- الشيخ المرشــدُ المربّى
وهو الدعامة الثانية التي يقوم عليها صرح التصوف ، ولا بد لكل من أراد سلوك الطريق من شيخ يدله عليه ويرشده إليه، يضع له العلامات وينبهه إلى المزالق والمخاطر، يبين له الدسم ويبعده عن السم، يستمع إلى أقواله ويتلقى من أحواله .
ومن حيث إن الإنسان جاهل إلا من علمه الله تعالى ، كان الشيخ المرشد العارف بالله تعالى، والبصير بطريق الوصول إليه، أصلا في الطريق لا يهمل، ولا يتغاضى عنه كدليل مرافق، ورفيق موافق، والله سبحانه وتعالى هو الهادي إلى سواء السبيل. وليس للشيخ إلا الدلالة بالقول والفعل، وبالحال الصالحة التي تسري بالتوجه السليم والدعاء للمريد السالك في الطريق، ولا نكران لسريان الحال، فإنا نرى الحماسة والحزن والفرح، نرى كل هذه وأمثالها، تسري من نفس إلى نفس ومن قلب إلى قلب. فهذا التعليم بالحال والأفعال وليس الكلام .
وليست الطريقة إلا العمل بالإسلام على قدم الجد والصبر، وأركانها هى : الذكر، والبعد عن الناس قدر الإمكان، والصمت إلا عن خير، وعدم الإمعان في الشبع، وقيام شيء من الليل، وصحبة الشيخ المرشد الكامل، جسداً وروحاً، وإن افترقت الأبدان فالصحبة الروحية قائمة ..
ضرورة صحبة المرشد .
صحبة المرشد الكامل - وهو أندر من الكبريت الأحمر في هذا الزمان - مصححة للتصورات والأعمال، ومطهرة للقلب من الرعونات والأوضار، وملحقة للقاصر بالكامل، حتى يدرج في دائرة الولاية ..
إن السير بدون مرشد عالم، قد لا يفضي إلى الغاية المرجوة، فلابد منه، وكما لا يكون المرء طبيباً بمطالعة الكتب فقط، دون أن يدخل دور الطب الرسمية، ثم بعد النجاح في الامتحان، يعمل في المشافي تحت نظر الأطباء، كما لا يكون الطبيب طبيباً إلا بهذا، لا يكون السير إلى الله تعالى مضمون النتائج، إلا بصحبة عالم تقي نقي ورع، قد تربى بصحبة غيره . وهكذا إلى أن ينتهي الأمر إلى السيد الأعظم، حضرة سيدنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم . .
تعريف المرشد الكامل :
والمرشد الكامل، هو العالم العامل، ذو الحال الصالحة القوية، الذي إذا توجه بالدعاء إلى مريده ، نقله من حال الى حال بإذن الله ، ورقى به من مقام إلى مقام بإذن الله ، مع الاستعانة بالصبر والصلاة والذكر والفكر، والمجاهدة والمكابدة ..
شروط المرشد :
1- الإجازة بالإرشاد : وهذا المرشد، شرطه أن يكون تربى على يد مرشد مثله، حتى نضج علماً وحالاً وكمالاً وقوة إفاضة، فأجازه بالإرشاد، وهكذا حتى تتصل الطريق بإجازة شيخ عن شيخ إلى حضرة سيدنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم .
ولا بد لهذا المرشد، من أن يكون قد اجتاز العقبات، وتخلص من العيوب عيباً فعيباً، وارتقى مقاماً فمقاماً، حتى قعد مقعد الكمال، فهو بصير بما يعتري السالك وله من قوة توجهه القلبي ما يدرأ به عنه الأخطار إن شاء الله تبارك وتعالى . من ظفر بهذا المرشد، فليشد يده عليه، وليكن له سامعاً مطيعاً، فإنه الطبيب النفسي الذي تجب الرحلة إليه، والجلوس بين يديه . وآية معرفته الاستقامة على الكتاب والسنة فإن رأيت منه خلاف ذلك ففر منه فرارك من الأسد .
2- العلم الواسع والعمل بالعلم : وأن يكون عالماً واسع العلم، لئلا يميل في السير إلى غير الاستقامة، فيميل المريد بميله، فيكون ضالا مضلاً، ومن كان كذلك، فهو بعيد عن الإرشاد كل البعد . والعلم الدينى يعم علم العقائد، وعلم الأحكام في العبادات والمعاملات، وعلم أحوال القلب وأمراضه المعنوية، والسبيل إلى تخليصه منها بمعالجته بالإضافة الروحية الصحيحة والتوجه القلبي القوي . ويشترط مع علمه الجم الغزيز، أن يكون عاملاً به، فإن القدوة بالعامل أكثر منها بالعالم عند الجماهير، وعند المبتدئين من المريدين أيضاً، وليكن عمله متجلياً طبق الشريعة، فلا يأذن للحال التي تغشاه ومريديه بأن تتأمر عليه وعليهم إن كانت مخالفة لقواعد الشريعة، أو لركائز الأعمال .
3- الترفع عن مال المريد : ويتأكد عليه الترفع عن مال المريد، فإن أكل الدنيا بالدين حرام، إلا إذا كان إهداء عن طيب نفس، وخلوص نية ، وبعد عن الاغترار . فإن رأيت شيخاً على خلاف ذلك فهذا شيخ الدرهم والدينار .
4- المرشد ليس معصوماً : ومع كل هذا، فالمرشد ليس معصوماً، لأن العصمة لا تكون لغير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ومن هنا تكون صحبة الشيخ المرشد شاقة، لمن لم يرزق الاستسلام له، وقد قص الله تعالى علينا من نبأ موسى والخضر على نبينا وعليهما الصلاة والسلام، ما فيه إشارة إلى هذا .
وليكن على بال المريد أن المرشد ليس نبياً معصوماً، فقد يجري عليه ما يجري على غيره من القضاء والقدر، لكنه سريع الأوبة، وشيك التوبة، وإنها لتغسل الحوبة .
وقد وقع بعض الشيوخ فيما صورته المخالفة، وكان ذلك امتحاناً منه لمريديه، فتغير بعضهم وثبت غيره، فقال للذى ثبت : لم لم تتغير كما تغير أصحابك ؟ فقال: ما صحبتك على أنك معصوم، ولكن صحبتك على أنك أعرف بطريق الله منى ..
5- الإخلاص : ولقد لخص السيد الكبير الشيخ أحمد الرفاعى – رحمه الله تعالى – أهم صفات الشيخ المرشد بقوله : ((كم طيرت طقطقة النعال حول الرجال من رأس ! وكم أذهبت مـن دين ! والرجل من جمع الناس على الله لا على نفسه، وجذبهم إلى الله لا إلى نفسه، وبقي قلبه عنهم بمعزل، وهو ذاك الفارس البطل )) أ هـ .
فقد أوضح الشيخ أمراً مهماً من الموازين التي نقيّم بها الشيخ ، ومنها نهيه لمريديه عن الإفراط فيه ، وتبجيله بما ليس فيه .
=============================
وهو الدعامة الثانية التي يقوم عليها صرح التصوف ، ولا بد لكل من أراد سلوك الطريق من شيخ يدله عليه ويرشده إليه، يضع له العلامات وينبهه إلى المزالق والمخاطر، يبين له الدسم ويبعده عن السم، يستمع إلى أقواله ويتلقى من أحواله .
ومن حيث إن الإنسان جاهل إلا من علمه الله تعالى ، كان الشيخ المرشد العارف بالله تعالى، والبصير بطريق الوصول إليه، أصلا في الطريق لا يهمل، ولا يتغاضى عنه كدليل مرافق، ورفيق موافق، والله سبحانه وتعالى هو الهادي إلى سواء السبيل. وليس للشيخ إلا الدلالة بالقول والفعل، وبالحال الصالحة التي تسري بالتوجه السليم والدعاء للمريد السالك في الطريق، ولا نكران لسريان الحال، فإنا نرى الحماسة والحزن والفرح، نرى كل هذه وأمثالها، تسري من نفس إلى نفس ومن قلب إلى قلب. فهذا التعليم بالحال والأفعال وليس الكلام .
وليست الطريقة إلا العمل بالإسلام على قدم الجد والصبر، وأركانها هى : الذكر، والبعد عن الناس قدر الإمكان، والصمت إلا عن خير، وعدم الإمعان في الشبع، وقيام شيء من الليل، وصحبة الشيخ المرشد الكامل، جسداً وروحاً، وإن افترقت الأبدان فالصحبة الروحية قائمة ..
صحبة المرشد الكامل - وهو أندر من الكبريت الأحمر في هذا الزمان - مصححة للتصورات والأعمال، ومطهرة للقلب من الرعونات والأوضار، وملحقة للقاصر بالكامل، حتى يدرج في دائرة الولاية ..
إن السير بدون مرشد عالم، قد لا يفضي إلى الغاية المرجوة، فلابد منه، وكما لا يكون المرء طبيباً بمطالعة الكتب فقط، دون أن يدخل دور الطب الرسمية، ثم بعد النجاح في الامتحان، يعمل في المشافي تحت نظر الأطباء، كما لا يكون الطبيب طبيباً إلا بهذا، لا يكون السير إلى الله تعالى مضمون النتائج، إلا بصحبة عالم تقي نقي ورع، قد تربى بصحبة غيره . وهكذا إلى أن ينتهي الأمر إلى السيد الأعظم، حضرة سيدنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم . .
والمرشد الكامل، هو العالم العامل، ذو الحال الصالحة القوية، الذي إذا توجه بالدعاء إلى مريده ، نقله من حال الى حال بإذن الله ، ورقى به من مقام إلى مقام بإذن الله ، مع الاستعانة بالصبر والصلاة والذكر والفكر، والمجاهدة والمكابدة ..
1- الإجازة بالإرشاد : وهذا المرشد، شرطه أن يكون تربى على يد مرشد مثله، حتى نضج علماً وحالاً وكمالاً وقوة إفاضة، فأجازه بالإرشاد، وهكذا حتى تتصل الطريق بإجازة شيخ عن شيخ إلى حضرة سيدنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم .
ولا بد لهذا المرشد، من أن يكون قد اجتاز العقبات، وتخلص من العيوب عيباً فعيباً، وارتقى مقاماً فمقاماً، حتى قعد مقعد الكمال، فهو بصير بما يعتري السالك وله من قوة توجهه القلبي ما يدرأ به عنه الأخطار إن شاء الله تبارك وتعالى . من ظفر بهذا المرشد، فليشد يده عليه، وليكن له سامعاً مطيعاً، فإنه الطبيب النفسي الذي تجب الرحلة إليه، والجلوس بين يديه . وآية معرفته الاستقامة على الكتاب والسنة فإن رأيت منه خلاف ذلك ففر منه فرارك من الأسد .
2- العلم الواسع والعمل بالعلم : وأن يكون عالماً واسع العلم، لئلا يميل في السير إلى غير الاستقامة، فيميل المريد بميله، فيكون ضالا مضلاً، ومن كان كذلك، فهو بعيد عن الإرشاد كل البعد . والعلم الدينى يعم علم العقائد، وعلم الأحكام في العبادات والمعاملات، وعلم أحوال القلب وأمراضه المعنوية، والسبيل إلى تخليصه منها بمعالجته بالإضافة الروحية الصحيحة والتوجه القلبي القوي . ويشترط مع علمه الجم الغزيز، أن يكون عاملاً به، فإن القدوة بالعامل أكثر منها بالعالم عند الجماهير، وعند المبتدئين من المريدين أيضاً، وليكن عمله متجلياً طبق الشريعة، فلا يأذن للحال التي تغشاه ومريديه بأن تتأمر عليه وعليهم إن كانت مخالفة لقواعد الشريعة، أو لركائز الأعمال .
3- الترفع عن مال المريد : ويتأكد عليه الترفع عن مال المريد، فإن أكل الدنيا بالدين حرام، إلا إذا كان إهداء عن طيب نفس، وخلوص نية ، وبعد عن الاغترار . فإن رأيت شيخاً على خلاف ذلك فهذا شيخ الدرهم والدينار .
4- المرشد ليس معصوماً : ومع كل هذا، فالمرشد ليس معصوماً، لأن العصمة لا تكون لغير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ومن هنا تكون صحبة الشيخ المرشد شاقة، لمن لم يرزق الاستسلام له، وقد قص الله تعالى علينا من نبأ موسى والخضر على نبينا وعليهما الصلاة والسلام، ما فيه إشارة إلى هذا .
وليكن على بال المريد أن المرشد ليس نبياً معصوماً، فقد يجري عليه ما يجري على غيره من القضاء والقدر، لكنه سريع الأوبة، وشيك التوبة، وإنها لتغسل الحوبة .
وقد وقع بعض الشيوخ فيما صورته المخالفة، وكان ذلك امتحاناً منه لمريديه، فتغير بعضهم وثبت غيره، فقال للذى ثبت : لم لم تتغير كما تغير أصحابك ؟ فقال: ما صحبتك على أنك معصوم، ولكن صحبتك على أنك أعرف بطريق الله منى ..
5- الإخلاص : ولقد لخص السيد الكبير الشيخ أحمد الرفاعى – رحمه الله تعالى – أهم صفات الشيخ المرشد بقوله : ((كم طيرت طقطقة النعال حول الرجال من رأس ! وكم أذهبت مـن دين ! والرجل من جمع الناس على الله لا على نفسه، وجذبهم إلى الله لا إلى نفسه، وبقي قلبه عنهم بمعزل، وهو ذاك الفارس البطل )) أ هـ .
فقد أوضح الشيخ أمراً مهماً من الموازين التي نقيّم بها الشيخ ، ومنها نهيه لمريديه عن الإفراط فيه ، وتبجيله بما ليس فيه .
=============================
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق