الثلاثاء، 23 أبريل 2013

المحبة في التصوف

علم التصوف علم ليس يعرفه *** الا اخو فطنة بالحق معروف 
وليس يعرفه من ليس يشهده *** وكيف يشهد ضوء الشمس مكفوف .


نحنُ قومٌ مِتنا وذلك شرطٌ """ في هوانا فلييئسِ الأحياءُ


 تُعَد المحبة في التصوف فكرة محورية، ولو قلنا إن التصوف هو الحب والمحبة، لما كُنّا مبلغين، لهذا لا وجود للتصوف بغير الحب، فبه كان وبه يبقى وبه يستمر ويدوم، وأدبيات شهاب الدين السهروردي لم تكن بمعزل عن هذه الميزة، فكانت المحبة والحب مركزية في مؤلفه الذائع الصيت "عوارف المعارف"، وتلخّصت المحبة عنده كما نقل عن الشبلي عندما سئل عن المحبّة؛ فقال: كأس لها وهج إذا استقر في الحواس وسكن في النفوس تلاشت، وتلاشي النفس له بواعثه ووظائفه التعليمة والتربوية والنفسية والاجتماعية.


الحب : ذاك الذي سرى بين ضلوع المحبين ليسيطر على كيانهم ووجدانهم لينبع من قلب صادق أُمر وتأمر على كيان المحبين فلا يتحركون إلا بأمر حبيبهم ولا يفعلون إلا ما يرضي حبيبهم , ولكلا منا أن يختار هذا الحبيب الذي يحكمه في دولة المحبين والعشاق ولكن قبل أن يختار الحبيب عليه أن يدرك أمورا لا بد منها فلله در القائل :

أنت القتيل بيد من أحببته فأختر لنفسك في الهوى من تصطفي

ما من أَمرٍ أَقضّ مضاجعَ الصوفية فأَرَّقَ ليلَهم وأَقلقَ نهارَهم مثلُ الحب وما من كلمةٍ لهجَ بها هؤلاء وترنَّموا بها في أَناشيدهم وأَشعارهم مثلُ الحب فالحبُّ مذهبُهم ، والحبُّ مشربهم ، والحب دَيدنُـهم ، وهل كان المتصوفة من مبدأ أَمرهم إلى نهاية مَطافهم إلاّ عشاقاً والِهين ؟!


أحنّ بأطراف النهار صبابةً """ وبالليل يدعوني الهوى فأجيبُ
وأيامُنا تفنى وشوقي زائد """ كأنّ زمان الشوق ليس يغيب


فسُكر هؤلاء هو قربُهم ووصالهم ، وساقيهم هو محبوبُهم ، وكاساتُهم هي تجلياتُه المتعدّدة ؛ وعلى ذلك فإن شعر الخمر لدى المتصوفة هو شعر الغزل عينُه - من هذا الوجه - وإن اختلفت الألفاظ وطرائق التعبير بين هذا وذاك .‏


في حبّه يُســتعذَبُ التعذيبُ وبذكرِه يَحلو الهوى ويَطيبُ‏

يا لائمي في حبّهِ مُتَعَسّفاً أَقصِر فمالَكَ من هواهُ نَصيبُ‏
ما كل ُّ من يهوى يُحبُّ ولا الذي يُقصى بعيدُ ولا القريبُ قريبُ‏
من لم يكن أهلاً لحضرةِ قُربه ذاك الذي في حالتيهِ غريبُ‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق