يزعم المتمسلفة الحشوية أنهم لا يؤولون، و أن من أساسيات مذهبهم نفي التأويل و إنكاره، و أنهم يؤمنون بظاهر آيات القرآن بلا تأويل و لا تعطيل. فإذا وجدت مثل هذا الكلام في كتبهم و على لسان مشايخهم، فاعلم انه كذب في كذب، لأنهم في الواقع أكثر الطوائف الإسلامية تأويلا.
بل عقيدتهم في الله تعالى ليست على ظاهرها دليل.ذلك انهم اولو كل آيات
و أحاديث -السماء- أي كل الأيات و الحاديث التي وردت تدل بظاهرها على ان الله في السماء عي عندهم مؤولة بأن معناها ليس هو الظاهر المتبادر إلى الأذهان، و إنما معناها ان الله فوق السماء أطلق عليه ابن تيمية -المكان العدمي- و حتى الجارية العجمية التي من شدة جهلها حار صاحبها هل هي موحدة مسلمة ام وثنية من عباد الأصنام، زعموا انها لما قالت في السماء، حسب رواية مسلم، لم تكن تقصد السماء التي نعرفها و المعهودة لدينا، بل كانت تقصد مكانا عدميا فوق السماء !! و تصوروا جارية سوداء نوبية تفهم في دقائق علم الكلام، و تشير إلى عقيدة ابن تيمية، و تقصد المكان العدمي فوق العرش!! و رغم ذلك ، حار صاحبها، لدرجة لم يعرف هل هي مسلمة أم كافرة!! هكذا ألبس السلفيون النصوص عقيدتهم غصبا و كرها، ثم زعموا انهم ضد التأويل. و ها أنا أذكر نصوصهم حتى لا يتهمنا أحد بالإفتراء عليهم.
قال عثمان بن قائد النجدي في رسالته " نجاة الخلف في اعتقاد السلف"( ص 17): " ليس معنى ذلك أن الله في جوف السماء، و أن السماوات تحصره و تحويه، فإن هذا لم يقله أحد من سلف الأمة و أئمتها، بل هم متفقون على ان الله فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه، ليس في مخلوقاته شيء من ذاته و لا في ذاته شيء من مخلوقاته". أهـ
و قال ابن تيمية في "الفتوى الحموية"( ص 105): " ثم من توهم أن كون الله في السماء، بمعنى أن السماء تحيط به و تحويه، فهو كاذب إن نقله عن غيره، ضال إن اعتقده في ربه، و ما سمعنا أحدا يفهم من اللفظ و لا رأينا احدا نقله عن واحد. ولو سئل سائر المسلمين: هل يفهمون من قول الله و رسوله: "إن الله في السماء"، أن السماء تحويه، لبادر كل أحد منهم أن يقول: هذا شيء لم يخطر ببالنا. و غذا كان المر هكذا، فمن التكلف أن يجعل ظاهر اللفظ شيئا محالا لا يفهمه الناس منه، ثم يريد أن يتاوله، بل عند المسلمين أن الله في السماء و هو على العرش واحد، إذ السماء إنما يراد به العلو، فالمعنى أن الله في العلو لا في السفل. و قد علم المسلمون ان كرسيه سبحانه و تعالى وسع السماوات و الأرض، و أن الكرسي في العرش كحلقة ملقاة بأرض فلاة، و ان العرش خلق من مخلوقات الله، لا نسبة له غلى قدرة الله و عظمته، فكيف يتوهم بعد هذا أن خلقا يحصره و يحويه؟!! و قد قال سبحانه: " و لاصلبنكم في جذوع النخل"، طه71. و قال :" فسيروا في الأرض"، آل عمران 137. بمعنى على و نحو ذلك، و هو كلام عربي حقيقة لا مجازا، و هذا يعلمه من عرف حقائق معاني الحروف و انها متواطئة في الغالب لا مشتركة". اهـ
و قال الدكتور علي محمد الصلابي في كتابه " من عقيدة المسلمين في صفات رب العالمين" (ص83) الطبعة الأولى 1426هـ 2005م طبع دار المعرفة: " معنى كون الله في السماء أي أن الله تعالى على السماء، ففي بمعنى على و ليست للظرفية، لان السماء لا تحيط بالله أو أنه في العلو، فالسماء بمعنى العلو، و ليس المراد بها السماء المبنية." اهـ
لاحظوا و تدبروا جيدا قوله " وليس المراد بها السماء المبنية"!!
و يقول العثيمين في "شرحه على لمعة الإعتقاد" (ص48) " المعنى الصحيح لكون الله في السماء ان الله تعالى على السماء ففي بمعنى على و ليست للظرفية، لأن السماء لا تحيط بالله، أو انه في العلو، فالسماء بمعنى العلو و ليس المراد بها المبنية".انتهى
و قال ابن جبرين في كتاب " الجواب الفائق في الرد على مبدل الحقائق" (ص12):" و أما اهل السنة، فيقولون: إن الله في السماء كما يشاء، و كما في هذه الأية و التي بعدها، و كما وردت به السنة في جملة أحاديث، ولا يقولون إن السماء تحويه أو تحصره تعالى عنذلك علوا كبيرا، بل يقولون إن المراد بالسماء جهة العلو، فإن كل ما علا فهو سماء أو أن المراد : من على السماء، كقوله: "فسيحوا في الرض"، أي عليها." انتهى
أما الجارية الأمية المسكينة التي حار صاحبها لشدة جهلها هل هي مسلمة ام كافرة، فتصوروا ماذا قوّلها العثيمين. يقول في "شرح العقيدة السفارينية" (ص101-102) طبع دار ابن الجوزي بالقاهرة:" و النبي، صلى الله عليه و سلم، أعلم الخلق بالله تعالى. قال للجارية: أين الله؟ قالت : في السماء. فاستفهم بـ "أين" التي يستفهم بها عن المكان، و المراة أجابت بـ "في" الدالة على الظرفية، لكن الظرفية العدمية تعني ما فيه شيء يحيط بالله ما ثم فةق المخلوقات إلا الله...!!".
فهل يتصور عاقل أن تلك الجارية كانت تقصد بقولها في السماء-الظرفية العدمية!!- التي اخترعها ابن تيمية و قلده عليها أتباعه و أنصاره، و هم في حيرة من فهمها و تفهيمها للناس، إذ لا يعقل أن يكون هناك مكان مخلوق لله تعالى و هو في نفس الوقت عدمي غير موجود!! و تصوروا كيف لجارية أن تقصد هذا المعنى عند العثيمين. و لكن لا عجب، فالطائفة امتازت بتحريف النصوص انتصارا للمذهب. بالله عليكم ، هل جارية ترعى الغنم تقصد بقولها جهة عدمية و ظرفية عدمية، هذه الجهة التي لا يفهمها إلا العثيمين و من هم على شاكلته!!
ثم، لماذا يزعم السلفيون انهم لا يؤولون ، و أن النصوص عندهم محمولة على ظاهرها بلا تاويل و لا تعطيل، ثم نجدهم أولوا النصوص الدالة بظاهرها على أن الله في السماء و عطلوها عن معناها، و لم يكتفوا بذلك بل طعموها بعقيدة -الحشو-و أفكار ابن تيمية.
جاء في تعليق الدكتور أحمد بن عطية الغامدي على كتاب"إثبات صفة العلو" للمقدسي (ص87) طبع مكتب العلوم و الحكم المدينة المنورة: " فالله سبحانه في السماء على العرش كما أخبر عن نفسه و كما اخبر نبيه، صلى الله عليه و سلم، و العلو مما تقتضيه الضرورة و الفطرة و بدائة العقول، إلا أن ذلك لا يعني ان الله سبحانه حالا في مخلوقاته، لان الجهة التي أثبتناها لله تعالى غنما هي جهة عدمية لا وجودية، فالجهة إنما هي ثابتة لله تعالى بهذا المعنى".
و هذه من اللحظات النادرة التي يصدق فيها الحشوية. فقوله " لأن الجهة التي أثبتناها لله تعالى" اعتراف صريح أنهم هم الذين أثبتوها لله تعالى، و ليس الله تعالى و لا رسوله، و نحن نقول لهم المسلم ملزم بما اثبته الله لنفسه، و بما أثبته له رسوله، صلى الله عليه و سلم. أما ما اثبته الحشوية لله باعترافهم، فليذهبوا به إلى الجحيم. و يقول الدكتور السلفي خليل هراس في " شرحه على نونية ابن القيم" ج1 (ص215) :" و ينبغي لرجل "السنة" أن لا يستوحش من قراءة هذه الآيات و الحاديث، و لا يتهيب الإستدلال بها على علوه تعالى عن خلقه، لما فيها من إيهام انحصاره تعالى في بعض مخلوقاته على ما "في" من معنى الظرف، لأنا نقول إنها لا تدل على الإنحصار عقلا و لا عرفا و لا لغة، فقد أجمع السلف على أن "في" هنا ليست على معناها من الظرفية، و إنما بمعنى "على" كما في قوله تعالى : "لأصلبنكم في جذوع النخل"، طه 71 . فهي هنا بمعنى الفوق للغتفاق على ان الله لا يحصره و لا يحيط به شيء من خلقه، أو يراد من السماء في الآيات و الأحاديث جهة العلو، و لا شك أن الله في هذه الجهة فله العلو المطلق على سائر خلقه، بحيث لا يكون شيء منها حاصرا له و لا محيطا به، فهو سبحانه ليس في جهة وجودية، من هذه الجهات الواقعة داخل هذا العالم، و لكن الجهات كلها بالنسبة إليه عدمية، فإنه فوق عرشه، و العرش هو الجسم الذي تنتهي به كرة العالم، فالله عز شأنه هناك حيث انتهت جميع المخلوقات، فهو فوقها مباين لها محيط بها، و لا يحيط به شيء منها".اهـ
و هذا تأويل واضح لنصوص الشريعة. و إذا واجهنا الحشوية و قلنا لهم هذا تأويل و انتم تنكرونه، قالوا بل هو تفسير قلنا لا مشاحة في الإصطلاح، المهم ان المضمون واحدو بهذا، يتبين أن أكثر الطوائف الإسلامية تأويلا هم المتمسلفون الحشوية لأنهم أولوا كل آيات و أحاديث المعية، ثم أولوا كل آيات و أحاديث السماء، فزعموا أن ظاهرها ليس مقصودا لله تعالى، و غنما المراد بها على السماء، ثم اختلفوا أين معبودهم بعد ذلك، هل هو على العرش أم على الكرسي أم في مكان عدمي؟ حتى ذهب أبو يعلى الفراء في كتابه "ابطال التأويلات" ج1(ص237) إلى أن معبوده جالس على حوت
حشوي كبير يزعم استقرار الله على حوت!!
روى هذا الحشوي في كتابه عن عبد الله بن الحسين المصيصي قال: دخلت طرطوس، فقيل لي ها هنا امرأة قد رأت الجن الذين وفدوا إلى النبي، صلى الله عليه و سلم. فأتيتها فإذا هي امراة مستلقية على قفاها، فقلت: رأيت أحدا من الجن الذين وفدوا غلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت نعم، حدثني عبد الله سمحج قال قلت: يا رسول الله، أين كان ربنا قبل ان يخلق السموات و الأرض؟ قال: " على حوت من نور يتلجلج في النور". ثم علق أبو يعلى فقال:... و غن كان الخبر غريبا، فإنه يعضده ما تقدم من الأخبار".
هذه عقيدة اسلاف السلفية ، أخذوها عن امراة مستلقية على ظهرها أخذتها عن جني اسمه سمحج!!
قال الحافظ بن حبان في كتابه " المجروحين"2/46 عن راوي هذا الحديث أي عبد الله بن الحسين المصيصي ، قال:" يقلب الأخبار و يسرقها، و لا يجوز الإحتجاج به اذا انفرد"اهـ
بقيت ملاحظة هامة. إذا كان مشايخ السلفية الحشوية و الوهابية أولو كون الله في السماء ، بمعنى على السماء، و قصدوا بعلى السماء المكان العدمي الذي اخترعه خيال ابن تيمية ، فلماذا ينكرون على اهل السنة تأويل ما يجب تأويله ؟ و لماذا ينبزون غيرهم من المؤولة بالجهمية و المعطلة، ما دام انهم غارقون في التأويل؟ فهل التأويل حلال عليهم حرام على غيرهم ؟ و إذا كانوا حملوا الأيات على غير ظاهرها ، أليسوا حسب قواعدهم هم المعطلة حقا!!
كتبه الشيخ شمس الدين بوروبي
بل عقيدتهم في الله تعالى ليست على ظاهرها دليل.ذلك انهم اولو كل آيات
و أحاديث -السماء- أي كل الأيات و الحاديث التي وردت تدل بظاهرها على ان الله في السماء عي عندهم مؤولة بأن معناها ليس هو الظاهر المتبادر إلى الأذهان، و إنما معناها ان الله فوق السماء أطلق عليه ابن تيمية -المكان العدمي- و حتى الجارية العجمية التي من شدة جهلها حار صاحبها هل هي موحدة مسلمة ام وثنية من عباد الأصنام، زعموا انها لما قالت في السماء، حسب رواية مسلم، لم تكن تقصد السماء التي نعرفها و المعهودة لدينا، بل كانت تقصد مكانا عدميا فوق السماء !! و تصوروا جارية سوداء نوبية تفهم في دقائق علم الكلام، و تشير إلى عقيدة ابن تيمية، و تقصد المكان العدمي فوق العرش!! و رغم ذلك ، حار صاحبها، لدرجة لم يعرف هل هي مسلمة أم كافرة!! هكذا ألبس السلفيون النصوص عقيدتهم غصبا و كرها، ثم زعموا انهم ضد التأويل. و ها أنا أذكر نصوصهم حتى لا يتهمنا أحد بالإفتراء عليهم.
قال عثمان بن قائد النجدي في رسالته " نجاة الخلف في اعتقاد السلف"( ص 17): " ليس معنى ذلك أن الله في جوف السماء، و أن السماوات تحصره و تحويه، فإن هذا لم يقله أحد من سلف الأمة و أئمتها، بل هم متفقون على ان الله فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه، ليس في مخلوقاته شيء من ذاته و لا في ذاته شيء من مخلوقاته". أهـ
و قال ابن تيمية في "الفتوى الحموية"( ص 105): " ثم من توهم أن كون الله في السماء، بمعنى أن السماء تحيط به و تحويه، فهو كاذب إن نقله عن غيره، ضال إن اعتقده في ربه، و ما سمعنا أحدا يفهم من اللفظ و لا رأينا احدا نقله عن واحد. ولو سئل سائر المسلمين: هل يفهمون من قول الله و رسوله: "إن الله في السماء"، أن السماء تحويه، لبادر كل أحد منهم أن يقول: هذا شيء لم يخطر ببالنا. و غذا كان المر هكذا، فمن التكلف أن يجعل ظاهر اللفظ شيئا محالا لا يفهمه الناس منه، ثم يريد أن يتاوله، بل عند المسلمين أن الله في السماء و هو على العرش واحد، إذ السماء إنما يراد به العلو، فالمعنى أن الله في العلو لا في السفل. و قد علم المسلمون ان كرسيه سبحانه و تعالى وسع السماوات و الأرض، و أن الكرسي في العرش كحلقة ملقاة بأرض فلاة، و ان العرش خلق من مخلوقات الله، لا نسبة له غلى قدرة الله و عظمته، فكيف يتوهم بعد هذا أن خلقا يحصره و يحويه؟!! و قد قال سبحانه: " و لاصلبنكم في جذوع النخل"، طه71. و قال :" فسيروا في الأرض"، آل عمران 137. بمعنى على و نحو ذلك، و هو كلام عربي حقيقة لا مجازا، و هذا يعلمه من عرف حقائق معاني الحروف و انها متواطئة في الغالب لا مشتركة". اهـ
و قال الدكتور علي محمد الصلابي في كتابه " من عقيدة المسلمين في صفات رب العالمين" (ص83) الطبعة الأولى 1426هـ 2005م طبع دار المعرفة: " معنى كون الله في السماء أي أن الله تعالى على السماء، ففي بمعنى على و ليست للظرفية، لان السماء لا تحيط بالله أو أنه في العلو، فالسماء بمعنى العلو، و ليس المراد بها السماء المبنية." اهـ
لاحظوا و تدبروا جيدا قوله " وليس المراد بها السماء المبنية"!!
و يقول العثيمين في "شرحه على لمعة الإعتقاد" (ص48) " المعنى الصحيح لكون الله في السماء ان الله تعالى على السماء ففي بمعنى على و ليست للظرفية، لأن السماء لا تحيط بالله، أو انه في العلو، فالسماء بمعنى العلو و ليس المراد بها المبنية".انتهى
و قال ابن جبرين في كتاب " الجواب الفائق في الرد على مبدل الحقائق" (ص12):" و أما اهل السنة، فيقولون: إن الله في السماء كما يشاء، و كما في هذه الأية و التي بعدها، و كما وردت به السنة في جملة أحاديث، ولا يقولون إن السماء تحويه أو تحصره تعالى عنذلك علوا كبيرا، بل يقولون إن المراد بالسماء جهة العلو، فإن كل ما علا فهو سماء أو أن المراد : من على السماء، كقوله: "فسيحوا في الرض"، أي عليها." انتهى
أما الجارية الأمية المسكينة التي حار صاحبها لشدة جهلها هل هي مسلمة ام كافرة، فتصوروا ماذا قوّلها العثيمين. يقول في "شرح العقيدة السفارينية" (ص101-102) طبع دار ابن الجوزي بالقاهرة:" و النبي، صلى الله عليه و سلم، أعلم الخلق بالله تعالى. قال للجارية: أين الله؟ قالت : في السماء. فاستفهم بـ "أين" التي يستفهم بها عن المكان، و المراة أجابت بـ "في" الدالة على الظرفية، لكن الظرفية العدمية تعني ما فيه شيء يحيط بالله ما ثم فةق المخلوقات إلا الله...!!".
فهل يتصور عاقل أن تلك الجارية كانت تقصد بقولها في السماء-الظرفية العدمية!!- التي اخترعها ابن تيمية و قلده عليها أتباعه و أنصاره، و هم في حيرة من فهمها و تفهيمها للناس، إذ لا يعقل أن يكون هناك مكان مخلوق لله تعالى و هو في نفس الوقت عدمي غير موجود!! و تصوروا كيف لجارية أن تقصد هذا المعنى عند العثيمين. و لكن لا عجب، فالطائفة امتازت بتحريف النصوص انتصارا للمذهب. بالله عليكم ، هل جارية ترعى الغنم تقصد بقولها جهة عدمية و ظرفية عدمية، هذه الجهة التي لا يفهمها إلا العثيمين و من هم على شاكلته!!
ثم، لماذا يزعم السلفيون انهم لا يؤولون ، و أن النصوص عندهم محمولة على ظاهرها بلا تاويل و لا تعطيل، ثم نجدهم أولوا النصوص الدالة بظاهرها على أن الله في السماء و عطلوها عن معناها، و لم يكتفوا بذلك بل طعموها بعقيدة -الحشو-و أفكار ابن تيمية.
جاء في تعليق الدكتور أحمد بن عطية الغامدي على كتاب"إثبات صفة العلو" للمقدسي (ص87) طبع مكتب العلوم و الحكم المدينة المنورة: " فالله سبحانه في السماء على العرش كما أخبر عن نفسه و كما اخبر نبيه، صلى الله عليه و سلم، و العلو مما تقتضيه الضرورة و الفطرة و بدائة العقول، إلا أن ذلك لا يعني ان الله سبحانه حالا في مخلوقاته، لان الجهة التي أثبتناها لله تعالى غنما هي جهة عدمية لا وجودية، فالجهة إنما هي ثابتة لله تعالى بهذا المعنى".
و هذه من اللحظات النادرة التي يصدق فيها الحشوية. فقوله " لأن الجهة التي أثبتناها لله تعالى" اعتراف صريح أنهم هم الذين أثبتوها لله تعالى، و ليس الله تعالى و لا رسوله، و نحن نقول لهم المسلم ملزم بما اثبته الله لنفسه، و بما أثبته له رسوله، صلى الله عليه و سلم. أما ما اثبته الحشوية لله باعترافهم، فليذهبوا به إلى الجحيم. و يقول الدكتور السلفي خليل هراس في " شرحه على نونية ابن القيم" ج1 (ص215) :" و ينبغي لرجل "السنة" أن لا يستوحش من قراءة هذه الآيات و الحاديث، و لا يتهيب الإستدلال بها على علوه تعالى عن خلقه، لما فيها من إيهام انحصاره تعالى في بعض مخلوقاته على ما "في" من معنى الظرف، لأنا نقول إنها لا تدل على الإنحصار عقلا و لا عرفا و لا لغة، فقد أجمع السلف على أن "في" هنا ليست على معناها من الظرفية، و إنما بمعنى "على" كما في قوله تعالى : "لأصلبنكم في جذوع النخل"، طه 71 . فهي هنا بمعنى الفوق للغتفاق على ان الله لا يحصره و لا يحيط به شيء من خلقه، أو يراد من السماء في الآيات و الأحاديث جهة العلو، و لا شك أن الله في هذه الجهة فله العلو المطلق على سائر خلقه، بحيث لا يكون شيء منها حاصرا له و لا محيطا به، فهو سبحانه ليس في جهة وجودية، من هذه الجهات الواقعة داخل هذا العالم، و لكن الجهات كلها بالنسبة إليه عدمية، فإنه فوق عرشه، و العرش هو الجسم الذي تنتهي به كرة العالم، فالله عز شأنه هناك حيث انتهت جميع المخلوقات، فهو فوقها مباين لها محيط بها، و لا يحيط به شيء منها".اهـ
و هذا تأويل واضح لنصوص الشريعة. و إذا واجهنا الحشوية و قلنا لهم هذا تأويل و انتم تنكرونه، قالوا بل هو تفسير قلنا لا مشاحة في الإصطلاح، المهم ان المضمون واحدو بهذا، يتبين أن أكثر الطوائف الإسلامية تأويلا هم المتمسلفون الحشوية لأنهم أولوا كل آيات و أحاديث المعية، ثم أولوا كل آيات و أحاديث السماء، فزعموا أن ظاهرها ليس مقصودا لله تعالى، و غنما المراد بها على السماء، ثم اختلفوا أين معبودهم بعد ذلك، هل هو على العرش أم على الكرسي أم في مكان عدمي؟ حتى ذهب أبو يعلى الفراء في كتابه "ابطال التأويلات" ج1(ص237) إلى أن معبوده جالس على حوت
حشوي كبير يزعم استقرار الله على حوت!!
روى هذا الحشوي في كتابه عن عبد الله بن الحسين المصيصي قال: دخلت طرطوس، فقيل لي ها هنا امرأة قد رأت الجن الذين وفدوا إلى النبي، صلى الله عليه و سلم. فأتيتها فإذا هي امراة مستلقية على قفاها، فقلت: رأيت أحدا من الجن الذين وفدوا غلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت نعم، حدثني عبد الله سمحج قال قلت: يا رسول الله، أين كان ربنا قبل ان يخلق السموات و الأرض؟ قال: " على حوت من نور يتلجلج في النور". ثم علق أبو يعلى فقال:... و غن كان الخبر غريبا، فإنه يعضده ما تقدم من الأخبار".
هذه عقيدة اسلاف السلفية ، أخذوها عن امراة مستلقية على ظهرها أخذتها عن جني اسمه سمحج!!
قال الحافظ بن حبان في كتابه " المجروحين"2/46 عن راوي هذا الحديث أي عبد الله بن الحسين المصيصي ، قال:" يقلب الأخبار و يسرقها، و لا يجوز الإحتجاج به اذا انفرد"اهـ
بقيت ملاحظة هامة. إذا كان مشايخ السلفية الحشوية و الوهابية أولو كون الله في السماء ، بمعنى على السماء، و قصدوا بعلى السماء المكان العدمي الذي اخترعه خيال ابن تيمية ، فلماذا ينكرون على اهل السنة تأويل ما يجب تأويله ؟ و لماذا ينبزون غيرهم من المؤولة بالجهمية و المعطلة، ما دام انهم غارقون في التأويل؟ فهل التأويل حلال عليهم حرام على غيرهم ؟ و إذا كانوا حملوا الأيات على غير ظاهرها ، أليسوا حسب قواعدهم هم المعطلة حقا!!
كتبه الشيخ شمس الدين بوروبي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق