الجمعة، 12 أبريل 2013

التكفير والتقية عند الوهابية



 تهمة التكفير الشامل:


الصواعق الحارقة في تفنيد الوهابية المارقة:رسالة الشيخ علي بلحاج إلى وزير الداخلية السعودية


 * موضوع التكفير من أخطر المواضيع الاعتقادية التي كثر فيها القيل والقال بحق وبغير حق بالهوى أو بالاجتهاد خاصة في المسائل الدقيقة الخفية غير أننا لن نخوض في تفاصيل هذا الموضوع المتشعب الذي كثيراً ما زلت فيه الأقدام وتشاجرت فيه الأفهام وأُطلقت فيه سهام الاتهام، فلن نتحدث عن النصوص الشرعية التي تجّرم التكفير بغير مسوغ شرعي ولا عن نقول أهل العلم قديما وحديثا في التحذير من جريمة التكفير بغير حق، لاسيما تكفير الأعيان من الناس، ولن نتطرق لبيان الفرق بين التكفير الاجتهادي والتكفير النصي القطعي، ولا بيان حكم التكفير بالقرائن وما حكم من يكفر بالقرائن؟!! ولن نتحدث عن الكفر الأكبر وأنواعه ولا عن الأصغر وأنواعه ولا عن ضوابط التكفير عند سائر الفرق الإسلامية إذ لكل فرقة معايرها الخاصة في التكفير، ولا عن التكفير عند الأديان السماوية وفرق كل دين فيما بينها ولا الحديث عن الكفر الأصغر الذي عدّه العلماء من أكبر الكبائر ولا عن الكفر الأصغر الذي صنفه العلماء أشد من السرقة الزنا وأكل الربا ولا بيان أن معنى الكفر الأصغر أو الشرك الأصغر لا يعني أنه صغيرة من الصغائر كما يحاول إشاعة ذلك علماء السوء، ولن نفصل القول في أحكام الردة والمرتدين أو تفصيل القول في الردة الاعتقادية والردة العملية والردة القولية والردة الفردية والردة الجماعية وردة الحكام، ومن يحق له شرعا الحكم بالردة على فلان أو علان وما هي المواصفات الشرعية للقاضي الذي يقوم باستتابة المرتدين وإصدار الأحكام شرعية بحقهم، كما أننا لن نفصل القول في الكفر الذي يشترط فيه الجحود والاستحلال والكفر الأكبر الذي لا يشترط فيه ذلك ولا الحديث عن الفرق بين تكفير النوع وتكفير العين وحكم تكفير المؤسسات التي تحكم بغير ما أنزل الله والعاملين لهذا السبب أو ذاك، وهل حكم المؤسسات الاعتبارية ينطبق على الأفراد والأعيان؟ أم أن حكم المؤسسات لا ينطبق بالضرورة على كل أعيان تلك المؤسسةـ وما حكم الذي يكفّر غيره بالهوى والتشهي والذي يُكفّر غيره بمجرد القرائن والاجتهاد؟! أو أدّاه التأويل إلى التكفير، ولن نفصل القول في شروط التكفير المتعلقة بالفاعل والمتعلقة بالفعل أو القول ولا تعداد موانع التكفير العشرة كما أننا لن نفصل القول في معنى إقامة الحجة وبلوغ الحجة وفهم الحجة ومن المؤهل لإقامة الحجة؟!! وما هي المواطن التي لا يشترط فيها إقامة الحجة وإنما يكفي مجرد بلوغ الحجة من القرآن والسنة؟!! وهل الجهل والتأويل والشبهة عذر شرعي أو لا؟ وما هي القضايا التي يجوز العذر فيها بالجهل والأمور التي لا عذر فيها؟ كل هذه المواضيع الهامة والخطيرة لن نخوض فيها ولقد جمع الأخ بن حاج فيها بحوثاً متنوعة سنة 1981 ولكن ضاعت منه أثناء فترة السجن ولله الأمر من قبل ومن بعد.
 * من الموضوعات التي خاض فيها الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله موضوع التكفير وأسهب فيه القول ونظراً لكثرة كلامه في هذا الموضوع، اضطرب فيه الناس والعلماء بل وحتى أتباعه صعب عليهم فهم طريقة الشيخ في قضية التكفير وهل الشيخ يعذر بالجهل والتأويل والشبهة أو لا يعذر وهل كان يلجأ أحياناً إلى التقية في إطلاق التكفير والإحجام عنه تارة أخرى؟!!! وصعُب عليهم التمييز بين أقواله المتقدم منها والمتأخر ليتعرف الباحث على الناسخ من المنسوخ من أقواله والتي ثبت عليها والتي تراجع عنها أمام حملة النقد التي وجهت له من علماء عصره؟!! غير أنه من المؤكد أن كبار علماء عصره من الحنابلة وغيرهم اتهموه صراحة بتكفير عموم المسلمين على طريقة الخوارج وأن تكفيره شمل عدة جهات.
 * لا شك أن الذين رموا الشيخ رحمه الله بتهمة التكفير هم من أكابر علماء عصره، ومنهم عثمان بن منصور رحمه الله صاحب كتاب "جلاء الغمة عن تكفير هذه الأمة" حيث قال:"قد ابتلى الله أهل نجد بل جزيرة العرب بمن خرج عليهم وسعى بالتكفير للأمة خاصّها وعامّها وقاتلها على ذلك جملة إلا من وافقه على قوله، لما وجد من يعينه على ذلك ..." وقال الشيخ صدقي الزهاوي في الفجر الصادق:"ثم إنه صنف لابن سعود رسالة سماها كشف الشبهات عن خالق الأرض والسموات كفّر فيها جميع المسلمين" وقال عنه ابن عفالق:"وهذا الرجل كفّر الأمة ..." وقال فيه العالم القباني: "كفَّر هذه الأمة بأسرها وكفَّر كل من لم يقل بضلالها وكفرها..." والنّقول عن علماء زمانه ومن جاء بعدهم أكثر من أن تحصر واستدلوا على ذلك من بعض أقواله وأقوال أتباعه ممن لم يضبطوا كلامهم في هذه المسألة البالغة الخطورة كما استدلوا على ذلك من الممارسة العملية في معاملة مخالفيه في الرأي من عامة الناس وخاصتهم. وإذا كان القول يحتمل التأويل ويختلف الناس في فهمه أما الممارسة الفعلية العملية لا مجال فيها للتأويل ومن أقوال الشيخ رحمه الله المشعرة بذلك قوله لابن سعود في سنة 1157:"أنت ترى بلاد نجد من أقصاها إلى أقصاها وقد انغمست في الوثنية وغرقت في الضلال والشرك" كما نقل ذلك مؤرخ وتلميذ الشيخ ابن بشر في عنوان المجد.
ويقول ابن بشر النجدي في عنوان المجد عن المسلمين في عصره:"... جميع الأراضي الشركية في أقاصي الأقطار من الحرمين واليمن وتهامة وعمان والأحساء ونجد وغير ذلك حتى لا تجد في جميع من شملته ولاية المسلمين الشرك الأصغر فضلاً عن الرياء ..." وقال حفيد الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن رحمه الله في رسالة له:"لم ينج من شرك هذا الشرك إلا الخواص والأفراد والغرباء في سائر البلاد وذلك مصداق ما أخبر به الصادق بقوله:"بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ" قال بعض الأفاضل:"هذا الشرك لم يصل إليه شرك جاهلية العرب"" كما جاء في الدرر السنية.

وهناك أقوال للشيخ محمد بن عبد الوهاب فيها تصرح أن عصره أشد شركاً وجاهلية من الجاهلية الأولى، وهذا نظرا لمظاهر الشرك التي سادت وانتشرت في زمانه منها:
- قوله:"فاعلم أن شرك الأولين أخف من شرك زماننا...".
- قوله:"الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أصح عقولاً وأخف شركاً من هؤلاء..".
- قوله:"إن أكثر الخلق قد لعب بهم الشيطان وزيَّن لهم الشرك بالله وأخرجه في قالب حب الصالحين وتعظيمهم".
- وقوله:"إن المشركين الذين في زماننا أضل من الكفار الذين في زمان رسول الله... فلا يخفى عليكم ما ملأ الأرض من الشرك الأكبر عبادة الأصنام"، وقوله "وإن كفر المشركين من أهل زماننا أعظم كفرا من الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم" وقال أكبر مؤرخ في السعودية ابن غنام في بيان ما كان عليه عصره "وكان غالب الناس في زمانه –أي زمن الشيخ- متضمخين بالأرجاس متلطخين بوضر الأنجاس حتى انهمكوا في الشرك بعد حلول ربقة التوحيد والدين، فجدوا في الاستعانة بهم في النوازل والحوادث والخطوب المعضلة والكوارث"، ومثل هذه الأقوال المصرحة أو المشعرة بالتكفير العام هي التي جعلت علماء عصره ومن جاء بعدهم يتهمونه بتكفير المسلمين، مما دعا شيخه محمد سليمان الكردي يوجه له نداء بقوله:"يا ابن عبد الوهاب سلام على من اتبع الهدى فإني أنصحك لله تعالى أن تكف لسانك عن المسلمين" ونصحه أخوه قائلاً:"فانظر رحمك الله إلى طريقة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإحجام عن تكفير من يدّعي الإسلام...".


5- تهمة تكفير الدولة العثمانية: 

* اتهم الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بأنه يكفر دولة الخلافة وبعض الأقطار المجاورة فضلا عن سكان البادية وبعض القبائل العربية والدول الإسلامية واستدلوا لذلك بأنه كاتب الحكام والملوك للدخول في دعوته وهذا ما صرَّح به ابن بشر في عنوان المجد حيث قال:"ثم إن الشيخ كاتب أهل البلدان بذلك ورؤساءهم وقضاتهم ومدعي العلم منهم فمنهم من قبل واتبع الحق ومنهم من اتخذه سخرياً واستهزؤوا به ونسبوه إلى الجهل وعدم المعرفة..." وهذا الأمير عبد العزيز بن محمد بن سعود راسل سليمان باشا الكبير والي بغداد من طرف الخليفة العثماني وبعث مع الرسالة كتاب التوحيد لمحمد بن عبد الوهاب طالبا منه أن يجمع علماء بلاده وقراءة الكتاب والإيمان بما جاء فيه فأنكر أهل العلم ذلك وعندما حاولت الدولة العثمانية تهدئة الأوضاع بعثت بوفود ورسل إلى سعود بن عبد العزيز طلباً للهدنة والصلح فكتب إليهم برسالة جاء فيها:"أما المهادنة والمسالمة على غير الإسلام فهذا أمر محال بحول الله وقوته وأنت تفهم أن هذا الأمر طلبتموه منا مرة بعد مرة... وبذلتم الجزية على أنفسكم كل سنة ثلاثين ألف مثقال ذهباً فلم نقبل منكم ولم نجبكم بالمهادنة فإن قبلتم الإسلام فخيرتها لكم وهو مطلبنا وإن توليتم فنقول كما قال الله تعالى:"فإن تولوا فإنما هم في شقاق فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم"" وعندما احتج والي بغداد على لهجة هذه الرسالة التي لا يخاطب بها إلا الكافرون أرسل سعود رسالة أخرى جاء فيها مهدداً:"...وأما إن دمتم على حالكم هذه ولم تتوبوا من الشرك الذي أنتم عليه وتلتزموا دين الله الذي بعث الله به رسوله وتتركوا الشرك والبدع والمحدثات لم نزل نقاتلكم حتى تراجعوا دين الله القويم وتسلكوا طريقه المستقيم "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله" وهذا دليل أن الأمير سعود لا يرى المهادنة أو المسالمة مع الكفرة المرتدين كما يذهب إليه بعض الفقهاء، وإن كان المسألة فيها تفصيل عند الفقهاء قديما وحديثا لسنا الآن بصدد تفسيره وتفصيله، والرسالة بطولها في الدرر السنية والأجوبة النجدية وهذا التصرف عند خصومه ومن جاء بعدهم من الأدلة الواضحة على تكفير الدولة العثمانية لا كما يزعم البعض أن الدولة العثمانية لم يكن لها نفوذ على نجد بينما حقيقة الأمر تكفير الدولة العثمانية ومن الدول التي تم تكفيرها الكويت ومصر ومن المعلوم أن محمد بن عبد الوهاب عندما قام بدعوته إلى منع أئمة المساجد من الدعاء للسلطان على المنابر يوم الجمعة بحجة أن ذلك من الأمور البدعية أو أن السلطان فاسق لا يجوز تمجيده.
وما زال خصوم الشيخ من عصره إلى يومنا هذا يستنكرون على الشيخ وأتباعه وآل سعود تكفير بعض أعيان خلفاء الدولة العثمانية ونوابه وقتالهم واستباحة دمائهم والمدافعون يرون أنهم وقعوا في كفر بواح، ولذلك يقال أن الشيخ عبد العزيز بن باز مفتي السعودية رحمه الله كفّر الرئيس بورقيبة سنة 1974 وهيئة كبار العلماء كفرت قائد الثورة القذافي سنة 1982 جاء فيه"إن القذافي كافر ملحد وضال مضل" وأثناء حرب الخليج 1990 ظهرت للشيخ بن باز فتاوى تكفّر حزب البعث والرئيس صدام ووجوب جهاده والخروج عليه والاستعانة عليه –عند عدم القدرة- بالكفار وكل هذا في موسوعة فتاوى الشيخ بن باز رحمه الله. قال عن حزب البعث "حزب البعث أشد من اليهود والنصارى" وقال عن صدام عينا "بعثي ملحد وليس من المؤمنين"، وقال "صدام الذي هو أكفر من اليهود والنصارى وأضل منهم..." وورد عليه سؤال، هل حاكم العراق كافر؟ وهل يجوز لعنه؟ وهل يجزم بأنه كافر؟ فقال الشيخ "بل كافر وإن قال لا إله إلا الله حتى ولو صلى وصام وما دام لم يتبرأ من مبادئه البعثية الإلحادية." وأوجب جهاده على جميع المسلمين حيث قال "من أفضل الجهاد وأعظمه في وقتنا هذا جهاد حاكم العراق" وهذا الذي جعل الكثير يطرح سؤالا، أليس من عقيدة أهل السنة والجماعة عدم تكفير الأعيان إلا بعد إقامة الحجة، فهل أقام الشيخ رحمه الله الحجة على بورقيبة أو القذافي أو صدام؟!!! أليس من عقيدة أهل السنة والجماعة عدم التحريض على ولاة المسلمين، فلماذا يتم التحريض على حاكم العراق والاستعانة عليه بالكفار؟!!! أليس من عقائد أهل السنة والجماعة أن الحاكم الكافر لا يجوز الخروج عليه إلا عند القدرة وإذا كانت السعودية ودول الخليج غير قادرة على مواجهة صدام لماذا لم تصبر على تغلبه على الكويت حتى تمتلك القدرة فتنهض لمواجهته دون الاستعانة عليه بالكفار؟!!! لاسيما وإمامة المتغلب بالسيف مقبولة عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب،!!! ولكن السؤال الأعجب لماذا نكفر حاكم العراق لأنه بعثي ولا نكفر حافظ الأسد وهو بعثي أيضا دمر المسلمين في حماة، فما هو المعيار الشرعي المنضبط الذي يجعلنا نكفر هذا الحاكم عينا ونحرض على جهاده والثورة عليه والخروج عليه ولا نكفر حاكما آخر ربما كان أشد ضررا على الإسلام والمسلمين، فهل يجوز تكفير الحكام بالتشهي والانتقاء لأغراض سياسية أم أن حافظ الأسد لا يجوز تكفيره لأنه كان في صف دول التحالف المواجهة لغزو الكويت؟!!! والحق أن أزمة الخليج الأولى طرحت أسئلة محيرة شرعيا وسياسيا ما زالت آثارها إلى اليوم منها لماذا لم تدع هيئة كبار العلماء إلى الجهاد في فلسطين وإخراج الصهاينة من ثالث الحرمين، وقد احتلت منذ 1948م، ولسنا الآن بصدد ذكر المواقف المخزية للمملكة قبل 48 وبعدها، ألم تحرض هيئة كبار العلماء على الجهاد في أفغانستان، ألم تحرض على جهاد الحاكم الكافر الملحد البعثي صدام حسين، فما بالها ساكتة الآن عن الحث على الجهاد في فلسطين أو العراق أو أفغانستان؟!!! وكلها من ديار الإسلام الذي لا يعترف بالسدود والحدود، أسئلة محيرة حقا وصدقا وهل هيئة كبار العلماء ناطقة باسم الشرع أم باسم الأسرة المالكة التي قامت بتنصيبها وحصر الفتوى فيها دون سواها؟!!! وكل من يصدر منه رأيا مخالفا ولو كان لطيفا يعزل، كما حدث مع الشيخ سعد بن ناصر الشثري الذي انتقد الاختلاط في الجامعة التي أسسها الملك عبد الله وهو مسبوق بأقوال كبار علماء المملكة وخاصة الشيخ بن باز الذي يحرم الاختلاط بين الرجال والنساء في المدارس والجامعات وأماكن العمل منعا حازما وفتاويه في ذلك أشهر من أن تذكر.


6- تهمة تجهيل وتكفير علماء عصره:
 * من الاتهامات التي وجهت إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب تجهيل علماء زمانه والنيل منهم وتكفيرهم واستدل خصومه على ذلك ببعض أقواله هنا وهناك فأما النيل منهم فقوله:"قد ترأس على الناس رجال من أجهل العالمين وأبعدهم من معرفة ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم.. ويدعون أنهم يعملون بالشرع ولا يعرفون شيئاً من الدين إلا شيئاً من كلام بعض الفقهاء.. وأما العلم الذي بعث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم فلم يعرفوا منه خبراً ولم يقفوا منه على عين ولا أثر... فهؤلاء الذين يزعمون أنهم علماء اشتد إنكارهم علينا لما تكلمنا بذلك وزعموا أنهم لم يسمعوا من مشايخهم ومن قبلهم فلما ظهر هذا الأمر اجتهدوا في عداوته وإطفائه بما أمكنهم وجاهدوا في ذلك بأيديهم وألسنتهم" وقال أيضاً عن نفسه وعن علماء زمانه الذين يجهلون معنى كلمة التوحيد:"أنا أخبركم عن نفسي.. وأنا ذلك الوقت لا أعرف معنى "لا لإله إلا الله" ولا أعرف دين الإسلام قبل هذا الخير الذي منَّ الله به وكذلك مشايخي ما منهم رجل عرف ذلك فمن زعم من علماء العارض أنه عرف معنى لا إله إلا الله أو عرف معنى الإسلام قبل هذا الوقت أو زعم أن مشايخه أو أحداً عرف ذلك فقد كذب وافترى ولبَّس على الناس ومدح نفسه" وقال أيضاً:"اعلموا أنه قد غلط في هذا طوائف لهم علوم وزهد وورع وعبادة فما حصل لهم من العلم إلا القشور وقد حرموا لبه وذوقه وقلدوا أسلافاً قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيراً وضلوا عن سواء السبيل فيا لها من مصيبة ما أعظمها وخسارة ما أكبرها؟ فلا حول ولا قوة إلا بالله فلا غنى لكم عن تعلم (التوحيد) وحقوقه من فرائض الله وواجباته وأن يكون ذلك أكبر همكم ومحصل علمكم" وفضل عليهم العامي الموحد بقوله:"والعامي من الموحدين يغلب ألفاً من علماء هؤلاء المشركين.." بل حكم ببطلان الصلاة وراءهم وهذا ما فعله أتباعه من بعده حتى أنهم احتكروا المساجد وقالوا ببطلان الجماعة والجمعة وراء أمثال هؤلاء العلماء ومن اطلع على المصادر التاريخية عرف ذلك.
قال الذين اتهموه بتكفير العلماء الأكابر في زمانه أنه لم يكفر القول أو الفعل وإنما كفَّر الفاعل والقائل بأعيانهم خلافاً لما درج عليه أهل السنة والجماعة في ضوابط التكفير حيث لم يقم عليهم الحجة بنفسه، ولم تعقد لذلك لا مناظرات ولا محاكمات شرعية؟!!! بل وحكم على من شك في كفرهم بالكفر والفسق حيث أرسل إلى قاضي الرياض الشيخ سليمان بن سحيم الحنبلي وفقيه الرياض:"... أنت وأبوك لا تفهمون شهادة لا إله إلا الله ونكشف لك هذا لعلك تتوب إلى الله وتدخل في دين الإسلام إن هداك الله... ولكن أنت رجل جاهل مشرك مبغض لدين الله وتلبّس على الجهال الذين يكرهون دين الإسلام ويحبون الشرك ودين آبائهم" وكتب إلى قاضي الدرعية الشيخ عبد الله بن عيسى وأنبه:"لو يعرف الناس الأمر على وجهه لأفتيت بحل دم ابن سحيم قاضي الرياض وأمثاله وقتلهم كما أجمع على ذلك أهل العلم كلهم..." وقيل أنه كفّر عيناً محمد بن عبد الرحمن بن عفالق الحنبلي وعبد الله المويس من أجلّ علماء نجد ومحمد بن أحمد بن فيروز وكفّر أحمد بن عبد الكريم الحنبلي النجدي وحكى الإجماع على تكفير المتكلمين وهؤلاء كفرهم كفراً ينقل عن الملة كما جاءت أقواله في الدرر السنية وكما حكاه ابن غنَّام في تاريخ نجد. ولذلك اتهمه أخوه سليمان بن عبد الوهاب قاضي حريملاء بأنه لا يعرض كلامه على أكابر علماء زمانه وينفرد بنفسه:" "..فإن اليوم الذي ابتلي الناس بمن ينتسب إلى الكتاب والسنة ويتبسط في علومها ولا يبالي –أي أخوه محمد بن عبد الوهاب- من خالفه وإذا طلبت منه أن يعرض كلامه على أهل العلم لم يفعل، بل يوجب على الناس الأخذ بقوله وبمفهومه ومن خالفه فهو عنده كافر هذا، وهو لم يكن فيه خصلة واحدة من خصال أهل الاجتهاد لا والله ولا عشر واحدة، ومع هذا راج كلامه على كثير من الجهاد فإنا لله وإنا إليه راجعون"،والسؤال المطروح، لماذا لم يكن محمد بن عبد الوهاب يعرض أقواله على علماء زمانه ومشايخه، هل لأنهم كفار أو فاقهم هو علما أو أن المجدد من طبيعته أن يصادم ما عليه السواء الأعظم من أبناء جيله من عامة ومشايخ وعلماء وطلبة علم وأقران وإذا كان الأمر كذلك، فما وجه المنقصة إذا خالف محمد بن عبد الوهاب أكابر علماء زمانه، وصكهم جميعا صك الجندل كما يقولون؟!!!
ولقد كان أهل العلم يحذرون من تكفير الأعيان من العامة فكيف بالعلماء ولذلك لما قال الشيخ العلاء النخاري الحنفي:"من زعم أن ابن تيمية شيخ الإسلام فهو كافر لا تصح الصلاة وراءه" وردَّ عليه الحافظ ناصر الدين الدمشقي رحمه الله في كتابه "الرد الوافر على من زعم بأن من سمى ابن تيمية شيخ الإسلام كافر" وعندما كفر الحافظ البقاعي المغفول عنه بن عربي كما هو مصرح في مصرع التصوف ردّ عليه الحافظ السيوطي رحمه الله بتأليف كتاب "تنبيه الغبي بتبرئة ابن عربي" وذكر فيه انقسام العلماء فيه بين قادح ومادح ومتوقف أما الشيخ شمس الدين محمد البُساطي فقد نص على أن التكفير يجب أن ينصب على أقوال ابن عربي وفيها كفر بلا شك وأما التكفير المعين فغير مسلم لأحد إلا للمعصوم لأنه لا أحد يعلم ما تختم به حياة الإنسان وقال الإمام المناوي رحمه الله:"إن السكوت عنه أسلم" فهو عند قوم هو الشيخ الأكبر وعند آخرين الشيخ الأكفر وهناك من يصر على كفره وأن من لم يكفره فهو كافر،ورغم كل ما قيل فيه وما زيد عليه ودس عليه، إلا أن المنصفين يشهدون سعة اطلاعه ورقة أدبه وعُذوبة شعره واختلاف أطواره وأحواله واتباعه الدليل في قضايا الفقه على الطريقة الظاهرية والبعد عن التقليد ودفاعه عن دار الإسلام إذا تعرضت للاعتداء عند الشدة، ومحاولة اعتداء على أرض الإسلام والمسلمين، وهو الذي وبخ السلطان الكامل عندما تقاعس في قتال أهل الصليب قائلا "إنك دني الهمة، والإسلام لن يعترف بأمثالك فانهض للقتال أو نقاتلك كما نقاتلهم"، والذي درس تراجم الصوفية الأوائل يدرك أنهم جمعوا بين التربية الروحية والدفاع عن ديار المسلمين خلافا للصوفية المتأخرين الذين أصبحوا مطايا ومراكب لولاة القهر والاستبداد في بلاد المسلمين طمعا في عرض حائل وظل زائل، والحاصل أن الأمثلة على تبادل تهم التكفير والتبديع والتفسيق بين بعض أهل العلم أكثر من أن تحصر ولا حول ولا قوة إلا بالله. وهل يصح ممّا سبق ذكره اتهام الشيخ محمد بن عبد الوهاب بتكفير العلماء بعد تكفير العامة؟!!! أم أن الشيخ له عذر في تكفير هؤلاء الأعلام في زمانه؟!!!، هذا ما نتركه لأهل العلم والاختصاص في العالم الإسلامي كله شريطة أن لا يكون ذلك مقصورا على علماء السعودية فقط"، فالعلم ليس حكرا على طائفة من العلماء ولا على قطر من الأقطار ولا على معهد من المعاهد فقد يوجد في النهر ما لا يوجد في البحر، وكم في المملكة من علماء غمرهم النظام وأبرز غيرهم لأكثر من سبب وكذا في سائر البلاد الإسلامية ولا يجوز شرعا أن نحجّر واسعا كما جاء في الحديث.

7. تهمة أتباع الشيخ بتكفير أهل مكة والمدينة:

 
* عندما غزا سعود بن عبد العزيز بن محمد مكة المكرمة خطب قائلاً: "احمدوا الله الذي هداكم للإسلام وأنقذكم من الشرك أطلب منكم أن تبايعوني على دين الله ورسوله وتوالوا من والاه وتعادوا من عاداه في السراء والضراء والسمع والطاعة" وأجبروا علماء مكة على توقيع بيان اعتراف على أنفسهم جاء في نص بيان الاعتراف: "نشهد نحن علماء مكة الواضعون خطوطنا وأحكامنا في هذا الرقيم أن هذا الدين الذي قام به الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ودعا إليه إمام المسلمين سعود بن عبدالعزيز من توحيد الله ونفي الشرك الذي ذكره في هذا الكتاب أنه الحق الذي لا شك فيه ولا ريب وأن ما وقع في مكة والمدينة سابقاً ومصر والشام وغيرهما من البلاد إلى الآن من أنواع الشرك المذكورة في هذا الكتاب أنه الكفر المبيح للدم والمال والموجب للخلود في النار ومن لم يدخل في هذا الدين ويعمل به ويوالي أهله ويعادي أعداءه فهو عندنا كافر بالله واليوم الآخر وواجب على إمام المسلمين جهاده وقتاله حتى يتوب إلى الله مما هو عليه ويعمل بهذا الدين" ونص البيان في كتاب الدرر السنية الجزء الأول. ووقّع على هذا البيان عبد الملك القلعي مفتي الحنفية بمكة ومحمد بن صالح بن إبراهيم مفتي الشافعية ومحمد البناتي مفتي المالكية ومحمد بن يحيى مفتي الحنابلة وغيرهم وكلهم كانوا ضد دعوة محمد بن عبد الوهاب ولكن وقعوا تحت الإكراه، ولمعان وبريق السيوف البواتر والإرهاب بلغة العصر الذي تزعم المملكة اليوم أنها تحاربه وتتعاون مع الإنس والجن من أجل دحره والله المستعان، وقد قال ابن الشيخ بالوراثة كما تنصّ مواد المبايعة عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الذي شارك في غزو مكة والمدينة سنة 1218 للمرة الثانية، لأن المرة الأولى كانت في عهد الشيخ سنة 1205هـ أن من يخالف أصول الدعوة التي جاء بها والده:".... أنه مشرك شركاُ أكبر يهدر دمه ويبيح ماله....".
وعندما تم غزو المدينة المنورة وقع علماء المدينة بياناً مشابهاً لذلك جاء في نص البيان: "نشهد أن ما وقع في مكة والمدينة سابقاً والشام ومصر وغيرهما من البلاد إلى الآن من أنواع الشرك المذكورة في هذا الكتاب أنها الكفر المبيح للدم والمال وكل من لم يدخل في هذا الدين ويعمل به فهو كافر بالله واليوم والآخر والواجب على إمام المسلمين وكافة المسلمين القيام بفرض الجهاد وقتال أهل الشرك والعناد وأن من خالف ما في هذا الكتاب من أهل مصر والشام والعراق وكل من كان على دينهم! الذي هم عليه الآن فهو كافر مشرك من موقعه..." ونص البيان في الدرر السنية والأجوبة النجدية الجزء الأول.
والحاصل: هل صحيح أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب كفّر أهل مكة والمدينة، وما هي المبررات الشرعية التي جعلته راضيا بغزو مكة والمدينة سنة 1205هـ؟

8- تهمته بتكفير من لا يكفر من كفره!!!

 * اتهمه بعض علماء زمانه أنه يكفر من لم يكفِّر من كفره قال ابن عفالق فيه:"هذا الرجل كفَّر الأمة... وحلف يميناً فاجرة أن اليهود والمشركين أحسن حالاً من هذه الأمة لقد كفَّر هذه الأمة بأسرها وكفَّر من لم يقل بضلالها وكفرها" وقال عنه علوي الحداد منها:"إذا أراد رجل أن يدخل في دينه يقول له: اشهد على نفسك أنك كنت كافراً واشهد على والديك أنهما ماتا كافرين واشهد على العالم الفلاني والفلاني أنهم كفار فإن شهد قبله وإلا قتله" وأما الأمير سعود بن عبد العزيز فقد منع حجاج الشام ومصر والعراق والمغرب وإسطنبول من أداء فريضة الحج سنوات عدة واتُهم أنه إذا تبعه أحد وكان قد حج حجة الإسلام يقول له:"حج ثانية فإن حجتك الأولى فعلتها وأنت مشرك فلا تُقبل ولا تُسقط عنك الفرض" وقال في أهل الخرج:".... كلهم كفار مرتدون عن الإسلام ومن جادل عنهم أو أنكر على من كفَّرهم أو زعم أن فعلهم هذا لو كان باطلاً فلا يخرجهم إلى الكفر فأقل أحوال هذا المجادل أنه فاسق لا يقبل حجه ولا شهادته ولا يصلى خلفه بل لا يصح دين الإسلام إلا بالبراءة من هؤلاء وتكفيرهم" وثمة فتاوى أخرى تنصّ على من لا تجوز الصلاة وراءهم من الأئمة لا داعي لذكرها الآن، وقد أشار إلى هذا النص ابن غنام في تاريخ نجد. والحاصل، هل هذه التهمة صادقة بحق الشيخ رحمه الله أم هي مجرد افتراء عليه؟!!!
تنبيه هام: هل نفي الشيخ لتهمة التكفير عن نفسه من باب التقية ؟!!!
 * أمام الهجمة التي شنها كبار علماء زمانه من أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب يكفر عموم المسلمين ولا يعذر بالجهل والتأويل ويكفر الأشاعرة من أهل الكلام فضلاً عن الرافضة ويكفر أهل البوادي والقبائل وكثيراً من الدول الإسلامية كما هو مبثوث في كتبه ورسائله، أخذ الشيخ ينفي عنه تهمة التكفير وأنه لا يكفر ابن عربي ولا ابن الفارض ولا البوصيري وأخذ يرسل الرسائل هنا وهناك لنفي تهمة التكفير عن نفسه ومن أشهر ذلك ما جاء في رسالته الشهيرة لأهل القصيم حيث قال وهو يرد على اتهام ابن سحيم:"والله يعلم أن الرجل افترى عليّ أموراً لم أقلها ولم يأت أكثرها على بالي فمنها قوله أني أقول أن الناس من ستمائة سنة ليسوا على شيء وأني أكفر من توسل بالصالحين وأني أكفر البوصيري وأني أكفر من حلف بغير الله... جوابي عن هذه المسائل أن أقول سبحانك هذا بهتان عظيم" ورغم أن الشيخ نفى تهمة التكفير عن نفسه كما في هذه الرسالة وغيرها إلا أن خصومه يقولون أن أقواله متناقضة في هذه المسألة، هذا من جهة ومن جهة أخرى أن أفعاله وأفعال أتباعه في حياته وبعد مماته تدل على أن قتالهم لخصومه ومخالفيهم كان قتال أهل الردة وأن غزو مكة والمدينة وما جرى فيها من فضائع ومجازر تم في حياته، وساقوا أقوالاً كثيرة تدل على التكفير الصريح وقالوا إنما فعل ذلك الشيخ من باب التقية السياسية ومراعاة للظروف التي كانت تمر بها الدعوة قبل القوة التمكين وما أكثر العلماء الذين حذروا في زمانه من منهج الشيخ في التكفير وانقسم فيه العلماء في عصره فأهل الحجاز لهم رأي فيه وأما الأبعدين عن أرض الحجاز هناك من مدحه وأثنى عليه بحكم أنه شهر راية الإصلاح والحفاظ على نقاوة التوحيد ونبذ جميع أنواع الشرك والبدع والخرافات ولكن تحفظوا على منهجه في قضية التكفير حتى قال محمد الحازمي رحمه الله بعد الثناء على محمد بن عبد الوهاب:"... ولكن أنكر عليه خصلتان الأولى تكفير أهل الأرض بمجرد تلفيقات لا دليل عليها... والأخرى التجاري في سفك الدم المعصوم بلا حجة ولا برهان" وقال فيه الإمام الشوكاني رحمه الله وأتباعه:"ولكنهم يرون أن من لم يكن داخلاً تحت دولة صاحب نجد وممتثلاً لأوامره خارجاً عن الإسلام" ولكن الإمام الشوكاني رفض التصديق بأنه من الخوارج حيث يقول:"وبعض الناس يزعم أنه يعتقد اعتقاد الخوارج وما أظن ذلك صحيحاً" كما في البدر الطالع. ويقال أن الإمام الصنعاني رحمه الله مدح محمد بن عبد الوهاب في بداية الأمر عندما سمع بمعالم دعوته الإصلاحية التي تريد العودة بالمسلمين إلى العهود الأولى ولكنه غيَّر رأيه فيه بعد اجتماعه في صنعاء بأحمد التميمي قاضي جُريملاء وأطلعه على بعض ما جاء في كتبه فظن الإمام الصنعاني أن محمد بن عبد الوهاب قد توسع في التكفير وقتال المسلمين فنقض قصيدته الأولى بقصيدة أخرى وأعلن عن تراجعه وشرح قصيدته حفيده يوسف بن إبراهيم الأمير في كتابه "محو الحوبة في شرح أبيات التوبة" والحاصل أن هناك جماعة من العلماء عبر العالم الإسلامي أثنوا على محمد بن عبد الوهاب إما بعد الاطلاع على بعض ما جاء في كنبه ورسائله، وبعضهم الآخر أثنى عليه بمجرد السماع عن منهجه في الإصلاح الديني من الناحية النظرية فحسب، خاصة في ضرورة تطهير الاعتقاد بحكم أن هذه القضية محل اتفاق بين جميع زعماء الإصلاح شرقا وغربا ومهما بعدت ديارهم، فعندما اتهم الشيخ عبد الحميد بن باديس أنه وهابي نفى الشيخ أن يكون قد اطلع في انطلاقته الأولى أن يكون قد قرأ له كتاباً:"لا والله ما كنت أملك يومئذ كتاباً واحداً لابن عبد الوهاب ولا أعرف من ترجمة حياته إلا القليل ووالله ما اشتريت كتاباً من كتبه إلى اليوم وإنما هي أفكيات قوم يهرفون بما لا يعرفون ويحاولون إطفاء نور الله ما لا يستطيعون وسنعرض عنهم اليوم وهم يدعوننا وهابيين كما عرضنا عنهم بالأمس وهم يدعوننا عبداويين".
9- تهمة التناقض بين النظرية والتطبيق ؟!!!
 * يقول خصوم الشيخ، لنسلم جدلا أن الشيخ صادق في نفي تهمة التكفير كما صرح بذلك في بعض أقواله، فكيف بالممارسات الفعلية التي قام بها وزكاها وأن الشيخ لم يقتصر على مجرد الجانب النظري وإنما تعداه إلى الممارسة لاسيما بعد المبايعة التي تمت في الدرعية بين الشيخ وبين الأمير محمد بن سعود 1158هـ حيث وافق الشيخ على شن غزو بلاد الحجاز وهو ما قام به أمراء آل سعود وأبناء وأحفاد الشيخ من بعده، واستنتج الخصوم أن طريقة القتال واستحلال الدماء والأموال والاغتيال وجمع الغنائم وتقسيمها كل هذه دلائل تدل دلالة قوية على أن قتال أهل الحجاز والأمصار المجاورة كان قتال أهل الكفر والردة لا قتال المحاربين أو البغاة أو الخوارج وذكروا لذلك جملة من الأدلة العملية التي تدعم وجهة نظرهم تضاف إلى قائمة التهم منها:
10- تهمة عصره بأنه أشد شركا وجاهلية من الجاهلية الأولى!!!:
 * قال محمد بن عبد الوهاب رحمه الله:"إن شرك الأولين أخّف من شرك زماننا" وقال أيضاً:"فلما طال الأمد بعدهم صارت كتبهم في أيدي أناس جهلة فرجعوا إلى ما كان عليه من قبلهم ممن مضى من المبتدعة وكثر الشرك في القرى والأمصار وصاروا لا يعرفون من التوحيد إلا ما تدعيه الأشاعرة... حتى نسي العلم وعم الشرك والبدع إلى منتصف القرن الثاني عشر فإنه لا يعرف إذ ذاك عالم أنكر شركاً أو بدعة مما صار في آخر هذه الأمة" وقال حفيد الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن رحمه الله:"هذا الشرك لم يصل إليه شرك جاهلية العرب" وقال تلميذ الشيخ حسين بن غنام رحمه الله:"كان أكثر الناس المسلمين - في مطلع القرن 12 هـ - قد ارتكسوا في الشرك وارتدوا في الجاهلية وانطفأ في نفوسهم نور الهدى... وأحدثوا من الكفر والفجور والشرك بعبادة أهل القبور وصرف النذور إليهم والابتهال بالدعاء لهم ما زادوا به على أهل الجاهلية.... ولقد انتشر هذا الضلال حتى عم ديار المسلمين كافة" وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب في رسالة له:"وهذا الشرك قد طبق اليوم مشارق الأرض ومغاربها إلا الغرباء المذكورين في الحديث:"وقليل ما هم"" فوصف عصر الشيخ بالجاهلية الجهلاء والضلالة العمياء والشرك الذي فاق شرك الأوائل سبق به الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأتباعه ولادة الشيخ المودودي والسيد قطب رحمهما الله، وليس من الإنصاف اتهام المودودي والسيد قطب بأنهما أول من وصما المجتمعات الإسلامية بالمجتمعات الجاهلية!!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق