الثلاثاء، 14 مايو 2013

شرح حديث النزول



( 1)
بسم الله الرجمن الرحيم
كتاب غاية المأمول في شرح حديث النزول
كتبه ابوعلي محمود بن منصور غفر الله له ولوالديه ءامي
مـقــدمــة
الحمد لله خالق الأسباب والمسببات والذي هدانا وأرشدنا للطريق والمنهج القويم وأن جعلنا من أمة النبي ذي الفضل والنفع العميم وصاحب الخلق العظيم وجعل التوسل والاستشفاع به من القربات المهمات ومن الأسباب لإجابة الدعوات والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين والوسيلة العظمى في وصول الخير الى كل موجود معلم التوحيد والخلق الحميد محمد بن عبد الله المصطفى البشير الأمين صاحب الحوض المورود وعلى ءاله الطيبين وأصحابه الغر الميامين أصحاب النهج السديد

اعلم رحمك الله ورزقني واياكم الرشد والسداد أن حديث النزول ثابت صحيح وهو من أحاديث الصفات فلا يجوز أن يحمل على معنى الانتقال والزوال والتحول والنزول من علو الى سفل والصعود من سفل الى علو فان ذلك محال على الله ويستحيل على الواحد الماجد التبدل والتحول , ولا يجوز الاخذ بظاهر الحديث المتبادر الذي هو الهبوط والتدلي من فوق الى أسفل , بل للحديث معنى يليق بالله سبحانه وتعالى من معاني الكمال والاجلال , وخالفت المجسمة والمشبهة فوصفوا الله بالانتقال والتحول والزوال وزلت أقدامهم وضلوا وأضلوا فوصفوا الله بصفات الخلق

وكما قال ابن الجوزي وقد أخذوا بالظاهر في الاسماء والصفات فسموها بالصفات تسمية مبتدعة لا دليل لهم في ذلك من النقل ولا من العقل ولم يلتفتوا إلى النصوص الصارفة عن الظواهر إلى المعاني الواجبة لله تعالى ولا إلى إلـغاء ما يوجبه الظاهر من سمات الحدوث ولم يقنعوا بأن يقولوا صفة فعل حتى قالوا صفة ذات , ثم لما أثبتوا أنها صفات ذات قالوا : لا نحملها على توجيه اللغة مثل يد على نعمة وقدرة ومجيء وإتيان على معنى بر ولطف وساق على شدة , بل قالوا نحملها على ظواهرها المتعارفة , والظاهر هو المعهود من نعوت الآدميين . انتهى من دفع شبه التشبيه .


ومن ذلك أخذهم بظاهر حديث النـزول الصحيح الثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم:. وهذا الحديث الصحيح الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه باب الدعاء والصلاة من ءاخر الليل: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:يَنـزل ربُّنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثـلث الليل الآخر يقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر لـه؟. صحيح .

وعند مسلم من حديث أبي هريرة: يَنـزلُ ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر… الحديث، وفي لفظ: ينـزل الله إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يمضي ثلث الليل الأول وفي لفظ: إذا مضى شطر الليل أو ثـلثاه ينـزل الله تبارك وتعالى إلى السـمـاء الدنيا... وفي لفظ: ينـزل الله في السماء الدنيا لشطر الليل أو لثلث الليل الآخر… وفي لفظ: إن الله يُمهل حتى إذا ذهب ثلث الليل الأول نزل إلى السماء الدنيا..الحديث.

وأخرجه أبو داود في سننه بلفظ: ينـزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا..الحديث. وعند الترمذي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ينـزل الله إلى السماء الدنيا كل ليلة حـين يـمضي ثلث الليل...الحديث.


قال أبو عيسى الترمذي حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح وقد روي من أوجه كثيرة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وروي عنه أنه قال: ينـزل الله عز وجل حـين يبقى ثلث الليل الآخر وهو أصح الروايات.
وقد أخرجه عبد الرزاق الصنعاني بلفظ: إن الله يمهل حتى إذا ذهب ثلث الـليل الأول نزل إلى السماء الدنيا فنادى هل من مـذنـب يتوب؟ هل من مستغفر؟ هل من داع؟ هل من سائل؟ إلى الفجر.اعلم رحمك الله أن القاعدة المقررة أن خير ما يفسر الواردَ الواردُ كما نص على ذلك العلماء كالحافظ زين الدين العراقي والحافظ ابن حجر العسقلاني , قال العراقي في ألفيته : وخيرُ ما فسرتَه بالوارد كالدخ بالدخان لابن صائد .

وهنا عندنا مذهبان التفويض أو التأويل . ومذهب التفويص صرح به ابن حجر العسقلاني في مواضع وأول في مواضع كما في الفتح , والشمس الذهبي في السير وابن دقيق العيد وامام الحرمين في الرسالة النظامية ووالده والغزالي والكمال بن الهمام ومحمد مرتضى الزبيدي وشراح البخاري كالحافظ العيني والكرماني والقسطلاني وزكريا الانصاري وشراح مسلم كالقرطبي والنووي والمازري والابي والسنوسي وعياض مذهبهم مذهب التأويل أو التفويض وشراح الموطأ مثل عبد البر في التمهيد والباجي في المنتقى والقاضي أبي بكر بن العربي في القبس وعارضة الاحوذي والزرقاني وغيرهم , وكل من تقدم ذكرهم تأولوا أيضا وعامة السلف على التفويض, ومن السلف من تأول كما هو معلوم كما هو الغالب على مذاهب الخلف كابن عباس ومجاهد وقتادة والشافعي وأحمد والبخاري والترمذي , وغيرهم .
قال أبو عبد الله أحمد بن حنبل نؤمن بها ونصدق بها ولا نرد منها شيئا ونعلم أن ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم حق إذا كانت أسانيد صحاح ولا نرد على الله قوله ولا يوصف بأكثر مما وصف به نفسه بلا حد ولا غاية "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير "
وقال حنبل وصفاته غير محدودة ولا معلومة إلا بما وصف به نفسه قال فهو سميع بصير بلا حد ولا تقدير ولا يبلغ الواصفون صفته ولا نتعدى القرآن والحديث فنقول كما قال ونصفه بما وصف به نفسه ولا نتعدى ذلك ولا يبلغ صفته الواصفون، إلى أن قال والتسليم فيه بغير صفة ( أي من صفات خلقه وهيئتهم ) ولا حد إلا ما وصف به نفسه سميع بصير لم يزل متكلما عالما غفورا عالم الغيب والشهادة علام الغيوب فهذه صفات وصف بها نفسه لا تدفع ولا ترد وهو على العرش بلا حد،كما قال تعالى "ثم استوى على العرش كيف شاء المشيئة اليه، وهو سميع بصير بلا حد ولا تقدير لا نتعدى القرآن والحديث.

كما قال ابن القيم كما في مختصر الصواعق باختصار من ص ,476

قال الإمام الترمذي في سننه 4-692 "والمذهب في هذا عند أهلم العلم من الائمة مثل سفيان الثوري ومالك بن أنس، وابن المبارك وابن عيينة ووكيع وغيرهم أنهم رووا هذه الاشياء ثم قالوا: تروى هذه الاحاديث ونؤمن بها ولا يقال كيف، وهذا الذي اختاره أهل الحديث أن تروى هذه ال أشياء كما جاءت ويُؤمَنُ بها، ولا تُفسرُ ولا تتوهم ولا يقال كيف، وهذا أمر أهل العلم الذي اختاروه وذهبوا إليه "انتهى وقد قال الذهبي، وقال الوليد بن مسلم سألت الاوزاعي ومالك بن أنس وسفيان الثوري والليث بن سعد عن الاحاديث التي فيها الصفات فكلهم قال لي: أمروها كما جاءت بلا تفسير.
وقال: كان إسماعيل بن أبي خالد والثوري ومسعر يروون هذه الاحاديث لا يفسرون منها شيئا.


ذكره في ترجمة مسعر بن كدام أحد الائمة. ومعنى "ولا تفسر " هو نفس معنى قول سفيان وغيره من العلماء قرءاتها تفسيرها، ومعى قولهم، "ولا تتوهم "معناه يترك الظاهر ويصرف ظاهرها الذي يتبادر منه الوهم والخطور،وقال مالك "ولا يقال كيف، وكيف عنه مرفوع ", وقال أحمد كما رواه الخلال "نؤمن بها ونصدق بها ولا كيف ولا معنى " وقال الحاكم سمعت الاصم يقول سمعت الربيع سمعت الشافعي وقد روى حديثا فقال له رجل: تأخذ بهذا يا أبا عبد الله ؟ فقال: إذا رويت حديثا صحيحا عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فلم آخذ به فأشهدكم أن عقلي قد ذهب.

ذكره الذهبي في كتاب العلو وابن القيم في اجتماعه. وقال ابن خزيمة سمعت يونس يقول: قال الشافعي: لا يقال لم ولا كيف. وقال الحميدي توفي 219 قال: أصول السنة عندنا فذكر أشياء ثم قال: وما نطق به القرءان والحديث مثل "وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم "ومثل قوله "والسموات مطويات بيمينه "وما أشبه هذا من القرءان والحديث لا نزيد فيه ولا نفسره، ونقف على ما وقف عليه القرءان والسنة، قال الذهبي كان العلامة أبو بكر عبد الله بن الزبير القرشي الاسدي الحميدي مفتي أهل مكة وعالمهم بعد شيخه سفيان بن عيينة حدث عنه البخاري والكبار.

وقد نقل العلماء عن السلف ومنهم سفيان أنه قال كل ما وصف الله به نفسه في كتابه فتفسيره قراءته والسكوت عليه .ليس لاحد أن يفسره إلا الله ورسوله , وكان الزهري والاوزاعي ومالك وابن المبارك وسفيان الثوري والليث بن سعد وأحمد بن حنبل واسحاق بن راهويه يقولون في هذه الاية وأمثالها , اقرؤها كما جاءت بلا كيف ولا تشبيه . كما ذكره أهل التفسير في تفاسيرهم كذلك كالقرطبي وابن عطية وابي حيان والخازن وعامة المفسرين من أهل السنة , قال أبو حيان في البحر المحيط, في آية الاستواء : والجمهور من السلف السفيانين ومالك والاوزاعي والليث وابن المبارك وغيرهم , في أحاديث الصفات على إيمان بها وإمرارها على ما أراد من غير تعييت مراد ,وقوم تأولو ذلك على عدة تأويلات , وقال سفيان الثوري : فعل فعلا في العرش سماه استواء . انتهى


قال ابن عبد البر في التمهيد: قال أبو داود وحدثنا الحسن بن محمد قال سمعت الهيثم بن خارجة قال حدثني الوليد بن مسلم قال سألت الأوزاعي وسفيان الثوري ومالك بن أنس والليث بن سعد عن هذه الأحاديث التي جاءت فقالوا أمروها كما جاءت بلا كيف وذكر عباس الدوري قال سمعت يحيى بن معين يقول شهدت زكريا بن عدي سأل وكيع بن الجراح فقال يا أبا سفيان هذه الأحاديث يعني مثل الكرسي موضع القدمين ونحو هذا ( قلت وهذ الاثر موقوف على ابن عباس ولا يصح مرفوعا فتنبه رحمك الله كما قال الحاكم ووافقه الذهبي , قال ابن الجوزي في الدفع قلت ورواه جماعة من الأثبات فوقفوه على ابن عباس , ورفعه منهم شجاع بن مخلد فعلم بمخالفته الكبار المتقنين أنه قد غلط , ومعنى الحديث : أن الكرسي صغير بالاضافة إلى العرش كمقدار كرسي يكون عنده سرير قد وضع لقدمي القاعد على السرير , قال الضحاك : الكرسي الذي تجعل الملوك أرجلهم عليه 


وقال أبو يعلى الحنبلي القدم قدم الذات , وهي التي يضعها في النار انتهى وكلام أبي يعلى تجسيم وكفر ,) قال ابن كثير في تفسيره :وقوله: {وسع كرسيه السموات والأرض}, قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج, حدثنا ابن إدريس عن مطرف بن طريف, عن جعفر بن أبي المغيرة, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس, في قوله: {وسع كرسيه السموات والأرض} قال: علمه, وكذا رواه ابن جرير من حديث عبد الله بن إدريس وهشيم, كلاهما عن مطرف بن طريف به, قال ابن أبي حاتم: وروي عن سعيد بن جبير مثله

ثم قال ابن جرير: وقال آخرون الكرسي موضع القدمين, قال البيهقي: وروينا عن ابن مسعود وسعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله "وسع كرسيه" قال: علمه وقال السيوطي في الدر المنثور :"وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس {وسع كرسيه السموات والأرض} قال: كرسيه علمه، ألا ترى إلى قوله {ولا يؤده حفظهما}.
وأخرج الخطيب في تاريخه عن ابن عباس قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن قول الله {وسع كرسيه السموت والأرض} قال "كرسيه موضع قدمه، والعرش لا يقدر قدره".

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ والحاكم وصححه والخطيب والبيهقي عن ابن عباس قال: الكرسي موضع القدمين، والعرش لا يقدر أحد قدره.

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي موسى الأشعري قال: الكرسي موضع القدمين وله أطيط كأطيط الرحل. قلت أي السيوطي : هذا على سبيل الاستعارة - تعالى الله عن التشبيه - و يوضحه ما أخرجه ابن جرير عن الضحاك في الآية قال: كرسيه الذي يوضع تحت العرش الذي تجعل الملوك عليه أقدامهم.

.) فقال كما في تمهيد ابن عبد البر : أدركت إسماعيل بن أبي خالد وسفيان ومسعرا يحدثون بهذه الأحاديث ولا يفسرون شيئا. وقال محي السنة البغوي في معالم التنزيل: والأولى في هذه الآية وما شاكلها أن يؤمن الانسان بظاهرها ( أي الاية أو الحديث المتشابه أنه من عند الله وهو قد أول كما أول غيره كالاتيان والمجيء والساق والجنب وغير ذلك ) ويكل علمها إلى الله تعالى، ويعتقد أن الله عز اسمه منزه عن سمات الحدث، على ذلك مضت أئمة السف وعلماء السنة. قال الكلبي: هذا هو المكتوم الذي لا يفسر، وكان مكحول و الزهري و الاوزاعي و مالك و ابن المبارك و سفيان الثوري و الليث بن سعد و و أحمد و اسحاق يقولون فيها وفي أمثالها: أمروها كما جاءت بلا كيف، قال سفيان بن عيينة: كل ما وصف الله به نفسه في كتابه فتفسيره قراءته، والسكوت عنه، ليس لأحد أن يفسره إلا الله تعالى ورسوله. انتهى



وقال ابن جرير الطبري في تفسيره: ثم اختلف فـي صفة إتـيان الرب تبـارك وتعالـى الذي ذكره فـي قوله: هَلْ يَنْظُرُونَ إلا أنْ يأتِـيَهُمُ اللّهُ" فقال بعضهم: لا صفة لذلك غير الذي وصف به نفسه عزّ وجل من الـمـجيء والإتـيان والنزول, وغير جائز تكلف القول فـي ذلك لأحد إلا بخبر من الله جل جلاله, أو من رسول مرسل. فأما القول فـي صفـات الله وأسمائه, فغير جائز لأحد من جهة الاستـخراج إلا بـما ذكرنا. انتهى


وقال الذهبي في العلو عن محمد بن الحسن فقيه العراق: أن هذه الاحاديث قد روتها الثقات، فنحن نرويها ونؤمن بها ولا نفسرها. قال الذهبي صح عن ابن عيينة قال سئل ربيعة كيف استوى ؟ فقال: الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول ومن الله الرسالة وعلى الرسول البلاغ وعلينا التصديق. وقال في سير اعلام النبلاء 8-103 "قال ابن القاسم: سألت مالكا عمن حدث بالحديث الذين قالوا "إن الله خلق آدم على صورته "والحديث الذي جاء "إن الله يكشف عن ساقه ""وأنه يدخل يده في جهنم حتى يخرج من أراد "فأنكر مالك ذلك إنكارا شديدا، ونهى أن يحدث بها أحد، فقيل له إن ناسا من أهل العلم يتحدثون به، فقال: من هو ؟ قيل ابن عجلان عن أبي الزناد، قال لم يكن ابن عجلان يعرف هذه ال أشياء، ولم يكن عالما.

وذكر أبا الزناد فقال: لم يزل عاملا لهؤلاء حتى مات "انتهى. وزاد الحافظ العقيلي على هذه الجملة في الضعفاء 2-25: "وكان صاحب عمال يتبعهم "يعني أبا الزناد من عمال بني أمية على المدينة وكان عاملا لهم، توفي أبو الزناد سنة 130 ه. قلت ونقل ابن القاسم عن مالك هذا النهي، كما رواه ابن عبد البر في كتاب التمهيد، ونقله الفقيه ملا علي القاري في شرح الشفا. وقد نقل الذهبي في السير 8-105 عن الإمام مالك أنه قال في أحاديث الصفات "أمرها كما جاءت بلا تفسير "وهذا وما تقدم هو التفويض، وهذا الذهبي قد نص على التفويض أيضا في السير قال "فقولنا في ذلك وبابه: الاقرار، والامرار، وتفويض معناه إلى قائله الصادق المعصوم. انتهى

قال الحافظ ابن حجر في الفتح 13-390 في مبحث الصفات أن فيها ثلاث مذاهب نقلا عن الإمام ابن المنير المالكي، قال "والثالث: إمرارها على ما جاءت مفوضا معناها إلى الله تعالى "انتهى المراد منه.
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح 13-383 "والصواب الامساك عن أمثال هذه المباحث والتفويض إلى الله في جميعها والاكتفاء بالايمان بكل ما أوجب الله في كتابه أو على لسان نبيه "انتهى المراد منه.

ونقل عن ابن دقيق العيد "وقال ابن دقيق العيد في العقيدة: نقول في الصفات المشكلة إنها حق وصدق على المعنى الذي أراده الله، ومن تأولها نظرنا فان كان تأويله قريبا على مقتضى لسان العرب لم ننكر عليه، وإن كان بعيدا توقفنا عنه ورجعنا إلى التصديق مع التنزيه "انتهى ومن هنا يعلم أن قول ابن تيمية في كتابه الموافقة بهامش منهاج سنته 1-118 ما نصه: "فتبين أن قول أهل التفويض الذين يزعمون أنهم متبعون للسنة والسلف من شر أقوال أهل البدع والالحاد "وقد ذم كلا المذهبين التاويل والتفويض الالباني في تعليقه على سنة ابن أبي عاصم .

واعلم أن المتبادر من الظاهر غير مراد قطعا، كما قال ابن حجر الحافظ في الفتح 13-432: فمن أجرى الكلام على ظاهره أفضى به الأمر إلى التجسيم ومن لم يتضح له وعلم أن الله منزه عن الذي يقتضيه ظاهرها إما أن يكذب -بضم الياء وفتح الكاف وكسر الذال مشددة- نقلتها وإما أن يؤولها "انتهى .

وبذلك صرح القاضي عياض والامام النووي والكرماني والابي وغيرهم . وقال المبتدع محمد عثيمين ص 93 في شرح العقيدة الواسطية: وبهذا نعرف ضلال أو كذب من قالوا: إن طريقة السلف هي التفويض، هؤلاء ضلوا إن قالوا ذلك عن جهل بطريقة السلف،وكذبوا إن قالوا ذلك عن عمد، وعلى كل حال لاشك أن الذين يقولون إن مذهب أهل السنة هو التفويض، أنهم أخطؤوا، لأن مذهب أهل السنة هو إثبات المعنى وتفويض الكيفية.وليعلم أن القول بالتفويض – كما قال شيخ الاسلام ابن تيمية ( حرام أن يلقب بهذا اللقب ) من شر أقوال أهل البدع والالحاد.

ثم يقول صدق رحمه الله، إذا تاملته، وجدته تكذيبا للقرءان وتجهيلا للرسول واستطالة للفلاسفة.انتهى. قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم: نقلا عن القاضي عياض: لا خلاف بين المسلمين قاطبه فقيههم ومحدثهم ومتكلمهم ونظارهم ومقلدهم ان الظواهر الواردة بذكر الله تعالى في السماء كقوله تعالى {أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض } ونحوه ليست على ظاهرها بل متاوله عند جميعهم أهـ وقال الحافظ محمد بن حبان (354 هـ) صاحب الصحيح المشهور بصحيح ابن حبان ما نصه : "الحمد لله الذي ليس له حد محدود فيحتوى، ولا له أجل معدود فيفنى، ولا يحيط به جوامع المكان ولا يشتمل عليه تواتر الزمان". [الثقات (1/ 1)]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق