" عن ابنِ عمر (رضي اللهُ عنهما) مرفوعاً :" اللهم بارك فى شامنا و فى يمننا قال رجل و فى شرقنا فقال اللهم بارك فى شامنا و فى يمننا قال رجل و فى شرقنا قال اللهم بارك فى شامنا و يمننا ، إن من هنالك يطلع قرن الشيطان و به تسعة أعشار الكفر و بهِ الداء العضال " . قال الهيثمى : رواه الإِمام أحمد و الطبرانى فى الأوسط ، و رجال أحمد رجال الصحيح غير عبد الرحمن بن عطاء ، و هو ثقة ، و فيه خلاف لا يضر . و أخرجه أيضا أبو يعلى فى معجمه " ...
يكفي هذا ...
و لا داعِي للتشويش بمغالطات الألباني و تعدِّيهِ على الصنعة بغير أهلِيّة ، و لن اتتبَّع ، الآنَ ، المهازِلَ و الفضائحَ التي ظهرت في تصرُّفاتِهِ الغريبة ، في هذه التخريجات السقيمة و التعلِيقات المُريبة .
و لكنْ لا يُقبَلُ من أحَدٍ كلامٌ خلاف الحديث الصحيح و الواقع المُسَـلّم ... وَ مزاعِم الألبانِيّ و كُل من وا فقَ شُذُوذَهُ مردودة لأنَّها تخالف الروايات الثابتة المشهورة و واقع معالم الأرض المعروفة عند العرب و العجم .
1 - فمجْموع الروايات الصحيحة يُفيدُ الجزم بأنَّ المقصود : نجد المعهودة ، هذه التي فيها اليوم " الرياض " وَ " الدرعِيّة " من حيثُ خرج بن عبد الوهّاب وَ مُكَفِرُو أُمّةِ سيِّدِ ساداتِ الأحباب ... لأنَّها هي التي في مشرق الحِجازِ المبارك و المدينة النبوِيّة الطيّبة المُقَدَّسة على منوِّرِها أفضلً الصلاة و السلام ، بالضَبْطِ ، لا العِراق فإِنَّها شمال شرق ، و لو أراد (صلّى اللهُ عليه و سلّم) بهذه الأحاديث العراق لأشار نحو الشمال ، قِبَلَ طرف جبل أُحُد الشرقِيّ لا نحو المَشْرِقِ مِمّا يلِي القِبلِيّ من بيوته المقدّسة المباركة ، عليه الصلاة و السلام ...
فإِنّا لو مدَدْنا خطّاً مُستقيماً نحوَ المشرِقِ من منبَرِهِ الشريف صلّى اللهُ عليه و سلّم ، يَمُرَّ بجانِبِ حُجرتِهِ الشريفة التي فيها بيت السيّدة الصدِّيقة أُمّ المؤمنين السيّدة عائشة رضوانُ اللهِ و سلامُهُ عليها ، لما وقعَ هذا الخطّ إِلاّ على منطقة الرياض و الدرعِيّة ، و كفى بهذا معجِزةً نبوِيَّةً باهِرة في غاية الدِقّة و التعيين .
و النُجودُ المعروفةُ بأسماءِها عند العربِ ، غير نجد المشهور الذي هو شرق الحجاز ، عِدَّةٌ ، هِيَ :
نجْدُ ألْوَذ وَ نجدُ أجأ و نجدُ برق و نجدُ خال و نجدُ الشَـرى و نجدُ عُفْرٍ و نجدُ العُقاب و نَجْدُ كَبْكَب و نجْدُ مَرِيع وَ نجدُ اليمن ... ذكرها الشيخ ياقوت في معجمهِ ، ليس فيها نجدٌ يُقصَدُ بِهِ نَفسُ العِراقُ بِعَينِهِ .
و عند كلامِهِ عن نجد اليمن: نقل عن أبي زياد قال: " فَأَمّا ديار همدان وَ أشْـعَر و كِنْدة و خولان ، فإِنَّها مُفترشَـةٌ في أعراضِ اليمَنِ ، وَ في أضعافِها مخالِيفُ وَ زُرُوعٌ و بِها بَوادٍ وَ قُرىً مُشْـتَمِلَةٌ على بعضِ تهامةَ و بعضِ نجدِ اليمَنِ في شَـرْقِيِّ تِهامةَ ... قال :" وَ نجدُ اليَمَنِ غَيْرُ نجدِ الحِجازِ غَيْرَ أَنَّ جنوبِيَّ نجدِ الحِجازِ يَتَّصِلُ بِشـمالِيِّ نجدِ اليَمَنِ ، و بَيْنَ النَجْدَيْنِ وَ عُمانَ بَرِّيَّةٌ مُمتَنِعةٌ ... " إِهـ .
وَ لو لم يَرِد إِلاّ حديث أبي مسعودٍ رضي الله عنه الذي في صحيح مُسلِم رحمه اللهُ " ... وَ إِنَّ القَسْـوَةَ وَ غِلَظَ القُلوبِ في الفدّادينَ عِنْدَ أُصولِ أذنابِ الإِبِلِ حيثُ يَطلُعُ قرنا الشيطان في ربيعةَ وَ مُضر " لكفى في تبيين المُراد و تحديد المَفاد . فكيفَ و قد صحَّ عندهُ أيضاً من طريق الزهرِيّ عن سعيد بن المُسَيَّب عن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه في جملة حديثهِ :" ... ... و الفخْرُ وَ الخُيلاءُ في الفَدّادِينَ أهلِ الوبَرِ قِبَلَ مَطلِعِ الشمسِ " ، و من حديث أبي صالح عنهُ أيضاً مرفوعاً :" ... ... رَاْسُ الكُفْرِ قِبَلَ المَشْرِق " ، و حديث ابن جُريج قال أخبرني أبو الزُبَير أنَّهُ سَمِعَ جابِرَ بْنَ عبْدِ اللهِ رضي اللهُ عنهُ يقُولُ :" قالَ رَسُولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه و سلّم :" غِلَظُ القُلوبِ و الجفاءُ في المشرِقِ ، وَ الإِيمانُ في أَهلِ الحِجازِ " ؟.!.؟.!.؟.! ...
2 - و واقع معالم الأرض المعروف عند العرب و العجم أنَّ العراق غير نجد ، تماماً ... و الذي لا يُمَيِّزُ بين نفس بلاد العِراقِ وَ موقع ذات عِرْقٍ مِنْ ناحِية نجدٍ فلا كلام معهُ في هذا الشأن ...
قال نوح بن جرير الخطَفِيّ :
" ألا قَدْ أرى أَنَّ المَنايا تُصِيبُنِي *** فَما لِيَ عنهُنَّ انصِرافٌ وَ لا بُدُّ
أَ ذا العَرْشِ لا تجعَلْ بِبَغدادَ مِيتَتِي *** وَ لكِنْ بِنَجْدٍ حبَّذا بلَداً نَجْدُ
وَ قال أعرابِيٌّ آخَرُ :"
ألا هَلْ لِمَحْزُونٍ بِبَغدادَ نازِحٍ *** إِذا ما بَكا جَهْدَ البُكاءِ مُجِيبُ ؟
كأنِّي بِبَغدادَ وَ إِنْ كُنْتُ آمِناً *** طَرِيدُ دَمٍ نائِي المَحَلِّ غَرِيبُ
فيا لآئِمِي في حُبِّ نَجْدٍ وَ أَهلِهِ *** أصابَكَ بالأَمْرِ المُهِمِّ مُصيبُ .
وَ قال بعض العرب من نواحِي هَجَر ، و كان قد قَدِمَ العراقَ وَ أقامَ بِبغدادَ فاستوبَأَها :"
أرى الرِيفَ يَدنُو كُلَّ يَومٍ وَ ليلَةٍ *** وَ أَزْدادُ مِنْ نجدٍ وَ صاحِبِهِ بُعدا
ألا إِنَّ بَغداداً بِلادٌ بغيضَةٌ *** إِلَيَّ وَ إِنْ كانتْ معيشَـتُها رغدا
بِلادٌ تهُبُّ الرِيحُ فيها مريضةً *** وَ تزدادُ خُبثاً حينَ تُمْطرُ أوْ تنْدى
و غيرها من أشعارِ العربِ كثير ، مِمّا يدُلّ على أنَّ العِراق هي غير نجدٍ على الإِطلاق ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق