الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد ...
فلم يقل أحد من الناس عامة والفقهاء خاصة عبر العصور الأولى إن زيارة المدينة المنورة بدعة أو هي أمر ممنوع شرعاً, وذلك لعدم ثبوت النهي عن ذلك في كتاب أو سنة, وللقاعدة الفقهية (الأصل في الأشياء الإباحة).
1. وقد أجمعت الأمة الإسلامية سلفاً على مشروعية زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم بعد وفاته, بل ذهب جمهور العلماء من أهل الفتوى في المذاهب إلى أنها سنة مستحبة, وقالت طائفة من المحققين إنها سنة مؤكدة تقرب من درجة الواجبات, وذهب الفقيه المالكي أبو عمران موسى بن عيسى الفاسي إلى أنها واجبة. واستدلوا على مشروعيتها بأدلة منها:
أ. قوله صلى الله عليه وسلم: "فزوروا القبور لأنها تذكر الموت" (رواه مسلم). فإن كانت القبور مطلقاُ مأمور بزيارتها فلا أقل من أن يدخل في هذا الأمر زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم.
ب. مجموعة أحاديث شريفة جاء الأمر فيها بزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم صريحاً, وهذه الأحاديث إن لم ترق كل منها إلى مرتبة الصحيح إلا أنها ليست موضوعة ولا متهالكة, بل يقوي بعضها بعضاً ويمكن الاستئناس بها، من ذلك ما روي عنه صلى الله عليه وسلم قوله: "من زارني بعد موتي فكأنما زارني في حياتي". أخرجه الدار قطني. ومنه ما روي عنه صلى الله عليه وسلم قوله: "من زار قبري وجبت له شفاعتي" أخرجه الدار قطني.
وقد استدل بعض الفقهاء –كما تقدم- بهذه الأحاديث على الوجوب, وقال القاضي عياض في الشفاء :(وزيارة قبر النبي عليه الصلاة والسلام سنة من سنن المسلمين مجمع عليها وفضيلة مرغب فيها) ج2ص148-149.
2. حديث النبي صلى الله عليه وسلم:(لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد, المسجد الحرام, ومسجدي هذا والمسجد الأقصى). هو حديث صحيح. ولكن بعض الناس يفسرونه بغير معناه, ويمنعون كل سفر لغير هذه المواطن الثلاثة, وليس مراد الحديث ذلك, بل السفر مباح في أصله إلى أي مكان في الدنيا إذا لم يترتب على ذلك معصية. لقوله تعالى:(وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله) (المزمل:20).
وقد يكون مندوباً أو مفروضاً مثل السفر للتجارة, والسفر لطلب العلم, والسفر لزيارة الوالدين والأرحام, والسفر للتجارة, والسفر للجهاد في سبيل الله تعالى, والسفر للدعوة إلى الله سبحانه وتعالى, فلا أقل من أن يكون السفر إلى المدينة المنورة والسفر لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم نوعاً من السفر المباح. وإذا ضم إليها السفر للحرم المدني كانت الإباحة أوضح وأثبت وكان الأجر أرجى.
والله أعلم .
________________________________
** عن كتاب فتاوى الحج والعمرة .. الصادر عن هيئة الفتوى ولجنة الأمور العامة / وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالكويت.
فلم يقل أحد من الناس عامة والفقهاء خاصة عبر العصور الأولى إن زيارة المدينة المنورة بدعة أو هي أمر ممنوع شرعاً, وذلك لعدم ثبوت النهي عن ذلك في كتاب أو سنة, وللقاعدة الفقهية (الأصل في الأشياء الإباحة).
1. وقد أجمعت الأمة الإسلامية سلفاً على مشروعية زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم بعد وفاته, بل ذهب جمهور العلماء من أهل الفتوى في المذاهب إلى أنها سنة مستحبة, وقالت طائفة من المحققين إنها سنة مؤكدة تقرب من درجة الواجبات, وذهب الفقيه المالكي أبو عمران موسى بن عيسى الفاسي إلى أنها واجبة. واستدلوا على مشروعيتها بأدلة منها:
أ. قوله صلى الله عليه وسلم: "فزوروا القبور لأنها تذكر الموت" (رواه مسلم). فإن كانت القبور مطلقاُ مأمور بزيارتها فلا أقل من أن يدخل في هذا الأمر زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم.
ب. مجموعة أحاديث شريفة جاء الأمر فيها بزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم صريحاً, وهذه الأحاديث إن لم ترق كل منها إلى مرتبة الصحيح إلا أنها ليست موضوعة ولا متهالكة, بل يقوي بعضها بعضاً ويمكن الاستئناس بها، من ذلك ما روي عنه صلى الله عليه وسلم قوله: "من زارني بعد موتي فكأنما زارني في حياتي". أخرجه الدار قطني. ومنه ما روي عنه صلى الله عليه وسلم قوله: "من زار قبري وجبت له شفاعتي" أخرجه الدار قطني.
وقد استدل بعض الفقهاء –كما تقدم- بهذه الأحاديث على الوجوب, وقال القاضي عياض في الشفاء :(وزيارة قبر النبي عليه الصلاة والسلام سنة من سنن المسلمين مجمع عليها وفضيلة مرغب فيها) ج2ص148-149.
2. حديث النبي صلى الله عليه وسلم:(لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد, المسجد الحرام, ومسجدي هذا والمسجد الأقصى). هو حديث صحيح. ولكن بعض الناس يفسرونه بغير معناه, ويمنعون كل سفر لغير هذه المواطن الثلاثة, وليس مراد الحديث ذلك, بل السفر مباح في أصله إلى أي مكان في الدنيا إذا لم يترتب على ذلك معصية. لقوله تعالى:(وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله) (المزمل:20).
وقد يكون مندوباً أو مفروضاً مثل السفر للتجارة, والسفر لطلب العلم, والسفر لزيارة الوالدين والأرحام, والسفر للتجارة, والسفر للجهاد في سبيل الله تعالى, والسفر للدعوة إلى الله سبحانه وتعالى, فلا أقل من أن يكون السفر إلى المدينة المنورة والسفر لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم نوعاً من السفر المباح. وإذا ضم إليها السفر للحرم المدني كانت الإباحة أوضح وأثبت وكان الأجر أرجى.
والله أعلم .
________________________________
** عن كتاب فتاوى الحج والعمرة .. الصادر عن هيئة الفتوى ولجنة الأمور العامة / وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالكويت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق