الخميس، 2 مايو 2013

الله لا تحيط به جهة ولا يحويه مكان


الله لا يحويه مكان ولا تحيط به جهة:
معنى الحديث الذي رواه الترمذي :" قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ 


الرَّحْمٰنُ ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ "وفي رواية اخرى الحديث الذي رواه 


الإمام أحمد "...الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمٰنُ ارْحَمُوا أَهْلَ الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ أَهْلُ السَّمَاءِ " فهذه 


الرواية تفسر الرواية الأولى لأن خير ما يفسر به الحديث الوارد بالوارد كما قال الحافظ العراقي 


في الفيته : وَخَيرُ مَا فَسَّرتَهُ بالوارِدِ .

فالمراد بأهل السماء الملائكة ولا يقال لله أهل السماء ذكر ذلك الحافظ العراقي في اماليه
عقيب هذا


الحديث واستدل بقوله :"أهل السماء" على ان المراد بقوله "من في السماء" الملائكة . 

ثم لو كان الله ساكن السماء كما يزعم البعض لكان الله يزاحم الملائكة وهذا محال . فقد ورد في 


الحديث أن رسول الله قال :" أَطَّتْ السَّمَاءُ وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَّا وَمَلَكٌ 


وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدًا لِلَّهِ " رواه الإمام أحمد .

قال العلامة السندي ( ت 1138 هـ) في حاشيته على مسند أحمد (ج4/297) [(يَرْحَمْكُمْ) بالجزم 


على جواب الأمر، ويمكن الرفع على الاستئناف بمنـزلة التعليل على معنى: يرحمكم إن رحمتم، 


(أَهْلُ السّمَاءِ) أي: سكان السماء من الملائكة الكرام، ورحمتهم بالاستغفار لهم وللدعاء،


وتفسيره 
بالله بعيد] اهـ

ومما يؤيد هذا التفسير قوله تعالى: "يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق 


نعيده وعدا علينا انا كنا فاعلين" - الانبياء

وقوله تعالى: "ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الارض إلا من شاء الله" – 


يقول الامام العز بن عبد السلام في كتابه حل الرموز، ص:2- مخطوطة:

فصل ثم إعلم أرشدك الله أن الله لا يوصف في شيء مما ذكرناه وأشرنا اليه في الأحاديث ولا في غيرها بحلول ولا نزول ولا اتصال ولا انفصال ولا مجانسة ولا ملامسة فاحذر أن تتلجلج في فهمك أو وهمك بشيء من ذلك فتهوي في المهالك والله تعالى بخلاف ذلك وأين الحادث الفاني من القديم الباقي ، وأين العبد الذليل من المولى الجليل ، فإن فهمت من قوله سبحانه " وإذا سألك عبادي عني فإني قريب" ومن قوله تعالى –في الحديث القدسي- من تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا ومن تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا ومن تقرب يمشي أتيته هرولة ، فهذا وأشباهه إن خطر ببالك أو تصورت في خيالك أن ذلك قرب مسافة أو مشي بجارحة أو نزول انتقال فأنت لا شك هالك ، فإن الله بخلاف ذلك ، جل وتنزه عن السلوك في المسالك ، وانما معنى قربه منك وقربك منه أنك تتقرب اليه بالخدمة وهو يتقرب منك بالرحمة ، أنت تتقرب منه بالسجود وهو يتقرب منك بالجود ، أنت تتقرب منه بالطاعة وهو يتقرب منك بالتوفيق والاستطاعة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مخبرا عن ربه جل جلاله أنه قال أفضل ما يتقرب به عبدي الي أداء ما افترضته عليه


يقول الامام البيهقي في كتابه " الاعتقاد والهداية الى سبيل الرشاد (115 -118 ) ما نصه:

أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن الحارث الفقيه أنا أبو محمد بن حيان ثنا أبو جعفر أحمد بن زيرك اليزدي قال سمعت محمد بن عمرو بن النضر النيسابوري يقول سمعت يحيى بن يحيى يقول كنا عند مالك بن أنس فجاء رجل فقال يا أبا عبد الله الرحمن على العرش استوى كيف استوى فأطرق مالك رأسه ثم علاه الرحضاء ثم قال الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة وما أراك إلا مبتدعا فأمر به أن يخرج.
قال الشيخ وعلى مثل هذا درج أكثر علمائنا في مسألة الاستواء وفي مسألة المجيء والإتيان والنزول قال الله عز وجل وجاء ربك والملك صفا صفا وقال هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام
أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله بن بشران ثنا أحمد بن سلمان قال قرئ على سليمان بن الأشعث ح
وأخبرنا أبو علي الروزذباري أنا أبو بكر بن داسة ثنا أبو داود ثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وعن أبي عبد الله الأغر عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ينزل الله عز وجل كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له.
قال رحمه الله وهذا حديث صحيح رواه جماعة من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحاب الحديث فيما ورد به الكتاب والسنة من أمثال هذا ولم يتكلم أحد من الصحابة والتابعين في تأويله على قسمين:
1 منهم من قبله وآمن به ولم يؤوله ووكل علمه إلى الله ونفى الكيفية والتشبيه عنه.
2 ومنهم من قبله وآمن به وحمله على وجه يصح استعماله في اللغة ولا يناقض التوحيد.
وقد ذكرنا هاتين الطريقتين في كتاب الأسماء والصفات في المسائل التي تكلموا فيها من هذا الباب وفي الجملة يجب أن يعلم أن استواء الله سبحانه وتعالى ليس باستواء اعتدال عن اعوجاج ولا استقرار في مكان ولا مماسة لشيء من خلقه لكنه مستو على عرشه كما أخبر بلا كيف بلا أين بائن من جميع خلقه وأن إتيانه ليس بإتيان من مكان إلى مكان وأن مجيئه ليس بحركة وأن نزوله ليس بنقلة وأن نفسه ليس بجسم وأن وجهه ليس بصورة وأن يده ليست بجارحة وأن عينه ليست بحدقة وإنما هذه أوصاف جاء بها التوقيف فقلنا بها ونفينا عنها التكييف فقد قال ليس كمثله شيء وقال ولم يكن له كفوا أحد وقال هل تعلم له سميا.

أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ أنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه ثنا محمد بن بشر بن مطر ثنا الهيثم بن خارجة حدثنا الوليد بن مسلم قال سئل الأوزاعي ومالك وسفيان الثوري والليث بن سعد عن هذه الأحاديث فقالوا: " أمروها كما جاءت بلا كيفية"

عقيدة أهل السنة والجماعة هي تنزيه الله عن مشابهة الخلق قال الله تعالى " ليس كمثله شيء"
وهذه الآية قاعدة عظيمة في علم التوحيد ومعناها ظاهر بوضوح بحيث أنها لا تحتمل معنيين ومعناها أن الله لا يشبه شيئا ولا يشبهه شيء.
وأما ما ورد في القرآن كقوله تعالى عن سفينة نوح "تجري بأعيننا" وقوله تعالى " يد الله فوق أيديهم" وقوله "كلتا يديه يمين" وقوله تعالى "فأينما تولوا فثم وجه الله" ونحو ذلك, وما ورد في الحديث كقوله صلى الله عليه وسلم" ينزل ربنا الى السماء الدنيا فيقول هل من داع فيستجاب له هل من مستغفر فيغفر له" وقوله في حديث الجارية أين الله واجابتها في السماء ... الحديث وقوله صلى الله عليه وسلم "ما تزال جهنم تقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه فتقول قط قط" وقوله تعالى في الحديث القدسي " ...وما يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ...الحديث وحديث "اربعوا على أنفسكم فانكم لا تدعون أصم ولا غائبا إنما تدعون سميعا قريبا هو أقرب الى أحدكم من عنق راحلته..." الحديث" ونحو ذلك فكل ذلك مأول ليس على ظاهره بل له معنى يليق في حق الله .... ومن أخذه على ظاهره فقد قال بتناقض القرآن وضرب بعضه ببعض تعالى الله وتنزه عن ذلك.

وهناك مسلكان لعلماء أهل السنة في هذا المجال:
1- مسلك السلف الصالح اي الغالب عليهم حيث فوضوا معاني هذه الآيات الى الله وقالوا نؤمن بها كما جاءت من غير تحديد معنى تفصيلي لها مع الإجماع على انها ليست على ظاهرها الذي فيه تشبيه.
2- مسلك الخلف وهؤلاء أولوا الآيات بتعيين معان تفصيلية لها وذلك لصرف أذهان العامة عن التشبيه, فأجروا الآيات على معان تليق بالله عز وجل وتوافق قوله تعالى "ليس كمثله شيء" فقالوا اليد تأول بمعنى القدرة والعناية والعهد ,والعين تأول بمعنى العناية والحفظ ,والمعية أما معية العلم أو معية النصرة ,والوجه يأول بالقبلة أو الملك, والاستواء بالاستيلاء وليس بالجلوس ... ونحو ذلك
وأما أخذ الآيات على ظاهرها الذي فيه تشبيه لله بخلقه فهذا لم يقل به أحد من أهل السنة والجماعة ولم تقل به الا الطوائف المنتسبة الى الاسلام صورة والمناقضة له حقيقة كالحشوية والكرامية ونحوهم من مشبهة هذا العصر.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق