الأحد، 23 أبريل 2017

نصّ مهم لأحد مشايخ الوهابية

نصّ مهم لأحد مشايخ الوهابية :

وبعد هذا البيان , إليك ما قاله صالح آل الشيخ من الوهابية (شرح كتاب التوحيد-باب: من الشرك أن يستغيث بغير الله..) :

( فإذن الاستغاثة طلب الغوث، وطلب الغوث لا يصلح إلا لله؛ إلا من الله فيما لا يقدر عليه إلا الله -جل جلاله- لأن الاستغاثة يمكن أن تطلب من المخلوق؛ لأنه يقدر عليها.
بعض العلماء يقول: نضبط ذلك بقولنا: الاستغاثة شرك أكبر إذا استغاث بالمخلوق فيما لا يقدر عليه ذلك المخلوق، وقال آخرون: الاستغاثة شرك أكبر إذا استغاث بالمخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الله، وهاتان مختلفتان , والأصح منهما الأخيرة؛ لأن المرء إذا استغاث بالمخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الله، والمخلوق يعلم أن هذا لا يقدر عليه إلا الله، فإنه شرك أكبر بالله -جل وعلا- أو في حقيقة الأمر أنه لا يقدر عليه إلا الله.
أما قول من قال من أهل العلم : إن الاستغاثة شرك أكبر إذا استغاث بالمخلوق في ما لا يقدر عليه ، فإن هذا يرد عليه أن ثمة أشياء قد يكون في الظاهر يقدر عليها المخلوق ، ولكن في الحقيقة لا يقدر عليها ؛ فإذن يكون هذا الظاهر غير منضبط ، لأن -مثلا- مَن وقع في شدة ، وهو في غرق مثلا , وتوجه لرجل يراه بأنه يغثيه فقال: أستغيث بك، أستغيث بك، أستغيث بك، وذاك لا يُحْسِن السباحة ، ولا يُحْسِن الإنجاء من الغرق، فهذا استغاث بالمخلوق فيما لا يقدر عليه المخلوق، فهل يكون شركا أكبر؟ لا، لِمَ؟ لأن الإغاثة عادة من الغرق ونحوه يصلح أن يكون المخلوق قادرا عليها ، فيكون الضابط الثاني هو الصحيح ، وهو أن يقال: الاستغاثة شرك بغير الله شرك أكبر إذا كان استغاث فيما لا يقدر عليه إلا الله.
أما إذا استغاث فيما يقدر عليه غير الله من المخلوقين ، لكن هذا المخلوق المعين لم يقدر على هذا الشيء ، فإنه لا يكون شركا؛ لأنه ما اعتقد في المخلوق شيئا لا يصلح إلا لله -جل جلاله- , فإذن نقول: الاستغاثة بغير الله إذا كانت فيما لا يقدر عليه إلا الله فهي شرك أكبر، وإذا كانت فيما يقدر عليه المخلوق، فهي جائزة كما حصل من صاحب موسى إذ استغاث بموسى عليه السلام ) .

فقوله : ( بعض العلماء يقول: نضبط ذلك بقولنا: الاستغاثة شركٌ أكبر إذا استغاث بالمخلوق فيما لا يقدر عليه ذلك المخلوق ، وقال آخرون: الاستغاثة شركٌ أكبر إذا استغاث بالمخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الله ، وهاتان مختلفتان , والأصح منهما الأخيرة) ..
يدل على أنّ بعض علماء الوهابية يرى أنّ الاستغاثة بالمخلوق فيما لا يقدر عليه ذلك المخلوق شرك !! , وللأسف الشديد أنّ كثيراً من جهلة الوهابية مقتنعون بهذا القول!!! ..

لكنّ آل الشيخ يردّ هذا ويضرب لبيان فساده مثال الغريق الذي يستغيث بمن لا يحسن السباحة , ويعلل كونه غير شرك بقوله : ( لأن الإغاثة عادةً من الغرق ونحوه يصلح أن يكون المخلوق قادرًا عليها ) ..
أي أنّ الفعل إذا كان المخلوق يقدر عليه عادة , فطلبه من غير الله تعالى ليس شركاً حتى وإن كان هذا المخلوق المعين لم يقدر على هذا الشيء ..

وانظر قوله : ( الاستغاثة شرك بغير الله.. شرك أكبر إذا كان استغاث فيما لا يقدر عليه إلا الله , أما إذا استغاث فيما يقدر عليه غير الله من المخلوقين , لكن هذا المخلوق المعين لم يقدر على هذا الشيء ، فإنه لا يكون شركا ؛ لأنه ما اعتقد في المخلوق شيئا لا يصلح إلا لله -جل جلاله- )!!

فهل يدري ما يقول؟! أليس هذا الشرك بعينه!! فهل أحد غير الله يقدر على فعل شيء من تلقاء نفسه! وهل هناك أفعال لا يقدر عليها إلا الله وأفعال أخرى يقدر عليها الله تعالى وغيره؟!!
بل جميع الأفعال صغيرها وكبيرها , لا يقدر عليها استقلالاً إلا الله تعالى , وليس الإنسانُ إلا متسبباً فيها , فإن كان مقصوده هذا , فتأمّل تعليله كون الاستغاثة بالمخلوق فيما هو غير مقدور له , لكنّه مقدور لغيره , بقوله : ( لأنه ما اعتقد في المخلوق شيئا لا يصلح إلا لله -جل جلاله- )
وذلك لأن كلّ ما يمكن أن يتسبب فيه المخلوق , ليس في نسبته لغير الله تعالى محذور من إشراك المخلوق بما يختص به الخالق , فموجب كون الاستغاثة بالمخلوق شركاً , هو اعتقاد المستغيث في المخلوق شيئاً لا يصلح إلا لله تعالى , فيكون المستغيث بغير الله تعالى فيما لا يقدر عليه إلا الله مشرك , لأنه اعتقد في المخلوق شيئاً لا يصلح إلا لله تعالى!! إلا أن هذا الاعتقاد شرك في الربوبية لا في الألوهية!! والوهابية يقرّون بأن المستغيثين بالأنبياء والأولياء ليسوا مشركين في الربوبية , بل في الألوهية! ويكون اعتقادهم أنّ الجاهليين لم يعتقدوا في أصنامهم شيئاً لا يصلح إلا لله تعالى باطلاً !!

ولا بدّ من التنبيه على أنّ من يطلب من الأنبياء والأولياء أمراً غير معتاد لعامة "البشر" , لا يعني أنه غير معتاد لغيرهم من الخلائق الأقوى كالملائكة , فيكون هذا مندرجاً فيما قاله آل الشيخ : ( إذا استغاث فيما يقدر عليه غير الله من المخلوقين , لكن هذا المخلوق المعين لم يقدر على هذا الشيء ، فإنه لا يكون شركا ) ..
فإن التنقل في الكون وتدبير بعض أموره بإذن الله وعطائه ثابت لأرواح الأولياء , فقد قال ابن القيم في الروح فيما سبق: (وقد تواترت الرؤيا (1) من أصناف بني آدم على فعل الأرواح بعد موتها , ما لا تقدر على مثله حال اتصالها بالبدن , من هزيمة الجيوش الكثيرة 
بالواحد والاثنين والعدد القليل ونحو ذلك , وكم قد رؤي النبي -صلى الله عليه وسلم-ومعه أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما في النوم , قد هزمت أرواحهم عساكر الكفر والظلم , فإذا بجيوشهم مغلوبة مكسورة , مع كثرة عَددهم وعُددهم وضعف المؤمنين وقلتهم ) .

وليس هناك أمر يطلبه من يستغيث بالأنبياء والأولياء ليس مقدوراً لبعض المخلوقات القوية!! , والقول بأن الصوفية يطلبون من الأنبياء والأولياء أن يرزقهم وأن يعطيهم الأولاد فكذب محض عليهم!!
وإليك بعض النصوص في طلب أمور غير مقدورة عادة للبشر , ولا يقدر عليها إلا الله تعالى , لكنّها ليست شركاً :


----------عثمان محمد النابلسي منتدى الأصلين----------------------------------------
1- قال ابن القيم في كتاب الروح : ( وهذه المرائى وإن لم تصح بمجردها لاثبات مثل ذلك , فهى على كثرتها وأنها لا يحصيها إلا الله قد تواطأت على هذا المعنى , وقد قال النبي : "أرى رؤيا رؤياكم قد تواطأت على أنها في العشر الأواخر".. يعني ليلة القدر ... فإذا تواطأت رؤيا المؤمنين على شيء كان كتواطؤ روايتهم له .. وكتواطؤ رأيهم على استحسانه واستقباحه ... وما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن وما رأوه قبيحا فهو عند الله قبيح , على أنا لم نثبت هذا بمجرد الرؤيا , بل بما ذكرناه من الحجج وغيرها ) .
وقال شيخه ابن تيمية في منهاج السنة (2/497) : (والقول بكون الرجل المعين من أهل الجنة قد يكون سببه إخبار المعصوم وقد يكون سببه تواطؤ شهادات المؤمنين الذين هم شهداء الله في الأرض ...الخ
وقد يكون سبب ذلك تواطؤ رؤيا المؤمنين..)
وقال ابن حجر في الفتح : (توافق جماعة على رؤيا واحدة دال على صدقها وصحتها).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق