الخميس، 25 أبريل 2013

سيدنا بلال يشد الرحال لزيارة روضة النبى صل الله عليه وسلم مع تخريج الرواية






بلال رضي الله عنه
بعد انتقال النبى صل الله عليه وسلم
ذهب بلال رضي الله عنه إلى أبي بكر رضي الله عنه يقول له:
يا خليفة رسول الله، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم- يقول:
أفضل عمل المؤمن الجهاد في سبيل الله...
قال له أبو بكر: (فما تشاء يا بلال؟) قال:أردت أن أرابط في سبيل الله حتى أموت...

قال أبو بكر: (ومن يؤذن لنا؟؟)... قال بلال رضي الله عنه وعيناه تفيضان من الدمع: إني لا أؤذن لأحد بعد رسول الله....
قال أبو بكر: (بل ابق وأذن لنا يا بلال)....

قال بلال رضي الله عنه: إن كنت قد أعتقتني لأكون لك فليكن ما تريد، وان كنت أعتقتني لله فدعني وما أعتقتني له... قال أبو بكر: (بل أعتقتك لله يا بلال) ....
فسافر إلى الشام رضي الله عنهحيث بقي مرابطا ومجاهدا


يقول عن نفسه:
لم أطق أن أبقى في المدينة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان إذا أراد أن يؤذن وجاء إلى"أشهد أن محمدًا رسول الله"تخنقه عَبْرته، فيبكي، فمضى إلى الشام وذهب مع المجاهدين

وبعد سنين رأى بلال رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم- في منامه وهو يقول:

(ما هذه الجفوة يا بلال؟ ما آن لك أن تزورنا؟)... فانتبه حزيناً، فركب إلى المدينة، فأتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم- وجعل يبكي عنده ويتمرّغ عليه، فأقبل الحسن والحسين فجعل يقبلهما ويضمهما فقالا له: (نشتهي أن تؤذن في السحر!)... فعلى سطح المسجد فلمّا قال: (الله أكبر الله أكبر)....


ارتجّت المدينة فلمّا قال: (أشهد أن لا آله إلا الله)... زادت رجّتها فلمّا قال: (أشهد أن محمداً رسول الله)... خرج النساء من خدورهنّ، فما رؤي يومٌ أكثر باكياً وباكية من ذلك اليوم
وعندما زار الشام أمير المؤمنين عمر-رضي الله عنه- توسل المسلمون إليه أن يحمل بلالا رضي الله عنه على أن يؤذن لهم صلاة واحدة، ودعا أمير المؤمنين بلالا رضي الله عنه ، وقد حان وقت الصلاة ورجاه أن يؤذن لها، وصعد بلال وأذن ......

فبكى الصحابة الذين كانوا أدركوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبلال رضي الله عنه يؤذن، بكوا كما لم يبكوا من قبل أبدا، وكان عمر أشدهم بكاء...

وعند وفاته رضي الله عنه تبكي زوجته بجواره، فيقول: 'لا تبكي..

"غداً نلقى الأحبه ... محمداً وصحبه"

تخريج أثر زيارة سيدنا بلال لقبر المصطفى صل الله عليه وسلم 

تمهيد :

أعلم وفقني الله واياك الى ما يحبه ويرضاه ؛ ان الامام الذهبي رحمه الله قد اعترف بإن رجال السند ليس فيهم ضعيف ، ماعدا شخص واحد قال بانه مجهول ..

حيث قال الذهبي في تاريخ الاسلام في ترجمة " إبراهيم بن محمد بن سليمان الشامي " بعد ان ذكر هذه القصة : ( إسناده جيد ما فيه ضعيف ، لكن إبراهيم مجهول ) ..

وبإعتراف الحافظ الذهبي بتوثيق رجال السند كلهم مع جهالة أحدهم فقط ؛ سيكون هذا هو المرتكز الذي سنكمل عليه ان شاء الله ..

فقد كفانا الذهبي مؤنة الكلام عن رجال السند ، فلله دره ..

وسنبدأ ان شاء الله بتخريج الحديث والكلام عنه بإذن المولى الجليل ..


تخريج الأثر :

هذا الاثر أخرجه ابن الاثير في ترجمة " أبو رويحة الخثعمي " ، وأخرجها ايضاً الحافظ ابن عساكر في تاريخه ( 7 / 136 - 137 برقم 493 ) في ترجمة " إبراهيم بن محمد بن سليمان بن بلال " ، ومثله فعل الذهبي حيث اوردها في سير أعلام النبلاء ( 1 / 357 - 358 ) ، وفي تاريخ الاسلام كلهم من طريق : محمد بن الفيض نا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سليمان بن بلال بن أبي الدرداء حدثني أبي محمد بن سليمان عن أبيه سليمان بن بلال عن أم الدرداء عن أبي الدرداء قال لما دخل عمر بن الخطاب الجابية سأل بلال أن يقدم الشام ففعل ذلك قال وأخي أبو رويحة الذي أخى بينه وبيني رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل داريا في خولان فأقبل هو وأخوه إلى قوم من خولان فقال لهم قد جئناكم خاطبين وقد كنا كافرين فهدانا الله ومملوكين فأعتقنا الله وفقيرين فأغنانا الله فأن تزوجونا فالحمد لله وأن تردونا فلا حول ولا قوة إلا بالله فزوجوهما .
ثم إن بلالا رأى في منامه النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول له : " ما هذه الجفوة يا بلال أما ان لك أن تزورني يا بلال ؟ " فانتبه حزينا وجلا خائفا فركب راحلته وقصد المدينة فأتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يبكي عنده ويمرغ وجهه عليه وأقبل الحسن والحسين فجعل يضمهما ويقبلهما فقالا له يا بلال نشتهي نسمع اذانك الذي كنت تؤذنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم في السحر ففعل فعلا سطح المسجد فوقف موقفه الذي كان يقف فيه فلما أن قال ( الله أكبر الله أكبر ارتجت المدينة فلما أن قال ( أشهد أن لا إله إلا الله ) زاد تعاجيجها فلما أن قال ( أشهد أن محمدا رسول الله ) خرج العواتق من خدورهن فقالوا أبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فما رئي يوم أكثر باكيا ولا باكية بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك اليوم )

قال الذهبي في سير أعلام النبلاء بعد ايراده : ( إسناده لين وهو منكر ) !

ولكنه قال في تاريخ الاسلام : ( إسناده جيد ما فيه ضعيف ، لكن إبراهيم مجهول )


قلت : وابراهيم بن سليمان المجهول هذا ؛ قد أورده الحافظ ابن عساكر في تاريخه ، فقال : ( إبرهيم بن محمد بن سليمان بن بلال ابن أبي الدرداء الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو إسحاق .
روى عن : أبيه .
روى عنه : محمد بن الفيض ) اهـ


ثم ختم ترجمته بقوله : ( قال أبو الحسن محمد بن الفيض توفي إبراهيم بن محمد بن سليمان سنة اثنتين وثلاثين ومائتين )
فالرجل لم يرو عنه الا راوٍ واحد فقط


كلام العلماء عن هذا الاثر :

أعلم وفقني الله واياك الى كل خير وفلاح ؛ ان من العجز ان تأتي بطعن العلماء وتهمل قبول الآخرين لهذا الاثر كما يفعل البعض هدانا الله واياهم ..

وفي هذا الفصل سترى كيف ان العلماء قد اعتدُّوا بهذا فجوّدوه تارة ، واستشهدوا به تارة أخرى ..

وهذا ما حاول البعض اخفاءه لحاجة في نفس يعقوب !! ..

وسترون صنيع العلماء وتعاملهم مع هذا الاثر ان شاء الله ..


أولاً : ذكر من جوّد إسنادها من أهل العلم ..
1) منهم الحافظ السبكي في شفاء السقام ( ص 39 ) ، حيث قال : ( روينا ذلك بإسناد جيد وهو نص في الباب ..... )

ثم ذكر الاثر من تاريخ ابن عساكر ، ثم قال : ( وسليمان بن بلال بن أبي الدرداء : روى عن جده وأبيه بلال ، روى عنه ابنه محمد ، وأيوب بن مدرك الحنفي ، ذكر له ابن عساكر حديثا ، ولم يذكر فيه تجريحا ( 1 ) .
وابنه محمد بن سليمان بن بلال : ذكره مسلم في الكنى ( 2 ) ، وأبو بشر الدولابي ( 3 ) ، والحاكم أبو أحمد ، وابن عساكر ( 4 ) ، كنيته أبو سليمان ( 5 ) ، قال ابن أبي حاتم ( 6 ) : سألت أبي عنه فقال : " ما بحديثه بأس " .
وابنه إبراهيم بن محمد بن سليمان أبو إسحاق: ذكره الحاكم أبو أحمد، وقال: كناه لنا محمد بن الفيض، وذكره ابن عساكر، وذكر حديثه، ثم قال: قال ابن الفيض: توفي سنة اثنتين وثلاثين ومائتين ( 7 ) .
ومحمد بن الفيض بن محمد بن الفيض أبو الحسن الغساني الدمشقي: روى عن خلائق، روى عنه جماعة منهم: أبو أحمد بن عدي، وأبو أحمد الحاكم، وأبو بكر ابن المقرئ في معجمه ، ذكره ابن زبر وابن عساكر في التاريخ ( 8 ) ، توفي سنة خمس عشرة وثلاثمائة ، ومولده سنة تسع عشرة ومائتين ، ومدار هذا الإسناد عليه .
فلا حاجة إلى النظر في الإسنادين اللذين رواه ابن عساكر بهما وإن كان رجالهما معروفين مشهورين.
وليس اعتمادنا في الاستدلال بهذا الحديث على رؤيا المنام فقط ، بل على فعل بلال ، وهو صحابي ، لا سيما في خلافة عمر رضي الله عنه ، والصحابة متوافرون ، ولا يخفى عنهم هذه القصة.
ومنام بلال ورؤياه للنبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي لا يتمثل به الشيطان، وليس فيه ما يخالف ما ثبت في اليقظة ، فيتأكد به فعل الصحابي ) انتهى

-------

هامش :

( 1 ) انظر مختصر تاريخ دمشق لابن منظور .

( 2 ) الكنى لمسلم.

( 3 ) قال عنه الدولابي في الكنى : ( أبو سليمان محمد بن سليمان بن أبي الدرداء ، عن سعيد بن عبد العزيز )

( 4 ) انظر تاريخ دمشق لابن عساكر ( 53 / 115 برقم 6411 )

( 5 ) وذكره ابن مندة في الكنى له ، فقال : ( أبو سليمان محمد بن سليمان بن بلال بن أبي الدرداء حدث عن أبيه روى عنه هشام بن عمار وكناه ) .
وذكره ايضاً الذهبي في الكنى له ، برقم ( 2849 ) ، فقال : ( محمد بن سليمان بن بلال بن أبي الدرداء، الدمشقي ، عنه هشام ابن عمار )
قلت : وقد ذكره البخاري في التاريخ الكبير ( 1 / 98 برقم 274 طبعة دار الفكر ، بتحقيق السيد هاشم الندوي ) ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ، وهذا يعني انه محتمل الحديث كما نص على ذلك البخاري نفسه ، فيما نقله الحافظ المتقن ابن يربوع ..
وذكره ابن حبان في الثقات ( 9 / 43 برقم 15085 طبعة دار الفكر الطبعة الأولى ، 1395 - 1975 ، بتحقيق السيد شرف الدين أحمد ) .

( 6 ) انظر الجرح والتعديل ( 7 / 267 برقم 1460 طبعة دار إحياء التراث العربي - بيروت الطبعة الأولى ، 1271 - 1952 ) : ( محمد بن سليمان بن بلال بن ابى الدرداء أبو سليمان . روى عن امه عن جدتها عن النبي صلى الله عليه وسلم روى عنه سليمان بن شرحبيل وهشام ابن عمار سمعت ابى يقول ذلك ، حدثنا عبد الرحمن قال وسألت ابى عنه فقال : " ما بحديثه بأس " )

( 7 ) انظر تاريخ دمشق لابن عساكر ( 7 / 136 - 137 برقم 493 ) .

( 8 ) انظر تاريخ ابن عساكر ( 55 / 96 - 97 - 98 برقم 6910 )
قلت : وقد وثقه الذهبي في سير أعلام النبلاء ( 14 / 427 ) ، فقال : ( محمد بن الفيض ابن محمد بن الفياض المحدث المعمر المسند أبو الحسن الغساني الدمشقي ولد سنة تسع عشرة ومئتين وحدث عن صفوان بن صالح المؤذن وهشام بن عمار وإبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى الغساني ودحيم ومحمد بن يحيى بن حمزة والوليد بن عتبة وأحمد بن أبي الحواري وجده محمد بن فياض وأحمد بن عاصم الأنطاكي وعدة .
حدث عنه موسى بن سهل الرملي مع تقدمه وأبو عمر بن فضالة وجمح بن القاسم وأبو سليمان بن زبر ومحمد بن سليمان الربعي وأبو بكر بن المقرئ وأبو أحمد الحاكم وآخرون .
وهو صدوق إن شاء الله ما علمت فيه جرحا مات في شهر رمضان سنة خمس عشرة وثلاث مئة وكان صاحب حديث ومعرفة .... )


*****



2) الشوكاني في نيل الأوطار ( 5 / 156 طبعة إدارة الطباعة المنيرية ) ، حيث قال : ( وقد رويت زيارته صلى الله عليه وآله وسلم عن جماعة من الصحابة منهم بلال عن ابن عساكر بسند جيد ، وابن عمر عند مالك في الموطأ وأبو أيوب عند أحمد وأنس ذكره عياض في الشفاء وعمر عند البزار وعلي عليه السلام عند الدارقطني وغير هؤلاء ولكنه لم ينقل عن أحد منهم أنه شد الرحل لذلك إلا عن بلال لأنه روى أنه رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو بداريا يقول له : " ما هذه الفجوة يا بلال أما آن لك أن تزورني ؟ " .
روى ذلك ابن عساكر ) اهـ


3) محمد يوسف الصالحي الشامي في سبل الهدى والرشاد ، في سيرة خير العباد ( 12 / 359 ) ، حيث قال : ( وروى ابن عساكر بسند جيد عن بلال أنه ... )


4) السمهودي في خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى في الباب الثاني في فضل الزيارة والمسجد النبوي ومتعلقاتهما - الفصل الاول ، حيث قال : ( ..... وروى ابن عسكر بسند جيد عن أبي الدرداء رضي الله عنه قصة نزول بلال بن رباح بداريا .... )


ثانياً : ذكر من استشهد بهذه القصة وأقرها من أهل العلم :


1) منهم الحافظ عبد الغني في كتابه " الكمال " في ترجمة سيدنا بلال ، حيث قال : ( لم يؤذن لأحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم فيما روي الا مرة واحدة في قدمة قدمها المدينة لزيارة النبي صلى الله عليه وسلم طلب اليه الصحابة ذلك فأذن ولم يتم الاذان ، وقيل انه اذن لابي بكر الصديق رضي الله عنه في خلافته )
انتهى النقل من شفاء السقام من الباب الثالث على هذا الرابط :


http://www.hakikatkitabevi.com/displ...&KID=11&SID=63




2) الامام النووي في تهذيب الاسماء ( 1 / 144 ) ، حيث قال : ( وكان بلال يؤذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم حياته سفرا وحضرا، وهو أول من أذن فى الإسلام.
ولما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى الشام للجهاد، فأقام بها إلى أن توفى، وقيل: إنه أذن لأبى بكر الصديق، رضى الله عنه، مدته، وأذن لعمر، رضى الله عنه، مرة حين قدم عمر الشام، فلم ير باك أكثر من ذلك اليوم ، وأذن فى قدمة قدمها إلى المدينة لزيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم طلب ذلك منه الصحابة، فأذن ولم يتم الأذان ) انتهى

3) ابو بكر الحصني في رده على ابن تيميه في كتابه دفع شبه من شبه وتمرد ( ص 103 - 104 طبعة المكتبة الأزهرية للتراث - القاهرة ، بتحقيق محمد زاهد بن الحسن الكوثري )


4) وابن الضياء في تاريخ مكة المشرفة والمسجد الحرام ، فقال بعد ان ذكر القصة : ( ذكره ابن عساكر في ترجمة بلال .
وليس الاعتماد في الاستدلال بهذا الحديث على رؤيا المنام فقط ، بل على فعل بلال وهو صحابي لا سيما في خلافة عمر رضي الله عنه ، والصحابة متوافرون ولا تخفى عنهم هذه القصة ، فسفر بلال في زمن صدر الصحابة لم يكن إلا للزيارة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك إبراد عمر بن عبد العزيز البريد من الشام في زمن صدر التابعين فلا يقل من لا علم له: إن السفر لمجرد الزيارة ليس بسنة.
وأنشد بعضهم:

تمام الحج أن تقف المطايا ... على ليلى وتقرئها السلاما ) .

5) ابن الاثير في اسد الغابة حيث أخرجها مسنده ( 1 ) مستشهداً بها على صحبة أبو رويحة الخثعمي ، فقال : ( أَبو رويحَة ، عَبد الله بن عبد الرحمن الخثعمي، أَخو بلال بَن رباح، آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما.
له صحبة، نزل الشام ، ولست أَقف على اسمه ونسبه ، قاله أَبو موسى عن الحاكم أَبي أَحمد. قال أَبو موسى: وقد ذكره أَبو عبد الله - يعني ابن منده - وقال: هو أَخو بلال، له صحبة.
أَخبرنا محمد بن أَبي الفتح بن الحسن الواسطي النقاش، أَخبرتنا زينب بنت عبد الرحمن الشعري، أَخبرنا زاهر الشحامي، أَخبرنا أَبو سعد، أَخبرنا الحاكم أَبو أَحمد، أَخبرنا أَبو الحسن محمد بن العميص - الصحيح محمد بن الفيض - الغساني، أَنباأنا أَبو إِسحاق إِبراهيم بن محمد بن سليمان بن بلال، عن أُم السرداءِ عن أَبي الدرداءِ قال : لما رحل عمر بن الخطاب من فتح بيت المقدس فصار إلى الجابية ، سأله بلال أن يقِره بالشام ، ففعل ذلك .
قال: وأَخي أَبو روَيحة ، آخى بيني وبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فنزل دَاريا في خولان ، فأقبل هو وأَخوه إِلى حي من خولان فقالا لهم : أَتيناكم خاطبين ، قد كنا كافرين فهدانا الله عز وجل ، ومملوكين فأعتقنا عز وجل ، وفقيرين فأغنانا الله عز وجل ، فإِن تزوجونا فالحمد لله ، وإن تردونا فلا حول ولا قوة إِلابالله ، فزوجوهما.
أَخرجه أَبو موسى ، وقال: " أورده أَبو عبد الله في كتاب الكنى " ، وليس فيما عندنا من نسخ كتاب أَبي عبد الله في الصحابة في الكنى ترجمة لأَبي روَيحة، فإن كان أبو عبد الله صنف كتاباً في الكنى ولم نره فيمكن ..
أبو رويحة الفزعي ) انتهى ..

قلت : وهذا دليل واضح من تأييد ابن الاثير لهذه القصة التي بها يستدل على صحبة " أَبو رويحَة " ..

ومنه ايضاً نستخلص بإن ابي أحمد الحاكم شيخ الامام الحاكم قد اثبت صحبة الرجل " أبو رويحة الخثعمي " من هذه الطريق ! ، يعني من طريق " إبراهيم بن محمد بن سليمان " ! ، وهذا دليل منه على قبول روايته هذه التي ينكرها الوهابية ..


6) أبو أحمد الحاكم كما مرّ ، حيث اثبت صحبته من هذه الطريق ، حيث قال ابن الاثير : ( .... أَخو بلال بَن رباح، آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما.
له صحبة ، نزل الشام ، ولست أَقف على اسمه ونسبه ، قاله أَبو موسى عن الحاكم أَبي أَحمد ) اهـ .


وقبول روايته يترتب عليها صحبة الرجل عنده ! ، ورد روايته يترتب عليها رد صحبته ..

بل ان الحافظ ابن حجر في الاصابة حاول اثبات صحبته من طريق آخر فلم يجد ، فقال : ( أبو رويحة الخثعمي: آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين بلال المؤذن ويقال اسمه عبد الله بن عبد الرحمن الخثعمي.
وأبو رويحة لم يسند عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثاً ثم ساق من طريق محمد بن إسحاق قال: آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه فكان بلال مولى أبي بكر مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو رويحة عبد الله بن عبد الرحمن الخثعمي أخوين فلما دون عمر الديوان بالشام قال لبلال: إلى من تجعل ديوانك؟ قال مع أبي رويحة لا أفارقه أبداً للأخوة المذكورة فضمه إليه وضم ديوان الحبشة إلى خثعم لمكان بلال فهم مع خثعم بالشام إلى اليوم.
وقال أبو أحمد الحاكم : له صحبة ولست أقف على اسمه.
قال أبو موسى: وقد ذكره أبو عبد الله بن منده في " الكنى " وليس فيما عندنا من كتابه في الصحابة ثم ساق من طريق أبي أحمد الحاكم قال حدثنا أبو الحسن محمد بن العيص الغساني حدثنا إبراهيم بن محمد بن سليمان عن أم الدرداء عن أبي الدرداء قال لما رجع عمر من فتح بيت المقدس وسار إلى الجابية سأله بلال أن يقره بالشام ففعل فقال وأخي أبو رويحة آخى بيننا النبي صلى الله عليه وسلم فنزل داريا في بني خولان فأقبل هو وأخوه إلى حي من خولان فقال: أتيناكم خاطبين قد كنا كافرين فهدانا الله عز وجل ومملوكين فأعتقنا الله عز وجل وفقيرين فأغنانا الله عز وجل فإن تزوجونا فالحمد لله وإن تردونا فلا حول ولا قوة إلا بالله فزوجوهما.
وقال أبو عمر: روى عن أبي رويحة قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فعقد لي لواء وقال " اخرج فناد: من دخل تحت لواء أبي رويحة فهو آمن " .
قلت ( الحافظ ) : وهذا تقدم في ترجمة ربيعة بن السكن وفرق أبو موسى بين الفزعي والخثعمي وتعقبه ابن الأثير بأن الفزع بطن من خثعم وهو الفزع بن شهران بن عفرس بن حلف بن أفتل وهو خثعم وفاته أن الأول اسمه ربيعة بن السكن وأخو بلال اسمه عبد الله بن عبد الرحمن وقد ذكرت في ترجمته ما يدل على أنه غير من آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين بلال. وقد أورد ابن عساكر حديث الفزعي في ترجمة الخثعمي فكأنهما عنده واحد. والله أعلم ) انتهى .

فنستفيد من هذا الكلام الذي مر : ان ابو أحمد الحاكم شيخ الامام الحاكم قد اثبت صحبة الرجل " أبو رويحة الخثعمي " من هذه الطريق ! ، يعني من طريق " إبراهيم بن محمد بن سليمان " ! ، وهذا دليل منه على قبول روايته هذه التي ينكرها الوهابية ..

وكذلك فعل ابن الاثير ! ، حيث اثبت صحبة " أبو رويحة الخثعمي " من طريق " إبراهيم بن محمد بن سليمان " ..

وهذا منهما تأيداً لهذه الرواية ..


فتنبه لهذا !!

قلت : وقال الذهبي في تاريخ الاسلام في ترجمة " إبراهيم بن محمد بن سليمان الشامي " : ( مجهول ، لم يروِ عنه غير محمد بن الفيض الغسّاني ، وذكر أنه توفي سنة اثنتين وثلاثين ومائتين.
قال أبو أحمد الحاكم : نا ابن الفيض، نا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سليمان بن بلاد بن أبي الدرداء: حدثني أبي، عن أبيه سليمان، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء قال لما دخل عمر الشام سأله بلال أن يقره به، ففعل ونزل دارياً. ثم إنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول " له: ما هذه الجفوة يا بلال؟ " أما آن لك أن تزورني، فانتبه حزيناً وركب راحلته وقصد المدينة، فأتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل يبكي عنده ويمرّغ وجهه عليه. فأقبل الحسن والحسين، فضمهما وقبلهما، فقالا: نشتهي أن نسمع أذانك. ففعل، وعلا سطح المسجد، ووقف موقفه الذي كان يقف فيه، فلما أن قال: الله أكبر الله أكبر ارتجت المدينة. فلما أن قال: أشهد أن لا إله إلا الله ازدادت رجتها، فلما أن قال: أشهد أن محمداً رسول الله. خرج العواتق من خدورهن، وقبل: بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم. فما رُؤي يوم أكثر باكياً بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك اليوم ) .

ثم قال الذهبي : ( إسناده جيد ما فيه ضعيف ، لكن إبراهيم مجهول )



وأما قول الحافظ في لسان الميزان عن هذه القصة في ترجمة " إبراهيم بن محمد بن سليمان بن بلال بن أبي الدرداء " : ( ... وهي قصة بينة الوضع ) !

فكلام غريب ! ..

فكيف يحكم على هذه القصة بالوضع وليس في اسنادها وضاع ؟؟

ولو انه انكر متنها لكان الاجدر ان يقول : ( وهي قصة منكرة ) ..

واما الحكم عليها بالوضع فليس بسديد ويخالف قواعد المصطلح ..

وأظن أن هذا سبق قلم من الحافظ ليس الا ..

فثبت ولله الحمد ان " إبراهيم بن محمد بن سليمان بن بلال بن أبي الدرداء " قد قبل أهل العلم روايته هذه في كتبهم ، لانها مرتبطه بإثبات صحبة " أبو رويحة الخثعمي " ، ونفيها يوقعهم في حرج من هذا كما حدث للحافظ في الاصابة حيث لم يتكلم عن هذا الاسناد كما فعل في اللسان ، لان الامر هنا مختلف تماماً ..


وبهذا فقد أحسن العلماء عندما جوّدوا اسنادها كما فعل : الحافظ السبكي ، الشوكاني ، السمهودي ، ومحمد يوسف الصالحي .

أو اللذين قبلوها كما فعل : ابو أحمد الحاكم ، وابن الاثير ، والامام النووي ، وعبد الغني المقدسي ، وابو بكر الحصني ، وابن الضياء .

فرحم الله جميع موتى المسلمين ، ورضي الله عن هؤلاء الائمة الاعلام جميعاً ..



تنبيه :

يحاول البعض اعلال الرواية بـ (محمد بن سليمان بن بلال ) ! .

وهذا ليس بسديد ..

فقد اغتروا بقول ابن عبد الهادي عنه في الصارم المنكي ( ص 320 ) : ( رجل غير معروف ، بل هو مجهول الحال قليل الرواية، لم يشتهر بحمل العلم ونقله ، ولم يوثقه أحد من الأئمة فيما علمناه ، ولم يذكر له البخاري ترجمة في كتابه، وكذا ابن أبي حاتم، ولا يعرف له سماع من أم الدرداء ) اهـ

وهذا تقصير فاضح من ابن عبد الهادي رحمه الله ..

فالرجل قد وثقه ابو حاتم الرازي في الجرح والتعديل ، فقال فيه : ( ما بحديثه بأس ) اهـ ( 2 )

وبهذا فقد خرّ السقف على القوم ولم تبقى لهم حجة في هذا ..

فرحم الله أمرىء عرف قدر نفسه ..



وهذا آخر ما تيسر لنا في الحديث عن هذا الاثر ، والله ولي التوفيق ..

فإن أصبت فمن الله وحده ، وان أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان ..


وكتبه الفقير الى مولاه الجليل محمد اليافعي سامحه الله ..
وتم الانتهاء منه في الأحد 4 من شهر ربيع الأول 1430 لهجرة سيد المرسلين ، وخير خلق الله أجمعين ،
-----

هامش :

1 ) وقد ذكرها ايضاً ابن الاثير في أسد الغابة ( 1 / 244 - 245 ) بلاسند ترجمة بلال مستشهداً بها ولم يعلق عليها ، فقال : ( ثم إن بلالاً رأى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه وهو يقول‏:‏ ‏"‏ما هذه الجفوة يا بلال‏؟‏ ما آن لك أن تزورنا‏"‏ فانتبه حيزناً، فركب إلى المدينة فأتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وجعل يبكي عنده ويتمرغ عليه، فأقبل الحسن والحسين، فجعل يقبلهما ويضمهما، فقالا له‏:‏ نشتهي أن تؤذن في السحر، فعلا سطح المسجد، فلما قال‏:‏ ‏"‏الله أكبر، الله أكبر‏"‏ ارتجت المدينة، فلما قال‏:‏ ‏"‏أشهد أن لا إله إلا الله‏"‏ زادت رجتها، فلما قال‏:‏ ‏"‏أشهد أن محمداً رسول الله‏"‏ خرج النساء من خدورهن فما رئي يوم أكثر باكياً وباكية من ذلك اليوم‏. ) اهـ


( 2 ) انظر الجرح والتعديل ( 7 / 267 برقم 1460 طبعة دار إحياء التراث العربي - بيروت الطبعة الأولى ، 1271 - 1952 ) : ( محمد بن سليمان بن بلال بن ابى الدرداء أبو سليمان . روى عن امه عن جدتها عن النبي صلى الله عليه وسلم روى عنه سليمان بن شرحبيل وهشام ابن عمار سمعت ابى يقول ذلك ، حدثنا عبد الرحمن قال وسألت ابى عنه فقال : " ما بحديثه بأس " )

وذكره ابن حبان في الثقات ( 9 / 43 برقم 15085 طبعة دار الفكر الطبعة الأولى ، 1395 - 1975 ، بتحقيق السيد شرف الدين أحمد ) .

وترجم له البخاري في التاريخ الكبير ( 1 / 98 برقم 274 طبعة دار الفكر ، بتحقيق السيد هاشم الندوي ) ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ، وهذا يعني انه محتمل الحديث عنده كما نص على ذلك البخاري نفسه ، فيما نقله الحافظ المتقن ابن يربوع ..


وقد ترجم له الحافظ ابن عساكر في تاريخه ( 53 / 115 - 116 - 117 برقم 6411 ) ، فقال : ( محمد بن سليمان بن بلال بن أبي الدرداء عويمر بن زيد بن قيس أبو سليمان الأنصاري من أهل دمشق روى عن أبيه سليمان وأمه وإبراهيم بن صالح القرشي وسعيد بن عبد العزيز روى عنه عبد الرحمن بن يحيى بن إسماعيل بن عبيد الله وهشام بن عمار وسليمان بن عبد الرحمن وأبو حسان الحسن بن عثمان الزيادي وابنه إبراهيم بن محمد بن سليمان بن بلال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل وأبو محمد هبة الله بن سهل بن عمر قالا أنبأنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن أنبأنا الحاكم أبو أحمد الحافظ أنبأنا محمد بن محمد ابن سليمان حدثنا هشام بن عمار حدثنا محمد بن سليمان بن أبي الدرداء حدثنا إبراهيم ابن صالح القرشي عن أبيه أن ابن عباس أوصى رجلا فقال لا تتكلم بما لا يعنيك فإن ذلك فضل ولست آمن فيه عليك الوزر ودع الكلام في كثير مما يعنيك حتى تجد له موضعا فرب متكلم في غير موضعه قد عنت لا تمارين حليما ولا سفيها فإن الحليم يغلبك وإن السفيه يؤذيك واذكر أخاك إذا توارى عنك بما تحب إذا تواريت عنه ودعه مما يحب أن يدعك منه فإن ذلك العدل واعمل عمل امرئ يعلم أنه مجزي بالإحسان مأخوذ بالإجرام أخبرناه أبو الحسن الفرضي وعلي بن زيد قالا أنبأنا أبو الفتح نصر بن إبراهيم زاد الفرضي وعبد الله بن عبد الرزاق قالا أنبأنا أبو الحسن بن عوف أنبأنا أبو علي بن منير أنبأنا أبو بكر بن خريم حدثنا هشام بن عمار حدثنا محمد بن سليمان فذكر نحوه وقال إذا توارى عنك بما تحب أن يذكرك إذا تواريت عنه أنبأنا أبو الغنائم بن النرسي ثم حدثنا أبو الفضل أنبأنا أبو الحسين بن الطيوري وأبو الغنائم واللفظ له قالا أنبأنا أبو أحمد الواسطي أنبأنا أبو بكر الشيرازي أنبأنا أبو الحسن المقرئ أنبأنا البخاري ( انظر التاريخ الكبير ( 1 / 98 برقم 274 طبعة دار الفكر ، بتحقيق السيد هاشم الندوي ) قال : محمد بن سليمان بن بلال بن أبي الدرداء أبو سليمان الأنصاري سمع أمه عن جدتها قالت قالوا يا رسول الله هل يضر الغبط قال نعم كما يضر الشجرة الخبط قاله لي هشام بن عمار أنبأنا أبو الحسين القاضي وأبو عبد الله الأديب قالا أنبأنا عبد الرحمن بن محمد أنبأنا حمد إجازة ح قال وأنبأنا أبو طاهر أنبأنا علي قالا أنبأنا ابن أبي حاتم ( انظر الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ( 7 / 267 برقم 1460 طبعة دار إحياء التراث العربي - بيروت الطبعة الأولى ، 1271 - 1952 ) قال محمد بن سليمان بن بلال بن أبي الدرداء أبو سليمان روى عن أمه عن جدتها عن النبي صلى الله عليه وسلم روى عنه سليمان بن شرحبيل وهشام بن عمار سمعت أبي يقول ذلك سألت أبي عنه فقال : " ما بحديثه بأس " .
أخبرنا أبو بكر محمد بن العباس أنبأنا أحمد بن منصور بن خلف أنبأنا أبو سعيد بن حمدون أنبأنا مكي بن عبدان قال سمعت مسلما يقول أبو سليمان محمد بن سليمان بن بلال بن أبي الدرداء سمع أمه روى عن هشام بن عمار قرأت على أبي الفضل بن ناصر عن جعفر بن يحيى أنبأنا أبو نصر الوائلي أنبأنا الخصيب بن عبد الله أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن أخبرني أبي قال أبو سليمان محمد بن سليمان بن أبي الدرداء قرأنا على أبي الفضل أيضا عن أبي طاهر بن أبي الصقر أنبأنا هبة الله بن إبراهيم بن عمر أنبأنا أبو بكر المهندس حدثنا أبو بشر الدولابي قال أبو سليمان محمد بن سليمان بن أبي الدرداء عن سعيد بن عبد العزيز أنبأنا أبو جعفر محمد بن أبي علي أنبأنا أبو بكر الصفار أنبأنا أحمد بن علي بن منجوية أنبأنا أبو أحمد الحاكم قال أبو سليمان محمد بن سلميان بن بلال بن أبي الدرداء الأنصاري سمع أمه عن جدتها وأبي الدرداء حديثه في الشاميين روى عنه هشام بن عمار )

*****

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق