الخميس، 25 أبريل 2013

الوهابية فرقة ضالة



الحمد للهِ خالقِ الأكوان، الموجودِ أزلًا وأبدًا بلا مكان، الدائمِ الباقي الذي تنزَّه عن التغيُّر والتطوُّر والعيوبِ والنقصان، سبحانَه ليس كمِثْلهِ شيءٌ وهو السميع البصير.. وصلَّى اللهُ على حبيبِ قلوبنا سيِّدنا مُحَمَّدٍ وعلى ءالهِ وصحبهِ وسلَّم تسليمًا كثيرًا على مرِّ العصور والأزمان.. أمّا بعد .
فيا أيُّها المسلمون، احذروا من فِرْقَةٍ ضالّةٍ اتَّخَذَتْ من التجسيمِ والتشبيهِ دينًا ومن الطعن بالنبيِّ والصالحينَ سبيلًا ومن تكفيرِ المسلمينَ بنسبتِهم إلى الشركِ مذهبًا، فأعرضَت عن طاعةِ الله ورسولهِ واتَّبَعَتْ غيرَ سبيل المؤمنين، إنّها فِرْقَةُ {{الوهّابيّة}} التي أنشأ دعوتَها منذ نحو مِائتينِ وستينَ سنةً رجلٌ من نجدِ الحجاز يقال له {مُحَمَّدُ بنُ عبدِ الوهّاب} وتبِعه على ذلك بعضُ الغوغاءِ من المفتونينَ فروَّجوا لفتنته، ولقد كان بسبب ما سُخِّرَ لهذه الفِرْقَةِ من وسائلَ قويّةٍ وأموالٍ طائلةٍ أنْ بلَغ شرُّها العديدَ من بلاد المسلمينَ فاشتعلَت نارُ الفتنةِ فيها وظهَر خطباءُ السُّوءِ وعَمَّتِ البليّة، وقد حَذَّرَنا رسولُ الله، صلَّى الله عليه وسلَّم، من فتنةِ هذا الرجل لَمّا ذُكِرَ له نجدُ الحجاز ليدعوَ له بالبركةِ فلم يُجِبْهُمْ لذلك وقال : (منها يطلُع قَرْنُ الشيطان) ، أي قُوَّةُ فتنته.. رواه البخاريُّ في (صحيحه)..
هذه الطائفةُ اتَّخَذَتْ لنفسِها تسمياتٍ أخرى مُزَوَّرَةً من أجلِ التمويهِ على الناس مثل {{السلفيّة}}، و{{أنصار السُّنَّة}}، وغير ذلك..
وليُعلم أنّ مُحَمَّدَ بنَ عبدِ الوهّابِ الذي ظهر في القرن الثاني عَشَرَ الهجريِّ كان مُتَّبِعًا في التجسيمِ والتشبيهِ والتشويش على المسلمين سلفَه الشّاذَّ أحمدَ بنَ تَيْمِيَةَ المخالفَ لأهلِ السُّنَّةِ والجماعة، بل وزاد عليه سخافةً وقبحًا ووقاحة.. ويذكُر أهلُ العلم أنّ مُحَمَّدَ بنَ عبدِ الوهّابِ كان عاقًّا لوالدِه الشيخِ عبدِ الوهّابِ بنِ سليمانَ الذي كان غضبانَ عليه وكان يتفرَّس فيه ويقولُ للناس : [سوف تَرَوْنَ من مُحَمَّدٍ شرًّا كبيرًا].. فكان ما توقّعه.. وكذلك تبرّأ منه أخوه الشيخُ سليمانُ الذي كان من أهلِ العلم وكان ينكِر عليه إنكارًا شديدًا في كلِّ ما يفعله أو يأمرُ به ورَدَّ عليه ردًّا جيِّدا بالآياتِ والآثارِ وسمَّى ردَّه على أخيه (فصل الخطاب في الرَّدِّ على مُحَمَّدِ بنِ عبدِ الوهّاب)..
وكان مُحَمَّدُ بنُ عبدِ الوهّابِ يصرِّح بتكفير الأمّةِ ويسمِّي المسلمينَ مشركينَ ويستحلُّ دماءَهم وأموالَهم، فتسلَّط على أهلِ البوادي وصاروا يعتقدون أنّ مَنْ لا يعتنق مذهبَ ابنِ عبدِ الوهّابِ يكونُ كافرًا مشركًا مهدورَ الدم والمال.. ولذلك أرسل من يقتلُ أخاه الشيخَ سليمانَ لأنّه كان منافيًا له في دعوته، ولكن سلَّمه اللهُ من شرِّه ومَكْرِه..
ومن قبائحِ مُحَمَّدِ بنِ عبدِ الوهّابِ أنّه كان يكفِّر المتوسِّلينَ بالأنبياءِ والأولياءِ والمتبرِّكين بآثارهم، وكان يقول بتكفير من يقول : [يا محمَّد] بعد وفاتهِ صلَّى الله عليه وسلَّم..
وكان ينهَى المؤذِّنين عن الصلاة على النبيِّ جهرًا على المنائر ويؤذي من يفعلُ ذلك ويعاقبُه أشدَّ العقاب وربَّما قتلَه.. وكان يقول : [إنّ الرَّبَابَةَ في بيتِ الزانيةِ أقلُّ إثمًا ممَّن ينادي بالصلاة على النبيِّ على المنائر].. وكان يوهِم أتباعَه بأنّ ذلك كلَّه من باب المحافظة على التوحيد..
وكان ينتقص من النبيِّ هو وجماعتُه، وقد قال قائلُهم في حضرته : [عصايَ هذه خيرٌ من مُحَمَّدِ بنِ عبدِ الله لأنّ العصا يُنْتَفَعُ بها في قتلِ الحيّةِ ونحوِها وأمّا مُحَمَّدُ بنُ عبدِ الله فقد مات ولم يبقَ فيه نفعٌ أصلًا].. وكان قد أحرق كثيرًا من كتب الفِقْهِ والتفسيرِ والحديث مِمّا هو مخالفٌ لأباطيله..
ومن قبائحهِ أيضًا أنّه منَع قراءةَ المولدِ الشريفِ ومنَع الناسَ من زيارة قبر النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم..
ومن أعظمِ جرائمهِ وجرائمِ أتباعهِ قتلُهم الناسَ حين دخلوا الطائفَ قتلًا عامًّا حتّى استأصلوا الكبيرَ والصغيرَ وصاروا يذبحون على صدر الأمِّ طِفْلَها الرضيعَ، وقتلوا الرجلَ في المسجد وهو راكع أو ساجد حتّى أفْنَوْا المسلمينَ في ذلك البلد، ونهبوا الأموالَ والنقود وطرحوا المصاحفَ ونُسَخَ البخاريِّ ومسلمٍ وبقيّةَ كتبِ الفِقْهِ والحديثِ في الأزقّةِ وهم يدوسونها بأرجلِهم..

بيان موجز عن حال مُحَمَّدِ بنِ عبدِ الوهّابِ النجديِّ إمامِ الوهّابيّة
ومن عجيبِ أمرِ الوهّابيّةِ أنّهم يموِّهون على الناس بدعوى توحيدِ الله فيكفِّرون من يقول :[لا إله إلّا الله مُحَمَّدٌ رسولُ الله] إذا سمعوه يتوسَّل بالنبيِّ مَعَ أنّهم يعلِّمون الناسَ أنّ استواءَ الله على العرش هو الجلوسُ والاستقرار، وينسُبون إلى الله الجوارحَ.. فـ[يد الله]عندَهم حجم و[وجه الله]عندَهم حجم.. ويثبتون للهِ الجهة.. ويدَّعون أنّ نزولَ الله إلى السماء الدنيا حقيقيٌّ أي بذاتهِ فيجسِّمونه.. تعالى الله عمّا يقولُ الظالمونَ علوًّا كبيرًا.
ولدى التتبُّع لكتب دعاتهم وبعد الاستقراءِ والبحثِ معهم يتبيَّن لكلِّ ذي بصيرة أنّ الوهّابيّةَ فرع جديد من فروع الحَشَوِيَّةِ المجسِّمة.. فهُم يزعُمون أنّ اللهَ تعالى جسم محدود شبيه بالمخلوقين.. وينسُبون إلى الله الأعضاءَ والجوارحَ والحركةَ والسكون والصعودَ والهبوطَ والقعود وغيرَ ذلك من صفات البشر.
ولقد كان من نتيجةِ عمل هذه الطائفةِ القائمِ على الدعوة الفاسدةِ والمدعومِ بالأموالِ الطائلةِ تفريقُ كلمةِ المسلمينَ وبثُّ عقائدَ فاسدةٍ وانتشارُ أتباعٍ ضلُّوا وأضلُّوا فصرَّحوا بالتشبيهِ لزَيغ قلوبهم عن الحَقِّ واتّباعِهم للمتشابهِ ابتغاءَ الفتنة، وصار في بعض البلاد يتجرَّأ الأبناءُ الذين تتلمذوا عندهم على أن يقولوا لآبائهم وأمّهاتهم : [نحن أولادُ زنا لأنّكم ولدتمونا على الشرك].. وقد تجرَّأ بعضُهم على محاولة قتل أبيه لأنّه توسَّل بالنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم.
وفيما يلي نذكر بعضًا من هؤلاءِ المفتونين مَعَ بيانِ بعضِ مقالاتِهم الفاسدةِ والردِّ عليها بإيجازٍ بما ورد عن علماء أهلِ السُّنَّة.
[01] يقول أحد رؤوس الوهّابيّةِ عبدُ العزيزِ بنُ باز في كتابٍ سمّاه (تنبيهات هامّة على ما كتبه الشيخ محمّد عليٌّ الصابوني في صفات الله عزَّ وجلَّ) ما نصُّه : [ثمّ ذكَر الصابوني، هداه الله، تنزيهَ الله سبحانَه عن الجسم والحَدَقَةِ والصِّماخ واللسان والحَنْجَرَة، وهذا ليس بمذهبِ أهلِ السُّنَّة] انتهى.
أنظروا كيف ينكِرون على أهلِ السُّنَّةِ تنزيهَهم ربَّهم عن الجسم وصفاتِ البشر لأنّهم، كحالِ زعيمِهم مُحَمَّدِ بنِ عبدِ الوهّابِ وسلفهِ ابنِ تَيْمِيَةَ، مجسِّمة مشبِّهة يزعُمون أنّ للهِ
صورةً وهيئةً لا يعرفُها أحد إلّا الله، ويقولون : [إنّ الله يستقرُّ على العرشِ على كيفيّةٍ استأثر اللهُ بعِلمها] .. ولذلك هم لا يقولون {إنّ الكيفَ مرفوعٌ غيرُ معقول} كما نقول نحن، أهلَ التنزيه، وإنّما يقولون : [إنّ للهِ كيفيّةً مجهولة] ، فيثبتون الكيفَ لله، ويقولون : [إنّ اللهَ يأتي ويجيء وينزِل ويصعد بكيفيّةٍ مجهولةٍ أي بهيئة مجهولةٍ لا يَعْلَمُها إلّا الله] .. فشبَّهوا اللهَ بخلقه .. ويقولون : [إنّ كلامَه بصوتٍ وحرفٍ والعياذ بالله تعالى من التشبيه والتجسيم] .
وقد صرَّح أيضًا مُحَمَّدُ بنُ صالحٍ العُثَيْمِينُ بذلك في كتابه المسمَّى زورًا (عقيدةُ أهلِ السُّنَّة) قائلًا : [إنّ للهِ عينينِ حقيقيَّتين] .هـ .
وقد قال قائلُهم في رسالةٍ له للحصول على الدكتوراه في جامعاتِهم : [إنّ اللهَ يضع قدمَه في النار لكنّها لا تحترق].
أمّا أهلُ السُّنَّةِ والجماعةِ فيتمسَّكون بقوله تعالى (ليس كمِثْلهِ شيء) وبقولِ الأئمّة : [مهما تَصَوَّرْتَ ببالك فالله بخلافِ ذلك] ، وقولِ إمامِ الهدى السلفيِّ حُجَّةِ الإسلامِ أبي جعفرٍ الطَّحَاوِيِّ : [ومَنْ وَصَفَ اللهَ بمعنًى من معاني البشر فقد كفر] .
[02] ومن أباطيلِهم أنّهم يزعُمون التحيُّز في الله تعالى ، فيقولون : [إنّه بذاته في السماء] . وأحيانًا يقولون : [إنّه مستقرٌّ على العرش] . ومن هؤلاء ابنُ باز الذي قال في (مجلَّة الحجِّ)/عدد جمادى الأولى 1415 هـ/ص73/ص74 ما نصُّه : [إنّ الله سبحانَه وتعالى مستوٍ على عرشه بذاته] انتهى .
وقد تقرَّر عند أهلِ السُّنَّةِ أنّ الاستواءَ بالذاتِ من صفات الأجسامِ لأنّه يصاحبُه حركةٌ وانتقالٌ وتحيُّز فوقَ العرش والله منزَّه عن ذلك.. تعالى الله عمّا يقول المشبِّهة علوًّا كبيرًا .
ثمّ يُخَطِّئُ ابنُ باز الحافظَ ابنَ حَجَرٍ عند تعليقه على كتابه (فتح الباري) لقوله : [إنّ أهلَ السُّنَّةِ متَّفقون على أنّ اللهَ تعالى موجود بلا مكان] .
أمّا ناصر الألبانيُّ فيشبِّه اللهَ تعالى بالقُبَّةِ المحيطةِ بالشيءِ مُفَسِّرًا إحاطةَ الله بكلِّ شيءٍ بالإحاطةِ الحِسِّيَّةِ بالعالَم وذلك في كتابه المسمَّى (صحيح الترغيب والترهيب).. أمّا أهلُ السُّنَّةِ فيقولون : [إنّ الله منزَّه عن التحيُّز في الأماكنِ والْجِهَاتِ] . ويستدلُّون لذلك بقولِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم : (كان اللهُ ولم يكن شيءٌ غيرُه) ، وقولِ سيِّدنا عليٍّ رضي الله عنه : [إنّ اللهَ تعالى خلَق العرشَ إظهارًا لقدرته لا مكانًا لذاته.. قد كان ولا مكان وهو الآنَ على ما كان] ، أي بلا مكان . روى ذلك عنه الإمامُ الكبيرُ أبو منصورٍ التميميُّ البَغْدادِيُّ عبدُ القاهرِ بنُ طاهرٍ في كتابه (الفَرْقُ بين الفِرَق)/ص333 بالإسنادِ الصحيح بعد أن نقَل الإجماعَ على تنزيهِ الله عن المكان والحَدِّ . وقولِ الإمامِ أبي حنيفةَ في رسالته (الوصيّة) : [ونُقِرُّ بأنّ اللهَ على العرش استوى من غير أن يكونَ له حاجةٌ إليه واستقرارٌ عليه، وهو حافظُ العرش وغيرِ العرش من غير احتياج، ولو كان محتاجًا إلى الجلوس والقرار فقبل خَلْقِ العرش أين كان الله، تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا] . وقولِ الإمامِ السلفيِّ أبي جعفرٍ الطَّحَاوِيِّ : [تعالى عن الحدودِ والغاياتِ والأركان والأعضاءِ والأدوات، لا تَحْويهِ الْجِهَاتُ السِّتُّ كسائر المبتدَعات] .
[03] ومن مزاعِم الوهّابيّةِ الباطلةِ إنكارُ التأويلِ في الآياتِ المتشابهةِ ويزعُمون أنّه ليس أحدٌ من السلفِ قد أوَّل، ويزعُمون أنّ حَمْلَ المتشابهِ على ظاهره سُنَّةُ السلفِ الصالح وكذَبوا، فإنّ علماءَ أهلِ السُّنَّةِ أوَّلوا، ومِنْ بينِهم بعضُ السلفِ كابنِ عَبَّاسٍ وأحمدَ بنِ حنبلٍ ومالكِ بنِ أنَسٍ ومجاهدٍ والبخاريِّ.. فمثلًا يقولُ البخاريُّ في (صحيحه) عند تفسير سورة القَصَصِ في قوله تعالى (كلُّ شيءٍ هالكٌ إلّا وجهَه) يقول : [إلّا مُلْكَهُ].. ويقولُ أحمدُ بنُ حنبلٍ في قوله تعالى في سورة الفجر ((وجاء ربُّك)) :[[جاءت قدرتُه]]، أي أثَرٌ من ءاثار قدرته.. صحَّح سندَه الحافظُ البيهقيُّ في كتابه (مناقب أحمد).. ويكذِّبهم أيضًا حديثُ النبيِّ، صلَّى الله عليه وسلَّم، في دعائه لابنِ عَبَّاسٍ : (اللهمَّ علِّمه الحكمةَ وتأويلَ الكتاب) رواه البخاريُّ وابنُ ماجه وغيرُهما بألفاظٍ متعدِّدة.
[04] يكفِّر مُحَمَّدُ بنُ عبدِ الوهّابِ وأتباعُه مِنْ بعدِه من يقول : [يا محمَّد] بعد وفاتهِ، صلَّى الله عليه وسلَّم، ويعتبرون ذلك شركًا وعبادةً لغير الله .
ولكنْ أهلُ الحَقِّ أجمعوا على أنّ نداءَنا لرسولِ الله في حياتهِ وبعد مماتهِ بلفظ [يا محمَّد] جائز، إلّا أنّ بعضَ الناس، في زمن النبيِّ، كانوا ينادونه من خلفِ الحجرة : [يا مُحَمَّدُ اخرُج إلينا ] ، فنزَل النهيُ عن مناداة الرسول في وجهه بـ [يا محمَّد] .. يقولُ الله تعالى في سورة النور (لا تجعلوا دعاءَ الرسول بينَكم كدعاءِ بعضِكم بعضًا) هذا معنى الآية وأمّا في غير وجههِ في حياتهِ وبعد مماتهِ فليس حرامًا وإنّما لم يزل جائزًا ، فقد ثبَت عند البخاريِّ في (الأدب المفرد)/ص324 أنّ عبدَ الله بنَ عُمَرَ لَمّا خَدِرَتْ رِجْلُهُ قيل له :[أذكُر أحبَّ الناس إليك] ، فقال : [يا محمَّد] ، فتعافى فورًا فأين نفاةُ التوسُّل من أصحاب الرسول وسائرِ المسلمين؟!
وقولُ عبدِ الله بنِ عُمَرَ : [يا محمَّد] معناه : أدركني يا مُحَمَّدُ بدعائك إلى الله ، وأين الضرر في ذلك؟!. والخَدَرُ شللٌ جزئيٌّ يصيبُ الرِّجْلَ ، وهو مَرَضٌ معروفٌ عند الأطبّاء وهذا دليلٌ على أنّ نداءَ النبيِّ على وجه الاستغاثةِ به بعد مماته بـ[يا محمَّد] جائز .
ذكر البخاريُّ في كتابه (الأدب المفرد) أنّ نداءَ النبيِّ بعد موته بـ[يا محمَّد] جائز .. وما ذكَرَه البخاريُّ ينقُض زعم الوهّابيّةِ أنّ نداءَ الميت على وجهِ الاستغاثةِ شرك .. وحديثُ البخاريِّ رواه أيضًا ابنُ السُّنِّيِّ في كتابه[(عملُ اليوم والليلة)/ص72/ص73]، رواه بإسنادٍ ءاخَرَ غيرِ إسنادِ البخاريِّ.
وإليك أيُّها القارئُ نصَّ البخاريِّ في كتابه[(الأدب المفرد)/ص324] : {باب ما يقول الرَّجُلُ إذا خَدِرَتْ رِجْلُهُ : حدَّثنا أبو نُعَيْمٍ قال حدَّثنا سفيانُ عن أبي إسحاقَ عن عبدِ الرحمنِ بنِ سعدٍ قال : خَدِرَتْ رِجْلُ ابنِ عُمَرَ فقال له رَجُلٌ :[[أذكر أحبَّ الناس إليك]]، فقال :[[يا محمَّد]]..} انتهى .
وروى هذا الأثرَ أيضًا الحافظُ الكبيرُ إبراهيمُ الحربيُّ الذي كان يشبَّه بالإمامِ أحمدَ بنِ حنبلٍ في العِلم والورع، رواه في كتابه[(غريب الحديث)/ج2/ص673/ص674]، رواه بغير إسنادِ ابنِ السُّنِّيِّ.
وروى هذا الأثرَ أيضًا الحافظُ النوويُّ في كتابه[(الأذكار)/ص321]..ا
وذكَرَه الحافظُ شيخُ القُرَّاءِ ابنُ الجَزَرِيِّ في كتابهِ (الحِصْنُ الحَصِينُ) وكتابهِ[(عِدَّةُ الحِصْنِ الحَصِينِ)/ص105].
وذكَرَه الشَّوْكَانِيُّ أيضًا في كتابه[(تحفةُ الذاكرين)/ص267]. ومن المعلومِ أنّ الشَّوْكانِيَّ يوافق الوهّابيّةَ في بعض الأشياءِ وهو غير مطعونٍ فيه عندَهم.
ورواه أيضًا ابنُ الجَعْدِ في[(مسندِه)/ص369].
ولم نسمع عن أحدٍ من هؤلاء المذكورينَ أنّه طعن في هذا الحديثِ أو اعترض على ما فعَلَه ابنُ عُمَرَ سوى أتباعِ مُحَمَّدِ بنِ عبدِ الوهّاب ، حتى إنّ ابنَ تَيْمِيَةَ الذي يحرِّم التوسُّل بغير الحَيِّ الحاضر أورد حديثَ عبدِ الله بنِ عُمَرَ في كتابه[(الكَلِمُ الطَّيِّبُ)/ص73]. وإليك أيُّها القارئ نَصَّ عبارة ابنِ تَيْمِيَةَ في كتابه (الكَلِمُ الطَّيِّبُ) :{فصلٌ في الرَّجُلِ إذا خَدِرَتْ رِجْلُهُ : عن الهيثم بنِ حَنَشٍ قال كنّا عند عبدِ الله بنِ عُمَرَ، رضي الله عنهما، فقال له رَجُلٌ :[[أذكر أحبَّ الناس إليك]]، فقال :[[يا محمّد]]، فكأنّما نَشِطَ من عِقال}انتهى ، فلو قال أحدُهم :[إنّ ابنَ تَيْمِيَةَ روى الحديثَ من طريقِ راوٍ مُخْتَلَفٍ فيه]، يقال له : [إنّ مجرَّد إيرادِه لهذا الحديثِ في هذا الكتاب الذي سمّاه (الكَلِمُ الطَّيِّبُ) دليلٌ على أنّه استحسنه إن فُرِضَ أنّه يرى إسنادَه صحيحًا أو غيرَ ذلك] ، وأمّا محاولةُ الألبانيِّ تضعيفَ هذا الأثر فلا عبرةَ بها، لأنّ الألبانيَّ محرومٌ من الحِفْظِ الذي هو شرطُ التصحيح والتضعيف عند أهل الحديث.
[05] الوهّابيّة يكفِّرون المتوسِّلين بالأنبياءِ والأولياءِ والصالحينَ وكذلك المتبرِّكين بآثارهم الشريفة .
يقولُ أحد خلفائهم محمّد أحمد باشميل في كتابه المسمَّى[(كيف نفهم التوحيد)/ص16]ما نصُّه : [عجيب وغريب أن يكون أبو جهلٍ وأبو لهبٍ أكثرَ توحيدًا لله وأخلصَإيمانًا به من المسلمين الذين يتوسَّلون بالأولياءِ والصالحينَ ويستشفعون بهم إلى الله]انتهى. ويقول عبد الرحمن ءال الشيخ حفيد محمّد بنِ عبدِ الوهّاب في كتابه المسمَّى (فتح المجيد) بتكفير أهلِ مِصْرَ وأهلِ الشام وأهلِ اليمن وأهلِ العراق وغيرِها من البلادالإسلاميّة لعبادتهم قبورَ الصالحين على زعمه.
ونحن نَرُدُّ على شياطينِ الإنس هؤلاءِ بحديث الأعمى فقد أخرج الطَّبَرانِيُّ في (المعجم الكبير) و (المعجم الصغير) عن عثمانَ بنِ حُنَيْفٍ أنّ رَجُلًا كان يختلِف ـ أي يتردّد ـ إلى عثمانَ بنِ عَفّانَ، فكان عثمانُ لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته، فلقي الرَّجُلُ عثمانَ بنَ حُنَيْفٍ فشكَى إليه ذلك، فقال له عثمانُ بنُ حُنَيْفٍ : [ائتِ الميضأةَ فتوضَّأ، ثمّ صَلِّ رَكعتين، ثمّ قل :[[اللهمّ إنّي أسألُك وأتوجَّه إليك بنبيِّنا مُحَمَّدٍ نبيِّ الرحمة، يا مُحَمَّدُ إنّي أتوجَّه بكَ إلى ربّي في حاجتي لتُقْضَى لي]]، ثمّ رح حتّى أروحَ معك] ، فانطَلَق الرَّجُلُ ففَعَلَ ما قال، ثمّ أتى بابَ عثمانَ بنِ عَفّانَ، فجاء البوّاب فأخذ بيده فأدخله على عثمانَ بنِ عَفّانَ فأجلسه على طِنْفِسَتهِ ـ أي سجّادته ـ فقال : [ما حاجتُك؟؟] فذكر له حاجتَه، فقضى له حاجتَه وقال : [ما ذكرتُ حاجتَك حتى كانت هذه الساعة] ثمّ خرج من عندِه فلقي عثمانَ بنَ حُنَيْفٍ فقال له : [جزاك الله خيرًا، ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفِت إليَّ حتّى كَلَّمْتَهُ فيَّ] فقال عثمانُ بنُ حُنَيْفٍ : [واللهِ ما كَلَّمْتُهُ، ولكن شهدتُ رسولَ الله وقد أتاه ضرير فشكى إليه ذهابَ بصره فقال له النبيُّ : [(إن شئتَ صَبَرْتَ وإن شئتَ دعوتُ لك)]].. فقال الأعمى :[[يا رسولَ الله إنّه شَقَّ عليَّ ذهابُ بصري وإنّه ليس لي قائد]].. فقال النبيُّ له :[[(ائتِ الميضأةَ فتوضَّأ وصَلِّ رَكعتين ثمّ قل هؤلاءِ الكلمات..)]].. ففعل الرَّجُلُ ما أمره به رسولُ الله، فواللهِ ما تفرَّقنا ولا طال بنا المجلس حتّى دخل علينا الرَّجُلُ وقد أبصر كأنّه لم يكن به ضُرٌّ قطُّ]] .
قال الطَّبَرانِيُّ في كلٍّ من (المعجم الكبير) و (المعجم الصغير) : [والحديثُ صحيح] والطَّبَرانِيُّ من عادتهِ أنّه لا يصَحِّح حديثًا مع اتّساع كتابه (المعجم الكبير).. ما قال في حديثٍ أورده ولو كان صحيحًا {{الحديثُ صحيح}} إلّا هذا الحديثَ، قال :[[والحديثُ صحيح]].. وفي الحديثِ دليلٌ على أنّ الأعمى توسَّل بالنبيِّ في غير حضرتهِ بدليلِ قولِ عثمانَ بنِ حُنَيْفٍ :[[حتّى دخل علينا الرَّجُلُ]].. وفيه أنّ التوسُّل بالنبيِّ جائز في حال حياته وبعد مماته.. فبَطَلَ قولُ ابنِ تَيْمِيَةَ :[[لا يجوز التوسُّل إلّا بالحَيِّ الحاضر]].
فانظر أيُّها المنصِف كيف كفَّر الوهّابيّة المسلمين قاطبةً وكيف دافعوا عن أبي جهلٍ وأبي لهبٍ وجعلوهما من الموحِّدين المؤمنين وقد كانا من أشدِّ الناس عداوةً للهولرسوله صلَّى الله عليه وسلَّم.
[06] تحرِّم الوهّابيّة السفرَ إلى المدينةِ المنوَّرة إذا كان الغرضُ من السفر فقط زيارةَ النبيِّ، صلَّى الله عليه وسلَّم، في قبره . أمّا أهلُ السُّنَّةِ والجماعةِ فمتّفقون على جواز ذلك، بل يَعُدُّونَ هذا العملَ من أعظم القرُبات إلى الله تعالى.
قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم :[[(من زار قبري وجبت له شفاعتي)]].. قال الذهبيُّ :[[إنّ هذا الحديثَ يتقوَّى بتعدُّد الطرُق]]، نقل ذلك عنه السُّيُوطِيُّ في كتابه (مناهل الصفا) كما رواه الدّارَقُطْنِيُّ أيضًا وصحَّحَه الحافظُ تقيُّ الدين السُّبْكِيُّ بكَثرة شواهدِه إذ مَعَ أنّ أحَدَ رواتهِ متكلَّم فيه لكنّ شواهدَه تقوّيه.
وروى الحاكمُ في كتابه (المستدرَك) من حديثِ أبي هريرةَ أنّ رسولَ الله قال :[[(لَيَهْبِطَنَّ عيسى ابنُ مريمَ حَكَمًا مُقْسِطًا، وليَسْلُكَنَّ فَجًّا حاجًّا أو معتمرًا، ولَيَأتِيَنَّ قبري حتّى يسلِّم عليَّ، ولَأَرُدَّنَّ عليه)]].. والحديثُ صحيح، صحَّحَه الحاكمُ ووافقه الحافظُ الذهبيُّ.
وقد شنَّع علماءُ الإسلام على ابنِ تَيْمِيَةَ قولَه :[[لا يجوزُ السفرُ إلى المدينةِ المنوَّرة إذا كان الغرضُ من السفر فقط زيارةَ قبره صلَّى الله عليه وسلَّم]].. ومن هؤلاء العلماءِ الحافظُ السُّبْكِيُّ في كتابهِ (شفاءُ السَّقام في زيارة خير الأنام)، والحافظُ ابنُ حجَر في (الفتح) حيث قال ما نصُّه :[[وهي من أبشع المسائلِ المنقولةِ عن ابن تَيْمِيَةَ]]انتهى ، أنظر كتابه[(فتح الباري)/كتاب فضل الصلاة في مسجد مكّة والمدينة]..ا
وقد رَدَّ الذهبيُّ على ابنِ تَيْمِيَةَ أيضًا وبيَّن مشروعيّة السفر إلى المدينة المنوَّرة بقصد الزيارة وحدَها في كتابه[(سِيَرُ أعلام النبلاء)/جـ1/ص484/ص485].
[07] ويزعُم الوهّابيّة أنّ عمَل المولدِ النبويِّ الشريفِ بدعةٌ محرَّمة كما أفتى ابنُ باز وابنُ عُثَيْمِين والجبرين في الكتاب المسمَّى[(فتاوى إسلاميّة)/ص47] ، وقال داعيَتُهم أبو بكرٍ الجزائريُّ : [إنّ الذبيحةَ التي تُذبح لإطعامِ الناس في المولدِ أحرمُ من الخِنزيرقال هذا الكلامَ في محاضرةٍ له في المسجد النبويِّ.
ورَدُّ أهلِ الحَقِّ على وقاحتِهم وسوءِ أدبهم وجرأتِهم في الباطلِ هو أنّ عَمَلَ المولدِ بدعةٌ حسَنَة كما أنّ اجتماعَ الناس خلفَ قارئٍ واحدٍ في تراويحِ رَمَضَانَ بدعةٌ حسَنَة استحدثها سيِّدنا عُمَرُ بنُ الخَطّابِ وقال عنها :[[نِعْمَتِ البدعةُ هذه]].. رواه الإمامُ مالكٌ في (الموطَّأ).. ودرج المسلمون على عمل المولدِ النبويِّ الشريفِ منذ القرن السادس الهجريِّ.. وقد استحسن ذلك علماءُ الإسلامِ في كلِّ البلادِ الإسلاميّة.. ولقد أقرَّ الحافظُ ابنُ حجَر والحافظُ السُّيُوطِيُّ والحافظُ السَّخَاوِيُّ بجواز ذلك لِمَا فيه من إظهارِ الفرح بولادته، عليه الصلاة والسلام، وجَمْعِ الناس على قراءةِ القرءان وشيءٍ من سيرتهِ ووَعْظِهِمْ وعَمَلِ المدائح المحرِّكة للقلوب في حبِّه، صلَّى الله عليه وسلَّم، وحُبِّ أصحابه وحَثِّ الهِمم للعمل للدين ، ومن العجيب أنّهم يحرِّمون على المسلمينَ الاحتفالَ بمولدِ النبيِّ في حين أنّهم يقيمون الاحتفالاتِ والنُّدُواتِ لدراسةِ سيرة زعيمِهم محمّد بنِ عبدِ الوهّاب في ذكرى مولده!!.. وهم بتحريمِهم عَمَلَ المولدِ اعترضوا على زعيمهم الأوَّلِ ابنِ تَيْمِيَةَ وضلَّلوه، وهم بعد ذلك يسمُّونه زورًا شيخَ الإسلام.. إذ يقول ابنُ تَيْمِيَةَ في كتابه المسمَّى[(اقتضاء الصراط المستقيم)/ص297]ما نصُّه :[[فتعظيمُ المولدِ واتّخاذُه موسمًا قد يفعله بعضُ الناس ويكون له فيه أجرٌ عظيمٌ لحُسْنِ قَصْدِه وتعظيمهِ لرسول الله حبَّه صلَّى الله عليه وسلَّم]]انتهى.
[08]الوهّابيّة يحرِّمون الصلاةَ على النبيِّ جهرًا بعد الأذان ويزعُمون أنّ فاعلَها يُقْتَلُ.. وهذا ما فعله زعيمُهم ابنُ عبدِ الوهّاب مع مؤذِّن أعمى حَسَنِ الصوت كان قد صلَّى على النبيِّ جهرًا بعد الأذان فأمَر بقتله.. روى ذلك مفتي الشافعيّة في مكّة المكرَّمة أحمدُ بنُ زيني دحلان.. وحدَث في دمشقَ في مسجدِ الدَقّاقِ منذ أكثرَ من أربعينَ سنةً أنّ أحَدَ أتباعِ ناصر الألبانيِّ من الوهّابيّة اعترض على المؤذِّن السُنِّيِّ لأنّه جهَر بالصلاة على النبيِّ بعد الأذان وقال له :[[هذا حرام، هذا كالذي ينكِح أمَّه]].. فحَصَل ضربٌ وشِجَارٌ في المسجد ثمّ رُفِعَ الأمرُ إلى مفتي سورية أبي اليُسْرِ عابدين فنهَى ناصرًا الألبانيَّ وجماعتَه عن التدريس وهدّده بالنفي من سورية.
[09]والوهّابيّة يحرِّمون تعليقَ الحروز التي فيها شيءٌ من القرءان ويزعُمون أنّه من أنواع الشرك وهذه الفتوى الباطلةُ موجودةٌ في الكتاب المسمَّى[(فتاوى إسلاميّة)/ص27] لابن باز وابنِ عُثَيْمِين والجبرين.
ورَدُّ أهلِ السُّنَّةِ على هذه الأباطيلِ هو أنّ تعليقَ الحروز التي فيها شيءٌ من القرءان جائزٌ بدليلِ أنّ صحابةَ رسولِ الله، صلَّى الله عليه وسلَّم، كانوا يعلِّقونها على صدور أولادِهم.. روى ذلك التِّرْمِذِيُّ في (سننه) ، وفي كتاب[(العلل ومعرفة الرجال)/ص278]، وهو كتابٌ جَمَعَ فيه عبدُ الله بنُ أحمدَ بنِ حنبلٍ بعضًا ممّا أفتى به والدُه الإمامُ أحمد، يقولُ عبدُ الله :[[حدَّثني أبي ـ أي الإمامُ أحمد ـ عن الشعبيِّ قال : لا بأس بالتعويذِ من القرءان يعلَّق على الإنسان]]ا.هـ.
[10] ومن شذوذِهم قولُهم بإنكارِ نبوّة ءادمَ عليه السلام قال ذلك زعيمُهم مُحَمَّدُ بنُ عبدِ الوهّاب في كتابه المسمَّى[(الأصول الثلاثة/ص15]، فزعم أنّ أوَّلَ الرُّسُلِ والأنبياءِ نوحٌ عليه السلام، وقال مثلَ ذلك أحدُ دعاة طائفتِهم أبو بكرٍ الجزائريُّ في كتابه الذي سمّاه زورًا (منهاج المسلم).
ورَدُّ أهلِ السُّنَّةِ مأخوذ من القرءان وهو قولُه تعالى في سورة ءال عِمران ((إنّ اللهَ اصطفى ءادمَ ونوحًا وءالَ إبراهيمَ وءالَ عِمْرانَ على العالمين))، والأحاديثِ الثابتةِ الواردةِ عن رسولِ الله في (صحيح ابنِ حِبّانَ) و(الدلائلِ) للبيهقيِّ و(فتحِ الباري) لابن حجَر وغيرِها ، ولقد أجمع المسلمون على نبوّة ءادمَ وعُرِفَ هذا الأمرُ بينَهم بالضرورة، فمن نفى نبوّته أو شكَّ فيها فهو كافر بالإجماع كما في (مراتب الإجماع) لابن حزم.
[11]ومن شذوذِهم عن عقيدة المسلمين أيضًا موافقتُهم لرأي شيخِهم الأوَّلِ ابنِ تَيْمِيَةَ القائلِ بفَناءِ النار وانقطاعِ العذابِ عن الكفّار في الآخرة، وهذا لا يَخْفَى أنّه تكذيبٌ للدين لقوله تعالى في سورة الأحزاب ((إنّ اللهَ لعَن الكافرينَ وأعدَّ لهم سعيرًا، خالدينَ فيها أبدًا لا يجدون وليًّا ولا نصيرًا)) ابنُ تَيْمِيَةَ هو من الذين يقولون بأنّ جهنّم تفنى بعد أن يدخلَها الكفّار يومَ القيامة بزمان، وكان ابنُ تَيْمِيَةَ قبل أن يصرِّح بعقيدته هذه قد كفَّر جَهْمَ بنَ صَفْوانَ لقوله بفَناءِ الجنّة والنار ثمّ شاركه في نصفِ عقيدته، أي شاركه في القول بفَناءِ النار، ولم يَرد عن ابنِ تَيْمِيَةَ أنّه قال بفَناء الجنّة.
نقل ابنُ القيِّم الجَوْزِيّة في كتابه (حادي الأرواح) عن ابنِ تَيْمِيَةَ أنّه قال :[[إنّ جهنَّم تفنى بعد أن يدخلَها الكُفَّارُ يومَ القيامة بزمان ولا يبقى فيها أحد]].
وكان ابنُ تَيْمِيَةَ، قبل أن يَشِذَّ ، قد قال في كتابه (منهاجُ السُّنَّةِ النبويّة) : [اتّفق المسلمونَ على بقاء الجَنَّةِ والنار، وخالف في ذلك جَهْمُ بنُ صَفْوانَ، فكفَّره المسلمون] ، وللإمامِ السُّبْكِيِّ رَدٌّ على ابن تَيْمِيَةَ سمّاه (الاعتبار ببقاءِ الجَنَّةِ والنار).
[12] وأمّا موقفُهم من الطرُق الصوفيّة فإنّهم يذُمُّون التصوُّف وأهلَه ويحرِّمون طُرُقَ أهلِ الله ويعتبرونها بدعةَ ضلالة.. فيقول ابنُ باز في كتابه المسمَّى[(فتاوى إسلاميّة)/ص162]ما نصُّه :[[ونحذِّر ممّا أحدَث أهلُ الطرُق الصوفيّة من أورادٍ مبتدَعة وأذكارٍ غيرِ مشروعة وأدعيةٍ فيها شرك بالله أو ما هو ذريعة إليه]]انتهى..ا
ويقول عليُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ سِنَانٍ في ما يسمَّى[(المجموع المفيد من عقيدة التوحيد)/ص55]ما نصُّه :[[أيُّها المسلمون لا ينفع إسلامُكم إلّا إذا أعلنتم الحربَ الشعواءَ على هذه الطرق]]انتهى.
ولذلك هم يسخَرون من السيِّد أحمدَ البَدَوِيِّ ومن السيِّد أحمدَ الرفاعيِّ وغيرِهم، بل وامتدَّت أياديهم الآثمةُ إلى هدم مقاماتِ الصالحين ، وأمّا عن المذاهب الإسلاميّة فإنّهم يَدْعُونَ الناسَ إلى الخروج عن المذهبيّة بدعوى السلفيّة، ويقولون أيضًا :[[إنّ تقليد المذاهبِ شرك]].. وقَصْدُهم من هذا كلِّه الطعنُ بالمشايخ وعلماءِ المسلمين وتشكيكُ الناس بهم.
هذا غَيْضٌ مِنْ فَيْضٍ.. والكلامُ عن المخالفاتِ والضلالاتِ التي جاءت بها الوهّابيّة طويلٌ لا مجال لحصره هنا.. ونذكُر بعضًا منها على سبيل السرد.. فمِن ذلك : تحريمُهم قراءةَ القرءان على الميِّت المسلم، وتحريمُهم تلقينَ الميِّت المسلم، وتحريمُ الألبانيِّ التسبيحَ بالسُّبْحَةِ والوضوءَ بأكثرَ من مُدٍّ أي مِلْءِ كفَّين معتدلتَين.. كما يحرِّم الألبانيُّ قيامَ رمضانَ بأكثرَ من ثلاثَ عَشْرَةَ رَكعة، ودعا أيضًا إلى هدمِ القُبّةِ الخضراءِ.. وأوجَب على أهل فِلَسْطينَ المسلمين الخروجَ منها كما في (مجلّة اللواء) الأردنيّة الصادرةِ بتاريخ 17/07/1992في الصحيفة 16.. ويقول بتحريم زيارة الأحياءِ للأمواتِ يومَ العيد بدعوى أنّها بدعةٌ قبيحة ، وكذلك تحرِّم الوهّابيّة قولَ لا إله إلّا الله عند حمل جِنازة الميِّت المسلم إلى القبر لدفنه.
وقد يتساأل القارئُ كيف تَبَنَّى كثيرٌ من رؤوس حزب الإخوان كأمثالِ المولويِّ والغَنُّوشيِّ والقَرْضَاويِّ وغيرِهم فكرَ الوهّابيّة في حين أنّ زعماءَ الوهّابيّة يصرِّحون بتكفير رموز حزب الإخوان وتضليلِهم ، ففي مجلّة (المجلّة) الناطقةِ باسم الوهّابيّة في العدد 830 الصادرةِ بتاريخ 07-13/01/1996 في الصحيفة 10 و11 تأييد لفتوى ابنِ باز في تكفير حزب الإخوان تقول الوهّابيّة :[إنّ مرشدَ الإخوان السابقَ عمر التلمسانيَّ هو من الدعاة إلى الشرك، ومثلُه الشيخ حسن البَنّا لأنّه كان صوفيًّا من أهل الطريقة الشاذليّة، وكذلك الداعي المشهورُ سعيد حوّى لأنّه مَدَحَ الطريقةَ الرفاعيّة وكذلك مصطفى السباعي] ، ويقول ابنُ باز شيخُ الوهّابيّة لمجلّة (المجلّة) السعوديّة في العدد 806 الصادرةِ بتاريخ 23-29/07/1995 :[الإخوان المسلمون لا يعتقدون العقيدة الصحيحة وذلك لأنّهم لا يعتقدون عقيدة الوهّابيّة]ا.هـ.
ومن أراد أن يبحث عن الحقيقة سيؤدّي به البحث إلى حقيقةٍ واضحة صريحةٍ وهي أنّ حزبَ الإخوان القطبيّين أي جماعةَ سيِّد قطب بعيدون عن العلم بل وجريئون أيضًا في الباطل، ويجمعُهم مع الوهّابيّة التخبُّط والجهلُ والتكبُّر على الحقِّ والشذوذُ عن مَنْهَجِ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ وحبُّ المال وشهوةُ السلطة.
والحمد للهِ رَبِّ العالَمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق