السبت، 20 أبريل 2013

الإستواء

تحقيق القول في الاستواء
[1] المرصد الثاني: وفيه الجواب عن الادعاء الثاني لابن تيمية وهو:

 أن من قال بأن الاستيواء يأتي بمعنى الاستيلاء لغة، اعتمد على بيت مصنوع أنكره أهل اللغة.
وفي ذلك يقول ابن تيمية في مجموع الفتاوى (5/ 146): "أنه لم يثبت أن لفظ استوى في اللغة بمعنى استولى ؛ إذ الذين قالوا ذلك عمدتهم البيت المشهور: ثم استوى بشر على العراق ...... وكان غير واحد من أئمة اللغة أنكروه وقالوا : إنه بيت مصنوع لا يعرف في اللغة "
قلنا: أما أنه لم يثبت أن استوى يأتي بمعنى استولى: فقد أجبنا عنه، وسقنا واحدا وعشرين نصا عن أئمة أهل اللغة يثبت هذا الذي نفاه ابن تيمية، هذا فضلا عن إقرار ابن عبد الوهاب والشوكاني بذلك.

وهنا نجيب عن دعواه الثانية وهي أن من قال بذلك اعتمد على بيت مصنوع أنكره بعض أهل اللغة.

وهذه الدعوى تضمنت أمرين، الأول: أن ما قال بذلك اعتمد على بيت واحد من الشعر، والثاني: أن هذا البيت مصنوع أو مكذوب.

وهذا المرصد مخصص للجواب عن الأمر الأول، فنقول لا نسلم أن من قال بأن الاستواء يأتي بمعنى الاستيلاء اعتمد على بيت واحد، بل اعتمدوا على أربعة أبيات شعرية، بالإضافة إلى شواهد نثرية أخرى؛ وإليك الأبيات والشواهد الأربعة:

الشاهد الأول: قول الشاعر:

هما استويا بفضلهما جميعا -- على عرش الملوك بغير زور[1]

الشاهد الثاني: قول الشاعر

فلما علونا واستوينا عليهم -- تركناهم صرعى لنسر وكاسر[2]

والشاهد الثالث[3]: وهو بيت مشهور يُنسب للأخطل حيث يقول:

قد استوى بشر على العراق من غير سيف ودم مهراق[4]
الشاهد الرابع: قول الشاعر:
إذا ما غزى قومًا أباح حريمهم -- وأضحى على ما ملكوه قد استوى[5]

فهذه أربعة شواهد شعرية تدل على أن الاستواء يأتي بمعنى الاستيلاء، فكيف يقال إنهم اعتمدوا على بيت واحد؟!

فإذا كان ابن تيمية ومن تبعه لا يقنعون، وينكرون أن الاستواء يأتي في اللغة بمعنى الاستيلاء على الرغم من أن هذا نص عليه واحد وعشرون إماما من أئمة اللغة، وعلى الرغم من أنهم استدلوا على ذلك بأربعة أبيات من الشعر سوى النثر..... فهذا لا يعود بالضررعلينا فحسب بل يضر مذهبَ ابن تيمية أكثر، إذ.....انتظره.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] أورده أبو حيان الأندلسي في البحر المحيط (4 / 310)، وابن الجوزي في كتابه زاد المسير في علم التفسير (3 / 213) ولكن قال ابن الجوزي عن هذا البيت وبيت الأخطل: "وهذا منكر عند اللغويين". وسيأتي الكلام على هذا.

[2] وقد استدل به جماعة من العلماء على أن الاستواء يأتي بمعنى الاستيلاء، انظر: اللباب في علوم الكتاب لابن عادل الحنبلي (1 / 489)، وتفسير البحر المحيط لأبي حيان (1 / 280)، وروح المعاني للآلوسي (1 / 215)، والجامع لأحكام القرآن، للإمام القرطبي، ط/ الرسالة - (4 / 279)، والدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي(1 / 110)، وفتح القدير 1/272 للشوكاني، جواب أهل السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والزيدية لابن عبد الوهاب (ص: 187).

[3] وهذا هو البيت الذي ادعى ابن تيمية أن أصحابنا اعتمدوا عليه فقط، وهو عينه الذي قال عنه إنه بيت مصنوع،

 وسيأتي الجواب عن ذلك.

[4] الدر المصون في علم الكتاب المكنون (1 / 110)، المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - (1 / 101)، تاج العروس من جواهر القاموس - (38 / 331)، الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية للجوهري - (8 / 301)، لسان العرب لابن منظور (3 / 2163)

[5] انظر كتاب: دفع شبه التشبيه، لابن الجوزي ص121.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق