الأحد، 23 أبريل 2017

النجدات والأزارقة من فتن نجد الحجاز

تنتسب النجدات إلى زعيمهم الأول نجدة بن عامر بن عبد الله بن ساد بن المفرج الحنفي . وقد سمي أتباعه بالنجدات العاذرية لعذرهم أهل الخطأ في الاجتهاد إذا كانوا جاهلين بوجه إذا كانوا جاهلين بوجه الصواب فيه .
ظهرت فرقة النجدات في نجد في بلدة اليمامة التي ظهر مها مسيلمة الكذاب ومنها انتشر أمر النجدات إلى بقية البلدان .وقد كان نجدة مع نافع بن الأزرق رأس الخوارج الأزارقة يدا واحدة إلى أن نقم عليه أشياء رأى نجدة أنها من البدع المضلة ففارق نافعا واستقل عنه بمن تبعه من أصحابه.
ولم يزل في قوته إلى أن اختلف عليه أصحابه وكان أشدهم عليه أبو فديك، وكان نجدة حين علم بتآمره ومن معه على قتله استخفى في قرية من قرى حجر، إلا أنه اكتشف أمره فاستخفى عند أخواله من بني تميم وعندها عزم على المسير إلى عبد الملك بن مروان فأتى بيته ليعهد إلى زوجته بما يلزم، ولكن الفديكية غشوه فقتلوه وكان يقاتلهم بجرأة الخوارج المعروفة إلى عصرنا هذا وهو يتمثل بهذا البيت:
وإن جر مولانا علينا جريرة / صبرنا لها إن الكرام الدعائم
وكان قتله في السنة الثانية والسبعين من الهجرة.
وقد تعددت الأسباب التي ثار من أجلها أصحاب نجدة عليه وهي أسباب وقعت متفرقة، إلا أن الحقد الذي امتلئت به قلوب الخارجين عليه ساعد على تجميعها وتضخيمها حتى صارت بحيث لم يطق الفديكيون الصبر على طاعة نجدة فدبروا قتله وقد تم لهم ذلك. ومن هذه الأسباب ما يلي:
أن أبا سنان، ويسمى حي بن وائل، أشار على نجدة بأن يقتل كل من أجابه تقية بعد أخذهم، ولكن نجدة قابله بعنف وشتمه قائلا له: كلف الله أحدا علم الغيب؟ قال: لا، قال: فإنما علينا أن نحكم بالظاهر.
أن نجدة سير سريتين الأولى منهما بحرا والثانية برا، وعند القسمة فضل سرية البحر على سرية البر فأغضب ذلك عطية بن الأسود أحد أتباعه وغضب نجدة أيضا عليه وشتمه، فأخذ هذا يحرض الناس على الخروج عن طاعة نجدة وعصيانه.
ونقم عليه أصحابه بأنه عطل حد الخمر وكان سبب ذلك أن رجلا من عسكره كان يشرب الخمر فبلغوا أمره إلى نجدة، فقال لهم: " إنه رجل شديد النكاية على العدو وقد استنصر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمشركين " ، ولكن هذا الجواب كان غير مقنع لهم.
أنه حين أغار على مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقعت جارية من بنات عثمان بن عفان في يد أحد جنوده فاشتراها منه وردها إلى عبد الملك بن مروان، فأغضب هذا أتباعه وقالوا له: إنك " رددت جارية لنا على عدونا " .
أنه جرت بينه وبين عبد الملك مكاتبات كان عبد الملك يطلب منه الدخول في طاعته وأن يوليه اليمامة ويهدر له كل ما أصاب من مال أو دماء، فقال عطية: ما كاتبه عبد الملك إلا وهو يعرف أنه مداه في الدين.
ومنها أن بعض قومه فارقوه وشرطوا لعودتهم أن يتوب علينا ففعل ذلك، ولكنهم عادوا فقالوا: إنه لا ينبغي لنا أن نستتيبه وهو الإمام وطلبوا منه أن يتوب من توبته تلك؛ فوقع بينهم الاختلاف.
أنه حكم بالشفاعة؛ وذلك حينما كلمه أصحابه في رجل فأعطاه فرسا. ونقموا عليه أيضا عطاءه مالك بن مسمع ما يقدر بعشرة آلاف درهم حين أمر عامله هميان بن عدي السدوسي بذلك .
وهكذا ألقت تلك الأسباب الظاهرة وغيرها جوا من العداء المستحكم لنجدة، وهي في ظاهرها حجج واضحة وفق مذهب الخوارج ،إن صحت نسبتها إليه ، ولكن الحقيقة هو أن تلك الأسباب كان لها ما يغذيها وهو التعصب القبلي بين بني حنيفة وبني قيس بن ثعلبة الذي ينتسب إليهم أبو فديك؛ حيث أراد هؤلاء نقل السلطة من يد بني حنيفة إليهم هم، وفعلا تم لهم ما أرادوا وذلك بعد تولية أبي فديك مكان نجدة الحنفي. ثم نقل أبو فديك عاصمة الحكم من اليمامة إلى البحرين مقر قبيلته قيس بن ثعلبة، وبعد قتل نجدة أصبح النجدات على ثلاث فرق؛ فريق ما زال على تأييده له، وفريق مع أبي ثور، وفريق مع عطية بن الأسود الحنفي. أما أبو فديك فقد قتل سنة 73هـ حين أرسل له عبد الملك بن مروان عمر بن عبيد الله بن الزبير معمر في عشرة آلاف مقاتل، ساروا حتى التقوا بأبي فديك في البحرين بالمشقر فدارت بينهم معركة أسفرت عن قتل أبي فديك ونزل أصحابه على حكم عمر بن عبيد الله ، وقد قتل منهم نحو ستة آلاف وأسر ثمانمائة . وانتهى أمر أبي فديك.
أما عطية فقد لاحقته جيوش المهلب بن أبي صفرة وهو يفر من قطر إلى آخر، حتى لحقته بالسند فقتل هناك وانتهى أمره. 

انظر الكامل لابن الأثير .
والملل والنحل للشهرستاني 
والفرق بين الفرق للبغدادي 
_______________________
منتدى الأزهريين 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق