الثلاثاء، 14 مايو 2013

لحية النبى صل الله عليه وسلم كانت كثة ولم تكن طويلة

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه 


صفة لحية النبي صلـى الله عليه وسلم

أولا : 

للتعرف على صفة لحيته الشريفة لا بد من الوقوف على جميع 


الأحاديث الواردة في هذا الشأن ، وقد تبين لنا - بعد حصرها 

ودراستها - أن أكثرها لا يثبت إسناده إلى الصحابة الكرام الذين 

وصفوا لحية النبي ، وأما القليل الصحيح فلم يشتمل على وصف 

دقيق مفصل ، وإنما على ذكر بعض الأوصاف ، وهذه الأوصاف الثابتة 

هي : كثرة شعر اللحية ، وكثاثتها .

فعن جابر بن سمرة قال :

( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... كَثِيرَ شَعْرِ اللِّحْيَةِ )

رواه مسلم (رقم/2344)

وعَنْ الْبَرَاءِ قَالَ :

( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... كَثَّ اللِّحْيَةِ )

رواه النسائي (رقم/5232) وصححه الألباني في " صحيح النسائي

وورد أيضا هذا الوصف : ( كث اللحية ) من حديث علي بن أبي 


طالب في " مسند الإمام أحمد " (2/102) طبعة مؤسسة الرسالة 

، وحسنه المحققون .

وقد استدل بعض أهل العلم بهذين الوصفين – كثرة الشعر والكثاثة 


- على أن لحيته الشريفة عليه الصلاة والسلام لم تكن طويلة ؛ لأن 

الكثاثة تعني غزارة الشعر والتِفَافَه مِن غير طول .

قال أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله :

" قوله : ( كث اللحية ) الكثوثة أن تكون اللحية غير دقيقة ، ولا 

طويلة ، ولكن فيها كثاثة من غير عِظَمٍ ولا طول " انتهى.

رواه عنه الطبراني في " المعجم الكبير " (22/159)

وقال الإمام أبو العباس القرطبي رحمه الله :

" لا يفهم من هذا – يعني قوله ( كثير شعر اللحية ) - أنه كان 

طويلها ، فإنَّه قد صحَّ أنه كان كثَّ اللحية ؛ أي : كثير شعرها غير 

طويلة ، وكان يخلل لحيته " انتهى.

" المفهم لما أشكل من تلخيص صحيح مسلم " (6/135)

وقال الإمام السيوطي رحمه الله :

" كان كثير شعر اللحية ، أي : غزيرها ، مستديرها " انتهى.

" الشمائل الشريفة " (ص/32)

ثانيا :

وأما وصف لحية النبي الكريمة بأنها " عظيمة "، فهذا إنما ورد من 


طريق شريك بن عبد الله النخعي ، عن عبد الملك بن عمير ، عن 

نافع بن جبير بن مطعم ، عن علي بن أبي طالب ، أَنَّهُ وَصَفَ النَّبِيَّ 

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ :

( كَانَ عَظِيمَ الْهَامَةِ ، أَبْيَضَ ، مُشْرَبًا حُمْرَةً ، عَظِيمَ اللِّحْيَةِ )

رواه أحمد في " المسند " (2/257) وغيره جميعهم من هذا الطريق 

، وقد انفرد شريك بهذا اللفظ عن غيره من رواة الحديث ، ومثله لا 

يقبل تفرده .

ورواه أحمد في " المسند " أيضا (2/344) من طريق شريك عن عبد 

الملك بن عمير ، بلفظ : ( ضخم اللحية )

وورد أيضا وصفه بأنه كان " ضخم الرأس واللحية " مِن حديث عثمان 


بن عبد الله - أو ابن مسلم – بن هرمز ، عن نافع بن جبير ، عن 

علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله 

عليه وسلم ...ضَخْمَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ )

رواه أحمد في " المسند " (2/143) طبعة مؤسسة الرسالة ، 

والضياء المقدسي في " المختارة " (2/368)، وغيرهم .

وهذا إسناد ضعيف بسبب عثمان بن عبد الله بن هرمز ، قال فيه 

النسائي : ليس بذاك ، انظر: " تهذيب التهذيب " (7/139)، وهو وإن 

توبع من رواة آخرين ، لكن المتابعة حاصلة لأصل الحديث فقط ، 

وليس فيها هذا الوصف : " ضخم الرأس واللحية "، بل إن رواية 

الإمام الترمذي للحديث في " الجامع " (رقم/3637) من الطريق 

نفسها فيها وصف " ضخم الرأس "، دون قوله : " واللحية "، مما 

يدل على اضطراب بعض رواة الحديث .

ثالثا :

وأما وصف لحيته بأنها كانت تملأ صدره الشريف عليه الصلاة 


والسلام : فهذا لم نقف عليه مسندا مأثورا ، وإنما ذكره القاضي 

عياض رحمه الله من غير إسناد ، ولا نسبةٍ إلى قائله .


يقول القاضي عياض رحمه الله :

" كث اللحية تملأ صدره " انتهى.

" الشفا بتعريف حقوق المصطفى " (1/20)

ويقول ابن حزم رحمه الله :

" كث اللحية واسعها " انتهى.

" جوامع السيرة " (ص/22)

رابعا :

ومن الأحاديث الواردة في وصف لحية النبي الشريفة ما يرويه يزيد 


الفارسي فيقول :

( رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّوْمِ زَمَنَ ابْنِ عَبَّاسٍ ، 

قَالَ : وَكَانَ يَزِيدُ يَكْتُبُ الْمَصَاحِفَ ، قَالَ : فَقُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ : إِنِّي 

رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّوْمِ .

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ : " 


إِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَشَبَّهَ بِي ، فَمَنْ رَآنِي فِي النَّوْمِ فَقَدْ 

رَآنِي . فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَنْعَتَ لَنَا هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي رَأَيْتَ ؟

قَالَ : قُلْتُ : نَعَمْ ، رأَيْتُ رَجُلًا بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ ، جِسْمُهُ وَلَحْمُهُ أَسْمَرُ 


إِلَى الْبَيَاضِ ، حَسَنُ الْمَضْحَكِ ، أَكْحَلُ الْعَيْنَيْنِ ، جَمِيلُ دَوَائِرِ الْوَجْهِ ، 

قَدْ مَلَأَتْ لِحْيَتُهُ مِنْ هَذِهِ إِلَى هَذِهِ ، حَتَّى كَادَتْ تَمْلَأُ نَحْرَهُ .

قَالَ : فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : لَوْ رَأَيْتَهُ فِي الْيَقَظَةِ

 مَا اسْتَطَعْتَ أَنْ تَنْعَتَهُ فَوْقَ هَذَا )

رواه أحمد في " المسند " (5/389) طبعة مؤسسة الرسالة .

وهذا الحديث يختلف حكمه بسبب الاختلاف في يزيد الفارسي ، 

فذهب علي بن المديني وأحمد بن حنبل إلى أنه هو نفسه يزيد بن 

هرمز الثقة ، وذهب يحيى القطان ورجحه أكثر المتأخرين إلى أنه 

يزيد آخر في عداد المجهولين ، ولكن لعل الحكم عليه بالجهالة لا 

يتوافق مع ما ذهب إليه أبو حاتم في " الجرح والتعديل " (9/293) 

من قوله فيه : لا بأس به ، رغم ترجيح أبي حاتم أنهما راويان 

مختلفان . وباقي الإسناد رواته ثقات .

والشاهد في الحديث قوله : ( قَدْ مَلَأَتْ لِحْيَتُهُ مِنْ هَذِهِ إِلَى 


هَذِهحَتَّى كَادَتْ تَمْلَأُ نَحْرَهُ ) فقد جاء في رواية ابن أبي شيبة في " 

المصنف " (6/328) – وأشار بيده إلى صدغيه – يعني أن لحيته 

الشريفة عليه الصلاة والسلام لم تكن طويلة تملأ صدره ، بل تكاد 

تملأ نحره ، والنحر هو أعلى الصدر ،

وهذا يدل على اعتدال طولها وتوسطه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق