الاثنين، 22 أبريل 2013

لولاك ما خلقت الأفلاك


حكم قول: (لولاك ما خلقت الأفلاك)

في حق النبي صلى الله عليه وآله وسلم
دراسة تأصيلية

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن ولاه ومن اتبع هداه وبعد:
فقد اشتهر على ألسنة الناس في حق النبي صلى الله عليه وآله وسلم قولهم: (لولاك ما خُلقت الأفلاك) ونحوها من العبارات فما صحة مثل هذه العبارات؟ هذه الرسالة تجيب عن هذا السؤال بشيء من التفصيل
وقد جعلت الموضوع في مبحثين:
المبحث الأول: في الأحاديث الواردة في المسألة
والمبحث الثاني: في أقوال أهل العلم في المسألة

المبحث الأول
الأحاديث الواردة في المسألة
1-حديث سلمان رضي الله عنه :
في تاريخ ابن عساكر 3/518 : ( أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن أيوب بن يوسف بن الحسين بن وهرة الهمذاني بمرو نا السيد أبو المعالي محمد بن محمد بن زيد الحسيني إملاء بأصبهان
ح وأخبرنا أبو محمد بن طاووس أنا أبو القاسم بن أبي العلاء قالا أنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله بن عبد الله السمسار أنا حمزة بن محمد الدهقان نا محمد بن عيسى بن حبان المدائني نا محمد بن الصباح أنا علي بن الحسين الكوفي عن إبراهيم بن أليسع عن أبي العباس الضرير عن الخليل بن مرة عن يحيى عن زاذان عن سلمان : قال حضرت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم فإذا أعرابي جاء في راحل بدوي قد وقف علينا فسلم فرددنا عليه فقال: يا قوم أيكم محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنا محمد رسول الله
فقال الأعرابي : إني والله قد آمنت بك قبل أن أراك وأحببتك قبل أن ألقاك وصدقتك قبل أن أرى وجهك ولكني أريد أن أسألك عن خصال, فقال: سل عما بدا لك, فقال: فداك أبي وأمي أليس الله جل وعز كلم موسى؟ قال: بلى؟ قال: وخلق عيسى من روح القدس؟ قال: بلى, قال: واتخذ إبراهيم خليلا واصطفى آدم؟ قال: بلى, قال: بأبي أنت وأمي أيش أعطيت من الفضل؟
فأطرق النبي صلى الله عليه وآله وسلم فهبط عليه جبريل فقال : الله يقرئك السلام وهو يسألك عما هو أعلم به منك الله يقول يا حبيبي لم أطرقت رأسك؟ رد علي وقال ابن طاوس ارفع رأسك ورد على الأعرابي زاد ابن طاوس جوابه قالا وقال: أقول ماذا يا جبريل قال الله يقول : إن كنت قد اتخذت إبراهيم خليلا فقد اتخذتك من قبل حبيبا
وإن كنت قد كلمت موسى في الأرض فقد كلمتك زاد ابن طاوس (وأنت) وقالا: معي في السماء والسماء أفضل من الأرض
وإن كنت خلقت عيسى من روح القدس فقد خلقت اسمك من قبل أن أخلق الخلق بألفي سنة ولقد وطئت في السماء موطأ لم يطأه أحد قبلك ولا يطأه أحد بعدك
وإن كنت اصطفيت آدم فبك ختمت الأنبياء ولقد خلقت مائة ألف نبي وأربعة وعشرين ألف نبي ما خلقت خلقا أكرم علي منك ومن يكون أكرم علي وقال ابن طاوس: عندي منك وقد أعطيتك الحوض والشفاعة والناقة والقضيب والميزان والوجه الأقمر والجمل الأحمر والتاج والهراوة والحجة والعمرة والقرآن وفضل شهر رمضان والشفاعة كلها لك حتى ظل عن شيء([1]) في القيامة على رأسك ممدود وتاج الحمد على رأسك معقود ولقد قرنت اسمك مع اسمي فلا أذكر في موضع حتى تذكر معي, ولقد خلقت الدنيا وأهلها لأعرفهم كرامتك, وزاد يوسف عليه وقال: ومنزلتك عندي ولولاك يا محمد ما خلقت الدنيا ) اه
ورواه ابن الجوزي فقال : ( أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك ومحمد بن ناصر الحافظان وموهوب بن أحمد اللغوى وعمر بن ظفر المقرى وعبد الخالق بن أحمد اليوسفي قالوا أنبأنا أبو بكر أحمد بن المظفر بن سوسن قال أنبأنا أبو القاسم عبدالرحمن بن عبيدالله الحرقى قال أنبأنا أبو أحمد حمزة بن العباس الدهقان قال حدثنا محمد بن عيسى بن حيان المدايني المعروف بأبى السكين قال حدثنا محمد بن الصباح قال أنبأنا على بن الحسن الكوفى عن إبراهيم بن اليسع عن أبى العباس الضرير عن الخليل بن مرة عن يحيى البصري عن زاذان عن سلمان ... ) اه الموضوعات 1/288
وهذا الحديث لا يصح قال ابن الجوزي بعد روايته : (هذا حديث موضوع لا شك فيه، وفى إسناده مجهولون وضعفاء، والضعفاء أبو السكين وإبراهيم بن اليسع) اه, وأورده ابن عراق في تنزيه الشريعة 1/324, وقال الصالحي في سبل الهدى والرشاد (1/75): (رواه ابن عساكر وسنده واه جدا)
2-حديث ابن عباس رضي الله عنه :
في مسند الفردوس 2/227 : عن ابن عباس مرفوعا : ( يقول الله عز وجل : وعزتي وجلالي لولاك ما خلقت الجنة ولولاك ما خلقت الدنيا ) اه
قال القارئ في الأسرار المرفوعة 1/295: ( حديث لولاك لما خلقت الأفلاك ) قال الصغاني إنه موضوع كذا في الخلاصة, لكن معناه صحيح فقد روى الديلمي عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا : أتاني جبريل فقال: يا محمد لولاك ما خلقت الجنة ولولاك ما خلقت النار, وفي رواية ابن عساكر: لولاك ما خلقت الدنيا ) اه
وقال صاحب كشف الخفاء 1/46 : ( أتاني جبريل فقال: يا محمد لولاك ما خلقت الجنة ولولاك لما خلقت النار ) رواه الديلمي عن ابن عمر (كذا قال ولعله ابن عباس)

3-حديث عمر رضي الله عنه :
في المستدرك 2/672 : ( حدثنا أبو سعيد عمرو بن محمد بن منصور العدل حدثنا أبو الحسن محمد بن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي حدثنا أبو الحارث عبد الله بن مسلم الفهري حدثنا إسماعيل بن مسلمة أنبأ عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لما اقترف آدم الخطيئة قال يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي فقال الله يا آدم وكيف عرفت محمدا ولم أخلقه
قال يا رب لأنك لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك, فقال الله صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلي ادعني بحقه فقد غفرت لك ولولا محمد ما خلقتك
قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد وهو أول حديث ذكرته لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم في هذا الكتاب ) اه
ورواه الطبراني في معجمه الأوسط 6/313: وابن عساكر في تاريخه 7/437 : وحكى عن البيهقي أن مداره على ابن أسلم وهو ضعيف . وقال السيوطي في الدر المنثور : ( أخرجه الطبراني في المعجم الصغير والحاكم وأبو نعيم والبيهقي في الدلائل وابن عساكر ) اه

4-حديث ابن عباس آخر :
في السنة للخلال 1/261 : ( حدثنا أبو بكر قال ثنا الفضل بن مسلم المحاربي قال ثنا محمد بن عصمة قال ثنا جندل قال ثنا عمرو بن أوس الأنصاري عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس قال : أوحى الله تبارك وتعالى إلى عيسى صلى الله عليه فيما أوحى أن صدق محمدا وأمر أمتك من أدركه منهم أن يؤمنوا به فلولا محمد ما خلقت آدم ولولا محمد ما خلقت النار , ولقد خلقت العرش على الماء فاضطرب فكتبت لا إله إلا الله محمد رسول الله فسكن
قال أبو بكر: فألقيته على أبي عبدالله محمد بن بشر بن شريك فأقر به وقال هو عندي عن جندل بن والق ) اه
وفي مستدرك الحاكم 2/671 : حدثنا علي بن حمشاد العدل إملاء حدثنا هارون بن العباس الهاشمي حدثنا جندل بن والق حدثنا عمرو بن أوس الأنصاري حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن بن عباس رضي الله عنهما قال : أوحى الله إلى عيسى عليه السلام ...
قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)اه
وفي طبقات المحدثين بأصبهان لأبي الشيخ الأصبهاني (3 / 144): (حدثنا أبو علي بن إبراهيم ، قال: ثنا همام ، قال : ثنا جندل بن والق ، قال : ثنا محمد بن عمر المحاربي ، عن سعيد بن أوس الأنصاري ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، عن ابن عباس ....)اه
قال الصالحي في سبل الهدى والرشاد (1/74): ( رواه أبو الشيخ في طبقات الأطبهانيين، والحاكم وصححه، وأقره السبكي في شفاء السقام، والبلقيني في فتاويه. قال الذهبي: في سنده عمرو بن أوس لا يدري من هو انتهى. ولبعضه شاهد من حديث عمر بن الخطاب رواه الحاكم )اه

فهذه أربعة أحاديث في الباب وبعضها قد صُحح ولو فرض أنها كلها ضعيفة فالضعيف يحسن بشواهده كما هو مقرر في أصول الحديث, ولو فرض أن في الباب حديثا واحدا فقط وهو ضعيف وليس له أي شواهد فهو مقبول في فضائله صلى الله عليه وآله وسلم لأن الحديث الضعيف يؤخذ به في الفضائل ما لم يشتد ضعفه وعلى هذا جماهير أهل العلم من أهل الحديث والفقه والأصول وحكي إجماعا وللفقير كتاب في المسألة بعنوان: (حكم العمل بالحديث الضعيف عند المحدثين والفقهاء) ضمن المجموعة الأولى من هذه الرسائل
ومع ذلك فقد رواه الأئمة في كتب العقائد في معرض فضائل النبي صلى الله عليه وآله وسلم مما يدل على التسليم بمعناه عندهم فقد روى حديثَ ابن عباس الخلالُ في كتاب السنة كما تقدم وروى حديثَ عمر الآجريُ في الشريعةص431, بل وقال الخلال: (فألقيته على أبي عبد الله محمد بن بشر بن شريك فأقر به), كما تقدم

المبحث الثاني
من أقوال أهل العلم في المسألة :
قول كعب الأخبار نقلا عن التوراة:
في فتوح الشام للواقدي (1/235): (قال كعب الأحبار: فأقبلت إلى عمر وسلمت عليه فرد علي السلام وقال لي: من أنت؟ فقلت له: أنا كعب الأحبار وإنني جئت أريد الإسلام والدخول فيه فاني وجدت صفة محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأمته في الكتب المنزلة وأن الله عز وجل أوحى إلى موسى عليه السلام إني ما خلقت خلقا أكرم علي من أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ولولاه ما خلقت جنة ولا نارا ولا سماء ولا أرضا وأمته خير الأمم ودينه خير الأديان بعثته آخر الزمان أمته مرحومة)اه

قول الإمام هارون بن العباس مع إقرار الخلال:
في كتاب السنة للخلال (1/237): (قال أبو العباس هارون بن العباس الهاشمي: من رد حديث مجاهد فهو عندي جهمي ومن رد فضل النبي فهو عندي زنديق لا يستتاب ويقتل لأن الله عز و جل قد فضله على الأنبياء عليهم السلام, وقد روي عن الله عز وجل قال: (لا أُذكر إلا ذكرت معي) ويروي في قوله: (لعمرك) قال: بحياتك, ويروي أنه قال: (يا محمد لولاك ما خلقت آدم)اه

قول الإمام أبي طالب المكي نقلا عن أخبار داود عليه السلام :
قال الإمام أبو طالب المكي في كتابه قوت القلوب ص 696وص975: (وفي أخبار داود عليه السلام: (إني خلقت محمد لأجلي, وخلقت آدم لأجل محمد, وخلقت جميع ما خلقت لأجل ولد آدم, فمن اشتغل منهم بما خلقته لأجله حجبته عني, ومن اشتغل منهم بي سقت له ما خلقته لأجله)اه

قول الإمام ابن حجر الهيتمي:
وقال الإمام ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الحديثية ص189: (ومما صح عند الحاكم أيضاً عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( أوحى الله تعالى إلى عيسى عليه السلام يا عيسى آمن بمحمد ومُرْ من أدركه من أمتك أن يؤمنوا به فلولا محمد ما خلقت آدم ، ولولا محمد ما خلقْتُ الجنة والنار، ولقد خلقت العرش على الماء فاضطرب فكتبت عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله فسكن )
قال ابن حجر: ومثل هذا لا يقال من قبل الرأي فإذا صح عن مثل ابن عباس يكون في حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما قرره أئمة الأصول والحديث والفقه وحينئذ فما في الأول ([2]) من ضعف لو سلم لقائله يكون مجبورا بهذا لأن هذا وحده كاف في الحجية فضم الأول إليه يزيده قوة إلى قوة
وفي حديث رواه صاحب شفاء الصدور وغيره ( قال الله يامحمد وعزتي وجلالي لولاك ما خلقت أرضي ولا سمائي ولا رفعت هذه الخضراء ولا بسطت هذه الغبراء ) وفي رواية (من أجلك اسطح البطحاء وأموج الماء وأرفع السماء وأجعل الثواب والعقاب والجنة والنار ) وفي أخرى ذكرها عياض في الشفاء (فقال آدم ... فأوحى الله إليه: وعزتي وجلالي إنه لآخر النبيين من ذريتك ولولاه ما خلقتك) وبهذا كله اتضح بطلان ذلك الاعتراض وأن قائله زل عن درك الصواب فطغى قلبه وزل قدمه) اه كلام ابن حجر الهيتمي
وقال الهيتمي في الصواعق المحرقة (2/ 448): (إن الله لما خلق الدنيا بأسرها من أجل النبي جعل دوامها بدوامه ودوام أهل بيته؛ لأنهم يساوونه في أشياء مر عن الرازي بعضها؛ ولأنه قال في حقهم: اللهم إنهم مني وأنا منهم؛ ولأنهم بضعة منه بواسطة أن فاطمة أمهم بضعته، فأقيموا مقامه في الأمان)اه 
قول الإمام ابن تيمية:
وها هو الإمام ابن تيمية رحمه الله يقر بهذا المعنى ففي مجموع الفتاوى 11/ 96: (وقد ظهر فضل نبينا على الملائكة ليلة المعراج لما صار بمستوى يسمع فيه صريف الأقلام وعلا على مقامات الملائكة والله تعالى اظهر من عظيم قدرته وعجيب حكمته من صالحى الآدميين من الأنبياء والأولياء ما لم يظهر مثله من الملائكة حيث جمع فيهم ما تفرق في المخلوقات فخلق بدنه من الأرض وروحه من الملأ الأعلى ولهذا يقال هو العالم الصغير وهو نسخة العالم الكبير
ومحمد سيد ولد آدم وافضل الخلق وأكرمهم عليه ومن هنا قال من قال: إن الله خلق من أجله العالم أو انه لولا هو لما خلق عرشا ولا كرسيا ولا سماء ولا ارضا ولا شمسا ولا قمرا
لكن ليس هذا حديثا عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم لا صحيحا ولا ضعيفا !!!! ولم ينقله أحد من أهل العلم بالحديث عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم !!!! بل ولا يعرف عن الصحابة !!! بل هو كلام لا يدرى قائله !!!
ويمكن أن يفسر بوجه صحيح كقوله: (سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض), وقوله (وسخر لكم الفلك لتجرى فى البحر بأمره وسخر لكم الأنهار وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار وآتاكم من كل ما سألتموه وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها), وأمثال ذلك من الآيات التي يبين فيها انه خلق المخلوقات لبنى آدم ومعلوم أن لله فيها حكما عظيمة غير ذلك وأعظم من ذلك ولكن يبين لبنى آدم ما فيها من المنفعة وما أسبغ عليهم
فإذا قيل فعل كذا لكذا لم يقتض أن لا يكون فيه حكمة أخرى وكذلك قول القائل لولا كذا ما خلق كذا لا يقتضي أن لا يكون فيه حكم أخرى عظيمة
بل يقتضي إذا كان أفضل صالحي بنى آدم محمد وكانت خلقته غاية مطلوبة وحكمة بالغة مقصودة (اعظم) من غيره صار تمام الخلق ونهاية الكمال حصل بمحمد صلى الله تعالى عليه وآله وسلم
والله خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وكان آخر الخلق يوم الجمعة وفيه خلق آدم وهو آخر ما خلق خلق يوم الجمعة بعد العصر في آخر يوم الجمعة وسيد ولد آدم هو محمد صلى الله تعالى عليه وآله وسلم , آدم فمن دونه تحت لوائه, قال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ( إني عند الله لمكتوب خاتم النبيين وان آدم لمجندل في طينته ) أي كتبت نبوتي وأظهرت لما خلق آدم قبل نفخ الروح فيه كما يكتب الله رزق العبد واجله وعمله وشقي أو سعيد إذا خلق الجنين قبل نفخ الروح فيه
فإذا كان الإنسان هو خاتم المخلوقات وآخرها وهو الجامع لما فيها وفاضله هو فاضل المخلوقات مطلقا ومحمد إنسان هذا العين وقطب هذه الرحى وأقسام هذا الجمع كان كأنها غاية الغايات في المخلوقات فما ينكر أن يقال انه لأجله خلقت جميعها وانه لولاه لما خلقت, فإذا فسر هذا الكلام ونحوه بما يدل عليه الكتاب والسنة قبل ذلك ) اه
وفي مجموع الفتاوى لابن تيمية 2/150 : ( وقد رواه أبو الحسين بن بشران من طريق الشيخ أبى الفرج بن الجوزي في الوفا بفضائل المصطفى حدثنا أبو جعفر محمد بن عمرو حدثنا احمد بن إسحاق بن صالح ثنا محمد ابن صالح ثنا محمد بن سنان العوفي ثنا إبراهيم بن طهمان عن يزيد بن ميسرة عن عبد الله بن سفيان عن ميسرة قال قلت يا رسول الله متى كنت نبيا؟ قال : لما خلق الله الأرض واستوى إلى السماء فسواهن سبع سموات وخلق العرش كتب على ساق العرش محمد رسول الله خاتم الأنبياء وخلق الله الجنة التي أسكنها آدم وحواء فكتب اسمي على الأبواب والأوراق والقباب والخيام وآدم بين الروح والجسد, فلما أحياه الله تعالى نظر إلى العرش فرأى اسمى فأخبره الله انه سيد ولدك فلما غرهما الشيطان تابا واستشفعا باسمي إليه
وروى أبو نعيم الحافظ في كتاب دلائل النبوة ومن طريق الشيخ أبى الفرج حدثنا سليمان بن أحمد ثنا أحمد بن رشدين ثنا أحمد بن سعيد الفهرى ثنا عبد الله بن اسماعيل المدني عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب قال قال رسول الله : لما أصاب آدم الخطيئة رفع رأسه فقال يا رب بحق محمد إلا غفرت لي فأوحى إليه وما محمد ومن محمد فقال يا رب إنك لما أتممت خلقي رفعت رأسي إلى عرشك فإذا عليه مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنه أكرم خلقك عليك إذ قرنت اسمه مع اسمك فقال نعم قد غفرت لك وهو آخر الأنبياء من ذريتك ولولاه ما خلقتك, فهذا الحديث يؤيد الذي قبله وهما كالتفسير للأحاديث الصحيحة)اه من مجموع الفتاوي لابن تيمية
وروى حديث ميسرة هذا مختصرا الحاكم 2/665 وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وقال الذهبي في التلخيص: صحيح ) اه
وفي الإصابة 6/239 : ( ... من طريق بديل بن ميسرة عن عبد الله بن شقيق عن ميسرة الفجر قال قلت يا رسول الله متى كنت نبيا؟ قال: وآدم بين الروح والجسد
وهذا سند قوي لكن اختلف فيه على بديل بن ميسرة فرواه منصور بن سعيد عنه هكذا, وخالفه حماد بن زيد فرواه عن بديل عن عبد الله بن شقيق قال قيل يا رسول الله ولم يذكر ميسرة, وكذا رواه حماد عن والده وعن خالد الحذاء كلاهما عن عبد الله بن شقيق أخرجه البغوي
وكذا رواه حماد بن سلمة عن خالد عن عبد الله بن شقيق قال قلت يا رسول الله أخرجه البغوي أيضا, وأخرجه من طريق أخرى عن حماد فقال عبد الله بن شقيق عن رجل قال قلت يا رسول الله... وأخرجه أحمد من هذا الوجه وسنده صحيح)اه
وقال ابن تيمية في معرض الاستدلال على فضل النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كتابه الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان (1/90): (روى ابن عساكر رحمه الله عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: هبط جبريل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إن ربك يقول: "إن كنت قد اتخذت إبراهيم خليلا فقد اتخذتك حبيبا، وما خلقت خلقا أكرم منك، ولقد خلقت الدنيا وأهلها لأعرفهم كرامتك ومنزلتك عندي، ولولاك ما خلقت الدنيا)اه
قول الإمام ابن دحية الكلبي :
قال الإمام ابن دحية الكلبي في مقدمة كتابه ( تنبيه البصائر ) : ( وظهر دينه صلى الله عليه وآله وسلم على الأديان كلها فطلع بدره ودام ... ولولاه لم تخلق شمس الدنيا ولا نهارها ) اه بواسطة محقق الآيات البينات ص 94
قول الإمام الصالحي وحكايته ذلك عن بعض أهل العلم:
عقد الإمام الصالحي في كتابه سبل الهدى والرشاد فصلا في المسأل فقال (1 /74): (الباب الثاني في خلق آدم وجميع المخلوقات لأجله صلى الله عليه وآله وسلم )
ثم أورد حديث ابن عباس رضي الله عنهما ثم قال : ( رواه أبو الشيخ في طبقات الأطبهانيين، والحاكم وصححه، وأقره السبكي في شفاء السقام، والبلقيني في فتاويه. قال الذهبي: في سنده عمرو بن أوس لا يدري من هو انتهى. ولبعضه شاهد من حديث عمر بن الخطاب رواه الحاكم ) اه
ثم قال الإمام الصالحي : ( قال الإمام جمال الدين محمود بن جملة: ليس مثل هذا [يعني أن المحلوقات خلقت من أجله] للملائكة ولا لمن سواه من الأنبياء. وما عجب إكرام ألف لواحد * * لعين تفدى ألف عين وتكرم )اه
ثم قال الإمام الصالحي : ( وفي فتاوي شيخ الإسلام البلقيني أن في مولد العزفي - بعين مهملة وزاي مفتوحتين وقبل ياء النسب فاء - و " شفاء الصدور " لابن سبع: عن علي رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الله عز وجل أنه قال: " يا محمد وعزتي وجلالي لولاك ما خلقت أرضي ولا سمائي ولا رفعت هذه الخضراء، ولا بسطت هذه الغبراء ".
قال: وذكر المصنفان المذكوران في رواية أخرى، عن علي رضي الله تعالى عنه أن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم : " من أجلك أبطح البطحاء وأموج الماء وأرفع السماء وأجعل الثواب والعقاب والجنة والنار ".
ولله در العارف بالله سيدي علي بن أبي الوفا نفعنا الله تعالى بهم حيث قال:
سكن الفؤاد فعش هنيئا يا جسد * * هذا النعيم هو المقيم إلى الأبد
روح الوجود حياة من هو واحد * * لولاه ما تم الوجود لمن وجد
عيسى وآدم والصدور جميعهم * * هم أعين هو نورها لما ورد
لو أبصر الشيطان طلعة نوره * * في وجه آدم كان أول من سجد
أو لو رأى النمروذ نور جماله * * عبد الجليل مع الخليل وما عند
لكن جمال الله جل فلا يرى * * إلا بتوفيق من الله الصمد ) اه
قول الإمام ملا علي قاري:
قال الملا علي قاري في كتابه "الرد على وحدة الوجود" (1/69): (ثم لما كان نبينا أكمل بني آدم بل وأفضل أفراد العالم ورد في حقه: لولاك لما خلقت الأفلاك, فهو إنسان العين وعين الإنسان)اه
وقال في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (16 / 196): (إظهار الفضل المتوقف على شفاعته إشعارا لمزيد فضله على خلقه فكما أنه لولاه أولا لما خلق الأفلاك ولا وجد الأملاك فكذا لولاه آخرا لوقع الأنام في الهلاك)اه
قال في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (ج 9 / ص 56): (فمعنى قوله عليه الصلاة والسلام أنك حجر لا تضر ولا تنفع أنه ولولاة أمرني ربي أن أقبلك لما قبلتك إيماء إلى العبودية على الطريقة التعبدية والتنزل والتواضع تحت الأحكام الربوبية وإلا فالعقل يتحير في تقبيل سيد الكونين الذي لولاه لما خلق الأفلاك الحجر من الأحجار الذي من جنس الجمادات الذي من أحقر أجناس المخلوقات ولو أنه من يواقيت الجنة حقيقة ولو كان له عينان ولسان وفي جوفه ميثاق الرحمن وإنما هو من تنزلات الألولهية والتجليات السبحانية حيث جعل لعبيده حرما يأوون إليه ويلتجؤون لديه وبيتا يتوجهون ويقبلون عليه عند صلاتهم وسائر عبادتهم وحلالاتهم ويمينا يقبلونها ويمحون أيديهم ويضعون وجوههم عليها كما أشار إليه الحجر يمين الله في الأرض يصافح بها عباده)اه
وفي الآثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة للكنوي (1/44): (قال علي القاري في تذكرة الموضوعات: حديث لولاك لما خلقت الأفلاك قال: العسقلاني موضوع كذا في الخلاصة لكن معناه صحيح فقد روى الديلمي عن ابن عباس مرفوعا أتاني جبريل فقال قال الله يا محمد لولاك ما خلقت الجنة ولولاك ما خلقت النار)اه
قول الإمام الثعلبي:
في الكشف والبيان للثعلبي (7/61): (ومنهم من قال: خلق الله سبحانه الخلق كلّهم لأجل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم ) يدللّ عليه ما حدَّثنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن الرومي قال : حدَّثنا أبو بكر محمد بن حمدون بن خالد قال : حدّثنا هارون بن العباس الهاشمي قال : حدَّثنا محمد بن ياسين بن شريك قال : حدَّثنا جندل قال : حدّثنا عمرو بن أوس الأنصاري عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن المسيّب عن ابن عباس قال : ( أوحى الله سبحانه إلى عيسى ( عليه السلام ) : يا عيسى آمن بمحمد ومُر أُمّتك أن يؤمنوا به ، فلولا محمد ما خلقت آدم ، ولولا محمد ما خلقت الجنة والنار ، ولقد خلقت العرش على الماء فاضطرب فكتبت عليه : لا إله إلاّ الله محمد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فسكن )اه
قول الإمام الآلوسي:
في تفسير الألوسي (19/242): (ومن باب الإشارة في بعض الآيات: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً) يشير عندهم إلى فتح مكة العَمَاءِ بإدخال الأعيان الثابتة ظاهرة بنور الوجود فيها أي إظهارها للعيان لأجله عليه الصلاة والسلام على أن لام (لَكَ) للتعليل، وحاصله أظهرنا العالم لأجلك وهو في معنى ما يروونه من قوله سبحانه: (لولاك لولاك ما خلقت إلافلاك)اه
وفي تفسير الألوسي (ج 4 / ص 496): (وقد يقال : إن إطلاقه على ما به بيان أمر النبي صلى الله عليه وسلم بناءاً على ما قال الزجاج باعتبار كون الأمر المبين متعلقاً بأول الأنوار الذي لولاه ما خلق الفلك الدوار صلى الله عليه وسلم)اه
وفي تفسير الألوسي (ج 1 / ص 253): (ولا يخفي لطف الرب هنا مضافاً إلى ضميره صلى الله عليه وسلم بطريق الخطاب وكان في تنويعه والخروج من عامه إلى خاصه رمزاً إلى أن المقبل عليه بالخطاب له الحظ الأعظم والقسم الأوفر من الجملة المخبر بها فهو صلى الله عليه وسلم على الحقيقة الخليفة الأعظم في الخليقة والإمام المقدم في الأرض والسموات العلى ، ولولاه ما خلق آدم بل ولا ولا.. ولله تعالى در سيدي ابن الفارض حيث يقول عن لسان الحقيقة المحمدية :
وإني وإن كنت ابن آدم صورة ... فلي فيه معنى شاهد بأبوتي)اه 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قول الإمام الرازي:
في تفسير الفخر الرازي (1/4774): (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا)... يقول الله: حين كنت صبياً ضعيفاً ما تركناك بل ربيناك ورقيناك إلى حيث صرت مشرفاً على شرفات العرش وقلنا لك : لولاك ما خلقنا الأفلاك ، أتظن أنا بعد هذه الحالة نهجرك ونتركك.)اه
قول الإمام النيسابوري:
قال في كتابه غرائب القرآن ورغائب الفرقان (1/4): (...ولا سيما المصطفى محمد الذي أشرق في سماه النبوة بدراً، وأشرف على بساط الرسالة صدراً، سيد الثقلين وسند الخافقين، إمام المتقين ورسول رب العالمين الكائن نبيا وآدم بين الماء والطين، المعفر له جباه الأملاك، المشرف بلولاك لما خلقت الأفلاك)اه
وفي تفسير النيسابوري (2/273): (إن الله اصطفى آدم) ولم يكن له جنس حين خلقه وأسجد له ملائكته ، واصطفاه على الجنس وعلى غير الجنس كاصطفاء محمد صلى الله عليه وآله وسلم على الكائنات كقوله : لولاك لما خلقت الأفلاك)اه
قول الإمام ابن شطا الدمياطي:
قال في حاشيته "إعانة الطالبين" (1/6): (ولا شك بأنه صلى الله عليه وآله وسلم الواسطة العظمى لنا في كل نعمة بل هو أصل الإيجاد لكل مخلوق كما قال ذو العزة والجلال لولاك لولاك لما خلقت الأفلاك)اه
وقد ذكر الحديث الوارد في ذلك في سياق فضائل النبي صلى الله عليه وآله وسلم كثير من أهل العلم, ما يدل على ارتضائهم لذلك المعنى في فضله صلى الله عليه وآله وسلم .
وممن أورد الحديث على سبيل الاستدلال به
الإمام الآجري
في الشريعة للآجري في باب (ورفعنا لك ذكرك) (ج 3 / ص 50): (فأوحى الله عز وجل إليه : يا آدم ، وعزتي وجلالي ، إنه لآخر النبيين من ذريتك ، ولولاه ما خلقتك. قال محمد بن الحسين الآجري : وقد روي عن ابن عباس أنه قال : » ما خلق الله ولا برأ ولا ذرأ أكرم عليه من محمد صلى الله عليه وسلم ، وما سمعت الله عز وجل أقسم بحياة أحد إلا بحياته صلى الله عليه وسلم قوله عز وجل : لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون قال : وحياتك يا محمد ، إنهم لفي سكرتهم يعمهون والله أعلم)اه
القاضي عياض
قال في كتابه الشفا بتعريف حقوق المصطفى (ج 1 / ص 174): (وفى رواية أخرى فقال آدم: لما خلقتني رفعت رأسي إلى عرشك فإذا فيه مكتوب: لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنه ليس أحد أعظم قدرا عندك ممن جعلت اسمه مع اسمك فأوحى الله إليه (وعزتئ وجلالى إنه لآخر النبيين من ذريتك ولولاه ما خلقتك)اه
الإمام ابن الجوزي
قال في بستان الواعظين ورياض السامعين (ج 1 / ص 297): (في بعض الأخبار أن آدم عليه الصلاة والسلام رفع رأسه فنظر على ساق العرش لا إله إلا الله محمد رسول الله فقال آدم يا رب من هذا الذي كتبت اسمه مع اسمك فقال الله تعالى يا آدم هو نبيي وصفيي وهو حبيبي ولولاه ما خلقتك ولا خلقت جنة ولا نارا)اه
الإمام ابن رجب الحنبلي:
قال في لطائف المعارف - (ج 1 / ص 89): (ذكر فضل النبي صلى الله عليه و سلم من لدن آدم عليه السلام
وقد روي : أن آدم عليه الصلاة و السلام رأى اسم محمد صلى الله عليه و سلم مكتوبا على العرش و أن الله عز و جل قال لآدم : [ لولا محمد ما خلقتك ] و قد خرجه الحاكم في صحيحه فيكون حينئذ من حين صور آدم طينا استخرج منه محمد صلى الله عليه و سلم و نبىء و أخذ منه الميثاق ثم أعيد إلى ظهر آدم حتى خرج في وقت خروجه الذي قدر الله خروجه فيه و يشهد لذلك ما روي [ عن قتادة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : كنت أول النبيين في الخلق و آخرهم في البعث ] و في رواية : [ أول الناس في الخلق ] خرجه ابن سعد و غيره و خرجه الطبراني من رواية قتادة عن الحسن عن أبي هريرة مرفوعا و المرسل أشبه و في رواية عن قتادة مرسلة : ثم تلا : { و إذ أخذنا من النبيين ميثاقهم و منك و من نوح و إبراهيم و موسى و عيسى ابن مريم } فبدأ به قبل نوح الذي هو أول الرسل فمحمد صلى الله عليه و سلم أول الرسل خلقا و آخرهم بعثا فإنه استخرج من ظهر آدم لما صور و نبىء حينئذ و أخذ ميثاقه ثم أعيد إلى ظهره و لا يقال : فقد خلق آدم قبله لأن آدم حينئذ كان مواتا لا روح فيه و محمد صلى الله عليه و سلم كان حيا حين استخراج و نبىء و أخذ ميثاقه فهو أول النبيين خلقا و آخرهم بعثا فهو خاتم النبيين باعتبار أن زمانه تأخر عنهم فهو : المقفى و العاقب الذي جاء عقب الأنبياء و يقفوهم)اه
الإمام الشربيني:
في مغني المحتاج - (ج 1 / ص 512): (ويستشفع به إلى ربه لما روى الحاكم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لما اقترف آدم الخطيئة قال يا رب أسألك بحق محمد صلى الله عليه وسلم إلا ما غفرت لي فقال الله تعالى وكيف عرفت محمدا ولم أخلقه قال يا رب لأنك لما خلقتني ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت في قوائم العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله فعرفت أنك لم تضف إلى نفسك إلا أحب الخلق إليك
فقال الله تعالى صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلي إذ سألتني به فقد غفرت لك ولولا محمد ما خلقتك قال الحاكم هذا صحيح الإسناد)اه
الإمام السيوطي
في الخصائص الكبرى (ج 2 / ص 288): (وما خلقت خلقا اكرم على منك وقد أعطيتك الحوض والشفاعة والناقة والقضيب والتاج والهرواة والحج والعمرة وشهر رمضان والشفاعة كلها لك حتى ظل عرشي في القيامة عليك ممدود وتاج الحمد على رأسك معقود وقرنت إسمك مع إسمي فلا أذكر في موضع حتى تذكر معي ولقد خلقت الدنيا وأهلها لعرفهم كرامتك ومنزلتك عندي ولولاك ما خلقت الدنيا)اه
الإمام القسطلاني
قال في المواهب اللدنية: (روي أنه لما خرج آدم من الجنة رأى مكتوبا على ساق العرش، وعلى كل موضع في الجنة اسم محمد صلى الله عليه وسلم مقرونا باسمه تعالى، فقال: يا رب هذا محمد من هو؟ قال الله: هذا ولدك الذي لولاه ما خلقتك. فقال: يا رب بحرمة هذا الولد ارحم هذا الوالد. فنودي يا آدم لو تشفعت إلينا بمحمد في أهل السموات والأرض لشفعناك)اه
الإمام الحلبي صاحب السيرة
في السيرة الحلبية (ج 1 / ص 357): (وذكر صاحب كتاب شفاء الصدور في مختصره عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل أنه قال يا محمد وعزتي وجلالي لولاك ما خلقت أرضي ولا سمائي ولا رفعت هذه الخضراء لا بسطت هذه الغبراء وفي رواية عنه ولا خلقت سماء ولا أرضا ولا طولا ولا عرضا
وبهذا يرد على من رد على القائل في مدحه صلى الله عليه وسلم
** لولاه ما كان لا فلك ولا فلك ** كلا ولا بان تحريم وتحليل **
بأن قوله لولاه ما كان لافلك ولا فلك مثل هذا يحتاج إلى دليل ولم يرد في الكتاب ولا في السنة ما يدل على ذلك فيقال له بل جاء في السنة ما يدل على ذلك والله أعلم)اه
الإمام ابن عجيبة:
في البحر المديد (ج 4 / ص 154): (جعل آدم خليفته ، وجعل ذريته خلفاء أبيهم ، الملائكة والجن في خدمتهم ، والأمر والنهي والخطاب معهم ، والكتاب أُنزل إليهم ، والجنة والنار والسماوات والأرض والشمس والقمر والنجوم ، جميع الآيات ، خُلِقَ لهم. والخلق كلهم طُفيل لهم ، ألا ترى الله يقول لحبيبه صلى الله عليه وسلم : " لولاك ما خلقت الكون " ؟ ولهم كرامة الظاهر)اه
وفي البحر المديد (ج 6 / ص 309): ({وعَجبوا أن جاءهم مُّنذر منهم} ، رأوا أنفسهم خالية عن مشاهدة الغيوب ، وإدراك نور صفات الحق ، فقاسوا نفس محمد صلى الله عليه وسلم بأنفسهم ، ولم يعلموا أنه كان نفسَ النفوس ، وروحَ الأرواح ، وأصل الخليقة ، وباكورةً من بساتين الربوبية. يا ليتهم لو رأوه في مشاهدة الملكوت ، ومناصب الجبروت ، إذ خاطبه الحق بلولاك ما خلقتُ الأفلاك)اه
البحر المديد - (ج 5 / ص 71): (وقال بعضهم : إنما أظهر الله الكون لأجل نبينا صلى الله عليه وسلم تشريفاً له ، فهو من نوره. قال ابن عباس رضي الله عنه : أوحى الله تعالى إلى عيسى عليه السلام : يا عيسى ابن مريم ؛ آمن بمحمد ، ومُر أمتك أن يؤمنوا به ، فلولا محمد ما خلقت آدم ، ولولا محمد ما خلقت الجنة والنار... الحديث.)اه
فإن قيل : هذا ينافي قول الله تعالى ( وما خلقت الجني والأنس إلا ليعبدون ) فالحكمة من خلق الإنس والجن هي عبادة الله سبحانه وتعالى
فالجواب هو : ما قاله الإمام ابن تيمة سابقا أي قوله : (ومعلوم أن لله فيها حكما عظيمة غير ذلك وأعظم من ذلك ولكن يبين لبنى آدم ما فيها من المنفعة وما أسبغ عليهم, فإذا قيل: فعل كذا لكذا لم يقتض أن لا يكون فيه حكمة أخرى وكذلك قول القائل: لو لا كذا ما خلق كذا لا يقتضي أن لا يكون فيه حكم أخرى عظيمة...) اه
من لم يرتضي تلك المقولة:
وهناك من أهل العلم من يرى أن من الأولى اجتناب هذه المقولة, ولا أعلم أحدا قال بذلك قبل صاحب التتارخانية, قال ابن نجيم في البحر الرائق 5/131: ( قال في التتارخانية وفي جواهر الفتاوى: هل يجوز أن يقال لولا نبينا محمد صلى الله تعالى عليه وآله وسلم لما خلق الله تعالى آدم ؟
قال : هذا شيء يذكره الوعاظ على رءوس المنابر يريدون به تعظيم محمد عليه الصلاة والسلام والأولى أن يحترزوا عن أمثال هذا فإن النبي عليه الصلاة والسلام وإن كان عظيم المنزلة والمرتبة عند الله تعالى فان لكل نبي من الأنبياء عليهم السلام منزلة ومرتبة وخاصيته ليست لغيره فيكون كل نبي أصلا بنفسه) اه
هذا آخر المطاف والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وأتباعه وعنا معهم
عبد الفتاح بن صالح قديش اليافعي اليمن-صنعاء
ذو الحجة / 1426 هـ
[1] ) كذا في الأصل (عن شيء) ولعل الصواب (عرشي)
[2] يعني حديث عمر السابق لأنه ذكره أولا 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق