجنة رأى مكتوبا على ساق العرش، وعلى كل موضع في الجنة اسم محمد مقرونا باسمه تعالى، فقال: يا رب هذا محمد من هو؟ قال الله: هذا ولدك الذي لولاه ما خلقتك. فقال: يا رب بحرمة هذا الولد ارحم هذا الوالد. فنودي يا آدم لو تشفعت إلينا بمحمد في أهل السموات والأرض لشفعناك)اه
الإمام الحلبي صاحب السيرة
في السيرة الحلبية (ج 1 / ص 357): (وذكر صاحب كتاب شفاء الصدور في مختصره عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه عن النبي عن الله أنه قال يا محمد وعزتي وجلالي لولاك ما خلقت أرضي ولا سمائي ولا رفعت هذه الخضراء لا بسطت هذه الغبراء وفي رواية عنه ولا خلقت سماء ولا أرضا ولا طولا ولا عرضا
وبهذا يرد على من رد على القائل في مدحه
** لولاه ما كان لا فلك ولا فلك ** كلا ولا بان تحريم وتحليل **
بأن قوله لولاه ما كان لافلك ولا فلك مثل هذا يحتاج إلى دليل ولم يرد في الكتاب ولا في السنة ما يدل على ذلك فيقال له بل جاء في السنة ما يدل على ذلك والله أعلم)اه
الإمام ابن عجيبة:
في البحر المديد (ج 4 / ص 154): (جعل آدم خليفته ، وجعل ذريته خلفاء أبيهم ، الملائكة والجن في خدمتهم ، والأمر والنهي والخطاب معهم ، والكتاب أُنزل إليهم ، والجنة والنار والسماوات والأرض والشمس والقمر والنجوم ، جميع الآيات ، خُلِقَ لهم. والخلق كلهم طُفيل لهم ، ألا ترى الله يقول لحبيبه : " لولاك ما خلقت الكون " ؟ ولهم كرامة الظاهر)اه
وفي البحر المديد (ج 6 / ص 309): (وعَجبوا أن جاءهم مُّنذر منهم ، رأوا أنفسهم خالية عن مشاهدة الغيوب ، وإدراك نور صفات الحق ، فقاسوا نفس محمد بأنفسهم ، ولم يعلموا أنه كان نفسَ النفوس ، وروحَ الأرواح ، وأصل الخليقة ، وباكورةً من بساتين الربوبية. يا ليتهم لو رأوه في مشاهدة الملكوت ، ومناصب الجبروت ، إذ خاطبه الحق بلولاك ما خلقتُ الأفلاك)اه
البحر المديد - (ج 5 / ص 71): (وقال بعضهم : إنما أظهر الله الكون لأجل نبينا تشريفاً له ، فهو من نوره. قال ابن عباس : أوحى الله تعالى إلى عيسى : يا عيسى ابن مريم ؛ آمن بمحمد ، ومُر أمتك أن يؤمنوا به ، فلولا محمد ما خلقت آدم ، ولولا محمد ما خلقت الجنة والنار... الحديث.)اه
فإن قيل : هذا ينافي قول الله تعالى ( وما خلقت الجني والأنس إلا ليعبدون ) فالحكمة من خلق الإنس والجن هي عبادة الله
فالجواب هو : ما قاله الإمام ابن تيمة سابقا أي قوله : (ومعلوم أن لله فيها حكما عظيمة غير ذلك وأعظم من ذلك ولكن يبين لبنى آدم ما فيها من المنفعة وما أسبغ عليهم, فإذا قيل: فعل كذا لكذا لم يقتض أن لا يكون فيه حكمة أخرى وكذلك قول القائل: لو لا كذا ما خلق كذا لا يقتضي أن لا يكون فيه حكم أخرى عظيمة...) اههل ثمة تعارض بين قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا
لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]،
وبين قول طائفة من المحققين: "إن الكون كله خلق من أجله صلى
الله عليه وسلم"،وهل ثمة حرج من القول بقولهم؟
قال الشيخ يوسف الرفاعي في كتابه: أدلة أهل السنة والجماعة
المسمى " الرد المحكم المنيع " (ص: 17، بترقيم الشاملة آليا):
......فمن ذلك أن الله سبحانه وتعالى أخبر في كتابه العزيز أن النبي
صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين . قال تعالى : ( وما أرسلناك
إلا رحمة للعالمين ) فثبت أنه صلى الله عليه وسلم رحمة . وان
هذه الرحمة للعالمين ، ولا بد لتحقيق هذه الرحمن وجود العالمين .
فهم مظهر تحقق تلك الرحمة ، فلا حرج أن يقال : إن العالم خلق
من أجل تلك الرحمة المتعلقة به .
ومن ذلك ، أن الله سبحانه وتعالى قال : ( وما خلقت الجن والانس
إلا ليعبدون ) .
وهذا يفيد أن من الحكم الالهية لايجاد الخلق هو العبادة له -
سبحانه وتعالى . وهذه العبادة التي من أجلها خلق الخلق لا تكون
إلا في الدنيا . فهي مظهر تلك العبادة ومحلها ومشدها ، فمن لازِم
القضية أن نقول أن الكون كله خلق من اجل إقامة العبادة لله
سبحانه وتعالى ، فلا حرج لو قال قائل : أن الله سبحانه وتعالى
خلق الكون من اجل عباده الخالصين المخلصين العابدين الطائعين .
ومحمد صلى الله عليه وسلم هو سيدهم وإمامهم وخلاصتهم
ومرشدهم وخاصتهم فما الحرج لو قال قائل : إنه خلق الكون من
أجله أيضا ؟.........................
......ولما كان حال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في العبادة
التي من أجلها خلق الكون ليس كغيره ، صح أن يقال ( خلق الكون
من أجله ) ولم يقل أحد في غيره ذلك القول .
ومن ذلك قوله تعالى : ( خلق لكم ما في الارض جميعا ) .
( وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار ) .
وإذا كانت هذه الأمور إنما خلقت لأجل البشر وأبي البشر إنما خلق
لأجله صلى الله عليه وسلم . كانت الدنيا إنما خلقت لأجله صلى
الله عليه وسلم . وذلك لمجرد التكريم .....
.............وبهذا ظهر أن من قال بهذه الخصوصية (وهي أن الكون
كله خلق من أجله صلى الله عليه وسلم") وأثبتها للنبي صلى الله
عليه وسلم هم رجال لا يستهان بهم من أئمة هذه الأمة وحفاظها
كالحاكم والبيهقي والسبكي والسيوطي وابن الجوزي والزرقاني
والقسطلاني . لهم دليل يستمسكون به وأصل يرجعون إليه لا من
هواهم أو تعصبهم وبقي بعد ذلك البحث في صحة هذا الأصل أو
عدم صحته وللمنكر أن يقول إن الأصل ليس بصحيح مثلا فينبني
عليه عند من يعرف أصول البحث والنظر أن يقال للمستمسك به إنه
مخطئ ولا يصل به الحال إلى أن يقال عنه إنه مشرك أو ضال (
سبحانك هذا بهتان عظيم ) إن هذه المسألة لا صلة لها بالشرك
والكفر.اهـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق